إشارات لخطر قيادة النساء للسيارات
} الْحَمْدُ لِلَّهِ ، الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ { ، } يَقْضِي بِالْحَقِّ ، وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ { .
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وعظيم سلطانه ، } لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ { ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، البشير النذير ، والسراج المنير ، صلى الله عليه ، وعلى آله وأصحابه ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد ، فيا عباد الله :
تقوى الله U ، وصية الله لعباده ، وزاد العبد من وجوده لمعاده ، يقول ـ تبارك وتعالى ـ في كتابه : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ويقول ـ أيضا ـ : } وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ، وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ { ، جعلني الله وإياكم من عباده المتقين .
أيها الأخوة المؤمنون :
بادئ ذي بدء ، نشكر الله U ، على ما تفضل به علينا من نعمة إنزال المطر ، ونسأله سبحانه أن يجعله صيبا نافعا ، وأن يعم بفضله البلاد والعباد ، إنه سميع مجيب .
ثم ـ أيها الأخوة ـ قيادة المرأة للسيارة ، قضية أشغلت بها ، ناقصات العقل والدين ، مجتمعنا الطاهر ، ونادى بها بعض ضعاف الإيمان ، المعجبون بالغرب وعاداتهم ، والمفتونون بتتبع خطا من يجعلون دينهم ، حسب شهواتهم ورغباتهم ، الذين أخبر عنهم النبي r ، محذرا مما سيقومون به ، ومما سيحدثونه بين المسلمين ، وفي مجتمعاتهم ، ففي حديث أبي هريرة t الصحيح ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : (( سَتَتَّبِعُونَ سُنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، وَشِبْرًا بِشِبْرٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ مَعَهُمْ )) ، يقول أبو هريرة t قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْيَهُودَ ، وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ r : (( فَمَنْ )) ، أي : من غير اليهود والنصارى أعني ؟.
فالإعجاب بعادات أعداء الله U ، والدعوة إلى مناهجهم المخالفة للدين ، والمنافية للفطرة ، بل والخلق والأدب ، ديدن ضعاف الإيمان والدين ، ومنهج الفسقة والمنافقين من المسلمين ، وهذا ما أخبر به النبي r ، ففي الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه ، يقول النبي r : (( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلانِيَةً ، لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ . وَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى اثِنْتَيْنِ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً . وَ تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَ سَبْعِينَ مِلَّةً ، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلا مِلَّةً وَاحِدَةً )) . قَالُو وَ مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : (( مَا أَنَا عَلَيْهِ وَ أَصْحَابِي )).
أيها الأخوة :
فالدعوة لقيادة المرأة ، وجعلها كالرجل في هذه البلاد المحافظة ، التي يتمنى من ذاق ويلات الاختلاط ، أن يكون فردا من أفرادها ، ويغبطها كل عاقل ، رأي بعينه ، الثمار المرة ، التي تترتب على خروج المرأة من بيتها ، هي دعوة من باب الإعجاب بأعداء الدين ، وجعل نسائنا في بلادنا ، كغيرهن من نساء المتحررين من تعاليم شرع رب العالمين ، التي لم يتبق من المرأة بينهم ، لزوجها إلا عورتها المغلظة في فراشها . نعم نجحوا في عرضها في الأفلام والمسرحيات ، وفي البرامج والمسلسلات ، وفي الإعلانات والدعايات ، وفي نشرات الأخبار والأسفار ، فيريدونها تخرج لوحدها بسيارتها ، متى شاءت وحيثما شاءت ، دون علم ولا دراية ولا قيود ، من رجل يهمه المحافظة على شرفها وعفتها ، ولا يتحمل ولا يطيق أن تمتد إليها نظرة ناظر ، ويغار من ان تصل اليها خاطرة فاسق أو فاجر .
أيها الأخوة :
الغيرة على المرأة ، وحفظها وصيانتها ، أمر لا يفرط فيه إلا متبلد إحساس ، مخروم مرأة ، بغض النظر عن أنه دين ، وواجب يأمر به الشرع ، يقول محمد بن أحمد بن موسى : حضرت مجلس موسى بن إسحاق القاضي بالري ، فتقدمت امرأة ، فادعى وليها على زوجها خمسمائة دينار مهراً ، فأنكر ، فقال القاضي : أحضر شهودك ؟ قال : قد أحضرتهم ، فاستدعى بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة ليشير إليها في شهادته ، فقام الشاهد وقال للمرأة : قومي ! فقال : الزوج تفعلون ماذا ؟ قال الوكيل : ينظرون إلى امرأتك ، وهى مسفرة لتصح عندهم معرفتها .
فقال الزوج: فإنى أشهد القاضى أن لها علي هذا المهر ، الذي تدعيه ، ولا تسفر عن وجهها !! فأخبرت المرأة بما كان من زوجها ، فقالت: فإنى أشهد القاضي ، أن قد وهبته هذا المهر ، وأبرأته منه في الدنيا والآخرة .
أرأيتم ـ أيها الأخوة ـ كيف يغار العقلاء على نسائهم ، يتنازل عن قضيته ، ويعترف بحق قد لا يكون عليه ، من أجل أن لا ينظر رجل إلى زوجته ، بين يدي قاض يحكم بكتاب الله وسنة رسوله ، وهؤلاء ـ أعني دعاة جهنم ـ يريدون المرأة ، سلعة رخيصة ، تتنقل في سيارتها ، بين رجال المرور تارة ، وبين عمال الورش ، لإصلاح سيارتها تارة ، وتأشر على الطريق لمن يقف لإسعافها عندما تتعطل سيارتها تارة ، وبين محطات الوقود ، لتتزود منه تارات وتارات .
إذا كانت بعض النساء ـ أيها الأخوة ـ تخضع بالقول ، وتتغنج بالكلام ، من أجل جوال حديث ، تتباهى به بين زميلاتها ، بل ومن أجل بطاقة شحن بعشرة ريالات ، للتواصل مع صديقاتها ، فكيف بها ، وماذا ستفعل ، عندما ترى مثلها ، ومن تنافسها بلون أظفارها ، وقصة شعرها ، وغلاء فستانها ، ماذا ستفعل عندما تراها ، على سيارة أفضل من سيارتها ، أو ترغب في تحقيق أمر ما ، عجزت عن تحقيقه وقد حققه غيرها .
ولعلكم تذكرون ـ أيها الأخوة ـ تلك المرأة العفيفة الطاهرة ، التي وردت قصتها ، مع أحد الثلاثة ، الذين سكرت عليهم الصخرة في الغار ، ابن عمها الذي ما زال يراودها ، فلما احتاجت سلمت نفسها له ، وقالت : اتق الله لا تفض الخاتم إلا بحقه ، فحاجة المرأة ، قد تجعلها تفعل مالا يحمد عقباه ، ولن ينجيها منه ، إلا أن تقر في بيتها ، وتلقي المسؤولية كاملة على عاتق من هو مسئول عنها ، لأنها سهلة الانقياد عظيمة التأثير ، ولذلك قال تبارك وتعالى : } فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا { . الرجس ـ أيها الأخوة ـ الأذى والشر والخبث ، الذي سوف تتعرض له المرأة عندما يكون ديدنها الخروج من بيتها ، فلنتق الله ـ أحبتي في الله ـ ولنخشى عواقب الأمور ، وما تأول إليه الأشياء ، وكما جاء في الحديث : (( إِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَإِنَّ السَّعِيدَ مِنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ )) .
أقول قولي هذا وأستغفر الله ، لي ولكم من كل ذنب ، فإنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
أيها الأخوة المؤمنون :
لقد حذر العلماء ، والدعاة والفقهاء ، وأصحاب العقول والآراء ، من إعطاء الفرصة لهؤلاء السفهاء ، مستدلين ومستندين ، على أصول ثابتة ، وقواعد هامة ، وآداب واجبة ، يأمر بها الدين ، وتقتضيها مصالح المسلمين ، الذين تهمهم أعراضهم ، ويحرصون على حفظ حياء وعفاف وطهر نسائهم ، ومن ذلك ـ أيها الأخوة ـ أن ما أفضى إلى محرم فهو حرام ، وأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، ومنع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة ، والخلوة المحرمة ، والسفور والاختلاط ، وغير ذلك من المفاسد الخطيرة ، والأكيدة المترتبة على قيادة المرأة .
أيها الأخوة :
إن هؤلاء ، المتبنين لقيادة المرأة ، والدعوة إليها في هذه البلاد ، يمثلون فكرا منحرفا ، هو ـ والله ـ لا يقل خطرا عن فكر الخوارج ، ولا ينزل ضررا ، عن ضرر دعاة التكفير والخروج على ولاة أمر المسلمين ، فإن كان التكفيريون ، يقتلون الأنفس البريئة ، ويخربون المنشئات ، فهؤلاء يقتلون الحياء ، ويخربون الطهر والعفاف ، ويعرضون المرأة المسلمة للخطر .
وفي هذه المناسبة ، دعوة صادقة خالصة ، لولاة أمرنا من العلماء والأمراء ، الذين أمرنا الله U بالرجوع إليهم ، في مثل هذا الأمر العام غيره ، حيث قطعوا الطريق على الليبراليين والعلمانيين الداعين إلى الفساد والإفساد ، ومنه قيادة المرأة ، فنسأل الله أن يثيبهم ويثبتهم ، حيث حالوا بينهم وبين شهواتهم ورغباتهم ، المخالفة والمنافية ، لما قامت عليه هذه البلاد ، التي نسأل الله أن يديم عليها أمنها ، ويحفظ أهلها من كل سوء ومكروه .
اللهم أحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، واحفظ لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، واحفظ لنا آخرتنا التي إليها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا من كل خير ، والموت راحة لنا عن كل شر ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم من أرادنا في هذه البلاد ، أو أراد نساءنا ، أو شبابنا بسوء ، اللهم أشغله بنفسه ، واجعل كيده في نحره ، واجعل اللهم تدبيره سببا لتدميره يارب العالمين .
اللهم إنا نسألك حفظ وتوفيق وتسديد ، ولاة أمرنا ، اللهم وفقهم لهداك ، واجعل عملهم في رضاك ، وجنبنا وإياهم الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين .
.} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا :
http://islamekk.net/catsmktba-120.html
|