تَدَاْرَكْ اَلْشَّهْر اَلْمُبَاْرَك الْحَمْدُ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، حَكَمَ بِالْفَنَاءِ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ ، وَبِالْبَقَاءِ فِي دَارِ الْقَرَارِ ، ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتَّقُوا اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ – فَبِذَلِكَ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ، وَكَمَا تَعْلَمُونَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - لَمْ يَتَبَقَّ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا الْقَلِيلُ ، فَقَدْ آذَنَ بِالرَّحِيلِ ، وَتَوْدِيعِ كُلِّ شَيْءٍ فِيهِ جَمِيلٍ ، الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ ، وَالْإِحْسَانِ وَتِلَاوَةِ وَاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ ، وَالْحِرْصِ عَلَى مَا يُحِبُّهُ الرَّحْمَنُ وَيُرْغِمُ أَنْفَ الشَّيْطَانِ . ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - وَيَرْحَلُ الْكَرِيمُ بِمَا أُودِعَ مِنْ عَمَلٍ عَظِيمٍ : يَا غَافِلًا وَلَيَالِي اَلْـــــــــــــصَّوْمِ قَدْ ذَهَبَتْ زَادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالْبَابِ وَابْكِيهَا وَاغْنَمْ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ تَحْظَ، فَمَا غَرَسْتَهُ مِنْ ثِمَــــــــــــــــارِ الْــــــــــــــــــــــخَيْرِ تَجْنِيهَا وَتُبْ لَعَلَّكَ تَحْـــــــــــــظَى بِالْقَبُولِ عَسَى أَنْ تَبْلُغَ النَّفْسُ بِالتَّقْوَى أَمَـــــــــــــــــــــــــانِيهَا وَقُلْ إِلَهِي ، أَنَا الْعَبْدُ الذَّلِيلُ وَقَـــــــــــــــــدْ أَتَيْتُ أَرْجُـــــــــو أُجُـــــــــــــــورًا فَازَ رَاجِــــــــــــــــيهَا فَلَا تَكِلْنِي إِلَى عِلْــــــــــــــــــــــــــــمِي وَلَا عَمَـــــــــــــــــــــلِي وَاغْـــــــــفِرْ ذُنُوبِي ، فَإِنِّي غَـــــــــــــــارِقٌ فِيهَا مِنْ أَبْرَزِ وَأَهَمِّ صِفَاتِ الْمُسْلِمِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَنَّهُ مَهْمَا بَلَغَ خَطَؤُهُ وَتَقْصِيرُهُ ، وَمَهْمَا بَلَغَتْ مَعَاصِيهِ وَذُنُوبُهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ ، وَلَا يَهْتَزُّ وَلَا يَضْعُفُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِخَاْلِقِهِ وَرَاْزِقِهِ وْمُحَاْسِبِهِ ، فَكُلَّمَا أَحْدَثَ ذَنْبًا أَحْدَثَ لَهُ تَوْبَةً ، الْمُسْلِمُ يَكُونُ دَائِمًا تَوَّابًا أَوَّابًا رَجَّاعًا إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا زَالَ فِي الْوَقْتِ فُسْحَةٌ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ -، فَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ مَا زَالَتْ مُفَتَّحَةً ، وَأَبْوَابُ النَّارِ -أَعَاذَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهَاْ - مَا زَالَتْ مُغَلَّقَةً ، وَالشَّيَاطِينُ مَا زَالَتْ مُصَفَّدَةً ، وَمَا زَالَ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَغْفِرُونَ لِلصَّائِمِينَ ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ، فَمَا عَلَيْكَ أَخِي الْمُسْلِمُ إِلَّا أَنْ تَجْتَهِدَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُبَارَكَةٍ ، يَقُولُ سَمَاحَةُ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ وَوَالِدِينَا فَسِيحَ جَنَّاتِهِ- : فَضَاَئِلُ رَمَضَانَ وَخَصَائِصُهُ كَثِيرَةٌ ، وَمِنْهَا : مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّهُ قَالَ : « أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي رَمَضَانَ خَمْسَ خِصَالٍ لَمْ تُعْطَهَا أُمَّةٌ قَبْلَهَا : خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الْجِنِّ فَلَا يَخْلُصُونَ فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ ، وَيُزَيِّنُ اللهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ : يُوشِكُ عِبَادِي الصَّالِحُون أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمَئُونَةَ وَالْأَذَى وَيَصِيرُوا إِلَيْكَ، وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ » ، قِيلَ: أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا، وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ » . فَهِيَ وَاللهِ فُرْصَةٌ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لَيْسَتْ لِلصَّالِحِينَ الْمُطِيعِينَ لِرَبِّهِمْ فَقَطْ ، بَلْ حَتَّى لِلْعُصَاةِ الْمُجْرِمِينَ ، وَالْفَاسِدِينَ وَالْمُفْسِدِينَ ، فَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ كَرِيمٍ عَظِيمٍ رَؤُوفٍ رَحِيمٍ ، لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كَرَمِهِ وَمَغْفِرَتِهِ إِلَّا التَّوْبَةُ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ، وَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ الصَّحِيحِ : « لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَبْلُغَ خَطَايَاكُمُ السَّمَاءَ ثُمَّ تُبْتُمْ لَتَابَ عَلَيْكُمْ » ، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ : « قَالَ اللهُ تَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ ؛إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ؛ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِيِ شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً » . فَالْمَطْلُوبُ فَقَطِ التَّوْبَةُ ، وَالْإِقْلَاعُ وَالنَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ ، وَالتَّخَلُّصُ مِمَّا لِلنَّاسِ مِنْ مَالٍ وَعِرْضٍ وَظُلْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ - أَخِي الْمُسْلِمُ - وَصَدَقْتَ فِي تَوْبَتِكَ ، لَيْسَ فَقَطْ تُغْفَرُ ذُنُوبُكَ ، بَلْ تُحَقِّقُ فَرَحَ رَبِّكَ الَّذِي يَفْرَحُ بِتَوْبَتِكَ ، وَاللهِ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- لَوْ ذُكِرَ شَيْءٌ يُفْرِحُ مَسْؤُولًا ؛ لَبَادَرْنَا بِالْبَحْثِ عَنْهُ وَلَبَذَلْنَا جُهْدَنَا لِتَوْفِيرِهِ وَتَحْقِيقِهِ ، لِيَحْصُلَ لَنَا الشَّرَفُ بِإِفْرَاحِ ذَلِكَ الْمَسْؤُولِ ؛ فَكَيْفَ يَا عَبْدَاللهِ تَبْخَلُ بِالتَّوْبَةِ ، وَاللهُ جَلَّ جَلَالُهُ يَفْرَحُ بِذَلِكَ ، هَلْ تُرِيدُ أَخِي أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَ فَرَحِ اللهِ بِتَوْبَتِكَ ؟ أَنْتَ يَا مَنْ فَرَّطْتَ فِي أَيَّامِكَ الْمَاضِيَةِ وَلَيَالِيكَ الْغَابِرَةِ ، أَنْتَ يَا مَنْ لَمْ تَحْفَظْ لِسَانَكَ عَنِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَقَوْلِ الزُّورِ ، أَنْتَ يَا مَنْ لَمْ تَتَوَرَّعْ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، تُرَابِي وَتَرْتَشِي وَتُزَوِّرُ وَتَكْذِبُ وَتَحْتَالُ وَتَغِشُّ وَتُخَادِعُ ، أَنْتَ يَا مَنْ تَعْصِي اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَسْتُرُ اللهُ عَلَيْكَ ، أَنْتَ يَا قَاطِعَ الرَّحِمِ ، أَنْتَ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ ، أَنْتَ يَا عَاقَّ وَالِدَيْهِ ، أَنْتَ يَا ظَالِمُ أَنْتَ يَا خَائِنُ ، هَلْ تُرِيدُ أَخِي أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَ فَرَحِ اللهِ بِتَوْبَتِكَ إِذَا تُبْتَ ؟ تَأَمَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ : يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً ، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ » . فَتُبْ يَا عَبْدَ اللهِ ، وَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ، تَدَارَكِ الْمُبَارَكَ ، وَاخْتِمْ شَهْرَكَ بِأَوْبَةٍ صَادِقَةٍ خَالِصَةٍ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : اعَلْمُوا رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ ، بِأَنَّهُ يُشْرَعُ لَكُمْ فِي خِتَامِ شَهْرِكُمْ ، زَكَاةُ الْفِطْرِ ، وَهِيَ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ ، ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ ، يَقُولُ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ والأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ » أَيْ : صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ . وَزَكَاةُ الْفِطْرِ - إِخْوَتِي فِي اللهِ - طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنْ لَغْوٍ وَرَفَثٍ وَنَحْوِهِ ، وَنَحْنُ وَاللهِ بِحَاجَةٍ لِمِثْلِ هَذِهِ الزَّكَاةِ ، قَلِيلَةِ الْمِقْدَارِ عَظِيمَةِ الْفَائِدَةِ . نَحْنُ إِخْوَتِي فِي اللهِ ، أَشَدُّ حَاجَةً لِهَذِهِ الزَّكَاةِ ، مِنْ حَاجَةِ الْمَسَاكِينِ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْمَسَاكِينُ يَحْتَاجُونَهَا لِتَسُدَّ جَوْعَتَهُمْ يَوْمَ الْعِيدِ ، فَنَحْنُ نَحْتَاجُهَا لِتَكُونَ طُهْرَةً لَنَا مِمَّا سَمِعْتُمْ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ . أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ لَا يَجْعَلَ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَأَنْ يَرْحَمَنَا بِرَحْمَتِهِ فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ وُفِّقُوا لِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَاجْعَلْنَا فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي مِنَ الْفَائِزِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ احْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهُدَاكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ ، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ وَأَبْعِدْ عَنْهُمْ بِطَانَةَ السُّوءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ اللَّهُمَّ اشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا لَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّ لِلصَّائِمِ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ، فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبَنَا ، وَتَسْتُرَ عُيُوبَنَا ، وَتَهْدِيَ قُلُوبَنَا ، وَتَشْفِيَ مَرْضَانَا ، وَتَرْحَمَ مَوْتَانَا ، وَتُسَدِّدَ دُيُونَنَا ، وَتُعَافِيَ مَنِ ابْتَلَيْتَهُ مِنَّا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ . |