عيد الفطر 1434هـ
إنّ الحمدَ لله ، نحمده ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ، ومِن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له ، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ...
اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إلهَ إلا الله ، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد .
أيها المسلمون :
تقوى الله U ، وصية الله لعباده ، الأولين والآخرين ، يقول سبحانه وتعالى : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { فلنتق الله ـ أحبتي في الله ـ : } وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ { ، } وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا { ، } وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا { جعلني الله وإياكم من عباده المتقين .
أيها المسلمون :
إن هذا اليوم ، ليوم عظيم ، ويوم عيد كريم ، ومناسبة شرعية ربانية ، جعله الله U ، أحد أعياد المسلمين ، وبدلا مما كان يعمل في مجتمع الجاهليين ، ففي سنن النسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ، يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ r ، الْمَدِينَةَ ، قَالَ : (( كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا ؛ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى ))
فهذا اليوم ـ أيها الأخوة ـ يوم اختاره الله جل جلاله ، ليكون لنا عيدا ، فلنجعله عيدا كما يريد U ، نظهر فيه فرحنا ، ونبين فيه سرورنا ، ويحق لنا ـ والله ـ ذلك ، فقد أمضينا شهر رمضان بين صيام وقيام ، وفي الحديث الصحيح يقول النبي r : (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، وفي حديث آخر أيضا صحيح ، يقول r : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
فهنيئا لنا هذا العيد ، الذي ننال فيه مغفرة ذنوبنا ، ورضا ربنا ، وكمال فرحتنا وقمة سعادتنا ، } قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ { .
الله أكبر ... الله أكبر ... لاإله إلا الله والله أكبر ... الله أكبر ولله الحمد .
أيها المسلمون :
يقول ربكم U : } وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { فشكر الله U ، أمر مطلوب ، ومن شكره التقرب إليه بطاعته ، ومن أهم الطاعات في مثل هذا العيد ، صلة الأرحام ، فصلوا أرحامكم ، فإن لصلة الأرحام ، ثواب عظيم ، ففي الحديث الصحيح عَنْ أَبِى أَيُّوبَ t قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ r فَقَالَ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِى مِنَ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِى مِنَ النَّارِ. قَالَ r : (( تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ ، وَتَصِلُ ذَا رَحِمِكَ )) ، فَلَمَّا أَدْبَرَ الرجل ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
فصلوا أرحامكم وخاصة في هذا العيد ، الذي يعتبر أفضل فرصة للصلة ، واحذروا القطيعة ، فقد وعد الله بقطع من قطع رحمه ، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة t قَالَ : قَالَ رَسُول الله r : (( إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ ، قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَقَالَتْ : هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أمَا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ ، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله r : (( اقْرَؤُوا إنْ شِئْتمْ : } فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ { )) .
فصلوا أرحامكم يا عباد الله ، صلوهم بالزيارة ، صلوهم بالهدية ، صلوهم بالعطف والحنان وبالإكرام والإحترام ، عسى الله أن يصلكم .
الله أكبر ... الله أكبر ... لاإله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .
إيها الأخوة المؤمنون :
ومن موجبات شكر الله U ، ما تفضل به U علينا في هذه البلاد ، حيث يصدق علينا قول الله تبارك وتعالى : } أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ { فنحن بنعمة تستحق الثناء والشكر ، آمنون في بلادنا ، والناس من حولنا في أوضاع من السوء بمكان ، يطالبون في حقوقهم المأكولة ، ويسعون إلى الوصول نهاياتهم المجهولة ، بل منهم من لا يأمن على دمه وعرضه ، فضلا عن مسكنه وأرضه .
نسأل الله U أن يفرج كرب المكروبين من المسلمين ، وأن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم إنه سميع مجيب .
الله أكبر ... الله أكبر ... لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد . أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله معيد الجمع والأعياد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الهادي بإذن ربه إلى سبيل الرشاد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد .
الله أكبر ...... الله أكبر ...... الله أكبر ........ الله أكبر ..... الله أكبر ........ الله أكبر .
الله أكبر .... الله أكبر .... لاإله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .
أما بعد ، فيا عباد الله :
ومن شكر الله U بعد إكمال عدة رمضان ، مواصلة أعمال الخير ، والاستمرار على الطاعة ، ومن ذلك صيام ستة أيام من شهر شوال ، يقول النبي r في الحديث الصحيح : (( مَنْ صَام رمضانَ وأتْبَعَهُ بِستّ من شَوَّال كان كصيامِ الدَّهْرِ )) .
الله أكبر ... الله أكبر ... لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
معشر المؤمنين :
ثبت عن النبي r أنه في مثل موقفي هذا ، يعظ النساء ، فاقتداء به r أقول :
معشر النساء ، أيها الأخوات المؤمنات :
اتقين الله تعالى ، إمتثلن أمره ، واحذرن ارتكاب نهيه ، قرّنَ في بيوتكنّ، ولا تبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى ، أقمن الصلاة ، وآتين الزكاة ، وأطعن الله ورسوله ، والزمن طاعة أزواجكن بالمعروف ، طهّرِّنَ بُيوتكِنَّ من أجهزة الفساد ، واحذرن الملابس المحرمة ، وإيّاكنَّ والتشبه بالعاهرات ، فإنّ من تشبه بقوم فهو منهم .
تأدبنَ أخواتي بآداب الإسلام ، واحذرن الاختلاط بالرجال الأجانب ، أو مصافحتهم ، أو الخضوع بالقول عند التحدث معهم .
احذرن الإسراف فإن الله لا يحب المسرفين ، وإيّاكنّ والتبذير ، فإنِّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين .
اعلمن أخواتي الفاضلات ، بأن النبي r قال : (( الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا فَلْتَدْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ )) .
الله أكبر ... الله أكبر ... لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها الأخوة المؤمنون :
إن من هدي نبيكم r ، في مثل هذا العيد ، مخالفة الطريق ، فمن جاء منكم إلى هذا المسجد مع طريق ، فليعد إلى بيته من طريق آخر ، إن أمكن ذلك .
اسأل الله U أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال ، وأن يجعلني وإياكم في هذا العيد من الفائزين .
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وأن تستر عيوبنا ، يارب العالمين . اللهم إنا نسألك الهدى ، والتقى ، والعفاف ، والغنى ، اللهم أحينا سعداء ، وتوفنا شهداء ، واحشرنا في زمرة الأتقياء . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر اللهم الطغاة البغاة المجرمين ، اللهم عليك باليهود المعتدين ، وبالنصارى الحاقدين وبحزب البعث النصيريين الظالمين .
اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، اللهم احقن دماء المسلمين واحفظ عليهم دينهم وأعراضهم وأموالهم في كل مكان إنك أنت خير الحافظين .
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، اللهم جنّب المؤمنين الفتن والاختلاف والشقاق والفرقة والاقتتال ، اللهم ردهم إلى دينك ردّاً جميلاً عاجلا غير آجل برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فرج هم المهمومين ، واشف مرضى المسلمين ، واقض الدين عن المدينين ، وارحم اللهم موتى المسلمين .
اللهم وفق ولاة أمرنا لما يرضيك واحفظهم بحفظك ، وأيّدهم بتأييدك ، واجعلهم أنصاراً لدينك ، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة الطيبة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه يا رب العالمين .
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . ربنا تقبل منا إنك السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { . } سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ { .
|