اَلْآثَاْمُ اَلْعَظِيْمَة فِيْ
اَلْغِيْبَةِ وَاَلْنَّمِيْمَةِ
الْحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ
وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ
أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا
هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاهْتَدَى
بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَصِيَّتُهُ
لِعِبَادِهِ ، وَوَصِيَّةُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِأُمَّتِهِ ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ
لِمَعَادِهِ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهَا فِي كِتَابِهِ
فَقَالَ : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - ،
وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّ ذِكْرَ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِمَا
يَكْرَهُ؛ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ شَرْعِيٍّ ، كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ،
وَجَرِيمَةٌ خَطِيرَةٌ حَذَّرَ مِنْهَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، وَهِيَ الْغِيبَةُ
الَّتِي نَهَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْهَا ، وَشَبَّهَ مَنْ تَوَرَّطَ بِهَا
؛ بِآكِلِ لَحْمِ الإِنْسَانِ الْمَيِّتِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
: ﴿وَلَا
يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ . وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ؛
قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ : كُنَّا عِنْدَ
رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ رَجُلٌ،
فَوَقَعَ فِيهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ -أَيِ: اغْتَابَهُ وَتَكَلَّمَ فِي عِرْضِهِ-،
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - لِهَذَا
الرَّجُلِ : « تَخَلَّلْ » أَيْ: نَظِّفْ أَسْنَانَكَ وَفَمَكَ مِنْ بَقَايَا
الطَّعَامِ، فَقَالَ: وَمِمَّ أَتَخَلَّلُ وَمَا أَكَلْتُ لَحْمًا؟! قَالَ ـ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ : « إِنَّكَ أَكَلْتَ لَحْمَ أَخِيكَ » .
وَهِيَ الْغِيبَةُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ
الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ - أَنَّ فِيهَا
دَلِيلًا عَلَى فَرَاغ الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ
الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ - : « يَا مَعْشَرَ مَنْ
آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لَا تَغْتَابُوا
الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ
عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ
يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ » .
لَا يَجُوزُ لَكَ - أَخِي الْمُسْلِمُ - أَنْ
تَذْكُرَ مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ ، إِلَّا بِدَافِعٍ شَرْعِيٍّ ،
كَتَظَلُّمٍ عِنْدَ مَنْ لَدَيْهِ قُدْرَةٌ لِإِنْصَافِكَ مِنْهُ ، أَوِ
اسْتِعَانَةٍ بِأَحَدٍ لِتَغْيِيرِ مُنْكَرٍ يَرْتَكِبُهُ ، أَوْ لِطَلَبِ فَتْوَى
مِنْ عَالِمٍ يَدُلُّكَ عَلَى طَرِيقٍ لِتَسْلَمَ مِنْ ظُلْمِهِ ، أَوْ نَاصِحٍ
لِمُسْلِمٍ لِتَحْذِيرِهِ مِنْ شَرِّهِ ، أَوْ يَكُونُ فَاسِقًا أَوْ مُبْتَدِعًا
مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ ، أَوِ التَّعْرِيفِ بِهِ بِلَقَبٍ لَا
يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ :
الذَّمُّ لَيْسَ
بِغِـــــــــــــــــــــــــيبَةٍ فِي سِـــتَّةٍ
مُتَظَلِّمٍ
وَمُعَـــــــــــــــــــــــــرِّفٍ وَمُحَذِّرِ
وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ
طَلَبَ
الْإِعَانَةَ فِي إِزَالَةِ مُنْكَرٍ
يَتَهَاوَنُ بَعْضُنَا بِشَأْنِ الْغِيبَةِ
وَهِيَ كَبِيرَةٌ خَطِيرَةٌ ، يَقُولُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا ،
وَأَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا
عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ » .
وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -
قَالَتْ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا - يَعْنِي: تَصِفُ ضَرَّتَهَا صَفِيَّةَ ،
قِيلَ أَنَّهَا تَصِفُهَا بِأَنَّهَا قَصِيرَةٌ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: « لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ
الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ » ، أَيْ: لَوْ خُلِطَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَغَيَّرتْ
لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ، وَهَذَا يُبَيِّنُ قُبْحَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَمَا
فِيهَا مِنَ الْغِيبَةِ .
فَلَانٌ قَصِيرٌ فُلَانٌ طَوِيلٌ فُلَانٌ
بَخِيلٌ ، هَذَا كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ غِيبَةٌ .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ
أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ ، يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وصُدُورَهُمْ ، فقُلْتُ : مَنْ
هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ
النَّاسِ ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ » .
فَالْغِيبَةُ حَرَامٌ وَكَبِيرَةٌ مِنْ
كَبَائِرِ الْآثَام، وَأُخْتُهَا النَّمِيمَةُ ، فَلَا تَقِلُّ خَطَرًا وَلَا
ضَرَرًا وَلَا جُرْمًا مِنْهَا ، وَهِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ لِلْإِفْسَادِ، وَزَرْعُ
الْأَحْقَادِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا تَجُوزُ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ ،
كَأَنْ تُخْبِرَ إِنْسَانًا بِإِنْسَانٍ يُرِيدُ الْفَتْكَ بِهِ أَوْ بِأَهْلِهِ
أَوْ بِمَالِهِ لِيَحْذَرَهُ ، أَوْ كَأَنْ تُخْبِرَ وَلِيَّ الْأَمْرِ بِمُفْسِدٍ
مُتَعَدٍّ فَسَادُهُ إِلَى غَيْرِهِ ، كَخَارِجِيٍّ أَوْ صَانِعِ خَمْرٍ ، أَوْ
مُرَوِّجِ مُخَدِّرَاتٍ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ، أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا
تَجُوزُ النَّمِيمَةُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : « لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ » . الْقَتَّاتُ ؛ هُوَ الَّذِي يَتَسَمَّعُ
إِلَى حَدِيثِ شَخْصٍ فَيَنْقُلُهُ إِلَى غَيْرِهِ بِقَصْدِ الْإِفْسَادِ
بَيْنَهُمَا ؛ أَيْ: نَمَّاْمٌ .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ
الْيَمَانِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا يَنِمُّ
الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : « لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ » .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا
الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ مَطِيَّةً لِلشَّيْطَانِ
وَلَا بَرِيدًا لَهُ .
أَسْأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا ،
وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ خَالِصًا وَسَلَامَةً دَائِمَةً إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ،
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ،
فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
&&&&& الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ &&&&&
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ
لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ آفَتَانِ مِنْ آفَاتِ
اللِّسَانِ، وَالرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ - يَقُولُ
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا
بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » ، فَعَلَى الْمُسْلِمِ - أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ - الَّذِي يُرِيدُ اللهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ أَنْ يَحْفَظَ
لِسَانَهُ مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ ، وَأَنْ يحَذْرَ الْأَسْبَابَ
وَالدَّوَافِعَ إِلَيْهِمَا ، وَمِنْ أَخْطَرِهَا : ضَعْفُ الْإِيمَانِ ، يَقُولُ
- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ » .
وَثَمَّ أَمْرٌ آخَرُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ -
يَدْفَعُ إِلَى الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ ، وَهُوَ إِرَادَةُ الْمُغْتَابِ أَوِ
النَّمَّامِ رِفْعَةَ نَفْسِهِ عِنْدَ سَامِعِيهِ ، فَلَا يَجِدُ سَبِيلًا إِلَى
ذَلِكَ إِلَّا تَنَقَّصَ الْآخَرِينَ ، وَأَذَاعَ أَسْرَارَهُمْ ، وَنَقَلَ مَا
يُخْفُونَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ ، فَيَقُولُ : فُلَانٌ قَالَ فِيكَ كَذَا وَكَذَا ؛
لِيُظْهِرَ لَهُ مَحَبَّتَهُ وَصِدْقَهُ وَإِخْلَاصَهُ ، أَوْ يَقُولُ فُلَانٌ
جَاهِلٌ لِيُبْرِزَ عِلْمَهُ ، وَفُلَانٌ بَخِيلٌ لِيُبْرِزَ كَرَمَهُ ، وَهَكَذَا
.
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاحْذَرُوا
الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ ، وَاحْذَرُوا مُجَالَسَةَ أَصْحَابِهِمَا ،
وَالْمُرَوِّجِينَ لَهُمَا ، أَنْكِرُوا عَلَى مَنْ تَوَرَّطَ بِهِمَا ، وَاللهِ
الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، إِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَرْضَى أَنْ يُفْعَلَ بَيْنَ
يَدَيْهِ وَفِي مَجْلِسِهِ مُخَالَفَةٌ صَغِيرَةٌ ، فَكَيْفَ بِارْتِكَابِ
كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ كَالْغِيبَةِ أَوِ النَّمِيمَةِ ، جَاءَ
رَجُلٌ إِلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ فِيكَ كَذَا
وَكَذَا، فَقَالَ : أَمَا وَجَدَ الشَّيْطَانُ بَرِيدًا غَيْرَكَ؟!
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ
الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمُ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ ،
وَالسَّيْرَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ،
وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ،
فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا ﴾ ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ
اللَّهُمَّ عَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ
وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ
الْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا
مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي
أَوْطَانِنَا ، وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ
وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ
الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَارْحَمْ
مَوْتَانَا وَعَافِ مُبْتَلَانَا ، وَاسْتُرْ عَوْرَاتِنَا ، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا
، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.
عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ،
وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ،
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي
تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |