التحذير من مكر الكفار
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده، ورسوله صلى الله وسلم عليه آله وصحبه أجمعين .
أما بعد عباد الله: اتقوا الله تعالى، وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه .
عباد الله ما أحوج أمّة الإسلام في هذا الزمن الذي تكاثرت فيه الشرور وتعددت فيه المصائب والمحن، وتكالبت فيه الأعداء كيدا، ومكرا بالإسلام وأهله .
ما أحوج أمة الإسلام في هذا الزمن إلى يقظة إيمانية يبصرون بها مواطن الخلل، والتقصير، وينظرون خلالها إلى كيد الكفار، ومكرهم الكبّار ، ومؤامراتهم، وتخطيطاتهم، وتدبيراتهم، وغاراتهم للقضاء على الإسلام، وأهله {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} التوبة32 ، وتنوعت أساليبهم في ذلك، في غارات شنيعة شديدة متنوعة بقية القضاء على الإسلام، والإجهاز على المسلمين غارات مسلحة، وغزو فكري، وحروب أخلاقية، وغزو عاطفي منوع .
فإذا تأملنا عباد الله في غزو الكفار المسلح فإننا نرى ذلك شاهد عيان بين وقت وآخر تشعل حروب شرسة، وكلما طفئت الحرب في مكان أشعلت في مكان آخر للقضاء على قوة الإسلام وأبناء المسلمين وللقضاء على مقوماتهم، ومقدراتهم، وممتلكاتهم ليكون أهل الإسلام في ضعف ووهن وقلة عدة وعدد .
وإذا نظرنا إلى الغزو الفكري فإنه أشد وأنكى فهي حروب شرسة أشعلها الكفار بغية خلخلة عقول المسلمين، والعبث في أفكارهم لتتنحى من قلوب أهل الإسلام عقيدة راسخة، وإيمانا قويما بالله تبارك وتعالى وبما أمرهم جل وعلا بالإيمان به، ولإبعادهم عن إيمانيات ملئت القلوب وعقائد صحيحة زانت بها النفوس إلى انحراف مشين، وإلى تيه، وضلال فما أكثر ما يكيد الكفار في هذا الباب، ولاسيما الوسائل المتاحة في هذا الزمان لنشر المعلومات السريعة، ولإيصال الأفكار بأقرب طريق وأيسر سبيل، وها هي القنوات الفاضحة، والمجلات الهابطة، والمواقع الآثمة تنشر في عقول الشباب، والناشئة أفكارا هدامة، وأمورا ملوثة تتطيح بالعقائد وتزيل الإيمان، وتجعل الشاب ينشأ محتارا متشككا ، إما مائلا إلى عقائد الكفار وأديانهم، أو شاكا زائغا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} وقال تعالى : {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} وقال تعالى : {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} (القلم 9) والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وأما الغزو في جانب الأخلاق فما أشنعه، وما أفظعه، وما أكثر عبث الكفار الآن بأخلاقيات كثير من المسلمين في محاولات شنيعة للإطاحة بالأخلاق الإسلامية، والآداب المرعية لجعل الشباب، والناشئة يعيشون في مرتع الشهوات البهيمية دون نظر إلى دين، أو قيم، أو مبادئ، أو أخلاق بحيث لا يكون للشاب همٌ إلا إشباع غرائزه البهيمة، وشهواته الحيوانية، غير مراع إلى دين ولا قيم، ولا لآداب ولهذا يخطط الكفار في هذا المجال تخطيطا شنيعا شديدا من خلال ما يبثونه من أفلام هابطة، وصور ماجنة، وأغانٍ خليعة تحرك في النفوس الشهوات الآثمة، والنزغات البهيمية، ومن ركن إلى هؤلاء مستمعا بأذنه ناظرا بعينه أفسدوا أخلاقه أيما أفساد .
وأما غزوهم العاطفي فهو نوع من المكر آخر أرادوا من خلاله أن يصبغوا أنفسهم لأهل الإسلام أنهم أهل عطف، ورحمة وسعي في تحقيق المصالح العامة، والمكاسب المتنوعة فيجرون الرماد في العيون؛ ليغفل أهل الإسلام عن مكر وكيد كبار من هؤلاء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ} الممتحنة 1
عباد الله: أما آن لأمة الإسلام إلى يقظة حقيقية، إلى يقظة إيمانية، ينظرون فيها شباب وشيبا نساء ورجلا صغارا وكبارا إلى مكمن الداء وموطن البلاء وموضع الخلل، ليتسنى له من خلال ذلك إلى معالجة صادقة للداء، وسعي حثيث في تحقيق ما يكون به العز، والتمكين والنصر على الأعداء .
عباد الله: النصر من الله جل وعلا وهو جل وعلا إنما ينصر من ينصره ولهذا لا بد في هذا المقام العظيم من عودة صادقة إلى الله جل وعلا يكون فيها تحقيق العبودية لله، وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقامة للإخلاص، إخلاص العمل لله جل وعلا، وصدق العزيمة في تحقيق شرعه، والإنابة عليه وبعدا عن الآثام، والذنوب والتي هي أساس في الردى، والهلاك فإن الذنب قد يسهل في عين الإنسان، ويكون من أعظم أسباب الهزيمة، ولنا عبرة، وعظة في قول الله تبارك وتعالى {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ }آل عمران165
عباد الله: ما أحوجنا إلى الله إلى أن ننظر في أنفسنا وأحوالنا، وما كثر تقصيرنا في جناب ربنا، وطاعته جل وعلا وما أكثر الخلل عندنا فما أحوجنا إلى نظرة فاحصة متأملة متبصرة في واقعنا وأنفسنا وحالنا مع الله، ومع دين الله سبحانه وتعالى مع قيامنا بواجبات الدين وفرائضه .
عباد الله: مساجد المسلمين تشتكي إضاعة الفرائض لم يستطع كثير من أهل الإسلام الإنتصار على أنفسهم في كثير من فرائض الإسلام، والبعد عن الكبائر، والآثام فكيف يكون لمثل هذا نصر على الأعداء من لم ينتصر على نفسه للقيام بصلاة الفجر كيف يكون أهلا بأن ينتصر على عدوه والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله من لم يستطع أن ينتصر على نفسه الأمارة بالسوء، ولم يستطع أن ينصر على الشيطان الذي يدعو إلى الفحشاء والمنكر سيكون لقمة سائغة سهلة للأعداء أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ، لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} النور55 ، 56، 57 .
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعني وإياكم من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد عباد الله، اتقوا الله تعالى؛ لقد جاء في سنن أبي داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال : اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .
وثبت في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ{ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا{ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } .
عباد الله : " حَسْبُنَا اللَّهُ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " كلمة جديرة أن تتردّد على لسان كل مسلم مع استشعار معناها وعقل دلالتها وتحقيق مقصودها بقوة الثقة بالله وتمام التوكل على الله وحسن الالتجاء إلى الله {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ }الزمر36 { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }الطلاق3
ولهذا ـ عباد الله ـ علينا أن نكون في أمورنا كلها متوكلين على الله صادقين في ثقتنا بالله أن يعز الإسلام، وأهله، وأن يذل الشرك والمشركين، وأن يدمر أعداء الدين، وأن يحسن التوجه إليه بدعوات صادقة، ورجاء، وسؤال، وطمع من الله جل وعلا ذي العطاء، والنوال وهو جل وعلا لا رد عبدا دعاه، ولا يخيب مؤمنا ناجاه إلهانا وربنا ورجاءنا وسيدنا ومولانا ونصيرنا ومعيننا .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم .
اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في فلسطين وفي كل مكان ، الله كن لهم ناصرا، ومعينا، وحافظا، ومؤيدا اللهم أعنهم، ولا تعن عليهم وأمكر لهم ولا تمكر عليهم وانصرهم ولا تنصر عليهم وأهدهم ويسر الهدى لهم .
اللهم أنصرهم على من بغى عليهم اللهم أنصرهم على من بغى عليهم اللهم أنصرهم على من بغى عليهم
اللهم عليك باليهود المعتدين المجرمين الغاصبين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك .
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .
اللهم منزل الكتاب مجري السحاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزم اليهود وزلزلهم، اللهم خالف بين قلوبهم اللهم شتت شملهم اللهم ألق الرعب في قلوبهم اللهم أجعل عليهم دائرة السوء إله الحق اللهم أجعل تدبيرهم تدميرهم يا حي يا قيوم .
اللهم قاتل الكفرة الذي يصدون عن دينك ويقاتلون أوليائك ويكذبون رسلك اللهم أنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق .
اللهم آمنا في أوطاننا أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين .
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك وأجعل عمله في رضاك .
اللهم وفق جميع قادة المسلمين إلى ما في عز الإسلام والمسلمين يا رب العالمين .
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها أولها وآخرها سرها وعلنها .
اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا.
اللهم أسقنا وأغثنا اللهم أسقنا وأغثنا اللهم أسقنا وأغثنا .
اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين .
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر، وأغث إخواننا المسلمين المستضعفين بالنصر والتمكين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وتفضل أخي الخطيب لزيارة ركن خطب الشيخ عبدالرزاق البدر في روضة الخطب :
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=99
|