اَلْحَزِين فِيْ حَالِ اَلْهَاْجِرِيْن
الْحَمْدُ للهِ الْكَرِيمِ الْجَوَادِ ، اللَّطِيفِ بِالْعِبَادِ
، الْمُتَفَرِّدِ بِالْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، شَهَادَةً أَرْجُو بِهَا النَّجَاةَ يَوْمَ يَحْكُمُ
اللهُ بَيْنَ الْعِبَادِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ
التَّنَادِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِيَّةُ اللهِ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ،
فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{ فَاتَّقُوا
اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّنَا فِي آخِرِ أَيَّامِ
الْعِيدِ الَّذِي يَنْبَغِي فِيهِ ؛ إِنْهَاءُ التَّهَاجُرِ وَالتَّقَاطُعِ ، وَالْقَضَاءُ
عَلَى الْكُرْهِ وَالْبَغْضَاءِ ، وَإِيجَادُ الْأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ:
(( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ
فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ ، يَلْتَقِيانِ: فيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا
الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ )) .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ
وَاثْنَيْنِ ، فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ
امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : اُتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، اُتْرُكُوا
هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )) .
بَعْضُ النَّاسِ جَاءَ عِيدُ رَمَضَانَ وَمَضَى، وَجَاءَ عِيدُ الْأَضْحَى وَيَكَادُ
يَنْتَهِي، وَهُوَ لَا يَزَالُ مُرْتَكِبًا لِهَذِهِ الْكَبِيرَةِ الْخَطِيرَةِ ،
وَقَدْ تَكُونُ لِأَرْحَامِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ جِيرَانِهِ ، وَهَذَا مِنْ تَخْطِيطِ
الشَّيْطَانِ ، وَتَنْفِيذِ ضِعَافِ الْإِيمَانِ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : (( إنَّ الشَّيْطَانَ
قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، ولَكِنْ فِي
التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ )) . وَالْهَجْرُ نَتِيجَةٌ مِنْ نَتَائِجِ التَّحْرِيشِ
، وَهُوَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ النَّارِ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - فَفِي
سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ
، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ )) ، قَالَ أَبُو
دَاوُدَ : إِذَا كَانَتِ الْهَجْرَةُ للهِ تَعَالَى ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ
.
فَهَجْرُ الْمُسْلِمِ لِإِخْوَانِهِ دُونَ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ ؛ أَمْرٌ حَرَّمَهُ
الدِّينُ ، وَلَا يُحِبُّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَصِفَةٌ لَيْسَتْ مِنْ صِفَاتِ
الْمُؤْمِنِينَ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : }وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ{ ، يَقُولُ ابْنُ سِعْدِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ : هَذَا مِنْ فَضَائِلِ
الْإِيمَانِ : أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ، وَيَدْعُو بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ، بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْإِيمَانِ الْمُقْتَضِي لِعَقْدِ الْأُخُوَّةِ
بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ، الَّتِي مِنْ فُرُوعِهَا أَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
، وَأَنْ يُحِبَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
نَعَمْ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - الْمُؤْمِنُ يَحْرِصُ عَلَى مَا يُرْضِي رَبَّهُ
، وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ لِيَقْتَدِيَ بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، الَّذِي آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ فِي مَكَّةَ ، وَحَاصَرُوهُ فِي شِعْبِهَا ، وَوَضَعُوا
سَلَى الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ يُصَلِّي ، وَلَفَّقُوا لَهُ التُّهَمَ ؛
تَارَةً يَقُولُونَ مَجْنُونٌ وَتَارَةً يَقُولُونَ سَاحِرٌ، وَآذَوْهُ بِأَحَبِّ
النَّاسِ إِلَى نَفْسِهِ - أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، وَمَعَ ذَلِكَ يَدْعُو
اللهَ قَائِلًا: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي ؛ فَإِنَّهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ )). يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ : دُعَاءٌ تَضَمَّنَ أَرْبَعَ
مَقَامَاتٍ مِنْ مَقَامَاتِ الْإِحْسَانِ : الْأَوَّلُ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُمْ ، وَالثَّانِي
أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ اعْتَذَرَ لَهُمْ فَقَالَ : لَا
يَعْلَمُونَ ، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ قَال: قَوْمِي ، فَنَسَبَهُمْ إِلَى نَفْسِهِ
.
بَلْ حَتَّى إِخْوَانُ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ
، حِينَمَا كَانُوا فِي الْمَدِينَةِ ، لَمْ يَجِدْ مِنْهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَّا الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ ، وَمَعَ ذَلِكَ يَأْمُرُهُ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ بِقَوْلِهِ : } وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ
مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {، فَيَصْبِرُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَعْفُو عَنْهُمْ
وَيَصْفَحُ ، حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ بِإِجْلَائِهِمْ ، وَمُعَاقَبَةِ نَاقِضِي
الْعَهْدِ مِنْهُمْ .
فَمَا أَحْوَجَنَا - وَاللهِ - إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَقَدْ دَخَلَ مَكَّةَ فَاتِحًا ، وَوَجَدَ الَّذِينَ آذَوْهُ
؛ وَجَدَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَهُ ، وَجَدَ الَّذِينَ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ
، وَجَدَ قُرَيْشًا وَقَدْ طَأْطَئُوا رُؤُوسَهُمْ يَنْتَظِرُونَ حُكْمَهُ ؛ قَالَ
صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : (( يَا مَعْشَرَ
قُرَيْشٍ ! مَا تَظُنُّونَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ ؟ )) فَأَخَذُوا يُفَكِّرُونَ
، وَيَتَذَكَّرُونَ ، فَلَمْ يَذْكُرُوا إِلَّا سَوَادَ وُجُوهِهِمْ . فَقَالُوا :
أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٌ . قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ )) .
فَمَا أَحْوَجَنَا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنْ نَعْفُوَ! لَا أَقُولُ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ ، وَلَا عَنْ إِخْوَانِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ ، إِنَّمَا عَنْ
إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ، عَنْ أَقَارِبِنَا، عَنْ أَرْحَامِنَا.
فَاللهَ .. اللهَ يَا مَنْ فَاتَتْهُ
هَذِهِ الْفُرْصَةُ الْعَظِيمَةُ ، بَادِرْ إِلَى إِرْغَامِ شَيْطَانِكَ ، وَسَارِعْ
إِلَى إِرْضَاءِ رَبِّكَ، وَاصْطَلِحْ مَعَ إِخْوَانِكَ ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَغْفِرَ
لَنَا وَلَكَ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشَّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ: } فَلَا وَرَبِّكَ لَا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { .
بَارَكَ
اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا
وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى
تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
مَهْمَا حَصَلَ لِلْإِنْسَانِ مِنْ قَطِيعَةٍ، وَمَهْمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ هَجْرٍ،
وَمَهْمَا أَسَاءَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ وَأَقَارِبُهُ وَجِيرَانُهُ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي
لَهُ أَنْ يَتَحَمَّلَ الْأَذَى، وَيَبْتَغِي أَجْرَ ذَلِكَ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى .
الْمُسْلِمُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - يُرَاقِبُ اللهَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ،
وَلَا يَكُونُ ضَحِيَّةً لِنَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَشَيْطَانِهِ، فَفِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا قَالَ
: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ
إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ،
فَقَالَ: (( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ ،
فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ
عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ )).
وَمَعَ احْتِمَالِ الْأَذَى - إِخْوَتِي فِي اللهِ - يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ،
أَنْ يَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فَيُقَابِلُ الْإِسَاءَةَ، وَالْكَلِمَةَ
الْجَارِحَةَ، وَالْحَرَكَةَ الْمُحْرِجَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛ أَيْ: بِالْخَصْلَةِ
وَبِالْكَلِمَةِ وَبِالطَّرِيقَةِ وَالْمُعَامَلَةِ الْحَسَنَةِ، يَقُولُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : } وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا
الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ { .
وَمَعَ احْتِمَالِ الْأَذَى، وَالدَّفْعِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، عَلَى الْمُسْلِمِ
أَنْ لَا يَغْضَبَ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ عَوَاقِبُهُ وَخِيمَةٌ، وَلَهُ ثِمَارٌ مُرَّةٌ
، وَلِهَذَا لَمَّا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَالَ: أَوْصِنِي ! قَالَ لَهُ: (( لَا تَغْضَبْ
)) فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ لَهُ: (( لَا تَغْضَبْ
)) ، يَقُولُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - :
فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ
كُلَّهُ .
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا
لِوَجْهِهِ خَالِصًا وَسَلَامَةً دَائِمَةً ، اللَّهُمَّ أَيْقِظْنَا مِنْ رَقْدَةِ
الْغَافِلِينَ ، وَأَغِثْنَا بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ
، اللَّهُمَّ احْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا
مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا
وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ خَافَكَ
وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ
بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ
وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
.
}
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ {.
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ
عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ، وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد
الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |