خطبة عيد الفطر 1438 هـ ( يوم خيرات وبركات )
الحمد لله رب العالمين ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، وأوسع
المحسنين ، (( صوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب
العالمين )) ، تبارك ربنا فكثرت خيراته ،
وعمت بركاته ، وتتابعت عطاياه وهباته .
أشهد أن لا إله إلا هو أكرم الأكرمين وأجود الأجودين .
وأشهد أن محمداً الأمين ، عبدُهُ ورسولُهُ خاتمَ المرسلين ، وسيد
ولد آدم أجمعين ، مرسلٌ رحمةً وبركةً على العالمين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى
آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين ، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر ولله
الحمد ، الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلا .
نحمدك ربنا ونشكرك على تتابع خيراتك وبركاتك ، نحمدك ربنا ونثني
عليك الخير كله ، ونشكرك على الإسلام والإيمان وعلى الصلاة والصيام والتوحيد
والسنة والقرآن ، نحمدك ربنا ونشكرك على رغد العيش والأمان ، ونحمدك ونشكرك على
التمام والختام ، نحمدك ربنا على بلوغ عيد الفطر من رمضان ، ونسألك بفضلك وكرمك يا
عظيم البركة والإحسان ، أن تتم علينا النعمة بالقبول والغفران والرضوان ، والعفو
عن التقصير والعصيان ، يا رحمن يا منان ، يا ذا الجلال والإكرام . أما بعد ..
أيها
المسلمون : يوم عيد الفطر يوم جميل يوم كريم يوم عظيم ، يوم
خيرات وبركات ، يوم عيد مبارك ، يفطر فيه المسلمون من الشهر المبارك شهر رمضان ، ويدخلون
فيه على أشهر الحج المباركة العظام .
وأول
بركات يومكم هذا ، اجتماعكم المبارك هذا لصلاة العيد , راجين القبول والغفران ،
متزينين بزينة التقوى والإيمان ، ومتآلفين على ملة الإسلام .
ولقد
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر حتى النساء أن يخرجن لهذه الصلاة ويُخْرِجْن
معهن الحُيَّضَ وذواتَ الخدور ، ليشهدن بركاتها وخيراتها وطهرتها ودعوة المسلمين فيها
.
فكونوا
عباد الله في يوم عيدكم فرحين بفضله عليكم ، متفائلين بالبركات من ربكم ، فإنكم
خرجتم من شهر مبارك وتقلبتم في بركاتٍ كثيرة فيه وقمتم ليلة مباركة شريفة ، ودعوتم
ربكم كثيرا ( وبارك لنا فيما أعطيت .. تباركت ربنا وتعاليت ) ، فأبشروا يا من
عملتم الصالحات ، فإن الحسنات يذهبن السيئات ، وربكم يقول : (( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا )) .
أيها
المسلمون : أبرك العقائد وأحسنها عقيدة التوحيد ، حق الله
الأعظم على العبيد ، وهي السبب الأقوى لحلول البركات على العباد .
مَنْ
وحّد أمِن، ومَنْ وحّد عُصم المال والدم، مَنْ وحّد انشرح صدره ، وإن مات عليه رضي
عنه ربه ، وغفر له ذنبه ، وأدخله الجنة ونجاه من النار وأسعده بشفاعة محمد صلى
الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين .
ولا
سبيل لتمكين المسلمين إلا بالتوحيد .
عباد
الله : وإذا اجتمع مع عقيدة التوحيد : خصلةُ التقوى ،
انفتحت البركات على العباد ، قال تبارك وتعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ
آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
)) .
فالثبات
الثبات أيها المؤمنون على التقوى التي تحققت لكم في رمضان ، لتثبت لكم البركات ، وتكثر
الخيرات . واحذروا المعاصي فإنها ماحقة البركة في الدنيا والآخرة ، فالرجل يحرم
الرزق بالذنب يصيبه ، وكذلك المجتمعات والأوطان .
وما
نقصت البركة من حياة الناس ، إلا بقدر إنقاصهم من الإيمان والتقوى ، وبقدر ما
وقعوا فيه من المعاصي . ومن أسباب نقص بركة هذا الزمان ، كثرة ذنوب الأسماع
والأبصار والألسن ، وكثرة ملهيات القلوب عن ذكر اسم الله .
أيها
الناس : أشأم الملل وأقبح النحل : الشرك بالله العظيم ،
(( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ
النَّارُ )) .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
عباد
الله : تبارك ربنا في ذاته ، وتبارك في أسمائه وصفاته
، وتبارك في تدبيره وأفعاله .
اسمه
جل وعلا أبرك الأسماء ، ما ذكر على شيء إلا باركه ، ولا يضر مع اسمه شيء في الأرض
ولا في السماء ، (( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )) ، فباركوا
شؤونكم بذكر اسم الله .
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا .
وكلام
ربنا أبرك الكلام ، وكتابه أبرك الكتب ، أنزله الله موعظة وذكرى ، ورحمة وهدى
وشفاء ، وتبياناً لكل شيء .. فتعلموه يا أمة القرآن واقرؤوه وارتبطوا به ولا
تهجروه ، واتبعوه : (( وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ ))
، فأهدى الناس من اهتدى بهداه (( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ
)) ، و((اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا
حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ))
عباد
الله : البركة هي ثبوت الخير في الشيء وكثرة الخير فيه
وزيادته .. ولا يملك البركة إلا الله جل وعلا ، فهو الذي يبارك فيما يشاء متى شاء
وكيفما شاء ، فلا تطلب البركة ولا ترجى إلا من الله سبحانه .. ولا غنى لأحد عن
بركة الله .
والتبرك
هو طلب البركة في الأشياء ، فحرام أن تطلب البركة إلا من شيء أذن الله بالتبرك به .
أيها
الناس : خير الهدي وأبركه وأحسنه هدي محمد صلى الله
عليه وسلم ،
وأبرك
المناهج وأقومها طريقة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الدين ، فهم السلف الصالح
، و( ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ) هو الدين الذي ارتضاه الله ،
فبفهمهم وآثارهم يفهم الدين ويطبق على وجهه الصحيح .
أيها
المسلمون : قال نَّبِيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( البركةُ مع أكابِرِكم ) حديث صحيح ، فالخير كل الخير والبركة كل البركة
في عاجل الأمور وآجلها في الاقتداء بالكبار من العلماء ، ورد أمور الشريعة إليهم ،
وأخذ العلم عنهم ، وتلقي الفتوى منهم ، الأكابر سناً وعلماً ، الذين طالت صحبتهم
للعلم فرسخوا فيه ، وكثرت تجربتهم للأمور فخبروها ، وكملت عقولهم ، وزالت عنهم حدةُ
الشباب وتهورُه وخفتُه وعجلته .
ولذا
قال عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عنه : ( لَنْ يَزَالَ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَتَاهُمُ
الْعِلْمُ مِنْ قِبَلِ أَكَابِرِهِمْ ، وَذَوِي أَسْلافِهِمْ ، فَإِذَا
أَتَاهُمْ مِنْ قِبَلِ أَصَاغِرِهِمْ هَلَكُوا )
عباد
الله : ولقد رأينا بأعيننا في عصرنا هذا هلكة الناس عندما
اتبعوا الأصاغر .
وهل
يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل .
هل
نحتاج إلى أدلة لإثبات شؤم الثورات على الأوطان والمجتمعات بعدما رأينا آثارها
الشنيعة ؟
لقد
حذر أكابر العلماء من الثورات وبينوا أنها من أوسع أبواب الشرور قبل أن تقع بسنوات
.
بينما
كان الأصاغر في العلم والسن يُبشرون بها وبقدومها ، ولَمَّا وقعت استبشروا بها
ووصفوها بأنها ( مباركة ) ، وأفتوا الناس بالدخول فيها ،،،
فأي
بركة يا عباد الله في سفك دماء عشرات الآلاف من المسلمين ، وأي بركة في تخريب الديار
وهتك الأعراض ، وأي بركة في التشريد من الأوطان ، وانتقاص الأرزاق واختلال الأمن
في البلدان .
الثورات
يا عباد الله بآثارها المشينة ( شاهد عصري ) وأقوى دليل
حسي واقعي على هلكة الناس إن اتبعوا الأصاغر ،، وتركوا اتباع الأكابر الذين يعرفون
الفتن والشرور ويُحذرون منها قبل وقوعها وأثناءها وبعدها ، وقد صح عن نبينا صلى
الله عليه وسلم أنه قال : (( إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ
عِنْدَ الأَصَاغِرِ ))
فهل
من معتبر ؟ هل من مدكر ؟ هل من حاذر ؟
وفي
زمن الإعلام والتواصل ، يمارس الأصاغر تشويشاً على الناس في دينهم بين الفينة
والأخرى ، فاحذروا يا أهل التوحيد والسنة ، فالعلم دين فلا تَسِدُوه إلى غير أهله من
الأصاغر ، فتقعوا في شرط من أشراط الساعة ذميم .
عباد
الله : ورغم الهلكة التي أصابت الأمة بسبب الثورات ،،
لم يزل أتباع المناهج التي رسمها أصاغر في العلم على غير الطريقة المحمدية ، لم
يزالوا في غيِّهم يعمهون ، ويسعون لبعث ثورات جديدة في دول إسلامية عصمها الله ،
منطلقين من شرق أو من غرب .. وسيخزيهم الله ويرد كيدهم في نحورهم بحوله وقوته .
عباد
الله: أشأم الطرق وأبعدها عن البركة ( طريقة الابتداع
في الدين )، لمنازعتها ومشاقتها للدين القويم الذي أكمله ورضيه رب العالمين، فبالبدع
انفتح باب التفرق والاختلاف والقتل والفتن على أمة محمد صلى الله عليه وسلم . ولا
يخفى على ذي لب سليم شؤم الرافضة الضالين ، والخوارج المارقين على المسلمين .
يا أهل
الإسلام : اعلموا أن خير أعمالكم وأبركها وأحبها إلى الله
: الصلاة على وقتها ، فإن لها من الآثار الحميدة وفيها من الخيرات والبركات ما لو
علمه الناس لأتوها ولو حبواً ، فالصلوات الخمس طهارة ونقاء من السيئات ، وحافظات من
الشرور ناهيات هن المنكرات ، وهن نور وبرهان ونجاة ، وعهد بدخول الجنات .. فالمقصر
في صلاته والله إنه منقوص البركة في حياته كلها وبعد مماته .
ولقد
أضاع كثير من المسلمين صلاة الفجر صلاة البكور ونبيهم صلى الله عليه وسلم يدعو
فيقول : (( اللهم بارك لأمتي في بكورها )) ، فحرم المضيعون للفجر والبكور كثيراً
من البركات في حياتهم .
عباد
الله : وبركة المال ونماؤه في أداء زكاته ، فما نقصت
صدقة من مال ، وسيغار الله وينتقم لحق لفقراء والمساكين إن لم يخرجه الأغنياء ،
إما بنزع البركة من أموالهم أو بتسليط الآفات والمنفقات له ، أو يؤخر لهم العقوبة
في جهنم .
أيها
المسلمون : وبر الوالدين بركة على البارين وعلى
أولادهم ، معجل جزاؤهم في الدنيا قبل ثواب الآخرة ، فرضا الرب في رضا الوالدين .
ومن
أحب أن يبارك له في رزقه فيُوسع ، ويبارك له في
عمره فيمد ، فليصل رحمه .
وخيرية
الأمة وبركتها مربوط بعد إيمانها بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر (( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ))
عباد الله
: لقد منّ الله عليكم بتحيةٍ هي أبرك التحايا
وأطيبها ، تحية الإسلام : ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) (( فَإِذَا دَخَلْتُم
بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً
طَيِّبَةً )) ، فلو علمتم ما فيها من الخيرات والبركات والرحمات لكم لملأتم بها
الدنيا ، فلا تستبدلوها رعاكم الله بغيرها من التحايا ، فاليهود تحسدنا على السلام
، وبعضنا يبخل به ، (( وأبْخَل النَّاس مَنْ بَخِلَ بالسَّلام )) ، و(( والله لن
تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولن تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه
تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم ))
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها
المسلمون : الصدق والبيان في البيع والشراء وفي سائر
التعاملات سبب لحلول البركات في المعاملات ، يقول نبيكم صلى الله عليه وسلم : (( الْبَيِّعَانِ
بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُوِرَكَ لَهُمَا
فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا )) ، فإياكم
والغش والكذب والخداع والجشع والطمع والحلف الكاذب فإنها ماحقة للبركة .
والصدق
والبيان خلق أهل الإيمان في سائر عقودهم واتفاقاتهم .
أيها
الناس : مما يتحتم فيه الصدق والبيان والوفاء : عقدَ البيعة
مع إمام المسلمين على السمع والطاعة والنصح له ، وعدم منازعته الأمر ، فهذا أصل من
أصول اعتقاد أهل السنة ، قَالَ رَسُولُكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم : ((
عليكم بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ
)) وقال : (( من بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ
قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ )) وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : ((
بَايَعَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا
وَمَكْرَهِنَا ، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ
الْأَمْرَ أَهْلَهُ)) .
عباد
الله : الوفاء ببيعة الإمام سبب لحلول البركة واندفاع
الشؤم والهلكة .. (( فالسلطان ظل الله في الأرض )) ، وبالله ثم بالولاة تنتظم
الأمور وتأمن السبل ، وتقام الشعائر ، ويندحر أهل الشرور .
ومن أصول
أهل السنة المباركة الجالبة للبركات : لزوم جماعة المسلمين المجتمعة على إمام ،
قال عليه الصلاة والسلام : (( عليكم بالجماعة , وإياكم والفرقة ,،،، من أراد
بحبوحة الجنة , فليلزم الجماعة )) وقال في بركة الجماعة : (( فإن دعوتهم تحيط من
ورائهم )) .
فمفارقة
الجماعة شؤم عظيم : فـ (( مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ ربقَة
الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يُراجع ، ومن مات وليس عليه إمامة وجماعة
فإن موتته موتة جاهلية )) .
فيا أهل
بلاد الحرمين السعودية الزموا إمامكم وجماعة المسلمين
حوله ، فإمامكم إمام توحيد وسنة ، مُحكمٌ للشريعة ، وناصرٌ لقضايا الأمة ، وخادمٌ
للحرمين ، ومُعظمٌ للكعبة المشرفة وحامٍ لحماها من مظاهر الشرك والبدعة ، ومقيمٌ
لشعيرتي الحج والعمرة ، وعامرٌ للبيت العتيق أبرك بيوت العبادة في الأرض : (( إِنَّ
أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
)) ، فاجتمعت لكم يا عباد الله بركة الإمامة القائمة على التوحيد والسنة ، وبركة
البلاد الحاضنة لأبرك بقعتين في الأرض ، وبركة الاجتماع على السنة .. فلا تنقضوا
هذه العُرى الوثقى ، فبلادكم قلعة الإسلام الكبرى الأخيرة .
واحذروا
الانتماءات والحزبيات والولاءات السياسية الخارجية ، التي ربما تخرجكم عن الجماعة
وفيها نقض للبيعة ، فلقد قال الأكابر من علمائكم : ( إن في هذا خروج عن مقتضى
البيعة الشرعية ) تعليقاً على الأحداث الأخيرة .
يا أهل
بلاد الحرمين السعودية، ولاتكم حقيقون بحسن الظن بهم
وبقراراتهم ، لسالف مواقفهم النبيلة تجاه قضايا الأمة الإسلامية السنية ، فالخيرات
والبركات التي حققها الله على أيديهم وبجهودهم لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد أو أعمى
بصيرة ، وبلادكم مستهدفة من أطراف واتجاهات كثيرة ، فلا تكونوا عونا لأعدائكم على
بلادكم ولو بكلمة أو إشارة .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات
والحكمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانِه، وَأَشهَدُ
أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظيمًا لشأنِه، وأَشهدُ أنَّ
نبيَّنا مُحمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه الدَّاعِي إِلى رِضْوَانِهِ، صلِّى اللهُ عليه
وعلى آلِه وَأصحابِه وَإِخْوَانِهِ وسلِّمَ تَسلِيماً كَثِيراً . أما بعد. الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها
الناس : لا تحاسدوا فإن في الحسد شروراً في الدنيا
والآخرة ، ولقد كثرت الإصابة بالعين فـ (( إذَا رَأى أحَدُكُمْ مِنْ أخِيِهِ، أوْ مِنْ
نَفْسِهِ، أوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بالبَرَكَةِ فَإنَّ العَيْنَ
حَقٌّ )) حديث صحيح . كأن يقول : ما شاء الله اللهم بارك له أو نحوها .. وليسأل
المؤمن ربه من فضله بدل أن يتمنى زوال النعمة عن غيره .
أيها
المسلمون : اجلبوا البركة لبيوتكم ، بكثرة قراءة القرآن ،
وأداء صلاة النافلة فيها ، وإلقاء السلام عند الدخول للبيت فقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم لأنس رضي الله عنه : (( يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ
، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ )) .
الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله و الله أكبر ولله الحمد .
يا نساء
المسلمين : اعلمن أن أبرك النساء ذاتُ الدين الودودُ
الولودُ المواتيةُ المواسيةُ المتقية ، وشرَّ النساء قليلات الديانة والتقوى المتبرجات
الكاسيات العاريات اللعانات الشاكيات الكافرات للعشير .
اجلبن
البركة لبناتكن بتيسير مهرهن ، فأكثر النساء بركة أيسرهن مؤونة في نكاحها ، ولقد تسهلت
طرق الحرام أمام الشباب والشابات ، فلا تصعبن طريق الحلال ، فتحصل فتنة في المجتمع
وفساد كبير .
الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة
وأصيلا .
عباد الله : لقد بارك الله على نبيه وخليله محمد صلى الله عليه
وسلم كما بارك على أبيه من قبل إبراهيمَ الخليلِ عليه السلام ، فكثر الصلاة
والمباركة عليه تحل البركة ، فاللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت
وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ،، اللهم صل عليه
عدد ما صلى عليه المصلون وذكره الذاكرون .
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب
الرحيم ،
اللهم يا من تباركت وتعاليت ، بارك لنا فيما أعطيت ، وابسط علينا
من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك ، اللهم بارك لنا في عيدنا ، اللهم بارك لنا في
أعمارنا وأعمالنا وأيامنا ، اللهم بارك في بلادنا بلاد الحرمين وزدها من بركاتك
واحفظها مباركة على الإسلام والمسلمين ، اللهم بارك في خادم الحرمين ونائبه ونوابه
أمراء البلاد وبارك لهم وعليهم وأمدهم بعونك وتسديدك وتوفيقك .
اللهم بارك في أمير منطقتنا الأمير عبدالعزيز بن سعد وبارك له
وبارك عليه واجعل عهد إمارته أبرك العهود عليه وعلى البلد وأهلها ، اللهم أمده
بعونك وتسديدك ، وزده بصيرة وتوفيقاً في قراراته ، وارزقه أعوانا ناصحين .
اللهم ألف بين قلوب المسلمين وأصلح ذات بينهم واجمع كلمتهم على
الحق يا رب العالمين ، وأصلح قادتهم واجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين ، وأصلح شأن
وأحوال أمة محمد في كل مكان . اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا ، اللهم فرج عن
شامنا المبارك ويمننا الميمون وعراقنا العريق الغريق ، اللهم طهر المسجد الأقصى
الذي باركت حوله من رجس اليهود .
اللهم انصر جُندنا المرابطين، اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم وثبت
أقدامهم وأنزل عليهم النصر من عندك يا قوي يا متين، اللهم من مات منهم فتقبله في الشهداء
يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
إنك سميع قريب مجيب الدعوات . اللهم اغفر للمسلمين الميتين وجازهم بالحسنات إحسانا
وبالسيئات عفواً وغفراناً .
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا
غلا للذين آمنُوا ربنا إنك رءوف رحيم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة لخطبة صلاة عيد الفطر تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catsmktba-127.html
|