خطبة
عيد الفطر 1438هـ يوم
من أيام الجميل سبحانه وتعالى الحمد
لله المتفرِّد بالجلال والكمال والجمال، عالم الغَيْبِ والشهادة الكبير المتعال،
أحمده - سبحانه - وأشكره على سابغ النِّعَم وجزيل النوال. وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له،
سجَدَ له مَن في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وظلالهم بالغدوِّ والآصال. وأشهد
أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، وصفيُّه وخليلُه، خيرُ مَن مشى، وأكرم مَن قال، صلَّى
الله عليه وعلى آله وصَحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم المآل. أما بعد : الله
أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله
أكبر الله أكبر كبيراَ، والحمد لله كثيراَ، وسبحان الله بكرةً وأصيلاَ. أيها الناس، اتقوا الله
تعالى واشكروه على ما من به عليكم من إكمال شهر الصيام، واسألوه أن يتقبل منكم ما
قدمتموه فيه من الصيام والقيام، وأن يغفر لكم ما حصل منكم فيه من تقصير أو إجرام. واعلموا أن هذا اليوم
يوم عيد يفرح فيه المؤمنون بما من الله به عليهم من إكمال شهر صيامهم وقيامهم، فإن
الفرح بذلك هو الفرح المشروع وأما الفرح بنيل الشهوات الفانية والحصول على المطامع
العاجلة فهو فرح مذموم غير مشروع، قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون)، فهذا
اليوم يوم شكر وذكر، وأكل وشرب وفطر، يحرم صومه لما في صومه من الإعراض عن ضيافة
الله عز وجل ومخالفة أمره حيث شرع الإفطار فيه. الله
أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. أيها المسلمون: خلق
الله الخلق ليفردوا في ألوهيته وربوبيته وفي اسمائه وصفاته فكم لله من اسمٍ بلغ في
الحسن منتهاه ومن هذه الأسماء الحسنى اسم ( الجميل لله تعالى )، كيف لا ، وفي هذا
اليوم يتجمل الناس بما وهبهم جل وعلا قربة له وعبادة، وما هذا الجمال الذي في بني
آدم إلا هبة ومنة من ربنا الجميل جل وعلا. ويدل على ثبوت أن الجميل اسماً مباركاً من أسماء الله تعالى، ما ثبت في صحيح
مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه
وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ
مِنْ كِبْرٍ ». قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ
يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ». فهو سبحانه
جميل بذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فلا يمكن مخلوقاً أن يعبر عن بعض جمال
ذاته، حتى أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم واللذات والسرور والأفراح
التي لا يقدر قدرها إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم وتلاشى
ما فيه من الأفراح، وودّوا أن لو تدوم هذه الحال، واكتسبوا من جماله ونوره جمالاً
إلى جمالهم، وكانت قلوبهم في شوق دائم ونزوع إلى رؤية ربهم، ويفرحون بيوم المزيد
فرحاً تكاد تطير له القلوب وكذلك هو الجميل في أسمائه، والأكوان محتوية على أصناف
الجمال، وجمالها من الله تعالى فهو الذي كساها الجمال وأعطاها الحسن، فهو أولى
منها لأن معطي الجمال أحق بالجمال. عباد الله إن الإيمان
باسم الله الجميل له آثار على قلب العبد فمن هذه الآثار: أن الله تعالى هو
الجميل على الحقيقة بلا كيف نعلمه , وجماله بالذات والأوصاف والأسماء والأفعال لا
شيء يماثله في ذلك ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ومنها أن الله تعالى
هو مُجْمِلُ من شاء من خلقه واهب الجمال والحسن لمن شاء. ومنها أن الله أمر بِملازمة كل خُلُق جميل فقال سبحانه: ( واصبر صبراً جميلا ) ومنها أن الله يحب
التجمل في غير إسراف ولا مخيلة ولا بطر ولا كبر والقاعدة في هذا الباب قول الحبيب
صلى الله عليه وسلم: (كل واشرب وتصدق والبس من غير إسراف ولا مخيلة) رواه احمد
وأبو داود حديث حسن. الله
أكبر الله أكبر؛ لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. عيدنا عيد عظيم مبني
على التوحيد والايمان , عيدنا ليس فيه ولله الحمد شيء من شعائر الشرك والكفران, عيدنا
في بلاد الحرمين سلم من الشرك والمزارات والأضرحة التي تعبد من دون الله عيدنا في
بلاد الحرمين مودة بين الراعي والرعية والحاكم والمحكوم وإن أرجف المرجفون
المارقون ولكن كما قال المولى عز وجل (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
فاحمدوا الله واشكروه على ما حباكم. وإياكم ان تظنوا أن لبس الجميل- المحرم- هو خير ما يستقبل به العيد فهذا نقص وخلل . أيها الناس: عيدنا هذا
عيد يملأ القلب فرحا وسرورا فأظهروا فيه الفرح وجودوا وأوسعوا على أهليكم
بالمباحات، وليس من الفقه استجلاب الحزن واستذكار البؤس في يوم العيد مهما كانت بؤس
الأحوال حولنا فإن هذا اليوم هو يوم مخصوص أراد الله للمسلمين أن يظهروا الفرح
والسرور بما أباح الله. وإياكم والإسراف، تفرقوا
من صلاتكم بقلوب سليمة من الضغائن والأحقاد؛ أطيعوا الوالدين واخفضوا لهما جناح
الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا، وصلوا من قطعكم، وأعطوا من
حرمكم، وأحسنوا إلى من أساء إليكم؛ فالعيد عيد الود
والصفاء، ونقاء القلوب، واجتماع الأرواح. حافظوا على صلاتكم مع الجماعة
في المساجد، أفشوا السلام وأطعموا الطعام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا
الجنة بسلام ، أجلّوا أهل العلم الراسخين في بلادنا ادعوا لهم ذبوا عن أعراضهم
انشروا فتاواهم خذوا عنهم العلم، مروا بالمعروف بالمعروف وانهوا عن المنكر بالمعروف، كونوا نِعم المعين لأهل الحسبة ادعوا لهم بالسداد والتوفيق ولاتصدقوا الشائعات
المحاكة ضدهم والتمسوا لهم الأعذار إن أخطأوا وناصحوهم بالحسنى عند النقص والخلل
لو حصل. الله
أكبر كبيرا ؛ والحمد لله كثيرا؛ وسبحان الله بكرة وأصيلا . جَمّلنا الله أجمعين بالإيمان وزيّنا بزينة الإيمان، ونفعني الله وإياكم بالقرآن وهدانا إليه صراطا مستقيما، واستغفر الله لي ولكم إن ربي هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية : الحمد
لله على سوابق نعمائه وسوالف آلائه.. أحمده أبلغ الحمد وأكمله وأتمه وأشمله، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اعتقاداً لربوبيته وألوهيته وإذعاناً لجلاله
وعظمته وصمديته.. وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المصطفى من خليقته
والمجتبى من بريته، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً متضاعفةً دائمةً إلى يوم
نلقاه. الله
أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. الله
أكبر لا إله إلا الله، و الله أكبر ولله الحمد، أما بعد:- فيا أيتها المرأة
المسلمة ، يا أيتها الصائمة القائمة : اتقِ الله -تعالى- في نفسكِ، واتقيه في دينكِ، وعلقي به
-سبحانه- قلبكِ؛ وارجِ الله وخافيه وحده . أطيعي الزوج بالمعروف كوني له مطيعة صابرة
، إذا رأيتي منه خلل أو نقص فقوميه بالحسنى واخفضي له القول. املأي قلبكِ وقلوب
أولادكِ بِمحبة الله -تعالى- وتعظيمه، وشدة التعلق به، وحسن التوكل عليه، وسرعة
الإنابة إليه. ولن تتعلق امرأة بالله -تعالى- إلا تمسكت
بدينه، وحافظت على أوامره، واجتنبت نواهيه، ودعت غيرها إليه، وصبرت على الأذى فيه. جَمّلي أولادكِ وبناتكِ بالعفاف والحشمة واللبس الذي يرضي الله ، عودي البنت منذ الصغر على لباس شرعي ،كوني
قدوة بالفعل تفلحي في الدنيا والآخرة ، أظهري شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر في أوساط مجتمعك فلا خير في امة هجرت هذه الشعيرة المباركة ، اعتزي بأوامر
الله فمهما ابتغينا العزة في غير دين الله أذلنا الله . اللهم
احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك
أن نغتال من تحتنا. اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا
ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم اجعلنا
لك شاكرين.. لك ذاكرين.. لك راغبين.. لك راهبين. اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا،
وثبت حجتنا، واهد قلوبنا، ويسر أمورنا، وطهر قلوبنا، واسلل سخيمة قلوبنا، برحمتك
يا أرحم الراحمين. اللهم زدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأكرمنا ولا
تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا. اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد،
والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، برحمتك
يا أرحم الراحمين! اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم المستضعفين من
المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين ، اللهم ارفع البلاء عن
المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين، واحفظ عليهم دينهم
وأمنهم وأعراضهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم
واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعوذ بك أن
يغتالوا من تحتهم، اللهم مكن لهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. اللهم
اكفنا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، اللهم ولّ على المسلمين خيارهم واكفهم
شرارهم يا رب العالمين، اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أهل دينك
اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك, اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم
المجرمين يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ ولاة أمرنا بتوفيقك وأيّدهم بتأييدك واجعلهم
من أنصار دينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارزقهم بطانة الصلاح وأهل الخير،
وأبعد عنهم أهل الزيغ والفساد، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا بسوء اللهم
فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين،
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم
والأموات. ربنا تقبل صلاتنا وصيامنا وقيامنا ودعائنا وصالح أعمالنا، انك سميع قريب
مجيب الدعوات. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب
العالمين .
وللمزيد من
الخطب السابقة لعيد الفطر المبارك تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=127
|