اَلْدِّيْنُ وَدُنْيَاْ اَلْمُحِبِّيْن
} الْحَمْدُ
لِلَّهِ ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
وَالنُّورَ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ {. أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ؛
} لَهُ
الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ
وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ؛ } لَا
إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، أَرْسَلَهُ: }بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ،
وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ يُبْعَثُوْنَ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U
وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{. فَاتَّقُوا اللَّهَ - عِبَادَ اللَّهِ - جَعَلَنِيْ اَللهُ
وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
رَوَىْ اَلْإِمَاْمُ
أَحْمَدُ فِيْ مُسْنَدِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَاْلَ : إِنْ كَاْنَ يُعْجِبُنَاْ اَلْرَّجُلُ
مِنْ أَهْلِ اَلْبَاْدِيَةِ ، يَجِيْءُ فَيَسْأَلُ رَسُوْلَ اَللَّهِ e.
قَاْلَ: فَجَاْءَ أَعْرَاْبِيٌّ ، فَقَاْلَ : يَاْ رَسُوْلَ اَللَّهِ! مَتَىْ اَلْسَّاْعَةُ
؟ قَاْلَ: وَأُقِيْمَتْ اَلْصَّلَاْةُ. فَنَهَضَ
رَسُوْلُ اَللَّهِ e فَصَلَّىْ، فَلَمَّاْ قَضَىْ اَلْصَّلَاْةَ قَاْلَ:
(( أَيْنَ اَلْسَّاْئِلُ عَنْ اَلْسَّاْعَةِ؟
))، فَقَاْمَ اَلْرَّجُلُ فَقَاْلَ: أَنَاْ . فَقَاْلَ e:
(( وَمَاْ أَعْدَدْتَ لَهَاْ ؟ )).
قَاْلَ: مَاْ أَعْدَدْتُ لَهَاْ مِنْ كَثِيرِ صَلَاْةٍ وَلَاْ صِيَاْمٍ ، إِلَّاْ
أَنِّيْ أُحِبُّ اَللَّهَ وَرَسُوْلَهُ. فَقَاْلَ رَسُوْلُ اَللَّهِ e:
(( اَلْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )).
قَاْلَ t: فَمَاْ رَأَيْتُ اَلْمُسْلِمِيْنَ فَرِحُوْا بِشَيْءٍ بَعْدَ اَلْإِسْلَاْمِ،
فَرَحَهُمْ بِذَلِكَ. وَفِيْ رِوَاْيَةٍ قَاْلَ أَنَسٌ: فَمَاْ فَرِحَ اَلْمُسْلِمُوْنَ
بِشَيْءٍ بَعْدَ اَلْإِسْلَاْمِ، فَرَحَهُمْ بِهَذَاْ اَلْحَدِيْثِ، فَأَنَاْ أُحِبُّ
رَسُوْلَ اَللهِ ، وَأَبَاْ بَكْرٍ ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُوْ أَنْ أُحْشَرَ مَعَهُمْ
، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ مِثْلَ أَعْمَاْلِهِمْ.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
اَلْحُبُّ : نَقِيْضُ اَلْبُغْضِ
وَهُوَ مِنْ اَلْصِّفَاْتِ اَلَّتِيْ لَاْ تَنْفَكُّ عَنْ اِبْنِ آدَم، مِثْلُهُ
مِثْلُ اَلْرِّضَاْ وَاَلْكُرْهِ وَاَلْفَرَحِ وَاَلْشِّدَّةِ وَاَلْحُزْنِ ،
وَلَاْ أَدَلَّ عَلَىْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ اَللهِ تَعَاْلَىْ : } قُلْ
إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ، وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ،
وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ، وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ؛ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ ، وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ، فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ
بِأَمْرِهِ ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ { ، فَمِنْ طَبِيْعَةِ اَلْإِنْسَاْنِ اَلْسَّوُيِّ:
مَحَبَّةُ آبَاْئِهِ وَأَبْنَاْئِهِ وَأَزْوَاْجِهِ وَعَشِيْرَتِهِ. وَكَذَلِكَ
مِنْ طَبِيْعَتِهِ: مَحَبَّةُ أَمْوَاْلِهِ وَتِجَاْرَتِهِ وَمَسَاْكَنِهِ،
وَلَكِنَّ اَلْخَطَرَ ؛ يَكْمُنُ فِيْ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ عَلَىْ حِسَاْبِ
مَحَبَّةِ اَللهِ U ، وَمَحَبَّةِ رَسُوْلِهِ e ، وَمَحَبَّةِ نَشْرِ اَلْدِّيْنِ وَقِتَاْلِ أَعْدَاْئِهِ
اَلْمُجْرِمِيْنَ .
وَلِذَلِكَ قَسَّمَ اَلْعُلَمَاْءُ
اَلْمَحَبَّةَ إِلَىْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاْعٍ : اَلْأُوْلَىْ : مَحَبَّةٌ شِرْكِيَّةٌ
، وَهِيَ مَحَبَّةُ اَلَّذِيْنَ قَاْلَ اَللهُ فِيْهِمْ: } وَمِنَ
النَّاسِ ، مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
اللَّهِ {
إِلَىْ قَوْلِهِ تَعَاْلَىْ: } وَمَا هُمْ
بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ { .
وَاَلْثَّاْنِيَةُ : مَحَبَّةُ
اَلْبَاْطِلِ وَأَهْلِهِ ، وَبُغْضُ اَلْحَقِّ وَأَهْلِهِ ، وَهَذِهِ صِفَةُ اَلْمُنَاْفِقِيْنَ
.
وَاَلْثَّاْلِثَةُ: مَحَبَّةٌ
طَبِيْعِيَّةٌ، وَهِيَ مَحَبَّةُ اَلْمَاْلِ وَاَلْوَلَدِ، إِذَاْ لَمْ تُشْغِلْ عَنْ
طَاْعَةِ اَللهِ، وَلَمْ تُعِنْ عَلَىْ مَحَاْرِمِ اَللهِ ، فَهِيَ مُبَاْحَةٌ .
وَاَلْرَّاْبِعَةُ: مَحَبَّةُ
أَهْلِ اَلْتَّوْحِيْدِ ، وَبُغْضُ أَهْلِ اَلْشِّرْكِ، وَهِيَ أَوْثَقُ عُرَىْ اَلْإِيْمَاْنِ،
وَأَعْظَمُ مَاْ يَعْبَدُ بِهِ اَلْعَبْدُ رَبَّهُ. وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ
رَوَاْهُ اَلْطَّبَرَاْنِيُّ ، وَصَحَّحَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ ، يَقُوْلُ e:
(( أَوْثَقُ عُرَىْ اَلْإِيْمَاْنِ؛
اَلمُوَاْلَاْةُ فِيْ اَللهِ ، وَاَلمُعَاْدَاْةُ فِيْ اَللهِ، وَاَلْحُبُّ فِيْ اَللهِ
، وَاَلْبُغْضُ فِيْ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ )) . فَحُبُّكَ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ ، يَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ
للهِ وَمِنْ أَجْلِ اَللهِ وَفِيْ اَللهِ ، تُحِبُّ مَاْ يُحِبُّهُ اَللهُ، وَتُبْغِضُ
مَاْ يُبْغِضُهُ ، تُحِبُّ مَاْ يُقَرِّبُكَ إِلَيْهِ U ، وَتُبْغِضُ مَاْ يُبْعِدُكَ عَنْهُ، وَمَتَىْ فَعَلْتَ ذَلِكَ ،
فَهَنِيْئَاً لَكَ حَلَاْوَةَ اَلْإِيْمَاْنِ ، فَفِيْ اَلْصَّحِيْحَيْنِ عَنِ اَلْنَّبِيِّ
e قَاْلَ : (( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ :
مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَمَنْ
كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ
أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ ، كَمَا يَكْرَهُ
أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ )) .
حَلَاْوَةُ
اَلْإِيْمَاْنِ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - قَاْلَ اَلْإِمَاْمُ اَلْنَّوَوُيُّ فِيْ
شَرْحِهِ لِمُسْلِمٍ : قَاْلَ اَلْعُلَمَاْءُ : مَعْنَاْهَاْ اِسْتِلْذَاْذُهُ اَلْطَّاْعَاْتِ
، وَتَحَمُّلُهُ اَلْمَشَآقَ فِيْ رِضَا اَللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَإِيْثَاْرُ ذَلِكَ
عَلَىْ عَرَضِ اَلْدُّنْيَاْ . وَمِنْ هَذَاْ اَلْتَّعْرِيْفِ لِمَعْنَىْ
حَلَاْوَةِ اَلْإِيْمَاْنِ ، نُدْرِكُ لِمَاْذَاْ يَعْزِفُ كَثِيْرٌ مِنْ
اَلْنَّاْسِ عَنْ اَلْطَّاْعَاْتِ ، فِيْ وَقْتٍ يَجِدُوْنَ فِيْهِ مُتْعَةً فِيْ
اَلْمَعَاْصِيْ وَاَلْمُحَرَّمَاْتِ ، وَلَاْ تَذْهَبْ بَعِيْدَاً أَخِيْ، تَأَمَّلْ
نَفْسَكَ وَطَاْعَةَ اَللهِ U، كَمْ تَجْلَسُ فِيْ اَلْمَسْجِدِ لِتَقْرَأَ آيَاْتٍ مِنْ كِتَاْبَ
اَللهِ، وَكَمْ تَجْلَسُ مَعَ أَصْحَاْبِكَ لِلِعْبِ وَاَلْضَّحِكِ ،وَمُشَاْهَدَةِ
اَلْمُبَاْرَيَاْتِ وَاَلْأَفْلَاْمِ وَاَلْمَسْرَحِيَاْتِ ! تَأَمَّلْ كَمْ تُنْفِقُ
عَلَىْ طَعَاْمِكَ وَشَرَاْبِكَ وَمَرَاْكِبِكَ ، وَكَمْ تُنْفِقُ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ
U ! تَدْفَعُ آلَاْفَ اَلْرِّيَاْلَاْتِ، مِنْ
أَجْلِ شَهْوَةِ طِفْلٍ مِنْ أَطْفَاْلِكَ، يَشْتَرِيْ جِهَاْزَاً يُدَمِّرُ
قِيَمَهُ وَأَخْلَاْقَهُ، وَلَاْ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تَتَّقِيَ اَلْنَّاْرَ وِلَوْ بِشِقِّ
تَمْرَةٍ! يُبْلُغُ فِيْكَ اَلْغَضَبُ مُنْتَهَاْهُ ، لَوْ مُسَّ شَيْئَاً مِنْ
دُنْيَاْكَ، وَلَكِنَّ دِيْنُكَ تَتَسَاْقَطُ أَوْرَاْقُهُ، حَتَّىْ فِيْ بَيْتِكَ
، وَتَنَاْمُ قَرِيْرَ اَلْعَيْنِ، إِنَّهَاْ حَلَاْوَةُ اَلْإِيْمَاْنِ ، اَلْمَفْقُوْدَةُ
مِنْ قَاْمُوْسِ حَيَاْتِكَ ، بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ اَلْمُنْحَرِفَةِ ، فَرَاْجِعْ
نَفْسَكَ أَخِيْ ، وَتَأَمَّلْ إِلَىْ مَنْ يَمِيْلُ قَلْبُكَ ، وَمَنْ اَلَّذِيْ يَحْظَىْ
بِاِهْتِمَاْمِكَ وَمَوَدَّتِكَ ، فَاَللهُ U يَقُوْلُ: } لَا تَجِدُ قَوْمًا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَلَوْ
كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ، أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ، وَيُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ، رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ، أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ، أَلَا إِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ { .
بَارَكَ
اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ
لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ
وَاَمْتِنَاْنِهِ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ
لَاْشَرِيْكَ لَهُ ، تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ
عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
فِيْ حَدِيْثٍ
مُتَّفَقٌ عَلَىْ صِحَّتِهِ، عَنْ أَبِيْ مُوْسَىْ اَلْأَشْعَرِيِّ t قَالَ : أَتَىْ اَلْنَّبِيَ e رَجُلٌ ، فَقَالَ - يَا رَسُوْلَ اَللَّهِ : أَرَأَيْتَ رَجُلَاً
أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ ؟ فَقَاْلَ اَلْنَّبِيُّ e : (( الْمَرْءُ مَعَ
مَنْ أَحَبَّ )) ، وَهَذَاْ مِمَّاْ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِّيَةِ اَلْحُبِّ
، وَضَرُوْرَةِ اَلْاِعْتِنَاْءِ بِهِ، وَتَوْجِيْهِهِ كَمَاْ يُرِيْدُ اَلْشَّرْعُ
وَاَلْدِّيْنُ، وَاَلْحَذَرِ مِنْ مَحَبَّةِ أَهْلِ اَلْبِدَعِ خَاْصَةً، كَاَلْخَوَاْرِجِ
وَعَلَىْ رَأْسِهِمْ اَلْإِخْوَاْنِيِّيُوْنَ، وَكَاَلْصُّوْفِيَةِ وَمِنْهُمُ اَلْتَّبْلِيْغِيُّوْنَ،
وَكَاَلْمُنَاْفِقِيْنَ وَفِيْ مُقَدِّمَتِهِمْ اَلْلِّبْرَاْلِيُّوْنَ، فَمَحَبَّةُ
هَؤُلَاْءِ خَطَرٌ عَظِيْمٌ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ، مِنْ فِعْلِ اَلْسَّلَفِ
اَلْصَّاْلِحِ، فَقَدْ قَاْلَ اَلْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ يَتَحَدَّثُ عَنْ اَلْشَّاْفِعِيِّ:
وَكَاْنَ اَلْشَّاْفِعِيُّ؛ شَدِيْدَاً عَلَىْ أَهْلِ اَلْإِلْحَاْدِ وَأَهْلِ اَلْبِدَعِ،
مُجَاْهِرَاً بِبِغْضِهِمْ وَهَجْرِهِمْ. وَقَاْلَ اَلْإِمْاَمُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ
اَللهُ - : إِذَاْ سَلَّمَ اَلْرُّجُلُ عَلَىْ اَلْمُبْتَدِعِ ، فَهُوَ يُحِبُّهُ.
وَقَاْلَ اِبْنُ اَلْمُبَاْرَكِ - رَحِمَهُ اَللهُ -: اَلْلَّهُمَّ لَاْ تَجْعَلْ
لِصَاْحِبِ بِدْعَةٍ عِنْدِيْ يَدَاً ، فَيُحِبُّهُ قَلْبِيْ. وَقَاْلَ اَلْفُضِيْلُ
بِنُ عِيَاْضٍ: مَنْ أَحَبَّ صَاْحِبَ بِدْعَةٍ أَحْبَطَ اَللهُ عَمَلَهُ، وَأَخْرَجَ
نُوْرَ اَلْإِسْلَاْمِ مِنْ قَلْبِهِ. وَقَاْلَ اَلْإِمِاْمُ اَلْصَّاْبُوْنِيُّ -رَحِمَهُ
اَللهُ- عَنْ عَقِيْدَةِ اَلْسَّلَفِ وَمَنْهَجِهِمْ: وَاَتَّفَقُـوْا مَعَ ذَلِكَ
عَلَىْ اَلْقَوْلِ بِقَهْرِ أَهْلِ اَلْبِدَعِ، وَإِذْلَاْلِهِمْ، وَإِخْزَاْئِهِمْ،
وَإِبْعَاْدِهِمْ ، وَإِقْصَاْئِهِمْ، وَاَلْتَّبَاْعُدِ مِنْهُمْ، وَمِنْ مُصَاْحَبَتِهِمْ، وَمُعَاْشَرَتِهِمْ، وَاَلْتَّقَرُّبِ إِلَىْ اَللهِ U بِمُجَاْنَبَتِهِمْ وَمُهَاْجَرَتِهِمْ .
وَقَاْلَ اَلْشَّيْخُ مُحَمَّدُ
بِنُ صَاْلِحِ اَلْعُثَيْمِيْنَ -رَحِمَهُ اَللهُ -: وَاَلْمُرَاْدُ بِهُجْرَاْنِ
أَهْلِ اَلْبِدَعِ: اَلْاِبْتِعَاْدُ عِنْهُمْ وَتَرْكُ مَحَبَتِهِمْ وَمُوَاْلَاْتِهِمْ
وَاَلْسَّلَاْمِ عَلَيْهِمْ وَزِيَاْرَتِهِمْ وَعِيَاْدَتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ ،
وَهُجْرَاْنُ أَهْلِ اَلْبِدَعِ وَاْجِبٌ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا
عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ، فَقَدْ
أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ
عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { . وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e
: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً
وَاحِدَةً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ
صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ
آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ
وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ،
وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ
اَلْرَّاْحِمِيْن. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ
اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ اِنْصُرَ اَلْإِسْلَاْمَ وَأَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ،
وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً
وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ،
وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ
جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ، مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ
أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ
العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |