اَلْحَزِيْنُ فِيْ حَاْلِ اَلْمُعْجَبِيْن
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ، (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، نَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ
سُلْطَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
ــ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْنَ ،
وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ ، وَاتَّبَعَ سُنَّتَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَصِيَّتُهُ لَكُمْ وَلِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ :
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ
اللهِ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ ؛ بِأَنَّ الْعُجْبَ دَاءٌ عُضَالٌ، وَمَرَضٌ
خَطِيرٌ قَتَّالٌ ، وَكَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَصِفَةٌ حَقِيرَةٌ تَسْتَحِقُّ
غَضَبَ وَمَقْتَ عَلَّامِ الْغُيُوبِ ، يَقُولُ أَبُو وَهْبٍ الْمَرْوُزِيُّ: سَأَلْتُ
ابْنَ الْمُبَارَكِ: مَا الْكِبْرُ؟ قَالَ : أَنْ تَزْدَرِيَ النَّاسَ . فَسَأَلْتُهُ
عَنِ الْعُجْبِ؟ قَالَ : أَنْ تَرَى أَنَّ عِنْدَكَ شَيْئًا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِكَ،
لَا أَعْلَمُ فِي الْمُصَلِّينَ شَيْئًا شَرًّا مِنَ الْعُجْبِ .
فَالْعُجْبُ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ اَلْسَّيِّئَةِ ، الَّتِي لَا يَنْبَغِي
أَنْ تُوجَدَ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ، وَلِذَلِكَ عَاتَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْحَابَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَمَا أُعْجِبُوْا بِكَثْرَتِهِمْ ــ
فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ ــ وَقَاْلُوْا: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ ، قَالَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ
فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ
ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)
وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعُجْبَ مِنْ
وَسَائِلِ الْهَلَاكِ، فَفِي الْحَدِيثِ
الْحَسَنِ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((
ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ))
، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : (( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ
، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ ، إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ )) .
فَالْعُجْبُ كَبِيرَةٌ خَطِيرَةٌ وَصِفَةٌ حَقِيرَةٌ، وَسِمَةٌ رَذِيلَةٌ ، وَخُلُقٌ
سَيِّئٌ، لَا يَتَّصِفُ بِهِ إِلَّا أَحْقَرُ وَأَرْذَلُ النَّاسِ. أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ
مَالِكِ، أَوْ وَفْرَةُ عِلْمِكَ، أَوْ رِفْعَةُ مَنْصِبِكَ، أَوْ عُلُوُّ مَكَانَتِكَ،
أَوْ حَسَبُكَ وَنَسَبُكَ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَأَنْتَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، فَتَدَارَكْ
نَفْسَكْ أَخِيْ اَلْمُسْلِم .
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خِيرَةُ اللهِ وَمُصْطَفَاهُ مِنْ
خَلْقِهِ ، أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ ، وَبَعَثَهُ لِعِبَادِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ
لَمْ يَجِدِ الْعُجْبُ طَرِيقًا إِلَى نَفْسِهِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ
، لَمْ يَفْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَرَى النَّاسَ كَالذُّبَابِ أَوْ أَقَلَّ ،
مِنْ أَجْلِ مَالٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ،
إِنَّمَا كَانَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ، وَيُجَالِسُ
الْفُقَرَاءَ ، وَيَجْلِسُ حَيْثَ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ
وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ ، وَيَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: (( آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ ، وَأَجْلِسُ كَمَا
يَجْلِسُ الْعَبْدُ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ )) . وَلَمَّا أَتَاهُ رَجُلٌ
، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ؛ فَكَلَّمَهُ ، فَجَعَلَ تَرْعُدُ فَرَائِصُهُ
، فَقَالَ لَهُ : (( هَوِّنْ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي لَسْتُ
بِمَلِكٍ ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ )) .
وَهَكَذَا كَانَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ، فَمِنْهُمْ مِنْ بُشِّرَ
بِالْجَنَّةِ وَهُوَ حَيٌّ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَلَكَ الْأَمْوَالَ
الطَّائِلَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْحِفْظِ وَالْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَالدَّعْوَةِ
مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَلَكِنَّهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لَمْ يَجِدِ الْعُجْبُ
طَرِيقًا إِلَى نُفُوسِهِمْ، تَوَاضَعُوا للهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَفَعَ اللهُ قَدْرَهُمْ،
وَأَعْلَى مَنَازِلَهُمْ وَعَظَّمَ شَأْنَهُمْ ، يَقُوْلُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ:
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).
وَمِثْلُ خَيْرِ الْقُرُونِ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْعُجْبِ : سَلَفُنَا الصَّالِحُ
رَحِمَهُمُ اللهُ؛ فَقَدْ كَانُوا يَمْقُتُونَ الْعَالِمَ الَّذِي يَظْهَرُ لَهُمْ
عُجْبُهُ بِنَفْسِهِ، يَقُولُ الذَّهَبِيُّ عَنْ أَحَدِهِمْ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ
الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ الْقَاضِي، وَقَالَ عَنْهُ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ
بِالْأَحْكَامِ ، وَعُلُومِ الْقُرْآنِ وَالنَّحْوِ وَالشِّعْرِ وَالتَّارِيخِ ، وَلَكِنْ
قَالَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ : كَانَ مُتَسَاهِلًا رُبَّمَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ
بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِهِ ، وَأَهْلَكَهُ الْعُجْبُ ، كَانَ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ
وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا .
وَقَالَ عَنْهُ أَيْضًا: كَانَ لَا يُعِدُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَزْنًا.
وَقَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ : كَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ فَأَخْمَلَهُ الْعُجْبُ
.
فَهَذَا الْعُجْبُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ، يُهْلِكُ مَنِ اشْتُهِرَ بِعِلْمِهِ،
وَعُرِفَ بِحِفْظِهِ وَفَهْمِهِ، فَكَيْفَ بِمَنِ اشْتُهِرَ بِكُرْسِيِّهِ أَوْ شَهَادَتِهِ
أَوْ كَثْرَةِ رَوَاتِبِهِ وَحَوَافِزِهِ ، أَوْ كَثْرَةِ مُتَاْبِعِيْهِ . (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ
وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ،
وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ،
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ،
فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى
تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يَقُولُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي صَيْدِ الْخَاطِرِ: الْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى رِضَا
الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ، وَاقْتِنَاعُهُ بِعِلْمِهِ! وَهَذِهِ مِحْنَةٌ قَدْ عَمَّتْ
أَكْثَرَ الْخَلْقِ، فَتَرَى الْيَهُودِيَّ أَوِ النَّصْرَانِيَّ يَرَى أَنَّهُ عَلَى
الصَّوَابِ ، وَلَا يَبْحَثُ وَلَا يَنْظُرُ فِي دَلِيلِ نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا سَمِعَ مَا يُلِينُ قَلْبَهُ، مِثْلَ الْقُرْآنِ
الْمُعْجِزِ؛ هَرَبَ؛ لِئَلَّا يَسْمَعَ! وَكَذَلِكَ كُلُّ ذِي هَوًى يَثْبُتُ عَلَيْهِ:
إِمَّا لِأَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِيهِ وَأَهْلِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ نَظَرَ نَظَرًا أَوَّلَ
فَرَآهُ صَوَابًا، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا يُنَاقِضُهُ، وَلَمْ يُبَاحِثِ الْعُلَمَاءَ
لِيُبَيِّنُوا لَهُ خَطَأَهُ! وَمِنْ هَذَا حَالُ الْخَوَارِجِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُمُ اسْتَحْسَنُوا مَا وَقَعَ لَهُمْ ، وَلَمْ
يَرْجِعُوا إِلَى مَنْ يَعْلَمُ ، وَلَمَّا لَقِيَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فَبَيَّنَ لَهُمْ خَطَأَهُمْ، رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ مِنْهُمْ
أَلْفَانِ . وَمِمَّنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ هَوَاهُ؛ ابْنُ مُلْجَمٍ ، فَرَأَى مَذْهَبَهُ
هُوَ الْحَقَّ، فَاسْتَحَلَّ قَتْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
وَرَآهُ دِينًا، حَتَّى إِنَّهُ لَمَّا قُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ، لَمْ يُمَانِعْ ، فَلَمَّا
طُلِبَ لِسَانُهُ لِيُقْطَعَ، انْزَعَجَ، وَقَالَ : كَيْفَ أَبْقَى سَاعَةً فِي
الدُّنْيَا لَا أَذْكُرُ اللهَ؟! وَمِثْلُ هَذَا مَا لَهُ دَوَاءٌ .
فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا الْعُجْبَ ، فَهُوَ كَبِيرَةٌ
مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، وَعَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الشِّرْكِ
الْمُحْبِطِ لِلْعَمَلِ ، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ- : وَكَثِيرًا مَا يَقْرِنُ
النَّاسُ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ ، فَالرِّيَاءُ: مِنْ بَابِ الإِشْرَاكِ
بِالْخَلْقِ ، وَالْعُجْبُ: مِنْ بَابِ الإِشْرَاكِ بِالنَّفْسِ، وَهَذَا حَالُ
الْمُسْتَكْبِرِ ، فَالْمُرَائِي: لاَ يُحَقِّقُ قَوْلَهُ: ( إيَّاكَ نَعْبُدُ ) وَالْمُعْجَبُ : لاَ يُحَقِّقُ
قَوْلَهُ : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ). فَمَنْ
حَقَّقَ قَوْلَهُ : (إيَّاكَ نَعْبُدُ ) خَرَجَ
عَنِ الرِّيَاءِ، وَمَنْ حَقَّقَ قَوْلَهُ (وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ ) خَرَجَ عَنِ الإعْجَابِ .
أَسْأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا ، وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ
خَالِصًا إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ. أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ،
وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ
جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا)، فَاللَّهُمَّ صَلَّ وَسَلِّمْ
عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ،
وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَتِهِ الْغُرَرِ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَر وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ
وتَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،
وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ
الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ،
وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا
وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا،
وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ
خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) .
عِبَادَ اللهِ :
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) . فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ،
وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ،
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|