للغافلين الصائمين
اَلْحَمْدُ للهِ اَلْبَصِيْرِ بِاَلْعِبَاْدِ ، اَلْهَاْدِيْ إِلَىْ سَبِيْلِ اَلْرَّشَاْدِ ، } نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ { .
أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ { ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ ، } هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ { .
وَأشّهَدُ أَنَّ مُحْمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَمَنْ سَاْرَ عَلَىْ نَهْجِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً ، إِلَىْ يَوْمِ التناد
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ؛ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
شَهْرُ رَمَضَاْنَ ، مَوْسِمٌ لِمُضَاْعَفَةِ اَلْحَسَنَاْتِ ، وَرَفْعِ اَلْدَّرَجَاْتِ ، وَاَلْإِقْبَاْلِ عَلَىْ اَلْطَّاْعَاْتِ ، وَعَمَلِ أَنْوَاْعِ كَثِيْرَةٍ مِنْ اَلْعِبَاْدَاْت ، فَهُوَ كَمَاْ قَاْلَ U: } أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ { وَلَكِنَّ لَيْلَةٌ وَاْحِدَةٌ مِنْ لَيَاْلِيْهِ، خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ { فَهَنِيْئَاً لِمَنْ اِسْتَغَلَّ أَيَّاْمَهُ وَلَيَاْلِيَهُ، وَتَزَوَّدَ مِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحِةِ ، اَلَّتِيْ تُقَرِّبُهُ إِلَىْ رَبِّهِ، وَتَكُوْنُ سَبَبَاً لِمَرْضَاْةِ مُوْجِدِهِ، وَوَسِيْلَةً لِمَحَبَّةِ خَاْلِقِهِ. فَقَدْ جَاْءَ عَنْدَ اَلْإِمَاْمِ أَحْمَدَ وَاَلْنَّسَاْئِيِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ ، أَنَّ اَلْرَّسُوْلَ e كَاْنَ يَقُوْلُ لِلْصَّحَاْبَةِ فِيْ أَوَّلِ رَمَضَاْنَ: (( أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مِرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )) ، وَفِيْ حَدِيْثٍ آخَرَ رَوَاْهُ اَلْتِّرْمِذِيُ وَصَحَّحَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُ رَحِمَهُ اَللهُ ، أَنَّهُ e قَاْلَ: (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ )) .
فَحَقَاً ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ شَهْرُ رَمَضَاْنَ شَهْرٌ عَظِيْمٌ ، وَمَوْسِمٌ كَرِيْمٌ ، فَهُوَ كَمَاْ قَاْلَ اَلْقَاْئِلُ :
أَتَىْ رَمَضَانُ مَزْرَعَةُ اَلْعِبَاْدِ
لِتَطْهِيْرِ اَلْقُلُوْبِ مِنَ اَلْفَسَـاْدِ
فَأَدِّ حُقُوْقَهُ قَوْلًا وَفِعْلَاً
وَزَاْدَكَ فَاَتِّخِذْهُ لِلْمَعَاْدِ
فَمَنْ زَرَعَ اَلْحُبُوْبَ وَمَاْ سَقَـاْهَاْ
تَأَوَّهَ نَاْدِمًا يَوْمَ اَلْحَـصَاْدِ
أَسْأَلُ اَللهَ أَنْ لَاْ يَرُدُّنَاْ خَاْئِبِيْنَ وَلَاْ خَاْسِرِيْنَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
إِنَّ اَلاِسْتِفَاْدَةَ اَلْكَاْمِلَةَ مِنْ رَمَضَاْنَ ، اَلَّتِيْ تُثْمِرُ مَغْفِرَةَ مَاْ تَقَدَّمَ مِنَ اَلْذُّنُوْبِ ، لَنْ تَكُوْنَ وَلَنْ تَحْصِلَ ، إِلَّاْ مَعَ صَيَاْمِهِ وَقَيَاْمِهِ إِيْمَاْنَاً وَاَحْتِسَاْبَاً ، وَهَذَاْ اَلْأَمْرُ يَغْفَلُ عَنْهُ بَعْضُنَاْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - فَنَحْنُ - وَللهِ اَلْحَمْدُ ـ نَصُوْمُ وَنَقُوْمُ ، وَلَكِّنْ هَلْ يَقَعُ فِيْ قُلُوْبِنَاْ ، أَنَّنَاْ نُرِيْدُ بِصِيَاْمِنَاْ وَقَيَاْمِنَاْ ثَوَاْبَ اَللهِ U ، وَأَنْ يَكُوْنَ صِيَاْمُنَاْ وَقِيَاْمُنَاْ ذَخْرَاً عَنْدَهُ سُبْحَاْنَهُ ، فَكَثِيْرٌ مِنَّاْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - مَنْ يَصُوْمُ وَيَقُوْمُ ، وَلَاْ يَسْتَشْعِر ، وَلَاْ يَخْطِرُ بِبَاْلِهِ ثَوَاْبَ صَيَاْمِهِ وَقَيَاْمِهِ ، يَقُوْلُ اِبْنُ عَثِيْمِيْنَ - رَحِمَهُ اَللهُ - : كَوْنَ اَلْثَّوَاْبُ يَخْطِرُ بِبَاْلِ اَلْمُتَعَبِّدِ أَمْرٌ مُهِمٌ ، وَلِهَذَاْ قَيَّدَ اَلْنَّبِيُ e هَذَاْ اَلْثَّوَاْبَ اَلْعَظِيْمَ ، لِمَنْ صَاْمَ رَمَضَاْنَ ، بِأَنْ يَكُوْنَ صَيَاْمُهُ إِيْمَاْنَاً وَاَحْتِسَاْبَاً ، لَاْ عَاْدَةً .
فَاَلْإِيْمَاْنُ وَاَلْإِحْتِسَاْبُ، أَمْرَاْنِ مُهِمَّاْنِ وَخَاْصَةً فِيْ شَهْرِ رَمَضَاْنَ ، فَهُمَاْ ثَمَنُ مَغْفِرَةِ اَلْذِّنُوْبِ ، وَمَحَبَّةِ عَلَّاْمِ اَلْغُيُوْبِ ، وَلَكِّنْ لِلَأَسَفِ يَغْفَلُ عَنْهُمَاْ بَعْضُ اَلْنَّاْسِ ، فَصَاْرَ اَلْصِّيَاْمُ وَاَلْقِيَاْمُ ، مُجَرَّدَ عَاْدَةٍ فِيْ رَمَضَاْنَ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ ، مِنْ أَنَّهُمْ لَاْ يَعْرِفُوْنَ اَلْصِّيَاْمَ وَاَلْقِيَاْمَ إِلَّاْ فِيْ رَمَضَاْنَ ، تَأْتِيْ إِلَىْ أَحَدِهِمْ فَتَجِدُ نَفْسَهُ - كَمَاْ يَقُوْلُوْنَ - عَلَىْ رَأْسِ خَشْمِهِ، إِنْ كَاْنَ مُوَظَّفَاً يُعَطِّلُ مَصَاْلِحَ اَلْمُسْلِمِيْنَ لِأَنَّهُ صَاْئِمٌ، وَإِنْ كَاْنَ يَمْشِيْ فِيْ أَسْوَاْقِهِمْ ، تَجِدَهُ يَشْتِمُ هَذَاْ وَيَلْعَنُ هَذَاْ وَيَدْعِيْ عَلَىْ هَذَاْ ، لَاْ يَحْتَمِل اَلْنَّاْسَ ، لِأَنَّهُ صَاْئِمٌ ، أَمَّاْ قُبَيْلَ اَلْإِفْطَاْرِ، وَاَلْسُّرْعَةُ وَقَطْعُ اَلْإِشَاْرَاْتِ، فَحَدَّثْ وَلَاْ حَرَجَ ، فَصَاْحِبُنَاْ صَاْئِمٌ، وَأَمَّاْ اَلْإِحْتِسَاْبَ فِيْ اَلْقِيَاْمِ ، فَعَلِيْهِ اَلْسَّلَاْمَ عَنْدَ بَعْضِ اَلْنَّاْسِ، أَيْنَ هُوَ عَنْدَمَاْ يُصَلِّيْ بَعْضُهُمْ خَلْفَ إِمَاْمٍ يُطِيْلُ فِيْ قِرَاْءَتِهِ، أَوْ خَلْفَ إِمَاْمٍ يَتَدَبَّرُ آيَاْتِ اَللهِ فِيْ صَلَاْتِهِ ؟ بَعْضُهُمْ لَاْ يُطِيْقُ اَلْصَّلَاْةَ إِلَّاْ خَلْفَ إِمَاْمٍ يَطْرَبُ لِقِرَاْءَتِهِ، أَوْ خَلْفَ إِمَاْمٍ يَسْتَعْجِلُ فِيْ صَلَاْتِهِ، صَاْرَ بَعْضُ اَلْنَّاْسِ يَبْحَثُ عَنْ اَلْأَئِمَّةِ اَلَّذِيْنَ يَهُذُوْنَ اَلْقُرَّآنَ كَهَذِّ اَلْشِّعْرِ، وَيَنْثِرُوْنَهُ كَنَثْرِ اَلْدَّقَلِ، وَاَللهُ U يَقُوْلُ: } كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ { يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِي فِيْ تَفْسِيْرِهِ : } لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ { هَذِهِ اَلْحِكْمَةُ مِنْ إِنْزَاْلِهِ ، لَيَتَدَّبَّرَ اَلْنَّاْسُ آيَاْتِهِ ، فَيَسْتَخْرِجُوْا عَلْمَهَاْ وَيَتَأَمَّلُوْا أَسْرَاْرَهَاْ وَحِكَمَهَاْ ، فِإِنَّهُ بِاَلْتَّدَبِّرِ فَيْهِ وَاَلْتَّأَمَّلِ لِمَعَاْنِيْهِ ، وَإِعَاْدَةِ اَلْفِكْرِ فَيْهَاْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، تُدْرَكُ بَرَكَتَهُ وَخَيْرَهُ ، وَهَذَاْ يَدِلُ عَلَىْ اَلْحَثِ عَلَىْ تَدَبِّرِ اَلْقُرَّآن ، وَأَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ اَلْأَعْمَاْلِ ، وَأَنَّ اَلْقِرَاْءَةَ اَلْمُشْتَمَلَةَ عَلَىْ اَلْتَّدَبِّرِ أَفْضَلُ مِنْ سُرْعَةِ اَلْتِّلَاْوَةِ اَلَّتِيْ لَاْ يَحْصِلُ بِهَاْ هَذَاْ اَلْمَقْصُوْد .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ - وَلْنَحْرِصْ عَلِىْ أَيَّاْمِ وَلَيَاْلِيْ هَذَاْ اَلْشَّهْرِ اَلْعَظِيْم، وَلْيَكُنْ هَمُّنَاْ صِيَاْمُنَاْ وَقِيَاْمُنَاْ ، لِتُغْفَرَ ذُنُوْبَنَاْ، وَلْنَحْذَرَ مِنَ اَلْتَّفْرِيْطِ فَيْهِ، فَقَدْ يُوْقِعُنَاْ عَدَمُ اِيْمَاْنِنَاْ وَاَحْتِسَاْبِنَاْ، بِاَلْزُّوْرِ وَاَلْعَمَلِ بِهِ، اَلَّذِيْ حَذَّرَنَاْ مِنْهُ نَبِيُّنُاْ e فَقَاْلَ فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَنْ لَمْ يَدَعِ الزُّورَ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ , فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
قَدْ قَسَّمَ أَحَدُ اَلْعُلَمَاْءِ اَلْصَّوْمَ إِلَىْ ثَلَاْثِ مَرَاْتِبَ : صَوْمِ اَلْعُمُوْمِ ، وَصَوْمِ اَلْخُصُوْصِ ، وَصَوْمِ خُصُوْصِ اَلْخُصُوْصِ . أَمَّاْ صَوْمُ اَلْعُمُوْمِ : فَهُوَ كَفُّ اَلْبَطْنِ وَاَلْفَرْجِ عَنْ قَضَاْءِ اَلْشَّهْوَةِ . أَمَّاْ صَوْمُ اَلْخُصُوْصِ : فَهُوَ كَفُّ اَلْسَّمْعِ وَاَلْبَصَرِ وَاَلْلِّسَاْنِ وَاَلْيَدِ وَاَلْرِّجْلِ وَسَاْئِرِ اَلْجَوَاْرِحِ عَنْ اَلآثَاْمِ . أَمَّاْ صَوْمُ خُصُوْصِ اَلْخُصُوْصِ: فَصُوْمُ اَلْقَلْبِ عَنْ اَلْأُمُوْرِ اَلْدَّنِيَّةِ وَاَلْأَفْكَاْرِ اَلْدُّنَيَوُيَةِ وَكَفُّهُ عَمَّاْ سِوَىْ اَللهِ فَهُوَ إِقْبَاْلٌ بِكَاْمِلِ اَلْهِمَّةِ عَلَىْ اَللهِ جَلَّ وَتَعَاْلَىْ وَاَنْصِرَاْفُهُ عَنْ غَيْرِهِ. قَاْلَ اِبْنُ رَجَبَ رَحِمَهُ اَللهُ : اَلْطَّبَقَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ مِنْ اَلْصَّاْئِمِيْنَ مَنْ يَصُوْمُ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ عَمَّاْ سِوَىْ اَللهِ، فَيَحْفَظَ اَلْرَأْسَ وَمَاْ حَوَىْ ، وَيَحْفَظَ اَلْبَطَنَ وَمَاْ وَعَىْ ، وَيَذْكُرَ اَلْمَوْتَ وَاَلْبِلَىْ ، وَيُرِيْدُ اَلْآخِرَةَ فَيَتْرُكَ زَيْنَةَ اَلْدُّنْيَاْ . فَمَثَلُ هَذَاْ اَلْصَّاْئِمِ لَيْسَ عَيْدَهُ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَوَّاْل، وَإِنَّمَاْ عَيْدَهُ يَوْمَ لِقَاْءِ رَبِّهِ ، وَفَرْحَتُهُ بِرُؤَيَتِهِ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَا : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فاللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على عَبْدِك ورَسُوْلِك مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ فِيْ هَذَاْ اَلْشَّهْرِ اَلْعَظِيْم ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوْبَنَاْ ، وَتَسْتُرَ عُيُوْبَنَاْ ، وَتُعْتِقَ رِقَاْبَنَاْ مِنْ اَلْنَّاْرِ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَذِلَّ اَلْشِّرْكَ وَاَلْمُشْرِكِيْنَ ، وَدَمِّرَ أَعْدَاْءَكَ أَعْدَاْءَ اَلْدِّيْنِ ، اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنْدَنَاْ اَلْمُجَاْهِدِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَحْفَظْ دِمَاْءَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَعَجِّلْ لَهُمْ بِاَلْنَّصْرِ وَاَلْتَّمْكِيْنِ ، يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَنَاْ ، أَوْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ ، فَاَلْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ ، يَاْ قَوُيَ يَاْ عَزِيْز . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة عن شهر رمضان تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=132
|