الزَّوَاجُ الْمُبارَك
} الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ { ، } يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، وَأَشْكُرُهُ عَلَىْ فَضْلِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، لَهُ : } مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ { .
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ ، وَاَلْسِّرَاْجُ اَلْمُنِيْرُ ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ {، فَلْنَتَقِ اللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
زَوَّجَ اَلْنَّبِيُ e، اِبْنَتَهُ فَاْطِمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - عَلِيَ بِنِ أَبِيْ طَاْلِبٍ t، وَمِمَّاْ حَدَثَ فِيْ هَذَاْ اَلْزَّوَاْجِ : دُعَاْءُ اَلْنَّبِيِ e لَهُمَاْ بِاَلْبَرَكَةِ، حَيْثُ قَاْلَ e: (( جَمَعَ اَللهُ بَيْنَكُمَاْ ، وَبَاْرَكَ فِيْ سَيْرِكُمَاْ ، وَأَصْلَحَ بَاْلَكُمَاْ ))، وَثَبَتَ عَنْهُ e ، أَنَّهُ إِذَاْ رَأَىْ أَحَدَاً مِنْ أَصْحَاْبِهِ ، حَدِيْثَ عَهْدٍ بِزَوَاْجٍ ، دَعَاْ لَهُ بِقَوْلِهِ: (( بَاْرَكَ اَللَّهُ لَكَ ، وَبَاْرَكَ عَلَيْكَ ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَاْ فِيْ خَيْرٍ ))، فَاَلْبَرَكَةُ فِيْ اَلْزَّوَاْجِ ، نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اَللهِ U ، يُنْعِمُ بِهَاْ عَلَىْ مَنْ يَشَاْءُ مِنْ عِبَاْدِهِ ، وَاَلْزَّوَاْجُ مَنْزُوْعُ اَلْبَرَكَةِ، لا خَيْرَ فَيْهِ ، وَلَاْ تَسَلْ عَنْ مَاْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَشَاْكِلَ أُسَرِيَّةٍ وَاَجْتِمَاْعِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةٍ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَغِبْ أَمْرُ اَلْبَرَكَةِ، وَاَلْدُّعَاْءُ بِهَاْ، عَنْ اَلْنَّبِيْ e، عِنْدَمَاْ زَوَّجَ اِبْنَتَهُ فَاْطِمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - ، لِاِبْنِ عِمِّهِ عَلِيِ بِنْ أَبِيْ طَاْلِبٍ t، وَعَنْدَ زَوَاْجِ كُلِّ مِنْ يَعْلَمُ بِزَوَاْجِهِ مِنْ أَصْحَاْبِهِ، وَمَعْنَىْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - (( بَاْرَكَ اَللَّهُ لَكَ )) : أَيْ كَثَّرَ لَكَ اَلْخَيْرَ فِيْ هَذَاْ اَلْأَمْرِ، وَاَلْبَرَكَةُ : هِيَ اَلْنَّمَاْءُ وَاَلْزِّيَاْدَةُ وَاَلْسَّعَاْدَةُ ؛ (( وَبَاْرَكَ عَلَيْكَ )) أَيْ أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ وَاَلْرَّحْمَةَ وَاَلْرِّزْقَ وَاَلْبَرَكَةَ فِيْ اَلْذُّرِّيَةِ؛ (( وَجَمَعَ بَيْنَكُمَاْ فِيْ خَيْرٍ ))، أَيْ فِيْ طَاْعَةٍ وَصِحَّةٍ وَعَاْفِيَةٍ وَسَلَاْمَةٍ ، وَحُسْنِ عِشْرَةٍ ، وَتَكْثِيْرِ ذُرِّيَةٍ صَاْلِحَةٍ .
فَاَلْزَّوَاْجُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - لَنْ يَكُوْنَ زَوَاْجَاً حَقِيْقِيَّاً، فِيْهِ اَلْمُتْعَةُ اَلْنَّفْسِيَّةُ، وَاَلْسَّعَاْدَةُ اَلْحَيَاْتِيَّةُ ، وَاَلْمَوَدَّةُ اَلْقَلْبِيَّةُ، وَاَلْسَّكَنُ ، إِلَّاْ إِذَاْ كَاْنَ زَوَاْجَاً مُبَاْرَكَاً ، وَلَنْ يَكُوْنَ اَلْزَّوَاْجُ مُبَاْرَكَاً إِلَّاْ إِذَاْ كَاْنَ وُفْقَ شَرْعِ اَللهِ U ، خَاْلِيَاً مِنْ اَلْمُخَاْلَفَاْتِ اَلَّتِيْ تُغْضِبُ اَللهَ U ، مُوَاْفِقَاً لِمَاْ جَاْءَ فِيْ سُنَّةِ رَسُوْلِ اَللهِ e .
يَسْتَحِيْلُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - أَنْ يَجْعَلَ اَللهُ U بَرَكَتَهُ فِيْ زَوَاْجٍ يُخَاْلَفُ فَيْهِ مَاْ أَمَرَ بِهِ، وَيُرْتَكَبُ مِنْ خِلَاْلِهِ مَاْ نَهَىْ عَنْهُ . بَرَكَةُ اَللهِ U لَاْ تَكُوْنُ فِيْمَاْ حَرَّمَ سُبْحَاْنَهُ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( إِنَّ اَللهَ يَغَاْرُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَاْ حَرَّمَ عَلَيْهِ )) فَفِعْلُ مَاْ حَرَّمَ اَللهُ U فِيْ اَلْزَّوَاْجِ وَفِيْ غَيْرِهِ، مَدْعَاْةٌ لِمَقْتِ اَللهِ وَغَضَبِهِ، وَنِقْمَتِهِ وَعَذَاْبِهِ. } وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
إِنَّ اِرْتِفَاْعَ نِسَبِ اَلْطَّلَاْقِ، وَضَنْكَ مَعِيْشَةِ بَعْضِ اَلْأُسِرِ، وَفَسَاْدَ اَلْذُّرِّيَةِ، وَكَثْرَةَ اَلْمَشَاْكِلِ اَلْزَّوْجِيَةِ ، وَاَلْحِقْدَ وَاَلْبُغْضَ وَاَلْكُرْهَ وَقَطِيْعَةَ اَلْرَّحِمِ ، نَتَيْجَةٌ مِنْ نَتَاْئِجِ نَزْعِ اَلْبَرَكَةِ مِنْ كَثِيْرٍ مِنْ اَلْزَّوَاْجَاْتِ، لِكَوْنِهَاْ تُبْنَىْ وَبُنِيَتْ عَلَىْ غَيْرِ مَاْ يُرْضِيْ اَللهَ U، وَاَلْمُشْكِلَةُ وَاَلْكَاْرِثَةُ - أُيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - أَنَّ كَثِيْرَاً مِنَ اَلْنَّاْسِ، صَاْرَتْ عِنْدَهُمْ بَعْضُ اَلْمُحَرَّمَاْتِ مِنَ اَلْأُمُوْرِ اَلْمُسَلَّمَةِ ، اَلَّتِيْ لَاْ يُمْكِنُ أَنْ يَتِمَّ اَلْزَّوَاْجِ إِلَّاْ بِهَاْ ، وَلَاْ يَكْمُلُ وَلَاْ يَصِيْرُ لَهُ قِيْمَةٌ إِلَّاْ بِفِعْلِهَاْ ، وَعَلَىْ سَبِيْلِ اَلْمِثَاْلِ : مُرَاْعَاْةُ مَاْ يَقُوْلُهُ اَلْنَّاْسَ ، فَصَاْرَ بَعْضُهُمْ يَخَاْفُ مِنَ اَلْنَّاْسِ وَمِنْ كَلَاْمِهِمْ، أَكْثَرَ خَوْفَاً مِنْ اَللهِ U، وَهَذَاْ مِمَّاْ جَعَلَهُمْ يَقَعُوْنَ بِمَاْ حَرَّمَ اَللهُ، كَاَلْإِسْرَاْفِ وَاَلْتَّبْذِيْرِ، وَاَلْإِخْتِلَاْطِ وَاَلْتَّصْوِيْرِ وَاَلْغِنَاْءِ، وَاَلْسَّفَرِ إِلَىْ بِلَاْدِ اَلْتَّبَرِّجِ وَاَلْسُّفِوْرِ، وَاَلْبِدَعِ وَاَلْخُمُوْرِ، دُوْنَ عِلْمٍ يَقِيْهُمُ اَلْشُّبَهَاْتِ، وَلَاْ دِيْنٍ يَمْنَعُهُمْ مِنَ اَلْشَّهَوَاْتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّاْ يَفْعَلُهُ ضِعَاْفُ اَلْإِيْمَاْنِ، اَلَّذِيْنَ يَصْدِقُ عَلِيْهِمْ قَوْلُهُ U: } يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً { ، فَنَزْعُ اَلْبَرَكَةِ مِنْ زَوَاْجٍ هَذِهِ حَاْلُهُ ، أَمْرٌ طَبِيْعِي، وَسُنَّةٌ رَبَّاْنِيَةٌ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا ، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا ، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا )) مِنْ يُمْنِهَاْ : أَيْ مِنْ بَرَكَتِهَاْ . (( تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا )) أَيْ : سُهُوْلَةَ طَلَبِ زَوَاْجِهَاْ مِنْ وَلِيِّهَاْ ، وَسُهُوْلَةَ مُوَاْفَقَتِهِ عَلَىْ ذَلِكَ، (( وَتَيْسِيرَ صَدَاْقِهَا )) أَيْ : عَدَمَ اَلْمُغَاْلَاْةِ فِيْهِ، وَتَكْلِيْفُ اَلْزَّوْجِ فَوْقَ طَاْقَتِهِ فِيْ تَحْصِيْلِهِ ، (( وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا ))، أَيْ : لِلْوُلَاْدَةِ ، بِأَنْ تَكُوْنَ سَرِيْعَةَ اَلْحَمْلِ كَثِيْرَةَ اَلْنَّسْلِ. فَإِذَاْ لَمْ يَحْدُثْ اَلْاِلْتِزَاْمُ بِمَنْهَجِ اَللهِ U، وَسُنَّةِ رَسُوْلِهِ r، تُنْزَعُ اَلْبَرَكَةَ مِنْ هَذَاْ اَلْزَّوَاْجِ ، وَتَكُوْنُ عَوَاْقِبَهُ وَخِيْمَةٌ ، وَثِمَاْرَهُ ذَاْتُ غَصَّةٍ أَلِيْمَةٍ. يَقُوْلُ اَلَّذِيْ جَعَلَ اَللهُ اَلْحَقَّ عَلَى لِسَانِه وَقَلْبِهِ، عُمُرُ بِنُ اَلْخَطَّاْبِ t: إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُغَالِى بِمَهْرِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَبْقَى عَدَاوَةً فِي نَفْسِهِ ، فَيَقُولُ : لَقَدْ كُلِّفْتُ لَكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. أَيْ تَحَمَّلْتُ لأَجْلِكِ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّىْ اَلْحَبْلِ اَلَّذِيْ تُعَلَّقُ بِهِ اَلْقِرْبَةِ. وَقَدْ صَدَقَ t، فَمَاْ أَكْثَرُ اَلَّذِيْنَ يَكْرَهُوْنَ زَوْجَاْتِهِمْ، وَيَكْرَهُوْنَ أَهْلَهُنَّ وَمَنْ عَرَّفَهُمْ بِهِمْ، بِسَبَبِ مَاْ تَحَمَّلَتْ أَعْنَاْقُهُمْ بِسَبَبِهِنَّ، وَبِسَبَبِ مَاْ تَسَبَّبَ فِيْ تَعَاْسِتِهِمْ وَشَقَاْئِهِمْ. وَلَاْ شَكَّ أَنَّ هَذَاْ نَتِيْجَةٌ مِنْ نَتَاْئِجِ نَزْعِ اَلْبَرَكَةِ - نَسْأَلُ اَللهَ اَلْسَّلَاْمَةَ وَاَلْعَاْفِيَةَ - .
فَلْنَتِقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ - وَلَنَحْذَرَ اَلأسْبَاْبَ اَلَّتِيْ تَمْنَعُ بَرَكَةَ اَللهِ U .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ
} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { .
بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
وَمِمَّاْ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِيَّةِ اَلْبَرَكَةِ فِيْ اَلْزَّوَاْجِ ، وَثِمَاْرِهَاْ اَلْيَاْنِعَةِ اَلْنَّاْفِعَةِ ، مَاْ رَوَاْهُ أَنَسٌ t فِيْ أَحَاْدِيْثَ صَحِيْحَةٍ ، يَقُوْلُ t : كَاْنَ اِبْنٌ لِأَبِيْ طَلْحَةَ t يَشْتَكِيْ ، فَخَرَجَ أَبُوْ طَلْحَةَ فَقُبِضَ اَلْصَّبِيُّ ، أَيْ مَاْتَ ، فَقَاْلَتْ أُمُّهُ أُمُّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِأَهْلِهَاْ : لَاْ تُحَدِّثُوْا أَبَاْ طَلْحَةَ بِاِبْنِهِ ، حَتَّىْ أَكُوْنَ أَنَاْ أُحَدِّثُهُ ، فَلَمَّاْ رَجَعَ أَبُوْ طَلْحَةَ ، قَاْلَ : مَاْ فَعَلَ اِبْنِيْ؟ قَاْلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مَاْ كَاْنَ عَلِيْهِ ، فَقَرَّبَتْ لَهُ اَلْعَشَاْءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنُ مَاْ كَاْنَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَاْ، فَلَمَّاْ رَأَتْ أَنُّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَاْبَ مِنْهَاْ ، قَاْلَتْ: يَاْ أَبَاْ طَلْحَةَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَاْرُوْا عَاْرِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ ، فَطَلَبُوْا عَاْرِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوْهُمْ ؟ قَاْلَ: لَاْ ، قَاْلَتْ: فَاَحْتَسِبْ اِبْنَكَ ، قَاْلَ: فَغَضِبَ، وَقَاْلَ: تَرَكْتِيْنِيْ حَتَّىْ تَلَطَّخْتُ ، ثُمَّ أَخْبَرْتِيْنِيْ بِاِبْنِيْ ، فَاَنْطَلَقَ حَتَّىْ أَتَىْ رَسُوْلَ اَللهِ r فَأَخْبَرَهُ بِمَاْ كَاْنَ ، فَقَاْلَ r : (( أَعْرَسْتُمُ اَلْلَّيْلَةَ ؟ )) قَاْلَ أَبُوْ طَلْحَةَ: نَعَمْ ! قَاْلَ r : (( بَاْرَكَ اَللّهُ لَكُمَاْ فِيْ غَاْبِرِ لَيْلَتِكُمَاْ )) ، قَاْلَ : فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ، فَوَلَدَتْهُ لَيْلاً ، وَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ r، فَحَمَلْتُهُ غُدْوَةً وَمَعِي تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ ، فَوَجَدْتُهُ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ أَوْ يَسِمُهَا ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتِ اللَّيْلَةَ، فَكَرِهَتْ أَنْ تُحَنِّكَهُ حَتَّى يُحَنِّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ r ، فَقَالَ: r (( أَمَعَكَ شَىْءٌ؟ )). قُلْتُ تَمَرَاتُ عَجْوَةٍ. فَأَخَذَ بَعْضَهُنَّ ، فَمَضَغَهُنَّ ، ثُمَّ جَمَعَ بُزَاقَهُ فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ ، فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ فَقَالَ r: (( حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ )). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِّهِ. قَالَ: (( هُوَ عَبْدُ اللَّهِ )) . يَقُوْلُ أَحَدُ اَلْصَّحَاْبَةِ - رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِيْنَ - : إِنَّهُ وُلِدَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَزَوْجِهَاْ، مِنْ تَلْكَ اَلْلَّيْلَةِ: عَبْدُ اَللَّهِ بِنْ أَبِىْ طَلْحَةَ ، فَكَاْنَ لِعَبْدِ اَللهِ ، عَشْرَةٌ مِنْ اَلْوَلَدِ ، كُلُّهُمْ قَدْ حَفِظَ اَلْقُرَّآنَ اَلْكَرِيْم، هَذِهِ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - نَتِيْجَةُ اَلْزَّوَاْجِ اَلْمُبَاْرَكِ .
أَسْأَلُهُ سُبْحَاْنَهُ أَنْ يُبَاْرِكَ لَنَاْ فِيْمَاْ أَعْطَاْنَاْ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَاْ مُبَاْرَكِيْنَ أَيْنَمَاْ كُنَّاْ إِنَّهُ سُمِيْعٌ مُجِيْبٌ. أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ، فَقَاْلَ U مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاْ: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلْإِمَاْمُ أَحْمَدُ وَاَلْنَّسَاْئِيُ، يَقُوْلُ r : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ )) فَاَلْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرِكْ، عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّد، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُوْدِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ ، وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
الْلَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ الإِسْلَاْمِ وَعِزَّ المُسْلِمِيْنَ ، الْلَّهُمَّ احْمِيْ حَوْزَةَ الدِّيْنِ ، وَاجْعَلْ هَذَاْ الْبَلَد آمِنَاً مُطْمَئِنَّاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ المُسْلِمِيْن. الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وِلَاْةَ أُمُورِ المُسْلِمِيْن لِهُدَاْكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ بِرِضَاْكَ ، وَارْزُقْهُم الْبِطَاْنَةَ الْصَّاْلِحَةَ وَأَبْعِدْ عَنْهُم بِطَاْنَةَ الْسُّوءِ يَاْرَبَّ الْعَاْلَمِيْن .
الْلَّهُمَّ مِنْ أَرَاْدَ الإِسْلَاْمَ وَالمُسْلِمِيْنَ بِسُوْءٍ الْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ تَدْمِيْرَاً لَهُ يَاْرَبَّ الْعَاْلَمِيْن . الْلَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوْبَنَاْ، وَتَسْتُرَ عُيُوْبَنَاْ ، وَتَهْدِيْ قُلُوْبَنَاْ، وَتَشْفِيْ مَرْضَاْنَاْ ، وَتَرْحَمْ مَوْتَاْنَاْ ، وَتُسَدِدْ دُيُوْنَنَاْ، وَتَعَاْفِيْ مَنِ ابْتَلَيْتَهُ مِنَّاْ بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّاْحِمِيْن . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|