شَمَّاعَةُ
الْفَاشِلِينَ
الْحَمْدُ
للهِ بِرَحْمَتِهِ اهْتَدَى الْمُهْتَدُونَ ، وَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ ضَلَّ
الضَّالُّونَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ
لَهُ ،لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، تَرَكَنَا عَلَى مَحَجَّةٍ بَيْضَاءَ لَا
يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالظُّنُونِ ، صَلَّى اللهُ
وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ
بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ
أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يَقُولُ عَزَّ
وَجَلَّ مِنْ قَائِلٍ: } يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، حَقَّ تُقَاتِهِ ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ
مَسْعُودٍ : وَهُوَ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ،
وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ . فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا -
رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ - بِأَنَّ عَدَمَ الْعَمَلِ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ ، وَتَرْكَ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَاتِّبَاعَ مَا تَقْتَضِيهِ الشُّبُهَاتُ وَمَا تُمْلِيهِ الشَّهَوَاتُ ،
مَنْهَجُ الْفَاسِدِينَ وَدَيْدَنُ الْفَاشِلِينَ ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ عَزَّ
وَجَلَّ : } وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ
اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{ ، يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ
فِي تَفْسِيرِهِ : وَقَوْلُهُ : }فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{
يَعْنِي : الَّذِينَ فَازُوا بِكُلِّ خَيْرٍ ، وَأَمِنُوا مَنْ كُلِّ شَرٍّ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
فَعَدَمُ
طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَرْكُ سُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، تَعْنِي الْفَشَلَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَا أَكْثَرَ
الْفَاشِلِينَ ــ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ــ! وَالدَّلِيلُ فِي كِتَابِ اللهِ
تَعَالَى : } وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ { } وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {
، } وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ {
، } وَإِنْ
تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ {،} وَأَكْثَرُهُمُ
الْفَاسِقُونَ {
، } وَأَكْثَرُهُمُ
الْكَافِرُونَ {
، } وَأَكْثَرُهُمْ
لِلْحَقِّ كَارِهُونَ { وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي
تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَاشِلِينَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ كُثُرٌ ، لَيْسَ لَهُمْ
عَدٌّ وَلَا حَصْرٌ ، وَلَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ إِلَّا جَاحِدٌ مُكَذِّبٌ
بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَمِنْ
مَبَادِئِ الْفَاشِلِينَ: الْبَحْثُ عَنْ مُبَرِّرَاتٍ لِفَشَلِهِمْ ، وَإِيجَادُ
أَسْبَابٍ وَاهِيَةٍ لِضَلَالِهِمْ وَزَيْغِهِمْ ، يَجْعَلُونَهَا كَالشَّمَّاعَةِ
، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا سَبَبَ انْحِرَافِهِمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ،
وَضَلَاْلِهِمْ عَنِ اَلْطَّرِيْقِ اَلْقَوِيْمِ ، حَالُهُمْ كَحَالِ الَّذِينَ
ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ :
} مَا هَذِهِ
التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ . قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا
لَهَا عَابِدِينَ {
.
} قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا
عَاكِفِينَ . قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ . أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ
أَوْ يَضُرُّونَ . قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ{ .
} وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ
نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ
وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ{
.
جَعَلُوا مَا
تَوَارَثُوهُ عَنْ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ مُبَرِّرًا لِانْحِرَافِهِمْ
وَضَلَالِهِمْ، وَمِثْلُهُ الْيَوْمَ شَمَّاعَةُ الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ
الْمُنَافِيَةِ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيُوجَدُ فِي الْمُجْتَمَعِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِبَعْضِ
الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ السَّيِّئَةِ الْمَوْرُوثَةِ، أَشَدَّ مِنْ تَمَسُّكِهِ
بِقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، يَقُولُ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: الْوَاجِبُ عَلَى
كُلِّ مُسْلِمٍ ؛ أَنْ لَا يَعْتَمِدَ عَلَى الْعَادَاتِ، بَلْ يَجِبُ عَرْضُهَا
عَلَى الشَّرْعِ الْمُطَهَّرِ، فَمَا أَقَرَّهُ مِنْهَا جَازَ فِعْلُهُ، وَمَا لَا
فَلَا ، وَلَيْسَ اعْتِيَادُ النَّاسِ لِلشَّيْءِ دَلِيلًا عَلَى حِلِّهِ،
فَجَمِيعُ الْعَادَاتِ الَّتِي اعْتَادَهَا النَّاسُ فِي بِلَادِهِمْ، أَوْ فِي
قَبَائِلِهِمْ ، يَجِبُ عَرْضُهَا عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَمَا أَبَاحَ اللهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ
مُبَاحٌ ، وَمَا نَهَى اللهُ عَنْهُ وَجَبَ تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَ عَادَةً
لِلنَّاسِ .
وَيَقُولُ
الْحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ- فِيمَنْ يَسْتَمْسِكُ بِالْعَادَاتِ
وَالْأَعْرَافِ وَيُقَدِّمُهَا عَلَى أَحْكَامِ شَرْعِ اللهِ وَمَا جَاءَ بِهِ
رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّهُ يَعْرِضُ لَهُمْ فَسَادٌ فِي
فِطَرِهِمْ وَظُلْمَةٌ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَكَدَرٌ فِي أَفْهَامِهِمْ، وَمَحْقٌ
فِي عُقُولِهِمْ فَيَتَرَبَّى عَلَيْهَا الصَّغِيرُ، وَيَهْرَمُ عَلَيْهَا
الْكَبِيرُ .
فَالتَّمَسُّكُ بِمَا عَلَيْهِ
الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلدِّينِ ؛ أَمْرٌ خَطِيرٌ ،
وَفِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : } قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا
وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ
مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ
اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ ، يَقُولُ ابْنُ سِعْدِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ
: وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَعْظَمُ دَلِيلٍ عَلَى وُجُوبِ مَحَبَّةِ اللهِ
وَرَسُولِهِ، وَعَلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى مَحَبَّةِ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى
الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَالْمَقْتِ الْأَكِيدِ، عَلَى مَنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ
هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَجِهَادٍ فِي
سَبِيلِهِ. وَعَلَامَةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ،
أَحَدُهُمَا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَلَيْسَ لِنَفْسِهِ فِيهِ هَوًى،
وَالْآخَرُ تُحِبُّهُ نَفْسُهُ وَتَشْتَهِيهِ، وَلَكِنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ
مَحْبُوبًا للهِ وَرَسُولِهِ، أَوْ يُنْقِصُهُ، فَإِنَّهُ إِنْ قَدَّمَ مَا
تَهْوَاهُ نَفْسُهُ، عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ
ظَالِمٌ، تَارِكٌ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
فَاتَّقُوا
اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا كُلَّ مَا يُخَالِفُ شَرْعَ اللهِ ، حَتَّى
وَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَاتِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، فَأَمَامَكُمْ يَوْمٌ
كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: } يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ .
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ
يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ {
.
بَارَكَ
اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا
وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى
تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
وَمِنَ
الْعَادَاتِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تَوَارَثَهَا بَعْضُ النَّاسِ عَنْ آبَائِهِمْ
وَأَجْدَادِهِمْ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ وَالدِّينِ، وَجَالِبَةٌ لِسَخَطِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ: التَّفَاخُرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ،
وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ، يَقُولُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (( أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا
يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ،
وَالِاسْتِسْقاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ . وَقَالَ: النَّائِحَةُ إِذَا
لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا ، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا
سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرانٍ ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ )) .
فَاتَّقُوا
اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْرِصُوا عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،
وَاعْلَمُوا يَقِينًا أَنَّكُمْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فِي اخْتِبَارٍ
وَامْتِحَانٍ ، وَأَمَامَكُمْ جَنَّةٌ وَنَارٌ، تَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى:
} أَذَلِكَ
خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ . إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً
لِلظَّالِمِينَ . إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ . طَلْعُهَا
كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ
مِنْهَا الْبُطُونَ . ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ .
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ . إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ
ضَالِّينَ . فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ{
.
أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ
الْمُنِيرِ ؛ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ
مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما { .
وَصَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً
وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ التَّابِعِينَ
وَتَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ،
وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ ،
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى تَحْكِيمِ كِتَابِكَ ،
وَالْعَمَلِ بِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا
وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ مَنْ
خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ
الشَّرِيفَيْنِ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ لِهُدَاكَ وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ
، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى
الْخَيْرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ، وَاصْرِفْ عَنْهُ وَأَبْعِدْ عَنْهُ بِطَانَةَ
السُّوءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ ،
وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ
عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ .
اللَّهُمَّ }رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {. فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى
وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|