القائمة الرئيسية احصائيات الزوار لهذا اليوم : 5609 بالامس : 5497 لهذا الأسبوع : 31530 لهذا الشهر : 137655 لهذه السنة : 2712997 منذ البدء : 17376836 تاريخ بدء الإحصائيات : 16-6-2013 |
خطبة رقم (52): باب احترام أسماء الله - تعالى - وتغيير الاسم لأجل ذلك. المادة خطبة رقم (52): باب احترام أسماء الله - تعالى - وتغيير الاسم لأجل ذلك. الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70 ، 71]. أما بعد: فاتقوا الله - أيها المسلمون - اتقوه في السر والعلن، فإن تقوى الله - عز وجل - سبب الأمن في الدنيا، والهداية في الآخرة: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]. عباد الله: أسماء الله - عز وجل - هي: التي سمى بها نفسه، أو سماه بها رسوله r، وأسماء الله - سبحانه - دالة على الكمال المطلـق، فالـواجب احترامـها وتعظيمها. وتنقسم من حيث حكم التسمي بها إلى قسمين: الأول: التسمي بأسماء الله المختصة به، مثل: (الله، الخالق) فهذه من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد. الثاني: التسمي بأسماء الله غير المختصة به التي سمي بها الخالق ويسمى بها المخلوق، فهذا لا بأس به. مثال ذلك: العزيز، الكريم، الحليم، فهذه أسماء مشتركة يجوز أن يُسمى بها المخلوق، ولكن يُعلم أنَّها ليست كأسماء الله - سبحانه وتعالى-، قال عز وجل: ﴿قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ﴾ [يوسف: 51]. عن أبي شريح، أنه كان يُكنى أبا الحكم، فقال النبي r: «إن الله هو الحكم، وإليه الحُكم» فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كل الفريقين، فقال: «ما أحسن هذا فما لك من الولد؟» قلت: شريح ومسلم وعبد الله؛ قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح» [رواه أبو داود وغيره]. استنكر النبي r على أبي شريح - t - تكنيه بأبي الحكم؛ لأن (الحَكَمْ) من أسماء الله - تعالى - الذي إذا حكم لا يُرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق إلا بالله؛ فهو - سبحانه - يحكم بين خلقه في الدنيا بشرعه الذي أنزله على رسله كما قال تعالى: ﴿وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: 41]. ويحكم بين عباده في الآخرة، فيجازي كل نفس بما كسبت: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 10]، فبين أبو شريح للرسول r سبب هذه التكنية وهي أنه كان يحكم بين قومه ويحل مشاكلهم، لأن مدار صلحه على الرضا، لا على الإِلزام، ولا على أحكام الكهان وأهل الكتاب، ولا إلى أوضاع الجاهلية، فيرضى كلا الفريقين بحكمه، فاستحسن الرسول r عمله ذلك إلا أنه غير الكنية احترامًا لأسماء الله - تعالى-. ويستفاد من هذه التسمية: أن من السُنة أن يكنى الرجل بأكبر أبنائه، وذلك من التكريم والاحترام للكبير. فالواجب على العبد التأدب مع أسماء الله ، سبحانه-، فلا يُسمى أحد بها، ومن سمى أو تكنى بها فعليه تغيير الاسم أو الكنية، احترامًا وإجلالاً لأسماء الله - سبحانه-، وهذا من كمال التوحيد. ولنستمع يا عباد الله إلى ذكر بعض محاسن ربنا - جل وعلا - المتمثلة في صفاته العليا وأسمائه الحسنى فمنها أنه: ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: 255] الذي لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم، «مالك السموات والأرض» الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. «العالم بكل شيء» الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلقهم، فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلع عليها الملك، ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلع عليه القلب. «البصير» الذي لكمال بصره يرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة وأعضاءها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبها على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويرى ما تحت الأرضين السبع كما يرى ما فوق السموات السبع، «السميع» الذي قد استوى في سمعه سر القول وجهره، وسع سمعه الأصوات، فلا تختلف عليه أصوات الخلق، ولا تشتبه عليه، ولا يشغله منها سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يبرمه كثرة السائلين. قالت عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها: «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله r وإني ليخفى عـلي بعض كلامها، فأنزل الله عز وجل: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: 1]». «القدير» الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويضل من يضاء، ويجعل المؤمن مؤمنًا، والكافر كافرًا، والبر برًا، والفاجر فاجرًا، وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمة يدعون إليه ويهدون بأمره، وجعل فرعون وقومه أئمة يدعون إلى النار. ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء - سبحانه - أن يُعلمه إياه، ولكمال قدرته خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب، ولا يعجزه أحد من خلقه ولا يفوته، ولكمال «غناه» استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والشفيع بدون إذنه إليه، ولكمال «عظمته وعلوه» وسع كرسيه السموات والأرض، ولم تسعه أرضه ولا سمواته ولم تحط به مخلوقاته، بل هو العالي على كل شيء وهو بكل شيء محيط، ولا تنفد «كلماته» ولا تبدل، ولو أن البحر يمده سبعة أبحر مدادًا وأشجار الأرض أقلامًا فكتب بذلك المداد وبتلك الأقلام لنفد المداد وفنيت الأقلام ولم تنفد كلماته، إذ هي غير مخلوقة، ويستحيل أن يَفْنَى غير المخلوق بالمخلوق. وهو - سبحانه - يحب رسله وعباده المؤمنين، ويحبونه، بل لا شيء أحب إليهم منه، ولا أشوق إليهم من لقائه، ولا أقر لأعينهم من رؤيته، ولا أحظى عندهم من قربه. وأنه - سبحانه - له «الحكمة البالغة» في خلقه وأمره، وله «النعمة السابغة» على خلقه، وكل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، وأنه أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وأنه أفرح بتوبة عبده من واجد راحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد فقدها واليأس منها، وأنه - سبحانه - لم يكلف عباده إلا وسعهم وما دون طاقتهم، وأنه - سبحانه - لا يعاقب أحدًا بغير ذنب فعله، ولا يعاقبه على فعل غيره، ولا يعاقبه بترك ما لا يقدر على فعله، ولا على ما لا قدرة له على تركه، وأنه حليم، كريم، واجد، محسن، ودود، صبور، شكور، يُطاع فيشكر، ويُعصى فيغفر، لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، ولا أحب إليه المدح منه، ولا أحب إليه العذر منه، ولا أحد أحب إليه الإِحسان منه، فهو مُحسن يحب المحسنين، شكور يحب الشاكرين، جميل يحب الجمال، طيب يحب كل طيب، نظيف يحب النظافة، عليم يحب العلماء من عباده، كريم يحب الكرماء، قوي؛ والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف، بر يحب الأبرار، عدل يجب أهل العدل، حيي ستير، يحب أهل الحياء والستر، عفو غفور يحب من يعفو عن عباده ويغفر لهم، صادق يحب الصادقين، رفيق يحب الرفق، جواد يحب الجود وأهله، رحيم يحب الرحماء، وترٌ يحب الوتر. وبالجملة فكل صفة عليا، واسم حسن، وثناء جميل، وكل حمد ومدح وتسبيح وتنزيه وتقديس وإجلال وإكرام؛ فهو الله - عز وجل - على أكمل الوجوه وأتمها وأدومها. وجميع ما يوصف به ويذكر به ويخبر عنه به فهو محامد له وثناء عليه وتسبيح وتقديس، فسبحانه وبحمده لا يُحصي أحد من خلقه ثناء عليه لكثرة صفاته وكمالها، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يُثني به عليه خلقه، فله الحمد أولاً وآخرًا، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ورفيع مجده، فاقدروا لربكم قدره، واعرفوا لمولاكم حقه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]. بارك الله لي ولكم... الخطبة الثانية الحمد لله عالم السر والنجوى، أحمد ربي وأشكره، له الحمد في الآخرة والأولى، سبحانك ربناك وبحمدك جل شأنك وعز سلطانك، سبحانك لا يُخلف وعدك ولا يُهزم جندك، وأنت العلي الأعلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى، له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، الحبيب المصطفى والرسول المجتبى والنبي المرتضى، صلى الله عليه وعلى آله الشرفاء، وصحبه الأوفياء والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ما صبحٌ بدا وليلٌ سجى، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد عباد الله: فإنه يجب تغيير الأسماء والكنى المحرمة إلى أسماء مباحة وأسماء نتعبد الله عز وجل بها، ونستدل في ذلك بما فعله النبي r مع أبي الحكم حيث غير كنية هذا الصحابي من أبي الحكم، فكناه بأكبر أبنائه فقال له: «أنت أبو شريح». واحرصوا - عباد الله - على تسمية أبنائكم بأسماء مُعبدة لله - عز وجل - كعبد الله، وعبد الرحمن وعبد الكريم، وعبد العزيز، وكذلك أسماء الأنبياء فهم أفضل الخلق؛ وأعلاهم وأشرفهم محمدًا r، وسموا بأسماء الصحابة - رضوان الله عنهم-، كعمر وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، ومن النساء: أمهات المؤمنين، كعائشة، وخديجة وكبنات النبي r، رقية، وفاطمة، وأم كلثوم. وإياكم والتعبد لغير الله؛ كعبد الرسول أو عبد النبي أو عبد الولي فلان، كل ذلك شرك لا يجوز. وابتعدوا عن أسماء الكفار والفسقة، والممثلين والممثلات، فإنهم ليسوا لكم بقدوة. التعليقات : 0 تعليق إضافة تعليق جديد المواد روابط ذات صلة
|