لِلْجُهَّاْلِ بِأَسْبَاْبِ اَلْزِلْزَاْلِ
الْحَمْدُ للهِ ؛ ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاعْلَمُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِهِ ، وَجَزِيلِ فَضْلِهِ ، وَتَمَامِ كَرَمِهِ ؛ يَبْتَلِي عِبَادَهُ وَيَخْتَبِرُهُمْ وَيُذَكِّرُهُمْ ؛ لِتَسْتَيْقِظَ نُفُوسٌ غَافِلَةٌ ، وَلِتَلِينَ قُلُوبٌ قَاسِيَةٌ ، وَلِتَدْمَعَ أَعْيُنٌ جَامِدَةٌ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ ، أَيْ: لَعَلَّهُمْ يُرَاجِعُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيَسْتَيْقِظُونَ مِنْ غَفْلَتِهِمْ .للجهال وَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ . يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- : ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ ﴾ ؛ عَذَابٌ مِنَ السَّمَاءِ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : نَكْبَةٌ ، أَيْ : تُصِيبُهُمْ نَكْبَةٌ . الْمُؤْمِنُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ ، إِيمَانُهُ وَتَصْدِيقُهُ بِقُدْرَةِ خَالِقِهِ ، تَجْعَلُهُ يَعْتَبِرُ وَيَتَّعِظُ بِمَا يَرَى وَيَقَعُ مِنْ حَوْلِهِ ، وَكَمَا قِيلَ : السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ . أَمَّا ضِعَافُ الْإِيمَانِ ، فَحَالُهُمْ كَحَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ مَهْمَا أَصَابَهُمْ مِنْ قَوَارِعَ ، وَمَهْمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ حَوَادِثَ وَكَوَارِثَ ، أَوْ حَلَّ قَرِيبًا مِنْهُمْ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَّعِظُونَ وَلَا يَعْتَبِرُونَ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ ، ابْتَلَاهُمُ اللهُ بِالسِّنِينَ ، سِنِي الْجُوعِ بِسَبَبِ قِلَّةِ الزَّرْعِ ، يَقُولُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ : كَانَتِ النَّخْلَةُ لَا تَحْمِلُ إِلَّا ثَمَرَةً وَاحِدَةً ، ابِتَلَاءً مِنَ اللهِ ، وَالْهَدَفُ مِنْ هَذَا الِابْتِلَاءِ ؛ ﴿ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ فَهَلْ تَذَكَّرُوا ؟ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ أَيْ : لَمَّا جَاءَهُمُ الْخَصْبُ وَالرِّزْقُ ، ﴿ قَالُوا لَنَا هَذِهِ ﴾ يَعْنِي : هَذَا بِمَا نَسْتَحِقُّهُ ، ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾ ، يَأْتِيهِمُ الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ ، وَيَتَوَقَّفُ عَنْهُمُ الْمَطَرُ : ﴿يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ﴾ يَقُولُونَ : هَذَا بِسَبَبِ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ، فَيَجْعَلُونَ مُوسَى هُوَ السَّبَبَ بِمَا أَصَابَهُمْ مِنْ قَحْطٍ وَجَدْبٍ ، وَمَاْ أَكْثَرَ اَلَّذِيْنَ يَنْسُبُوْنَ مَاْبِهِمْ مِنْ خَيْرٍ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَمَاْ يَحُلُّ بِهِمْ مِنْ نِقَمٍ وَسُوْءٍ إِلَىْ غَيْرِهِمْ . وَمِنَ الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ، إِذَا تَمَادَى النَّاسُ بِطُغْيَانِهِمْ ، وَغَرِقُوا فِي مَعَاصِيهِمْ وَآثَامِهِمْ ، ضَيَّقَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَصَابَهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ النَّقْصِ ، لَعَلَّهُمْ يَنْتَبِهُونَ وَيَتُوبُونَ وَإِلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَرْجِعُونَ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ أَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ : يَعْنِي : بِالْفَقْرِ وَالضِّيقِ فِي الْعَيْشِ ، يَعْجَزُ أَحَدُهُمْ عَنْ مَعِيشَتِهِ وَمَعِيشَةِ أَطْفَالِهِ ، وَالضَّرَّاءُ : يَعْنِي الْأَمْرَاضَ وَالْأَسْقَامَ وَالْآلَامَ ، تَكْثُرُ فِيهِمُ الْأَمْرَاضُ ، وَتَنْتَشِرُ بَيْنَهُمْ بِكَثْرَةٍ ، لِمَاذَا ؟ قَالَ تَعَالَى : ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ ، فُرْصَةٌ لَهُمْ ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى خَالِقِهِمْ ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ غَيِّهِمْ ، وَيَتُوبُوا عَنْ إِعْرَاضِهِمْ ، ابْتَلَاهُمْ بِنِعَمِهِ عَلَيْهِمُ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ ، ثُمَّ أَخَذَهُمْ عَلَى غِرَّةٍ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ، يَعْنِي : عَلَى غَفْلَةٍ ، فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَوَقَّعُوهُ ، قَدْ يَكُونُ هَذَا الْوَقْتُ وَهُمْ نَائِمُونَ ، وَقَدْ يَكُونُ ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ . وَهَذَا الْعَذَابُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَقْتُهُ أَيْضًا قَدْ لَا يُعْرَفُ مَا نَوْعُهُ ، قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُتَوَقَّعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ . فَاَتَّقُوْا اَللهَ ـ عِبَاْدَ اَللهِ ـ وَاَحْذَرُوْا مَاْ يُغْضِبُ اَللهُ ، خَاْفُوْا عِقَاْبَهُ ، وَتَجَنَّبُوْا عَذَاْبَهُ بِأَدَاْءِ فَرَاْئِضِهِ وَاَجْتِنَاْبِ مَعَاْصِيْهِ، وَاَلْعَمَلِ بِمَاْ يُقُرِّبُ إِلَيْهِ سُبْحَاْنَهُ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : وَمِنَ الْقَوَارِعِ الْعِظَامِ ، وَالْحَوَادِثِ الْجِسَامِ ، الَّتِي يُذَكِّرُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهَا عِبَادَهُ ، إِمَّا بِإِصَابَتِهِمْ بِهَا مُبَاشَرَةً ، أَوْ بِوُقُوعِهَا بِالْقُرْبِ مِنْ دَارِهِمْ ، هَذِهِ الزَّلَازِلُ ، الَّتِي تُصِيبُ النَّاسَ عَلَى غِرَّةٍ ، فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِالْحُسْبَانِ ، قَدْ تَأْتِي لَيْلًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوْ فِي النَّهَارِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، وَمَاْ حَدَثَ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ فِيْ تُرْكِيَاْ وَسُوْرِيَّاْ ، لَدَلِيْلٌ عَلَىْ ذَلِكَ ، نَسْأَلُ اَللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَغْفِرَ لِمَيِّتِهِمْ ، وَيَشْفْيَ مُصَاْبَهُمْ ، فَمِنْ وَاْجِبِنَاْ اَلْدُّعُاْءُ لَهُمْ ، وَاَلْمُشَاْرَكَةُ بِمَاْ يَقُوْمُ بِهِ وُلُاْةُ أَمْرِنَاْ تُجَاْهَهُمْ ، بِمَاْ نَسْتَطِيْعُهُ وَنَقْدِرُ عَلَيْهِ ،﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ . وَهَذِهِ الزَّلَازِلُ أَخْبَرَ عَنْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهَا تَكْثُرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِسَبَبِ بُعْدِ النَّاسِ عَنْ خَالِقِهِمْ ، وَتَرْكِهِمْ لِشَرِيعَةِ رَبِّهِمْ ، يَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ » قَالُوا : وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : « الْقَتْلُ .. الْقَتْلُ » . فَالزَّلَازِلُ - إِخْوَتِي فِي اللهِ - يُحْدِثُهَا اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِتُحْدِثَ فِي نُفُوسِ عِبَادِهِ خَوْفًا وَخَشْيَةً وَإِنَابَةً ، وَلِيُقْبِلُوا عَلَى عِبَادِتِهِ ، وَلِيُقْلِعُوا عَنْ مَعَاصِيهِ ، يَقُولُ بَعْضُ السَّلَفِ لَمَّا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فِي عَهْدِهِ : إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ . وَفِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ؛ حَصَلَ زِلْزَالٌ فِي الْمَدِينَةِ ، فَقَامَ خَطِيبًا فِي أَهْلِهَا ، وَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ بِاللهِ ، وَقَالَ : لَئِنْ عَادَتْ لَا أُسَاكِنُكُمْ فِيهَا . فَلْنَتَّقِ اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ ، وَلْنَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى : ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُجَنِّبَنِي وَإِيَّاكُمُ الْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا مِنَ الزَّلَازِلِ وَالْمِحَنِ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ً ﴾ وَجَاءَ عَنْهُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ : « إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ » ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا » فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَتِهِ الْغُرَرِ ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ الْبَاقِينَ ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ انْصُرْ مَنْ نَصَرَ الدِّينَ ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ عِبَادَكَ الْمُخْلَصِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبَنَا ، وَأَنْ تُطَهِّرَ قُلُوبَنَا ، وَأَنْ تَسْتُرَ عُيُوبَنَا ، وَأَنْ تُعِفَّ عَنِ الْحَرَامِ فُرُوجَنَا ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين ﴾ ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ ، عِبَادَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، وَأَقِمِ الصَّلاةَ ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|