خطبة عيد الفطر 1437 هـ
( يوم الإحسان والمحسنين )
الحمد لله الرحيم الرحمن ، عظيم الفضل والإحسان ، واسع الجود والامتنان ، القائل في القرآن ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) .
أحسن كل شيء خلقه ، فصنعه بإتقان ، وأكرم بني الإنسان ، وشرف من بينهم أهل الإيمان .
وأصلي وأسلم على سيد ولد آدم وعدنان ، نبينا محمد بن عبد الله ، البالغ مرتبة الإحسان ، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه ، وعلى كل من اتبعهم بإحسان على مر الأزمان . أما بعد
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً.
نحمدك ربنا ونشكرك على تتابع إحسانك ، نحمدك ربنا ونثني عليك الخير كله ونشكرك على الإسلام والإيمان وعلى الصلاة والصيام والقرآن ، نحمدك ربنا ونشكرك على التمام والختام ، نحمد ربنا على بلوغ عيد الفطر من رمضان ، ونسألك بفضلك وإحسانك يا عظيم الإحسان أن تتم علينا النعمة بالقبول والغفران والعفو عن التقصير والعصيان يا ذا الجلال والإكرام .
أيها المسلمون : يومكم هذا يوم عظيم ، هو من أحسن وأبهج أيام العام ، هو عيد أهل الإسلام ، يفطرون فيه من رمضان ركن الإسلام ، طائعين مستسلمين منقادين ، فرحين بالتمام والختام ، وللصائمين فرحتان ، لذا يستحب لكم أن تَظْهَروا فيه بأحسن الهيئات ، وتلبسوا أحسن الثياب .
عباد الله : يوم عيد الفطر ( يوم الإحسان المحسنين ) .
والمحسنون هم المتقون ، الذين أحسنوا الصيام والقيام ، واستكثروا من الحسنات والإحسان وختموا ذلك بزكاة الفطر التي هي إحسان ، فاتقَوا وصبروا ، وربنا جلا وعلا يقول: (( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )) ، وقال عن المتقين أهلِ الجنات والعيون : (( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ )) .
فيا من صمتم وقمتم و تلوتم وتصدقتم ، لقد أحسنتم فأبشروا ، قال الله : (( وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ )) .
أبشروا أيها المحسنون بمحبة الله: (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) ، أبشروا بالقبول ، فالله يقول: (( وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )) ، وأبشروا بالرحمة فالله يقول: (( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )) . وأبشروا بكل حسن: (( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ )) .
أيها الناس : رمضان ،،، كان شهر ( تحوُّل ) ، تحوُّلٌ من الإساءة والتقصير إلى الإحسان والإتقان ، شهر تحول إلى التقوى (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) ، فيا أهل الإيمان الثبات الثبات على الإحسان ، جاهدوا أنفسكم واصبروا في طريق الإحسان وأبشروا بعون الرحمن ومعيته: (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )) (( إِنَّ اللَّه مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )) ، واعلموا رحمكم الله أنكم (( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا )) ، واستحضروا دائماً أن (( الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )) وأنه (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )) فهذه المضاعفة لكل عامل ، لكن الله يتفضل على أهل الإحسان خاصة فيضاعف لهم أجورهم أضعافا كثيرة ، ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [ إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ]، فالمضاعفة فوق العشر مقيدة بحسن الإسلام ، فكلما كان إسلامك أحسن كانت المضاعفة أكثر .
أيها المسلمون: الحُسنُ والإحسان سمة بارزة لدينكم الإسلام . فأحسنُ الأديان دينُ الإسلام ، وأحسن الملل ملة التوحيد الحنيفية ، ففي الكتاب: (( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا )) ، لا دين أحسن من إسلام الوجه لله بالتوحيد ، ولا كلمة أحسن من كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) فهي الحسنى في قوله تعالى : (( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى )) وكلما كان العبد أكثر تحقيقاً للتوحيد كان أحسن ديناً .
وأسوأ الملل وأقبح النحل وأكبر الكبائر وأظلم الظلم : الشرك بالله العظيم . (( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )) ، فيقال للمشركين (( أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ )) .
عباد الله : وأسماء ربنا كلها حسنى ، ومن أسمائه : ( المحسن ) وصفاته كلها عُلا ، ومن صفاته : ( الإحسان ) فهو عظيم الإحسان بل هو أكرم المحسنين وأجودهم وأوسعهم إحسانا .
وأحسن الحديث كتاب الله فـ (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ )) وقص فيه (( أَحْسَنَ الْقَصَصِ )) وشرع فيه أحسن الشرائع ، والمحسنون هم أكثر الناس عملاً واهتداءً بالكتاب (( الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ )) .
عباد الله: وأعلى مراتب الدين مرتبة الإحسان فوق الإسلام والإيمان ، والإحسان : هو إتقان العبادة ، بأن تعبد الله كأنك تراه بقلبك ، فإن عجزت عن هذا المقام ، فتعبد الله بمقام المراقبة مستحضراً أنه يراك .
وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فالمحسن أجمل الإحسان هو المتبع لهدي محمد عليه الصلاة والسلام ، فهو المحسن في قوله : ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )) ، فمحمد صلى الله عليه وسلم أحسن القدوات: (( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) .
أيها المسلمون: وأحسن المناهج وأقومها منهج السلف الصالحين ، منهج السابقين الأولين ، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) ، فطريقة السلف هي الأحسن وهي الأسلم والأحكم وهي [ ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ] ، وهي الطريقة التي سارت عليها هذه البلاد حرسها الله ، ولاةً وعلماءَ وعامةً . فلإن تحولت البلاد إلى الإتقان في إدارة الدولة فلا تحوّل لها عن السلفية ( التوحيد والسنة والجماعة والحكم بالشريعة ) .
وطريق السلف هو الطريق الذي يجب أن يلزمه جميع أهل الإسلام ، فهو الإسلام الحق .
ويجب على طلبة العلم والدعاة خاصة أن يلتزموه ويظهروا الدعوة إليه بوضوح ، ويحذروا من الانتساب لغيره من المناهج التي انحرفت عن جادته ، فأحسن الأقوال قول الداعين إلى الله وفق هذا المنهج القويم (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) .
عباد الله : ومن أقبح الإساءات : الابتداع في الدين ، بترك السنة واختراع طرق تعبدية جديدة قال الله : (( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) .
وأقبح البدع وأشنعها وأبشعها : أول بدعة ظهرت في المسلمين ، بدعة الخوارج المارقين ، التي بسببها قتل خليفتا المسلمين : عثمان وعلي رضي الله عنهما.
فأي إساءة أقبح من إساءة تكفير المسلمين ، واستحلال دماء المعصومين ، أو قتل النفس بتفجيرها بين جموع الراكعين الساجدين ، وأي خسران أعظم من خسارة من قتل أمه وأباه وعمه وأخاه ، واستباح حرمة المدينة النبوية وحرمها وحرمة أفضل ليالي العام باسم الجهاد والدين ، فاللهم رحماك ... اللهم اعصم عقولنا وقلوبنا من الزيغ والضلال بعد الهدى .
ومن هنا يا عباد الله : نعلم سر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الخوارج: [ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ ] وقوله: [ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ] وقوله فيهم: [ هُمْ كِلابُ أَهْلِ النَّارِ ] ، ونعلم سر وصفهم بأنهم ( سُفَهَاء ) ، وكما قال عليه الصلاة والسلام في الزمن الذي يحصل فيه مثل هذا: [ تُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، حَتَى يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ ]
ومع تماديهم في قبائح فعالهم ، واستمرار شؤمهم على البلاد والعباد ، يجب على أمة السنة والسلفية أن تحارب بدعتهم أشد الحرب بكل الوسائل . وعلى الآباء خاصة والمربين عامة مسؤولية حفظ الأبناء من ضلالاتهم وشبهاتهم .
يا أهل الإسلام : يقول ربكم الرحمن: (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )) . فإلى أين يذهب بنو لبرال وبنو علمان ومن جُندٍ في عسكرهم ؟ أيريدون قانوناً بشرياً وضعياً نسجته أهواء الإنسان ، بدلاً عن شرعة الرحمن ؟
من ماذا يريدون أن يحرروا المرأة ؟ أمن دينها ومن حيائها وحشمتها ؟
لقد اتخذهم الشيطان مطية له في ذلك كما أوقع بني إسرائيل في فتنة النساء .
أيها المسلمون : خلق الله الموت والحياة (( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )) ، فالاختبار عباد الله بحسن العمل لا بكثرته ، والعمل يكون حسناً عندما يجتمع فيه الإخلاص لله ، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وموافقة شريعته .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
قال نبيكم صلى الله عليه وسلم : [ مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ "] رواه مسلم
فأحسنوا صلاتكم ليكفر بها عنكم ، والمسيء صلاته الذي ترك الطمأنينة قال له النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء : [ ارجع فَصَلِّ ، فإنك لم تُصَلِّ ] ولم يعذره بالجهل ، فاحذروا .
عباد الله : دينكم ( عقيدةٌ و عبادةٌ وأخلاق ) والإحسان مطلوب في الثلاث كلها وهي مرتبطة ببعضها ، فحسنوا أخلاقكم فـ [ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ] حديث صحيح ، بل قال صلى الله عليه وسلم: [ إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ ] ، وقاعدة التعامل في الإسلام : ( أن تعامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به ) ، ومحمد صلى الله عليه وسلم بعث ليتمم مكارم الأخلاق ومحاسنها .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانِه، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظيمًا لشأنِه، وأَشهدُ أنَّ نبيَّنا مُحمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه الدَّاعِي إِلى رِضْوَانِهِ، صلِّى اللهُ عليه وعلى آلِه وَأصحابِه وَإِخْوَانِهِ وسلِّمَ تَسلِيماً كَثِيراً . أما بعد. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها المسلمون : سمة أهل الإسلام : الإحسان إلى الخلق بإيصال الخير والنفع إليهم ودفع الضرر عنهم ، فأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، فأحسنوا إلى الناس كما أحسن الله إليكم، فإن الله يحب الإحسان والمحسنين ، واعلموا أن أحق الناس وأولاهم بإحسانكم أمهاتكم ثم آباؤكم ثم أقاربكم ثم جيرانكم (( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا )) ، وقال نبيكم صلى الله عليه وسلم : [ صِلَةُ الرَّحِمِ ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ ، يُعَمِّرَانِ الدِّيَارَ ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ ] حديث صحيح .
عباد الله : اللسان مصيدة الشيطان في التحريش وإثارة العداوة والبغضاء بين المؤمنين ، لذا يأمركم ربكم فيقول: ((وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا )) ، [ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ] فتخيروا من الكلام أحسنه مع أهليكم وأقاربكم مع عموم المسلمين .
أيها الناس: قال نبيكم صلى الله عليه وسلم: [ مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ ] فلا تفرطوا بحسن إسلامهم بدخولكم فيما لا تحسنون وتكلمكم فيما لا يعنيكم ، فتقعوا في العجائب فانظروا رحمكم الله فيما تتحدثون به في مجالسكم ومجموعاتكم ومحادثاتكم ، وليكن خيرا أو الصمت ، واحسبوا للكلمة حسابها .
يا نساء المؤمنين: يا مؤمنات أعد الله (( لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً )) فاعلمن أن من مهامكنّ الرئيسة في الحياة حسن عشرة الأزواج وحسن التبعل لهم ، فأحسنَّ العشرة ، فنبيكن صلى الله عليه وسلم قال للمرأة المتزوجة: [ فانظري أينَ أنتِ منه، فإنَّما هو جنَّتُكِ وناركِ ] وفي رواية قال لها [ أحسني ]
يا مؤمنات: ومن مهامكن الرئيسة في الحياة ، حسن تربية الأبناء والبنات ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في البنات خاصة : [مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ] وفي رواية : [أحسن صحبتهن] .
يا مسلمات: هناك من يسعى لإفسادكن وإخراجكن من بيوتكن بلا حياء فاتنات مفتونات ، فلا تسمعن لكل متحدث ، فقد كثر المضلون والمنافقون .
أيها الناس عباد الله : ((هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )) . قال ربكم في عاقبة المحسنين؟ (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ )) لهم في الدنيا الحياة الطيبة، ثم قال: (( وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ )) وقال: (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )) لهم الحسنى جزاء على الإحسان، والحسنى هي الجنة التي بلغت الغاية في الحسن والجمال والبهجة والنعيم ، ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بناؤها لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران ، موضع سوط فيها خير من الدنيا وما فيها .
والزيادة التي يعطونها في الجنة هي زيادة جليلة عظيمة بهية تستحق الشوق لها ، وهي: رؤية وجه الله الكريم ، فإن بينه وبين أهل الجنة حجاب وهم يتنعمون ، فيكشف الله الحجاب بينهم وبينه فيرونه ، فإذا رأوه نسوا كل نعيم .
وقد وصاكم نبيكم إن أردتم الفوز بهذه الزيادة بالمحافظة على صلاتي الفجر والعصر.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم تقبل منا الصيام والقيام. واعف عنا يا عفو يا كريم. اللهم اجعلنا ممن نال الرحمة والرضوان والغفران في رمضان. اللهم اكتبنا فيه من المقبولين المرحومين يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم إن لنا إخوانا طال بلاؤهم واشتد كربهم في الشام والعراق ، وقعوا بين طغيان الرافضة وعدوان الخوارج المارقة. فاللهم عجل بنصرهم ، اللهم إنهم قد وقع عليهم من الضراء والبأساء مالا يقدر على دفعه ورفعه عنهم إلا أنت ، اللهم ارفع عنهم البلاء ، اللهم ثبت أقدامهم وقو عزائمهم وارحم ضعفهم يا رحمن.
اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى يا ذا الجلال والإكرام واجزهم خيراً على ما يقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين يا رب العالمين .
اللهم ادفع عن بلادنا مضلات الفتن، اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين ومن كل شر وفتنة يا خير الحافظين، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء وفتنة فاجعل كيده في نحره ، اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى يا ذا الجلال والإكرام واجزهم خيراً على ما يقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين يا رب العالمين .
اللهم انصر جُندنا المرابطين، اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وأنزل عليهم النصر من عندك يا قوي يا متين، اللهم من مات منهم فتقبله في الشهداء يا رب العالمين، اللهم احفظ لبلادنا عقيدتها وسيادتها واستقرارها وأمنها، اللهم احفظها ممن يكيد لها، ويتربص بها الدوائر يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات . اللهم اغفر للمسلمين الميتين وجازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفراناً .
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنُوا ربنا إنك رءوف رحيم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وللمزيد من الخطب السابقة لخطبة صلاة عيد الفطر تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=127 |