الشرير ومحاولة اغتيال الأمير
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي } لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ { .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وبعظيم سلطانه ، تعالى عن الصاحبة والوالد والولد .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد ، عباد الله :
أتقوا الله U : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ { } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ { } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً { } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً { جعلني الله وإياكم من عباده المتقين .
أيها الأخوة المؤمنون :
سمعتم ورأيتم ، عبر وسائل إعلامنا ، ما حدث في هذا الشهر العظيم ، على أيدي خوارج هذا الزمان ، وما قاموا به ، لرجل من رجال أمننا ، بل لرمز من رموز ولاة أمرنا ، من خلال عملية فاشلة ، وكما قال تبارك وتعالى : } وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ { وهو أمر لا يستغرب ـ أيها الأخوة ـ فهؤلاء أخبر عنهم النبي r كما في حديث البخاري : (( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )) وفكرهم باق إلى يوم القيامة ، فكرهم ـ أيها الأخوة ـ الذي جعلهم يتهمون النبي الأمين r بعدم العدل ، والذي جعلهم يقتلون ثالث الخلفاء الراشدين ـ عثمان بن عفان ـ والذي جعلهم يكفرون علي بن أبي طالب t ـ رابع الخلفاء الراشدين ، فكر باق إلى يوم القيامة ، يقول النبي r كما في الحديث المرفوع عن أبي برزة الأسلمي : )) لايزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال )) .
فقضية الخوارج ليست قضية أشخاص معينين ، تنتهي بسجنهم أو قتلهم ، إنما هي قضية فكر ومنهج ، قضية منهج فاسد بني على فكر منحرف ، يتوارثونه ويتعلمونه ويتلقونه من زعمائهم ، ممن يسمونهم بالمشايخ المجاهدين ، والمفكرين الإسلاميين ، ورجال الميدان ، والمربين الناصحين ، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم .
أيها الأخوة :
إن هذه الحادثة ، التي استهدفت رجلاً يعمل على حفظ أمن هذه البلاد ، تجعل من كان في شك من ضلال هؤلاء ، يتيقن بأن هؤلاء ، منحرفون عن الدين الصحيح ، وبأنهم كما وصفهم النبي r : (( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ))
وما ذا يرجى من أناس يكذبون ويغدرون ويقتلون ! أي دين هذا ؟
هل من الدين أن يقتل أحدهم نفسه ، ليقتل مسلما يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله !
هل من الإسلام أن يتقرب أحدهم إلى الله U في شهر رمضان ، بأن يفجر نفسه ليزهق أنفسا بريئة ، ويريق دماء معصومة . أي دين هذا ـ أيها الأخوة ؟
إن الدين لبريئ من أفكارهم ومن أعمالهم .
نعم ! في الحديث الصحيح يقول النبي r : (( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة ، وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعون في النار وواحدةٌ في الجنة ، والذي نفسُ محمدٍ بيده ، لتفترقنّ أُمتي على ثلاث وسبعين فرقةً ؛ فواحدةٌ في الجنةِ ، واثنتان وسبعون في النار )) ، ولما سأل r عن هذه الواحدة التي هي في الجنة ، قال r : (( هم الذين على ما أنا عليه اليوم وأصحابي )) .
هل فجّر الصحابة أنفسهم ليقتلوا ولاة أمرهم ؟ لا والله ! لأن الله U يقول : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ { فأمر بطاعتهم ليس بتقتيلهم !
لأن القتل جريمة عظيمة ، حتى ولو كان في إنسان عادي ، فكيف إذا كان لرجل على ثغرة لحفظ مقدسات المسلمين ، وأمن مهبط وحيهم ، وحجاج بيت الله الحرام ، وأطهر بقعة على وجه الأرض ،
إن محاولة قتل مثله في الدين لعظيمة ، يقول تبارك وتعالى : } وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً {
سبحان الله ! أين عقول هؤلاء ؟ صدق الله العظيم : } فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ { ،
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
أيها المسلمون :
إن انحراف الفكر مصيبة عظيمة ، وكارثة خطيرة ، يبتلى بها كثير من الناس ، ولها نتائج سيئة ، هي التي جعلت اليهود ، يغضب الله عليهم ، وهي التي جعلت النصارى ، ينعتون بالضلال إلى يوم القيامة ، وهي التي جعلت البقر والشجر والنار ، آلهة تعبد من دون الله ، وهي التي جعلت الرافضة يلعنون الأتقياء ، ويتكلمون في أعراض الشرفاء ، ويخونون الأمناء ، وهي التي جعلت بعض المسلمين ، يجلدون أنفسهم حتى تسيل دماؤهم ، وهي أيها الأخوة ، التي جعلت هؤلاء ، يفجرون أنفسهم ليزهقوا أرواحهم وأرواح غيرهم من المسلمين .
فلنحمد الله U أيها الأخوة ، الذي عافانا مما ابتلاهم ، ولنحذرهم ونحذر منهم ، ولا تأخذنا رأفة بهم ، ولنكن حول ولاة أمرنا ، ومعهم يدا واحدة ، نتقرب إلى الله U بمحبتهم وبالسمع والطاعة لهم ، وننبذ ونمقت ونبغض من أراد الخروج عليهم .
أسأل الله U أن يحفظ لنا أمننا وديننا وولاة أمرنا ، اللهم من أرادنا بسوء اللهم اشغله بنفسه ، واجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره سببا لتدميره يا رب العالمين ، اللهم في هذا الشهر العظيم ، وللصائم دعوة مستجابة ، اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا واستعمل علينا خيارنا واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين .
اللهم اجعلنا في هذا الشهر المبارك ، من عتقائك من النار ، اللهم اعتق رقابنا من النار ، ورقاب آبائنا وأمهاتنا يا أرحم الراحمين . اللهم إن للصائم دعوة مستجابة ، فاللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا ، وتستر عيوبنا ، وتهدي قلوبنا ، وتشفي مرضانا ، وترحم موتانا ، وتسدد ديوننا ، وتعافي من ابتليته منا برحمتك يا أرحم الراحمين.
] رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [ .
عباد الله :
] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [
فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
|