خطبة عيد الفطر عام 1433هـ
يوم زكاء ( طهر ونقاء ونماء )
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ وَلَا يُؤَدِّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ، وَفَّقَ الطَّائِعِينَ، وَهَدَى الْمُؤْمِنِينَ إِلَى صَرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الْشَّاكِرِينَ ، ونَشْكُرُهُ شُكْرَ الْحَامِدِينَ ، وَنسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ المُنيبين ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئُ الْنِّعَمِ وَمُتْمِّمُهَا ، وَهُوَ الَّذِي يُبَارِكُهَا وَيَحْفَظُهَا ، أَشهدُ أن لا إلَهَ إلا هو، إله الأولين والآخرين، وقيّوم السمواتِ والأرضين، وأشهدُ أنَّ مُحمّداً عبدُهُ ورسُولُهُ المصطفى الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقهم واتبع نهجهم إلى يوم الدين ، وسلم تسليماً .
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام , ووفقتنا للإيمان , وعلمتنا السنة والقرآن , اللهم لك الحمد على الإعانة على الصيام والقيام , اللهم لك الحمد على نعمة التمام والختام, اللهم لك الحمد على أن بلغتنا عيد الفطر من رمضان , اللهم وأتم علينا النعمة بالقبول الغفران .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً .
أيها المسلمون : يوم عيد الفطر ، يوم تزكية ، يوم طهر ونقاء ونماء .
تطهَّر المؤمنون وتنقو من الذنوب والأوزار بصيام وقيام رمضان ، فهما سبب للغفران ، وقلَّت منهم الآثام ، واجتهدوا بأنواع الطاعات والصالحات ، فنما إيمانهم وازداد صلاحهم وهداهم ، وآتاهم الله تقواهم ، (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ )) والتقوى والتزكية متلازمان ، فاللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها .
كانت أيام رمضان ولياليه ميدانا لتزكية النفوس طهرت فيه ونمت ، وتمم الله لعباده هذه الطهر بزكاة الفطر ، فهي طهرة للصائمين ، فأبشروا أيها الأنقياء بالفلاح (( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )) أي قد فاز من زكَّى الفطر وكبر وصلى العيد .
عباد الله : تزكية النفوس : هي تطهيرها وتنقيتها من أوساخ الآثام ، وأوساخ الشرك والشك والكفر والنفاق ومساوئ الأخلاق ، وهي أيضاً : تنميتها وزيادتها في الصلاح بالإيمان والتوحيد والصدق والإخلاص والعمل الصالح ، وتزكية النفس ( أن تعلم أن الله معك أينما كنت ) ، بهذا فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن كان دائم المراقبة لله زكت نفسه غاية التزكية .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها الناس : هذا الدين العظيم جاء لتزكية العباد ، لتطهير نفوسهم وتنقيتهم وتنميتهم في الصلاح ، فتزكية النفوس من المقاصد الشرعية العظيمة التي من أجلها بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلينا : (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )) أي : يدلهم على ما فيه زكاتهم ، طهارتهم ونقاؤهم وصفاؤهم وزيادة صلاحهم .
وكتاب ربنا مطهر، لا يمسه إلا المطهرون، بالاهتداء بهديه تنال التزكية والطهارة والنقاء، وتصفو النفوس من الأدواء (( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ )) وبتلاوته وسماعه يحصل للإيمان النماء (( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا )) ، (( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى)) .
أقسم الله تعالى في القرآن أحد عشر قسما متوالياً على قضية التزكية : أن تزكية النفس هي سبيل الفوز والفلاح في الآخرة : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) ، ولم تحظ قضية من القضايا في القرآن بمثل هذا العدد من الأقسام المتوالية ، مما يدل على جلالتها وضخامة شأنها .
فالإنسان بطبيعته وبشريته مجبول على التلطخ بأوساخ الذنوب فالكل خطاء ، لذا أكثر الله لكم في هذا الدين المطهرات من السيئات ، وأكثر أنواع الأعمال الصالحات التي تزكوا بها النفوس ، أعمال قليلة وآثار وأجور جليلة ، فلله الحمد والمنة على هذه المطهرات (( وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ )) (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
عباد الله :
أجل وأعظم ما يحقق زكاة النفوس: -الإيمان وتحقيق التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله- فالإيمان والتوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه ، يعودان على النفس بالصفاء والنقاء والنزاهة ، قال الله تعالى : (( وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )) أي لا يأتون بالتوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله الذي به يزكو الإنسان ، فالتوحيد طهارة النفس ونقاؤها ، والشرك نجاستها وتدنيسها (( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ )) فطهروا أعمالكم من الشر (( وَثِيَابك فَطَهِّرْ )) .
ولقد تدنست في حاضرنا عقول وألسنة وأقلام ، بأفكار وكتابات شركية وإلحادية ، ودنسوا بها أسماع وأبصار أهل التوحيد والإيمان عبر الصحف والنت والفضاء بموجة إلحادية قذرة خبيثة يريدون بها فتنة الناس عن دينهم ومعتقدهم القويم (( وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) فاحذروا فتنة العقائد يا أهل الإيمان ، ففي فتن آخر الزمان يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، فاللهم ثبتنا واحفظ علينا إيماننا وتوحيدنا .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
الصلاة على الوجه الذي يرضاه الله ثاني ما تتحقق به زكاة النفوس وطهارتها ونقاؤها وأنسها وراحتها : ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا : لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا ) متفق عليه ، فأي نقاء أنقى من هذا النقاء ، كأنها اغتسال خمس مرات . فـ(( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى )) وصلاة الفجر ، فوالله لن تسعدوا وتطمئنوا في الحياة ولن تزكوا بلا صلاة (( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ )) .
والوضوء للصلاة نقاء للجسد والروح ، ( تخرج مِنْ أعضاء المتوضئ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ ) أخرجه مسلم ، فحافظوا على الوضوء فلا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ومن أثره تكونون في القيامة غرًّا محجلين . وتنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من عدم الاستنزاه من البول .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها الناس : وزكاة المال اسمٌ على مسمى ، أداؤها طهارة ونقاء ونماء (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )) ، نماء وبركة للمال وطهارة لنفس المنفق ووعد بالخلف والمضاعفة للثواب ، ومع ذلك تدنست نفوسٌ بالشح بالزكاة على قلتها ، فضلا عن الصدقات ، فاحذروا (( وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء )) وسيُجنب النار الأتقى (( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى )) ابتغاء وجه ربه الأعلى (( وَلَسَوْفَ يَرْضَى )) في الدنيا والأخرى .
والحج والعمرة كذلك نقاء ونماء ، وكل عباداتنا وتشريعات ديننا الربانية تتحقق بها تزكية النفوس .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها الناس : نقاء القلب وصفاء السريرة خيرية بين المؤمنين ، فخير المؤمنين ( مخموم القلب صدوق اللسان ) قيل يا رسول الله : وما مخموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد ) [ حديث صحيح أخرجه ابن ماجه وغيره ، وصححه البوصيري وتبعه الألباني ] ويوم العيد يوم صفاء ونقاء تنسى فيه الخصومات وتطوى صفحاتها للأبد ، فالمتخاصمين لا يرفع لهم عمل ولا يغفر لهم مع المؤمنين حتى يصطلحا ، فنقوا قلوبكم أيها الناس وصفوا نفوسكم تجاه إخوانكم المؤمنين واصطلحوا .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
حرم الله الخبائث لأنها رجس ونجاسة تُلطخ نقاء الفطرة والآدمية ، وتضر البشرية ، فالخمر أم الخبائث ملعون متعاطيها ومروجها ، ومن الخمر المخدرات والحشيش وكل مسكر . والسجائر والشيشة من الخبائث المحرمة ، فأقلعوا يا أهل النقاء فـ : (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ )) كما قال رب العالمين .
عباد الله : بلادنا تواجه حرباً باردة مع عصابات ترويج المخدرات والمسكرات في الخارج والداخل ، يريدون بذلك تدمير شبابنا ليضعفوا تمسكهم بالإسلام فتضعف دولتهم دولة الإسلام ، فالواجب علينا أن نتعاون على صد هذا العدوان .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
الفخر بالنسب والطعن في أنساب الناس جاهلية قذرة نتنة ، وأهل الفخر حقيرون عند الله ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين أقوام عن فخرهم بالآباء أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ) تشبيه شنيع ينفر العقلاء الأنقياء من هذه الجاهلية الجهلاء ، فيا أيها الناس ( كلكم من آدم وآدم من تراب ) فـ ( الناس سواسية كأسنان المشط ) (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) علّموها أولادكم ، ولا تُغذّوا فيهم العصبية والفخر بما لم يكتسبوه .
أيها المؤمنون الأنقياء : ماجت فتن مِن حولنا وبقي مجتمعنا محافظا على نقائه وأصالته إلى حد ما ، فكما طُهّرت أيديكم من كثير من الفتن ، فطهروا ألسنتكم أيضاً من فتنٍ عديدة نطق فيها الرويبضة . فليس كل مسألة لابد أن يكون لكم فيها رأي وكلام ، فما تحسبونه هيناً قد يكون الكلام به عند الله عظيماً ، فلا يفتننكم شياطين الإنس والجن ، وتمسكوا بطريقة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعضوا عليها بالنواجذ فهي سفينة النجاة في الفتن من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، وفروا من البدع والمحدثات فراركم من السباع والذئاب فإنها لوثة في الدين .
علاقة المحكوم بالحاكم في الدين واضحة جلية ، فيها مراعاة لدفع الفتن الكبرى ، قاعدتها النصح والصدق والصفاء ، فخذوا علم ذلك من العلماء الأثبات الذين تبرأ الذمة بالأخذ عنهم ، وإياكم والأخذ عن الأصاغر في مثل هذه المسائل
الولاة يحملون مسئولية ثقيلة ، فهم أحوج ما يكونون للتعاون على نجاة سفينة المجتمع في أمواج الفتن المتلاطمة بالنصيحة في السر وجمع الكلمة عليهم والدعاء لهم ، وهذه عادة أهل السنة ، الدعاء للولاة والنصح بالطريقة الشرعية لا إشاعة الأخطاء .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على كل حال , الموصوف بصفات العظمة والجلال , الأحد الصمد الحي القيوم الكبير المتعال , له الأسماء الحسنى والصفات العلا والمجد والكمال , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزّه عن الشريك والنديم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قدوتنا في النيات والأقوال والأفعال , صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى الصحب والآل .
أيها المسلمون : بأخلاق الإسلام تزكوا النفوس والمجتمعات ، وإنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم صالح الأخلاق ومكارمها ، قال الله في أدب الاستئذان : (( وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ )) .
فالحياء خلق الإسلام الأول زكاء ونقاء ، والعفو والرفق ، والتواضع والصدق ، والبر والصلة ، والجود والسماحة ، والوفاء والشهامة والسلام وغيرها من أخلاق الإسلام زكاة ونقاء للفرد والمجتمع ، فلو تمثلنا أخلاق الإسلام لتميزنا عن كل أهل الزمان .
العفاف والفضيلة والبعد عن الرذيلة طهارة ونقاء وصفاء وزكاء (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ )) وعفة الأبصار تقود لعفة الفروج ، لوط عليه السلام وآله ، تنزهوا عن الفاحشة ، فذمهم أهل الفحش بأنهم : (( أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ )) فأنجاه الله وأهله إلا امرأته وأهلك المتدنسين بالشرك والفحشاء وحكم الرب جل وعلا بأن العقوبة (( وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)) فالفاحشة إذا ظهرت وفشت في قوم عمهم الله بالعقاب ، فلننكر الرذيلة قبل فشوها في مجتمعنا ولنحارب ذرائعها ووسائلها .
فالتبرج والسفور والاختلاط وتعقيد أمر الزواج ، وإخراج المرأة من بيتها ، وإهمال البيت وضعف الرقابة والتربية ، وإدخال قنوات الإباحية كل ذلك ذرائع ووسائل مشئومة ( لفتنة في الأرض وفساد عريض ) ، قال الله بعد أن نهى عن عضل النساء (( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ))
وأنتن أيتها النساء : أنتن طرف رئيس في تحقيق العفاف والنقاء ، لذا خُصِصْتُن بالأمر : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا )) ووجهت لكن التوجيهات الربانية (( فَلَا تَخْضعْنَ بِالْقَوْلِ فيَطْمَعَ الَّذي في قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّج الْجاهِلِيَّةِ الأُولَى )) ، أنتن للرجال فتنة ، فإذا خاطبتن الرجال فخاطبنهم من وراء حجاب دون اختلاط : (( ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
عباد الله : اطلبوا تزكية نفوسكم من ربكم فهو المتفضل بها والمعين عليها : (( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ )) وادعوه بدعاء نبيكم صلي الله عليه وسلم : ( اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ) أخرجه مسلم .
أيها الناس : بالتزكية تذاق حلاوة الإيمان في الدنيا (( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ )) فزكوا أنفسكم ، ومن لم يزكي نفسه في الدنيا استحق أن يطهر في نار الجحيم ، وكفى به خيبة وخسارة (( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) ، أما من زكاها فله الدرجات العلى في القيامة (( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى. جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى )) ، وفي الجنة (( لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ )) (( وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً )) ، ولا يدخلون الجنة حتى يهذبوا وينقوا وينزع ما في صدورهم من غل (( إِخْوَاناً عَلَىَ سُرُرٍ مّتَقَابِلِينَ )) .
اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ، اللَّهُمَّ طَهِّرْنِا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ، اللَّهُمَّ نَقِّنِا مِنْهَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ. اللَّهُمَّ طَهِّرْنِا بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ ، واهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام.
تقبل الله طاعتكم ، وصالح أعمالكم وضاعف حسناتكم ، وجعل عيدكم مباركاً اللهم تقبل منا الصيام والقيام . واعف عنا يا عفو يا كريم . اللهم اجعلنا ممن نال الرحمة والرضوان والغفران في رمضان. اللهم اكتبنا فيه من المقبولين المرحومين .
اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى يا ذا الجلال والإكرام واجزهم خيراً على ما يقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين يا رب العالمين .
اللهم ادفع عن بلادنا مضلات الفتن، اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين ومن كل شر وفتنة يا خير الحافظين، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء وفتنة فاجعل كيده في نحره ، اللهم عليك بالروافض أعداء أهل البيت وخصوم السنة ، اللهم لا ترفع لهم راية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية . اللهم وفق حكام المسلمين الجدد لتحكيم شريعتك ونصرة توحيدك وسنة نبيك ، اللهم اجعلهم حربا على الشرك والبدعة والضلالة . اللهم عليك بطاغية الشام وأنصاره وأعوانه اللهم عجل بهلاكه ونصرة أهل السنة . اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين ، اللهم فرج عن إخواننا المؤمنين في الشام وفي بورما ، اللهم ارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم ، اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم اللهم وارحم ميّتهم واشف مريضهم وأطعم جائعهم واكسِ عاريَهم واحمل فقيرهم وثبت أقدامهم وكن لهم عوناً ونصيراً ومؤيداً يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين يا حيّ يا قيوم .
اللهم تغمدنا ووالدينا برحمتك إنك أنت أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك رحمة تصلح بها قلوبنا وتفرج بها كروبنا وتيسر بها أمورنا وتشفي بها مرضانا ، وترحم بها موتانا يا أرحم الراحمين . اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا أنفسنا طرفة عين. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات . اللهم اغفر للمسلمين الميتين وجازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفراناً .
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنُوا ربنا إنك رءوف رحيم . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
|