خطبة جمعة مختصرة وافقت عيد الفطر
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد، عباد الله:-
اتقوا الله تعالى حق التقوى, وامتثلوا أوامره, واجتنبوا نواهيه, واسألوه الثبات على هذا الدين حتى الممات, فإن العبادة لا تنقضي إلا بالموت. قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾, أي: الموت, أي: استمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات. وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فلم يزل دائبا في العبادة، حتى أتاه اليقين من ربه, وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. فيجب علينا أن نمتثل هذا الأمر من الله, وأن نقتدي أيضاً برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
ومن المتقرّر عند أهل العلم أن أعلى درجات الصبر: الصبرُ على طاعة الله, ومجاهدة النفس عليها. فالصلاة مع الجماعة واجبة في رمضان وغيره, وكذلك أداء الزكاة على من وجبت عليه, وبر الوالدين كذلك, وصلة الرحم, وغير ذلك مما أمر الله به. فلا يجوز للعبد أن يمنح نفسه وقتاً يتوقف فيه عن العبادة, بل يجب عليه الإستمرار حتى الموت.
عباد الله: إن من تمام نعمة الله علينا أن أكمل لنا شهر الصيام والقيام, فنحمد الله على ذلك, ونسأله أن يتم نعمته علينا بالقبول, وأن يغفر لنا ما حصل منا من خطأ وتقصير.
ثم اعلموا أن للفريضةِ ما يُكَمِّلًها ويسدُّ خَلَلَ التقصير فيها, ولذلك شرع الله للمسلم أن يصوم بعد رمضان ستة أيام من شوال, تُتَمِّمُ له أجرَ صيام سنة كاملة, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان ثم أتبعة ستا من شوال كان كصيام الدهر ). ولا يتحقق ذلك إلا بإتمام صوم رمضان أولاً لظاهر الحديث. وللمسلم أن يصومها أثناء الشهر متتابعة أو متفرقة.
وإيّاك أيها المسلم أن تنقطع عن متابعة تلاوة القرآن بعد رمضان, فاحرص على تخصيص جزء من يومك الطويل للتلاوة والتدبر والحرص على امتثال أوامره واجتناب نواهيه, واعلم أن لِلَّه أهلين من الناس, أهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم ؛ وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم؛ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِين, وَالعَاقِبةُ للمُتّقِين, وَلا عُدوانَ إِلا عَلَى الظَّالِمين, وَأَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشهدُ أَنَّ مُحَمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تَسلِيماً كَثِيراً. أما بعد عباد الله:
في العيد تكثر الزيارات, والذهاب إلى المنتزهات وأماكن الترفيه, فيجب على رب الأسرة مع نسائه ما يلي:
أولا: تذكيرُهنّ بتقوى الله, ومراقبته في السر والعلن, فإن الذكرى تنفع المؤمنين, مع إهدائهنّ الكتيبات والأشرطة النافعة التي توقظ قلب الغافل وتذكره بالله.
ثانيا: أمرُهنّ بالحجاب الشرعي ونهيهن عن التبرج واللباس الذي يلفت أنظار الرجال, بل وحتى في مجتمع النساء, لابد من تجنب الألبسة المحرمة, فإنه قد جرت العادة أن يتباهى النساء فيما بينهنّ في أمر اللباس, ويتنافسن في ذلك, فربما يَجُرُّهُنَّ هذا التنافس إلى تجاوز حدود ما أباح الله لهنّ, كلباس البنطال والقصير, والمفتوح وشبه العاري.
ثالثا: عدم الإختلاط بغير المحارم, حتى ولو كانوا من الأقارب, ما لم تكن هناك محرمية رضاع.
رابعا: بعض الناس لا يقتصر على زيارة الأقارب والأرحام في أيام العيد, بل يتجاوز في ذلك إلى الذهاب إلى البر والنزهة, وهذا مباح والحمد لله, ولكن بشرط أن يحذر الأماكن التي يكثر فيها الشباب, أو الأماكن التي يوجد فيها ما يؤثر على أخلاق النساء.
خامساً: الألعاب النارية والمفرقعات, ضررها واضح لا يحتاج إلى بيان, ومصدر إزعاج, وإهدار للأموال, خصوصاً وأن الذي يستعملها هم الجهال والمراهقون, فلا ينبغي لرب الأسرة أن يوفرها لهم, وكذلك لا يجوز للتاجر أن يجلبها إلى أسواق المسلمين لما فيها من الضرر الذي لا يخفى.
فاتقوا الله عباد الله, وأصلحوا أنفسكم ومن تعولون.
ربنا تقبل من إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا على طاعتك، اللهم وفقنا لما يرضيك عنا، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين يا رب العالمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
|