القائمة الرئيسية احصائيات الزوار لهذا اليوم : 3870 بالامس : 5497 لهذا الأسبوع : 29792 لهذا الشهر : 135916 لهذه السنة : 2711258 منذ البدء : 17375097 تاريخ بدء الإحصائيات : 16-6-2013 |
خطبة رقم (57): باب لا يقال السلام على الله المادة خطبة رقم (57): باب لا يقال السلام على الله الحمد لله خلق خلقه أطوارًا، وصرفهم كيف شاء سبحانه عزة واقتدارًا، أنزل عليهم كتبه، وأرسل إليهم رسله إعذارًا وإنذارًا، أحمد ربي وأستغفره إنه كان غفارًا، وأثني عليه بما هو أهله وأشكره، أسبغ علينا نعمه مدرارًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من يرجو لله وقارًا، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، نصب به الدليل وأنار به السبيل؛ فتبدلت الظلمات أنوارًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ كانوا على الهدى أعلامًا وعلى الحق منارًا، رضي الله عنهم وأرضاهم مهاجرين وأنصارًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما أعقب ليل نهارًا. أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أجسامكم وأقدامكم على النار لا تقوى، وعليكم بجماعة المسلمين، الزموهم ولا تفارقوهم، واعلموا أن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾. أيها المسلمون: السلام سُنة قديمة منذ عهد آدم - u - إلى قيام الساعة، وهي تحية أهل الجنة: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾ [إبراهيم: 23] وهي من سنن الأنبياء، وطبع الأتقياء وديدن الأصفياء، وفي هذه الأيام أصبح بين بعض الناس وحشة ظاهرة وفرقة واضحة! فترى أحدهم يمر بجوار أخيه المسلم ولا يلقي عليه تحية الإِسلام، والبعض يُلقي السلام على من يعرف فقط، وآخرون يتعجبون أن يلقى عليهم السلام من أناس لا يعرفونهم! وهذا كله من مخالفة أمر الرسول r حتى تباعدت القلوب، وكبرت الجفوة، وزادت الفرقة، يقول r: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» [رواه مسلم]. وفي الحديث المتفق عليه، أن رجلاً سأل رسول الله r: أي الإِسلام خير؟ قال: «تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». وفي هذا حث على إشاعة السلام بين المسلمين، وأنه ليس مقتصرًا على معارفك وأصحابك فحسب! بل للمسلمين جميعًا. وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يغدو إلى السوق ويقول: إنما نغدو من أجل السلام، فنُسلم على من لقيناه. إن الإِسلام دين الألفة والمحبة والتعاون والتعاضد، فالمسلمون كالجسد الواحد يشد بعضه بعضًا ويتألم بعضه لبعض، فهم أمة مترابطة متكاتفة، وجعل - سبحانه - لهذه الرابطة وسائل وطرق تقويها وتحييها، وتجدد ما تطاولت به الأيام من الفراق والبعد؛ وتبدأ بأول لحظة في اللقاء؛ ألا وهو إشاعة السلام، لينعم المسلم بالأمن والطمأنينة. فالسلام تحية أهل الإِسلام في الدنيا والآخرة تحية أهل الإِسلام في الدنيا: السلام عليكم، وقد أمروا بإفشائها؛ لأن ذلك من أسباب الألفة والمحبة بينهم، وهي تحية الرب - جل جلاله - لأهل الجنة، قال تعالى: ﴿سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ [يس: 58]. والسلام المُلقى عند التحية معناه: دعاء الله بطلب السلامة من الشرور للمُسلم عليه. والسلام من أسماء الله الحسنى، قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ﴾ [الحشر: 23]، وثبت عنه r أنَّه كان إذا انصرف من الصلاة المكتوبة استغفر ثلاثًا، وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإِكرام» [رواه مسلم]. عباد الله: في الصحيح عن ابن مسعود - t - أنه قال: كنا إذا كنا مع رسول الله r في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي r: «لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام». ومعنى هذه الاسم العظيم (السلام) أي: السالم من النقائص والعيوب. يخبر ابن مسعود - t - أنهم كانوا قبل أن يُفرض عليهم التشهد في الصلاة يقولون: (السلام على الله من عباده، السلام على جبريل وميكائيل)، فنهاهم r بقول: «لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام». إن قول: «السلام على الله» من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد والحكمة في ذلك: إن الله - سبحانه - سالم في ذاته من كل نقص وعيب، وهذه المقولة (السلام على الله) توهم نقصًا ينزه الله عنه. إن الله - سبحانه - مسلِّم لغيره، فالعباد فقراء محتاجون إليه يسألون السلامة من الشرور، أما الله - سبحانه - فهو غني لا يحتاج لأحد. والله هو المطلوب منه، لا المطلوب له، وهو المدعو لا المدعو له، وهو الغني له ما في السموات وما في الأرض، وهو السالم من كل تمثيل ونقص، وكل سلامة ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها، استحال أن يُسلَّم عليه - سبحانه-، بل هو المُسلِّم على عباده، فهو السلام ومنه السلام، لا إله غيره، ولا رب سواه. فعلى العبد تعظيم ربه وتنزيهه عن كل ما لا يليق به، ومن تعظيمه ألا يقال: (السلام على الله)، فالواجب الحذر من ذلك. عباد الله: إن من ثمرات طاعة الله ورسوله أن المطيع المتقي تُصيبه دعوة كل مصلٍ على وجه الأرض؛ والعاصي قد حرم نفسه من هذا الدعاء بسبب ذنوبه، قال r: «إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات الطيبات؛ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؛ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض» [رواه البخاري]. فاحرصوا - رحمكم الله - على طاعة ربكم، وأشيعوا السلام بينكم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: 44]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله - عز وجل-، له الأمر ومنه الخير، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدست أسماؤه وتباركت آلاؤه، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، أعزَّ نفسه بالخضوع لربه، وأعلى مكانته بالتواضع لجلال خالقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد عباد الله: السلام يدل على تواضع المسلم ومحبته لغيره، وينبئ عن نزاهة قلبه من الحسد والحقد والبغض والكبر والاحتقار، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، ومن أسباب حصول التعارف والألفة وزيادة المودة والمحبة، وهو من أسباب تحصيل الحسنات ودخول الجنات، وفي إشاعته إحياء لسنة المصطفى r. قال - عليه الصلاة والسلام-: «خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز» [رواه مسلم]. قال أنس - t - لابنه: إذا دخلت بيتك فسلِّم على أهلك؛ تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك. وأفضل صيغ السلام، أن يقول المسلم: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» وأجرها ثلاثون حسنة؛ ويليها قول: «السلام عليكم ورحمة الله» وأجرها عشرون حسنة؛ ويليها قول: «السلام عليكم» بعشر حسنات؛ كما جاء في الحديث. وإذا سلَّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم. والواجب على من أُلقي عليه السلام أن يرد امتثالاً لأمر الرسول r، فعن أبي سعيد الخدري - t - أن النبي r قال: «إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه» قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» [متفق عليه]. قال الإمام النووي - رحمه الله-: واعلم أن ابتداء السلام سنة، ورده واجب، وإن كان المُسلِّم جماعة فهو سنة كفاية في حقهم، وإذا سلَّم بعضهم حصلت سنة السلام في حق جميعهم، فإن كان المسلِّم عليه واحدًا تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإن رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع. فأفشوا السلام بينكم عباد الله، وصلوا وسلموا... التعليقات : 0 تعليق إضافة تعليق جديد المواد روابط ذات صلة
|