اِلْاِسْتِعْدَاْدُ لِرَمَضَاْن
39هـ
اَلْحَمْدُ للهِ وَاْسِعِ اَلْفَضْلِ وَاَلْإِحْسَاْنِ،
اَلْكَرِيْمِ اَلْمَنَّاْن، اَلَّذِيْ يَعْلَمُ
مَاْ يُخْفَىْ فِيْ اَلْجَنَاْنِ، وَمَاْ يُكَنُّ فِيْ اَلْخَوَاْطِرِ وَاَلْأَذْهَاْن،
لَاْ يَعْزُبُ عَنْ عَلْمِهِ مِثْقَاْلُ ذَرَّةٍ فِيْ أَيِّ مَكَاْن، }
يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ { . أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ
وَجْهِهِ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ، حَمْدَاً يَفُوْقُ اَلْعَدَّ وَاَلْحُسْبَاْن،
وَأَشْكُرُهُ عَلَىْ نِعَمِهِ وَآلَاْئِهِ، شُكْرَاً تُنَاْلُ بِهِ مَوَاْهِبَ اَلْرِّضْوَاْن.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، دَاْئِمُ
اَلْمُلْكِ وَاَلْسُّلْطَاْن، } رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ
الْمَغْرِبَيْنِ ، فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، أَرْسَلَهُ إِلَىْ اَلْإِنْسِ
وَاَلْجَاْن ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، أَهْلِ اَلْصِّدْقِ
وَاَلْجُوْدِ وَاَلْوَفَاْءِ وَاَلْإِحْسَاْنِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً
إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
اِتَّقُوْا اَللهَ U
فَهُوَ اَلْقَاْئِلُ فِيْ كِتَاْبِهِ: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ
ـ جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
أَيَّاْمٌ قَلَاْئِلَ،
وَنَسْتَقْبِلُ شَهْرَ رَمَضَاْن ، أَفْضَلُ شَهْرٍ يَمُرُّ مِنْ عُمُرِ
اَلْمُسْلِمْ، إِذَاْ كَاْنَتْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - لَيْلَةٌ وَاْحِدَةٌ
مِنْ لَيَاْلِيْهِ، وَهِيَ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرِ ،
فَلِمَاْذَاْ لَاْ يَكُوْنُ شَهْرُ رَمَضَاْن، بِهَذِهِ اَلْمَنْزِلَةِ
اَلْرَّفِيْعَةِ اَلْعَاْلِيَةِ، فَهُوَ اَلْشَّهْرُ اَلَّذِيْ مَيَّزَهُ اَللهُ U
عَلَىْ غَيْرِهِ ، فَأَنْزَلَ فِيْهِ كُتُبَهُ عَلَىْ رُسُلِهِ ـ عَلَيْهِمُ اَلْصَّلَاْةُ
وَاَلْسَّلَاْمُ ـ كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ: } شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي
أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى
وَالْفُرْقَانِ {، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْإِمِاْمُ اَحْمَدُ وَاَلْطَّبَرَاْنِيُّ،
وَحَسَّنَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ، يَقُوْلُ e:
(( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ e فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ،
وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالإِنْجِيلُ
لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لأَرْبَعٍ
وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ )) فَشَهْرُ رَمَضَاْنَ ،
لَيْسَ كَسَاْئِرِ اَلْشُّهُوْرِ ، يَقُوْلُ عَنْهُ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( إِذَاْ دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ،
وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ )). فَرَمَضَاْنُ
-أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ- مَوْسِمٌ عَظِيْمٌ، وَمُنَاْسَبَةٌ مُفِيْدَةٌ لِفِعْلِ
اَلْطَّاْعَةِ وَاَلْعِبِاْدَةِ، وَاَلْتَّقَرُّبِ إِلَىْ اَللهِ U
، وَاَلْبُعْدِ عَنْ اَلْذُّنُوْبِ وَاَلْمَعَاْصِي
وَاَلْآثَاْمِ ، فَيَنْبَغِيْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعَدَّ لَهَذَاْ اَلْشَّهْرِ عُدَّتَهُ،
وَيَحْمَدَ اَللهَ U، أَنْ أَمَدَّ فِيْ عُمُرِهِ حَتَّىْ بَقِيَ
إِلَىْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ، وَيَسْتَعِدَّ لَهُ، اِسْتِعْدَاْدَ اَلْمُؤْمِنْيِنَ
، اَلَّذِيْنَ يُرِيْدُوْنَ وَجْهَ اَللهِ وَاَلْدَّاْرَ اَلْآخِرَةِ، وَيَحْذَرَ
أَنْ يَسْتَعِدَّ لَهُ اِسْتِعْدَاْدَ اَلْغَاْفِلِيْنَ ، وَكَمَاْ قَاْلَ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: ((
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ )) . فَاَللهُ U
يُعَاْمِلُ اَلْمُسْلِمَ عَلَىْ حَسَبِ نِيَّتِهِ ، وَيَبْلُغُ اَلْمُسْلِمُ بِنِيَّتِهِ
اَلْصَّاْدِقَةِ مَاْلَمْ يَبْلُغْهُ فِيْ عَمَلِهِ، كَمَاْ قَاْلَ } :
U وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ
عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا { . يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِي
فِيْ تَفْسِيْرِهِ: } فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ { أَيْ: فَقَدَ حَصَلَ لَهُ أَجْرُ اَلْمُهَاْجِرِ
اَلَّذِيْ أَدْرَكَ مَقْصُوْدَهُ بِضَمَاْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ
نَوَىْ وَجَزَمَ، وَحَصَلَ مِنْهُ اِبْتِدَاْءٌ وَشُرُوْعٌ فِيْ اَلْعَمَلِ، فَمِنْ
رَحْمَةِ اَللهِ بِهِ وَبِأَمْثَاْلِهِ أَنْ أَعْطَاْهُمْ أَجْرَهُمْ كَاْمِلَاً وَلَوْ
لَمْ يُكْمِلُوْا اَلْعَمَلَ ، وَغَفَرَ لَهُمْ مَاْ حَصَلَ مِنْهُمْ مِنْ اَلْتَّقْصِيْرِ
فِيْ اَلْهِجْرَةِ وَغَيْرِهَاْ. فَاَلْنِّيَّةُ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ ـ أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ ـ وَنَحْنُ نَسْتَقْبِلُ شَهْرَ
رَمَضَاْنَ ، مِنْ اَلْأَهَمِّيَةِ بِمَكَاْنٍ ، يَجِبُ عَلَيْكَ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ
ـ أَنْ تُرَاْجِعَ حِسَاْبَاْتِكَ صَاْدِقَاً مَعَ نَيَّتِكَ. اِسْأَلَ نَفْسَكَ،
وَأَنْتَ تَسْتِقْبِلُ هَذَاْ اَلْشَّهْرَ اَلْعَظِيْم ، مَاْذَاْ خَطَّطَتْ لَهُ
، وَمَاْ هُوَ اَلْهَدَفُ اَلْحَقِيْقِيُّ لَهَاْ ، اَلَّذِيْ سَوْفَ تَخْرُجُ بِهِ
مِنْ شَهْرِ رَمَضَاْنَ ؟
إِنَّنَاْ نَرَىْ ـ أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ ـ مَنْ يَسْتَعِدْ لَهَذَاْ اَلْشَّهْرِ، بِأُمُوْرٍ لَاْ تَتَنَاْسَبُ
أَبَدَاً، وَلَاْ تَلِيْقُ بِشَهْرٍ كَرَمَضَاْنَ، إِنَّمَاْ مِنْ شَأْنِهَاْ سَرِقَةُ
رَمَضَاْنَ، وَحِرْمَاْنُ اَلْمُسْلِم، مِنْ اِسْتِغْلَاْلِهِ وَاَلْاِسْتِفَاْدَةِ
مِنْهُ. كَفَىْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ- تَفْرِيْطَاً بِمِثْلِ رَمَضَاْنَ
بِسَبَبِ مُتَاْبَعَةِ مُسَلْسَلَاْتٍ هَاْبِطَةٍ، وَبَرَاْمِجَ سَاْقِطَةٍ، أَوْ بِسَبَبِ
اَلْتَّمَتُّعِ بِاَلْلَّهْوِ وَاَلْلَّعِبَ، وَ بِسَبَبِ اَلْتَّفَنُّنِ بِمَاْ لَذَّ
وَطَاْبَ مِنْ أَنْوَاْعِ اَلْمَآكِلِ وَاَلْمَشَاْرِبِ؟ لِنَسْتَعِدَّ -أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ- لِرَمَضَاْنَ اِسْتِعْدَاْدَ اَلْمُؤْمِنْيِنَ، لَاْ اِسْتِعْدَاْدَ
اَلْغَاْفِلِيْنَ وَاَلْفَاْسِقِيْنَ وَاَلْمُجْرِمِيْنَ ، بَلْ
وَاَلْكَاْفِرِيْنَ، فَقَدْ رَوَىْ اَلْشِّيْخَاْن، عَنْ عَاْئِشَةَ - رَضِيَ
اَللهُ عَنْهَاْ – قَاْلَتْ: ((
كَاْنَ رَسُوْلُ اَللهِ e ، يَصُوْمُ حَتَّىْ
نَقُوْلَ : لَاْ يُفْطِرُ . وَيُفْطِرُ حَتَّىْ نَقُوْلَ : لَاْ يَصُوْمُ، وَمَاْ
رَأَيْتُ رَسُوْلَ اَللهِ اِسْتَكْمَلَ صِيَاْمَ شَهْرٍ إِلَّاْ رَمَضَاْنَ،
وَمَاْ رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَاْمًا مِنْهُ فِيْ شَعْبَاْنَ )) ، وَكَاْنَ عُمْرُو بِنُ
قَيْسٍ، إِذَاْ دَخَلَ شَعْبَاْنُ، أَغْلَقَ تِجَاْرَتَهُ وَتَفَرَّغَ
لِقِرَاْءَةِ اَلْقُرَّآن، وَكَاْنَ يَقُوْلُ: طُوْبَىْ لِمَنْ أَصْلَحَ نَفْسَهُ قَبْلَ
رَمَضَاْن. يُشِيْرُ رَحِمَهُ اَللهُ ،إِلَىْ اَنَّ صِيَاْمَ رَمَضَاْنَ
وَقِيَاْمَهُ: يَكُوْنُ لِأُنَاْسٍ رِفْعَةً فِيْ اَلْدَّرَجَاْتِ، وَلِأُنَاْسٍ كَفَّاْرَةً لِلْخَطَاْيَاْ، فَمَنْ
دَخَلَهُ تَاْئِبَاً مُتَطَهْرَاً مِنْ اَلْذُّنُوْبِ، كَاْنَ رِفْعَةً
لِدَرَجَاْتِهِ، وَمَنْ دَخَلَهُ مُتَلَبِّسَاً بِاَلْذُنُوْبِ كَاْنَ
كَفَّاْرَةً لِخَطَاْيَاْهُ. فَاَلْمُسْلِمُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - يَجِبُ عَلَيْهِ
أَنْ يَتَرَفَّعَ بِنَفْسِهِ، عَنْ سَفَاْسِفِ اَلْأُمُوْرِ، وَيُوَطِّنَ نَفْسَهُ
لِمَعَاْلِيْ اَلْأَخْلَاْقِ، وَلَاْ يَنْقَاْدُ خَلْفَ اَلَّذِيْنَ لَاْ هَمَّ لَهُمْ
إِلَّاْ نَهْبُ اَلْأَمْوَاْلِ، وَاَلْقَضَاْءِ عَلَىْ اَلْأَوْقَاْتِ، وَاَلْلَّهْوِ
وَاَلْلَّعِبِ، اَلَّذِيْنَ قَدْ يَقَعُ بِحَقِّ بَعْضِهِمْ قَوْلُ اَللهِ تَعَاْلَىْ: } فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي
يُوعَدُونَ {.
فَاَلْاِسْتِعَدَاْدُ لِشَهْرِ رَمَضَاْنَ، لَاْ يَكُوْنُ بِاَلْلَّهْوِ وَاَلْلَّعِبِ،
وَاَلْغَفْلَةِ اَلْخَطِيْرَةِ، اَلَّتِيْ أَوْدَتْ بِمُسْتَقْبَلِ كَثِيْرٍ مِنْ
اَلْنَّاْسِ، إِنَّمَاْ يَكُوْنُ بِاَلْنِّيَةِ اَلْصَّاْدِقَةِ، وَاَلْعَزِيْمَةِ
اَلْجَاْدَّةِ ، لِاِسْتِغْلَاْلِ هَذَاْ اَلْشَّهْرِ، بِاَلْعِبَاْدَةِ وَاَلْطَّاْعَةِ، وَمَاْ يُقَرِّبُ مِنْ اَللهِ U ، وَمَاْ يَكُوْنُ وَسِيْلَةً لِرَفْعِ اَلْدَّرَجَاْتِ
، وَتَبْدِيْلِ اَلْسَّيِّئَاْتِ بِإِذْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ.
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ
فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَعْقِدَ اَلْنِّيَةِ مِنْ اَلْآنَ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ
، يَقُوْلُ e: (( مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ، بَلَّغَهُ مَنَازِلَ
الشُّهَدَاءِ ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ )) .
أَسْأَلُ
اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً ، وَسَلَاْمَةً
دَاْئِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ
اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ
.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ،
وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ
رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
خَيْرُ مَاْ يُسْتَقْبَلُ
بِهِ رَمَضَاْن، اَلْعَزْمُ عَلَىْ تَرْكِ اَلْذُّنُوْبِ وَاَلْمَعَاْصِيْ وَاَلْآثَاْمِ،
وَاَلْتَّوْبَةُ مِنْ اَلْسَّيِّئَاْتِ، وَهُوَ فُرْصَةٌ لِلْتَّخَلُصِ مِنْ اَلْعَاْدَاْتِ
اَلْسَّيِّئَةِ، وَاَلْأَخْلَاْقِ اَلْرَّذِيْلَةِ، وَتَعْوُيْدِ اَلْنَّفْسِ عَلَىْ
مَاْ يُحِبُّهُ اَللهُ U وَيَرْضَاْهُ ، فَرَمَضَاْنُ شَهْرُ اَلْتَّوْبَةِ
، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فِيْهِ فَمَتَىْ يَتُوْبُ .
نَعَمْ ـ إِخْوَتِيْ فِيْ
اَللهِ ـ شَهْرُ رَمَضَاْنَ فُرْصَةٌ لِلْتَّعَوُدِ عَلَىْ صَلَاْةِ اَلْجَمَاْعَةِ،
وَتِلَاْوَةِ اَلْقُرَّآنِ، وَفُرْصَةٌ لِلْتَّخَلُّصِ مِنْ اَلْتَّدْخِيْنِ، فُرْصَةٌ
لِتَنْظِيْمِ اَلْوَقْتِ، فُرْصَةٌ لِلْإِحْسَاْسِ بِاَلْحَاْجَةِ لِلْطَّعَاْمِ وَاَلْشَّرَاْبِ، وَإِدْرَاْكِ مُعَاْنَاْةِ اَلْفُقَرَاْءِ وَاَلْمَسَاْكِيْن، وَغَيْرِ ذَلِكَ
مِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلَّتِيْ بِاِسْتِطَاْعَةِ اَلْمَرْءِ اَلْتَّعَوُدُ عَلَيْهَاْ
فِعْلَاً وَتَرْكَاً فِيْ شَهْرِ رَمَضَاْن .
اَسْأَلُ
اَللهَ U أَنْ يَهْدِيَ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ
، اَلْلَّهُمَّ بَلِّغْنَاْ رَمَضَاْنَ ، وَاَجْعَلْنَاْ فِيْهِ مِنْ اَلْفَاْئِزِيْنَ
، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
أَلَاْ
وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ،
فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ
قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً : } إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e
: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً
وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ
صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ
آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ
اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ
وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ عِزَّ اَلْإِسْلَاْمِ وَنَصْرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ
، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ
حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ
بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ ،
وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اِحْفَظْ
عَوْرَاْتِنَاْ ، وَآمِنْ رَوْعَاْتِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ،
مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ
اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
} رَبَّنَا آتِنَا
فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ
اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى
عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ { .
فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ
يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ
أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|