الدَّيْنُ الْوَاجِبُ
لِلْوَالِدَيْنِ
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ ، وَالْبَطْشِ الشَّدِيدِ ، الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ ، الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ . أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لَكُمْ وَلِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَائِلٍ : ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ . أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ : فِي حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ -يَعْنِي : صُحْبَتِي- ، قَالَ : « أُمُّكَ » . قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : « أُمُّكَ » ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : « أُمُّكَ » ، قَالَ : ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ : « أَبُوكَ ». وَفِي رِوَايَةٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ ، قَالَ : « أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أُمُّكَ ، ثُمَّ أَبُوكَ ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ». حَدِيثٌ عَظِيمٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ، وَمِنْهَا عِظَمُ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ ، فَأَحَقُّ النَّاسِ -أَخِي الْمُسْلِمُ- بِحُسْنِ خُلُقِكَ ، وَلَطِيفِ صُحْبَتِكَ ، لَيْسَ أَصْحَابُكَ فِي الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ زُمَلَاؤُكَ فِي الْعَمَلِ ، وَلَا زَوْجَتُكَ وَأَوْلَادُكَ فِي الْبَيْتِ ، وَلَا مَنْ تَتَبَادَلُ مَعَهُمُ الرَّسَائِلَ فِي جَوَّالِكَ ، أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِكَ مَنْ كَانَا سَبَبًا فِي إِيجَادِكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، وَبَذَلَا مَا فِي وُسْعِهِمَا مِنْ جُهْدٍ وَوَقْتٍ وَمَالٍ ، مِنْ أَجْلِ أَنْ تَقِفَ عَلَى رِجْلَيْكَ ، وَتَسْتَقِلَّ بِنَفْسِكَ ، فَأُمُّكَ هِيَ الَّتِي تَحَمَّلَتْ وَهَنَ حَمْلِكَ وَآلَامَ وِلَادَتِكَ ، وَتَعِبَتْ فِي إِرْضَاعِكَ وَحَضَانَتِكَ ، وَأَبُوكَ كَذَلِكَ تَحَمَّلَ هَمَّ إِعَاشَتِكَ ، وَتَعِبَ مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَتِكَ ، وَهَذَا كُلُّهُ وَغَيْرُهُ دَيْنٌ فِي عُنُقِكَ ، يَجِبُ أَنْ تَرُدَّهُ وَأَنْ تُوفِّيَهُمَا إِيَّاهُ ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ وَلُطْفُ الْمُعَامَلَةِ ، وَهَذَا لَيْسَ بِتَفَضِّلٍ مِنْكَ ، إِنَّمَاْ هُوَ أَمْرٌ أَوْجَبَهُ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ ؛ يَقُولُ سُبْحَاْنَهُ : ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ . أَيُّهَا الْإِخْوَةُ : يَجْهَلُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ عَلَيْهِمْ دَيْنًا وَاجِبًا لِوَالِدَيْهِمْ ، وَيَعْتَقِدُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَى وَالِدَيْهِ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً ، أَوِ اتَّصَلَ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ، أَوْ زَارَهُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَجَلَسَ عِنْدَهُ قَلِيلًا مِنَ الْوَقْتِ ، يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبِهِ نَحْوَ وَالِدَيْهِ ، وَالسَّلَامُ وَالِاتِّصَالُ وَالزِّيَارَةُ أُمُورٌ حَسَنَةٌ ، وَلَكِنَّ الدَّيْنَ الْوَاجِبَ لِلْوَالِدَيْنِ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَوَاللهِ ثُمَّ وَاللهِ ، لَوْ فَعَلَ بَعْضُ الْوَالِدَيْنِ بِأَبْنَائِهِمْ صِغَارًا مَا يَفْعَلُهُ أَبْنَاؤُهُمْ بِهِمْ كِبَارًا ، لَأَكَلَتْهُمُ الْقِطَطُ وَالْكِلَابُ . فَوَاجِبُ الْوَالِدَيْنِ عَظِيمٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ حَقَّهُمْ مَقْرُونًا بِحَقِّهِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ ، وَيَقُولُ أَيْضًا : ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ ، يَقُولُ ابْنُ سَعْدِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ : ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ أَيْ : أَحْسِنُوا إِلَيْهِمَا بِجَمِيعِ وُجُوهِ الْإِحْسَانِ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبُ وُجُودِ الْعَبْدِ ، وَلَهُمَا مِنَ الْمَحَبَّةِ لِلْوَلَدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَالْقُرْبِ مَا يَقْتَضِي تَأَكُّدَ الْحَقِّ وَوُجُوبَ الْبِرِّ . الْجِهَادُ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- ذِرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ ، وَالتِّجَارَةُ الرَّابِحَةُ ، وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَالْغَدْوَةُ وَالرَّوْحَةُ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيَقُولُ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ : « مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ ، إِلاَّ الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ » هَذَا الْجِهَادُ ، وَهَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيمُ ، حَقُّ الْوَالِدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَقُومُ بِحَقِّ وَالِدَيْهِ ، وَيُؤَدِّي مَا أَوْجَبَهُ اللهُ لَهُمَا عَلَيْهِ ، لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا لَا يَقِلُّ عَنْ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ ، فَقَالَ : « أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ » ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ » ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ ، قَالَ : « فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ » قَالَ : نَعَمْ ، بَلْ كِلَاهُمَا ، قَالَ : « فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟ » قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا ». فَشَأْنُ الْوَالِدَيْنِ شَأْنٌ عَظِيمٌ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَلَهُمَا وَاجِبٌ كَبِيرٌ ، هُوَ دَيْنٌ فِي أَعْنَاقِ أَبْنَائِهِمْ ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الصَّحِيحِ : « لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا ، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ». أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ : يُعَانِي بَعْضُ الْآبَاءِ مِنْ عُقُوقِ أَبْنَائِهِمْ ، بَلْ بَعْضُهُمْ يَتَجَرَّعُ الْأَلَمَ وَالْحَسْرَةَ وَالنَّدَمَ بِسَبَبِ مُعَامَلَةِ بَعْضِ أَبْنَائِهِ ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ عَقِيمًا ، وَآخَرُ يَقُولُ : مَا عَهِدْتُ الِاسْتِدْعَاءَ مِنَ الشُّرَطِ ، وَمِنْ مُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ ، وَدَوَائِرِ الْمَحَاكِمِ ، إِلَّا بَعْدَ مَا جَاءَ الْأَبْنَاءُ . بَلْ وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَخَافُ مِنْ بَعْضِ أَبْنَائِهِ أَكْثَرَ خَوْفًا مِنْ أَعْدَائِهِ ، وَهَذَا إِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُقُوقِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِحُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَهَذَا -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، وَمِنَ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِسَخَطِ اللهِ وَغَضَبِهِ ، فَفِي حَدِيثٍ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ » ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ، صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ . وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى ». وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، وَصَلَّيْتُ الْخَمْسَ ، وَأَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي ، وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا -وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ- مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيْهِ » ، أَيْضًا صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ . فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْرِصُوا عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ ، وَاحْذَرُوا الْعُقُوقَ ، وَعَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكَ ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ . أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيمًا : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا » ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ، وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَعُلَمَاءَنَا وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا أَوْ شَبَابَنَا أَوْ نِسَاءَنَا بِسُوءٍ ، اللَّهُمَّ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|