القائمة الرئيسية احصائيات الزوار لهذا اليوم : 6168 بالامس : 5497 لهذا الأسبوع : 32089 لهذا الشهر : 138214 لهذه السنة : 2713556 منذ البدء : 17377395 تاريخ بدء الإحصائيات : 16-6-2013 |
خطبة رقم (31): باب ما جاء في النشرة المادة خطبة رقم (31): باب ما جاء في النشرة الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإِيمان وزينه في قلوبهم ووفقهم لحسن عبادته، أحمده - سبحانه - وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله، أقام الدين، ورفع أعلام شريعته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فأوصيكم - عباد الله ونفسي - بتقوى الله في السر والعلن، وانتهوا عن المعاصي والانقياد للأماني، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني. عباد الله: تحقيق التوحيد يحتاج إلى يقظة قلبية دائمة، تنفي عن النفس كل خاطرة تقدح في عبودية العبد لربه، وتدفع كل خالجة شيطانية في كل حركة أو تصرف؛ ليكون ذلك كله خالصًا لله وحده دون من سواه. ومع شديد الأسف فإن قوادح التوحيد ومنقصاته صارت عند كثير من الناس من أخفى المعاصي معنى، وإن كانت من أجلاها حكما فلظهور حكمها ترى المسلمين عامتهم يبرؤون منها، ويغضبون كل الغضب إذا نسبوا إليها، وهم في هذا الغضب محقون، ولكن لخفاء معناها وقع فيها من وقع وهم لا يشعرون. والحنيفية ملة إبراهيم، أن تعبد الله مخلصًا له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس، وخلقهم لها، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] فإذا عرفت: أن الله خلقك لعبادته، فاعلم: أن العبادة لا تسمى عبادة، إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة، إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة كما قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ [التوبة: 17] فإذا عرفت: أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها، وأحبط العمل، وصار صاحبه من الخالدين في النار؛ عرفت: أن أهم ما عليك معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة، وهي الشرك بالله. عباد الله: وأهل الإسلام والإِيمان يؤمنون بقضاء الله وقدره، ويعلمون أنما يصيبهم من بلايا ومحن امتحان واختبار. فإذا أصاب المسلم مرض أو أصابه ألم؛ فإنه يلجأ إلى ربه القادر على رفع ما نزل به، فإنه الشافي الكافي. ولقد انتشر في زماننا كثرة السحر والسحرة، وتأذى أناس من ذلك أكبر الأذى وأشده، فمنهم من أصابه مرض أو عاهة، وآخر حُرم من زوجته وأولاده، وثالث، ورابع - والعياذ بالله - نالهم من الظلم أشده وأقساه، كيف لا! وهي من أعمال الشياطين وأعوانهم. وحيث إن شر السحر والسحرة مستطير وفعلهم خطير، نُهي عن علاج السحر بأمور محرمة ومنها النشرة؛ وهي ضرب من العلاج والرقية، يعالج به في الحديث عن جابر أن رسول الله r سُئل عن النشرة، فقال: «هي من عمل الشيطان» [رواه أحمد بسند جيد]. والنشرة نوعان: نشرة مُحرمة وهي حل السحر بسحر مثله، فيتقرب الساحر والمسحور إلى الشياطين بالذبح والاستغاثة وغيرهما، وهذا شرك أكبر، وهو من عمل الشياطين ويجب الحذر من ذلك والإِبتعاد عنه. ونشرة جائزة: وهي حل السحر بالرقية الشرعية والأدوية المباحة. عباد الله: على المسلم ألا يطرق باب السحرة إخوان الشياطين طلبًا لإِزالة السحر، فإنَّ الشر لا يُزال بالشر، وظُلمة الكفر تزاح بنور الإِيمان والقرآن، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإِسراء: 82]. وبالإِيمان والصدق مع الله من القارئ والمريض يزول الداء بإذن الله. ومن علاج السحر: الرقية الشرعية؛ فإن لها تأثيرًا عظيمًا في إزالة السحر، وهو أن ينفث القارئ على المسحور مباشرة أو في ماء يشربه: آية الكرسي وآيات السحر التي في سور (الأعراف ويونس وطه)، وسورة الكافرون والمعوذات ويدعو له بالشفاء. ومن علاج السحر أيضًا: أن يؤخذ سبع ورقات من السدر الأخضر وتُدق ويصب عليها ماءً ويقرأ فيه ما سبق من الآيات، ثم يشرب منه المسحور ثلاث حسوات، ويغتسل بالباقي، ويكثر من الدعاء، وطلب الشفاء من الله وحده. عباد الله: للسحرة علامات يعرفون بها؛ منها أن الساحر يسأل عن اسم المريض واسم أمه، وكذلك قد يطلب أثرًا من آثار المريض كثوبه أو منديله. وقد يطلب من المريض أن يذبح حيوانًا تقربًا للشياطين، وهذا من عظائم الأمور، إذ الذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن ملة الإِسلام. وقد يُعطي المريض حجابًا أو ما يسمى بالحرز أو التميمة يحتوي على مربع كبير بداخله مربعات صغيرة، تحوي حروفًا وأرقامًا، وأسماء ملائكة أو أنبياء، أو كواكب أو شياطين، وربما تضمنت آيات من القرآن لتلبيس على الجهلة، أو قد يأمر المريض أن لا يمس الماء أربعين يومًا، أو أن يعتزل الناس في غرفة مظلمة لمدة أربعين يومًا؛ وكأن الساحر بذلك يأمر المريض أن لا يتوضأ للصلاة، ولا يُصلي جمعة ولا جماعة ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالواجب على المسلم التوكل على الله وحده، وإنزال حوائجه به، والحذر من إتيان السحرة والكهنة وطلب الشفاء منهم، سلامة لدينه وحماية لتوحيده. فمن لجأ إليهم رجع بالحسرة والخيبة، وحسبه أنه ترك الملاذ الحق الذي يجب اللجوء إليه وهو رب العباد، القائل في كتابه الكريم: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ﴾ وهو القائل - سبحانه وتعالى-: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: 62 – 65]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله نصب الكائنات على ربوبيته ووحدانيته براهين وحججًا، فمن شهد له بالواحدنية وآمن بلقائه واستعد لمعاده أفلح ونجا، أحمده - سبحانه - وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الحق واليقين والخوف والطمع والمحبة والرجاء، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله أنزل عليه الكتاب ولم يجعل له عوجًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، أنوار الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما نهار تجلى وما ليل سجى. أما بعد: فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله، إن الله خبير بما تعملون. عباد الله: لقد كرم الله - عز وجل - الإِنسان وحماه وحفظه، وجعل له من العدة ما يحميه من عدوه، فالإِيمان بالله جُنَّة، والذكر عدة، والاستعاذة به سلاح، فإذا أغفل الإِنسان جُنته وعدته وسلاحه فهو الملوم وحده، إن الشيطان وحزبه لا يتسلطون إلا على الغافلين، أما الذاكرون لله فهم ناجون من الشر ودواعيه الخفية والظاهرة، ناجون من الوسواس الخناس الذي يضعف عن المواجهة، ويخنس عند اللقاء، وينهزم أمام الذاكرين لله. إن الالتجاء إلى الله وحده والاستعاذة واللياذة به، يفعم القلب بالقوة والثقة ويحميه من الهزيمة. أيها المسلمون: السحر منكر وكفر، ومن نواقض الإِسلام، قال تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102]. وهذه الدنيا - عباد الله - دار ابتلاء وامتحان، الإِنسان فيها مُعرض للمصائب والفتن، وللفقر والمرض، والمكلف مأمور بتعاطي الأسباب الشرعية والمباحة، ممنوع من تعاطي الأسباب المحرمة، والأمور كلها بيد الله فهو الذي يشفي ويعافي من يشاء، ويُقدر الموت والمرض على من يشاء، فعلى المسلم الصبر والاحتساب، والتقيد بما أباح الله له من الأسباب، والحذر مما حرم الله عليه، مع الإِيمان بأن قدر الله نافذ، وأمره - سبحانه - لا راد له، والموت على التوحيد خير من الحياة على الشرك والكفر، وما عند الله خير وأبقى.
انتهت الخطبة التعليقات : 0 تعليق إضافة تعليق جديد المواد روابط ذات صلة
|