الْبَنَاتُ نِعْمَةٌ مُهْدَاةٌ
الْحَمْدُ للهِ الْقَائِلِ: } يَاْ أَيُّهَاْ
اَلَّذِيْنَ آمَنُوْا قُوْا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَاْرًا { ، أَحْمَدُهُ
حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ، وَأَشْكُرُهُ
عَلَى نِعَمِهِ وَفَضْلِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ
وَخَلِيلُهُ ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ، وَتَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ
الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى
اللهِ U
وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ فِي
حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ، يَقُولُ U فِي كِتَابِهِ: }وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {،
وَيَقُولُ U مِنْ قَائِلٍ: } وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ
خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ {،
فَاتَّقُوا اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ
عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
فِي
حَدِيثٍ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا- قَالَتْ: « مَا رَأَيْتُ
أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا . وَفِي رِوَايَةٍ: حَدِيثًا،
وَكَلَامًا بِرَسُولِ اللهِ e مِنْ فَاطِمَةَ، كَانَتْ
إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، قَامَ إِلَيْهَا ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَقَبَّلَهَا،
وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا ، قَامَتْ إِلَيْهِ
، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا » .
هَكَذَا
كَانَ يُعَامِلُ النَّبِيُّ e ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
يَأْخُذُ بِيَدِهَا، وَيُجْلِسُهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَيُشْعِرُهَا e
بِمَحَبَّتِهِ لَهَا، يَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَهُوَ رَسُولُ
اللهِ e،
سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَصَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، يَقُولُ أَبُو مَسْعُودٍ t:
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ
تَرْعُدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ: ((
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بَمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ
تَأْكُلُ الْقَدِيدِ )). يَعْنِي تَأْكُلُ اللَّحْمَ الْمُمَلَّحَ
الْمُجَفَّفَ فِي الشَّمْسِ . يَقُولُ ذَلِكَ e
لِيُذْهِبَ عَنِ الرَّجُلِ فَزَعَهُ ، فَالنَّبِيُّ e
وَهُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، وَبِتِلْكَ الْمَكَانَةِ ، تَرْعُدُ مِنْ
هَيْبَتِهِ فَرَائِصُ الرِّجَالِ ، وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَقْبِلُ ابْنَتَهُ
وَيَهْتَمُّ بِهَا غَايَةَ الِاهْتِمَامِ . وَيُوجَدُ مِنَ النَّاسِ مَعَ
الْأَسَفِ مَنْ يَحْتَقِرُ بَنَاتِهِ بِلِسَاْنِ حَاْلِهِ وَمَقَاْلِهِ ، بَلْ
مِنْهُمْ مَنْ يَرَى عَيْبًا أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ لِزَوَاجِ ابْنَتِهِ ، بَلْ
مِنْهُمْ مَنْ لَا يَوَدُّ ذِكْرَ حَتَّى اسْمِهَا وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ،
وَالْبِنْتُ لَا تَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنِ الْوَلَدِ ، وَمَا التَّنَوُّعُ فِي هَذَا الْمَجَالِ
إِلَّا آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى ،
يَقُولُ سُبْحَانَهُ : }لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ
الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ
عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {
سُبْحَانَهُ .
بَعْضُ النَّاسِ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ- إِذَا
وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ ذَكَرٌ فَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا ، أَمَّا إِذَا كَانَ
الْمَوْلُودُ أُنْثَى ، فَإِنَّ مُسْتَوَى الْفَرَحِ عِنْدَهُ يَقِلُّ ، بَلْ
بَعْضُهُمْ يَكْرَهُ ذَلِكَ } وَإِذَا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ {
إِذَا جَاءَهُ خَبَرٌ بِوِلَادَةِ بِنْتٍ لَهُ اسْوَدَّ وَجْهُهُ ، وَضَاقَ
صَدْرُهُ ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ .
فَاللهُ
U
لِحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ ، هُوَ الَّذِي } يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ {
كَمَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ
عَاقِلًا ، فَيَرْضَى بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ ، وَرُبَّ أُنْثَى ، بِعَفَافِهَا
وَدِينِهَا وَأَخْلَاقِهَا وَرَحْمَتِهَا وَعَطْفِهَا وَحَنَانِهَا وَدُعَائِهَا
، أَفْضَلُ وَاللهِ مِنَ الذُّكُورِ .
وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ قَدْ يَحْدُثُ لَهُ عُقُوبَةٌ مِنَ
اللهِ ، قَدْ يُعَاقِبُهُ اللهُ U بِسَبَبِ كُرْهِهِ وَعَدَمِ رِضَاهُ بِمَا
قَدَّرَ لَهُ سُبْحَانَهُ؛ أَحَدُهُمْ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- كُلَّمَا وَلَدَتْ
زَوْجَتُهُ أُنْثَى ضَاقَ صَدْرُهُ ، مِنْ حُبِّهِ لِلْأَوْلَادِ وَبُغْضِهِ
لِلْبَنَاتِ ، وَلِذَلِكَ يَسُبُّ زَوْجَتَهُ الْمِسْكِينَهَ وَيَشْتُمُهَا
وَيَلْعَنُهَا ، وَيَجْرَحُهَا أَحْيَانًا حَتَّى بِالْكَلَامِ ، يُلَمِّحُ لَهَا
بِأَنَّهُ سَوْفَ يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا ثَانِيَةً لَعَلَّهَا تَأْتِي لَهُ
بِذَكَرٍ ، وَهِيَ لَيْسَ لَهَا مِنَ الْأَمْرِ
شَيْءٌ ، فَجَاءَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ ، كُلَّمَا جَاءَتْهُ وَاحِدَةٌ ، أَظْهَرَ
تَسَخُّطَهُ . فَلَامَهُ النَّاسُ ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ : أُرِيدُ وَلَدًا
يَرْفَعُ رَأْسِي ، أُرِيدُ وَلَدًا أُكَنَّى بِهِ ، أُرِيدُ وَلَدًا يَحْمِلُ اسْمِي ، وَيَا سُبْحَانَ
اللهِ! جَاءَ الْمَوْلُودُ السَّادِسُ وَلَدًا ، فَفَرِحَ بِهِ ، وَكَانَ يُهِينُ
أَخَوَاتِهِ مِنْ أَجْلِهِ ، فَهُوَ
الابْنُ الْمُدَلَّلُ ، وَفَّرَ لَهُ مُتَطَلَّبَاتِ حَيَاتِهِ ، أَغْدَقَ
عَلَيْهِ الْمَالَ ، وَفَّرَ لَهُ شَهَوَاتِهِ وَمَلَذَّاتِهِ ، فَمَاذَا كَانَتْ
نِهَايَتُهُ؟ قُبِضَ عَلَيْهِ مُرَوِّجَ مُخَدِّرَاتٍ ، وَفِعْلًا رَفَعَ رَأْسَهُ
وَلَكِنْ إِلَى أَسْفَلَ! نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
فَيَجِبُ
عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَرْضَى بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ ، وَأَنْ يَحْتَسِبَ الْأَجْرَ
مِنَ اللهِ U فِي بَنَاتِهِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ e
فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- : ((
مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ ، كُنَّ
لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ )) ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ يَقُولُ صَلَوَاتُ
رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : ((
مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ
جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ )) . وَيَقُولُ أَيْضًا e
: (( مَنْ عَالَ
جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ
كَهَاتَيْنِ )) وَضَمَّ أَصَابِعَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
t
: (( مَنْ كَانَ
لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ يُؤْوِيهِنَّ وَيْرَحَمُهُنَّ ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ
الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ )) ، فَقَالَ رَجُلٌ : وَثِنْتَيْنِ يَا رَسُولَ
اللهِ؟ قَالَ e : (( وَثِنْتَيْنِ )) .
فَالْبَنَاتُ
-أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- وَاللهِ نِعْمَةٌ ، نِعْمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ U
، تَأَمَّلْ أَخِي : سَتْرٌ مِنَ النَّارِ ، وَحِجَابٌ مِنَ النَّارِ ، وَوُجُوبُ الْجَنَّةِ وَمُرَافَقَةُ
النَّبِيِّ e فِيهَا .
فَهَلْ
فَكَّرَ فِي هَذَا الْمُتَسَخِّطُ مِنَ الْبَنَاتِ؟ هَلْ تَأَمَّلَ هَذَا
الْأَجْرَ الَّذِي يُمَيِّزُ وَيُفَضِّلُ أَوْلَادَهُ عَلَى بَنَاتِهِ ، فَإِذَا
وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ ، جَعَلَ عَقِيقَتَهُ وَلِيمَةً كَبِيرَةً عَظِيمَةً، يَدْعُو
لَهَا كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، أَمَّا الْبِنْتُ فَوَاحِدَةٌ وَيُوَزِّعُهَا؟!
فَاَتَّقُوْا
اَللهَ عِبَاْدَ اَللهِ، وَاَرْضُوْا بِمَاْ قَضَىْ وَقَدَّرَ اَللهُ سُبْحَاْنَهُ،
فَاَلْإِيْمَاْنُ بِاَلْقَضَاْءِ وَاَلْقَدَرِ، رُكْنٌ مِنْ أَرْكَاْنِ
اَلْإِيْمَاْنِ بِاَللهِ تَعَاْلَىْ .
أَسْأَلُ
اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا ، وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ خَالِصًا، وَرِزْقًا
وَاسِعًا، وَسَلَامَةً دَائِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ. أَقُولُ قَوْلِي
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا
لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى
رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
إِنَّ
هَذَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ ، الْمُتَرَتِّبَ عَلَى وُجُودِ الْبَنَاتِ، لَهُ
شُرُوطٌ مُهِمَّةٌ، يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَهَا أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنْهَا، وَهَذِهِ
الشُّرُوطُ لَمْ نَأْتِ بِهَا مِنْ عِنْدِنَا، إِنَّمَا ذَكَرَهَا النَّبِيُّ e
فِي الْأَحادِيثِ الَّتِي سَمِعْتُمْ: أَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ،
صَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، كَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، عَالَهُنَّ، آوَاهُنَّ
وَرَحِمَهُنَّ؛ هَذِهِ شُرُوطُ الْفَوْزِ بِأُجُورِ الْبَنَاتِ .
لِذَلِكَ
يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى بَنَاتِهِ، وَيَسْتَوْفِيَ هَذِهِ
الشُّرُوطَ، يَعْدِلُ فِي مَحَبَّتِهِ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَبَنَاتِهِ، يَبْذُلُ
مَا بِوُسْعِهِ لِيُرَبِّيَ بَنَاتِهِ تَرْبِيَةً إِسْلَامِيَّةً .
فَاللهَ
اللهَ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ e: (( مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ )) ؛
فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِنَّ .
الْبِنْتُ
تَحْتَاجُ مِنَ الْعِنَايَةِ وَالْإِحْسَانِ أَكْثَرَ مِنَ الْوَلَدِ، فَهِيَ
ضَعِيفَةٌ، وَخَاصَّةً فِي هَذَا الزَّمَانِ، الْمَمْلُوءِ بِالْفِتَنِ
وَالْمُغْرِيَاتِ، فَهِيَ تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَهْتَمُّ بِهَا، تَحْتَاجُ إِلَى
مَنْ يُشْبِعُ فِطْرَتَهَا بِالْعَطْفِ وَالْحَنَانِ ، وَالتَّقْدِيرِ
وَالِاحْتِرَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِهَا، كَانَ وَالْعِيَاذُ
بِاللهِ مِنْ غَيْرِهِمْ . فَيَجِبُ أَنْ يُقْطَعَ الطَّرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ
كُلِّ مَا يَتَسَبَّبُ فِي انْحِرَافِهَا وَفَسَادِهَا، يُحْرَصُ عَلَى مَا
يَكُونُ حَصَانَةً لَهَا، تُعَوَّدُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ،
تُحَذَّرُ مِنَ الْمُكَالَمَاتِ الْمَشْبُوهَةِ، وَالْمَوَاقِعِ الْمَكْرُوهَةِ،
وَالْخَلْوَةِ بِالسَّائِقِ، وَالِانْفِرَادِ بِالْبَاعَةِ، تُعَلَّمُ أَهَمِّيَّةَ
الْحِجَابِ، وَيُرْشَدُ عِنْدَهَا الْإِعْجَابُ، تُعَوَّدُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ-
بِأَنْ تُصَارِحَ أَهْلَهَا، وَخَاصَّةً الْأَبَ وَالْأُمَّ ، تُبْدِي لَهُمْ
أَسْرَارَهَا، تَسْتَشِيرُهُمْ بِمَا قَدْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ ظُرُوفِ هَذِهِ
الْحَيَاةِ الصَّعْبَةِ الْخَطِيرَةِ، الَّتِي يَصْدُقُ عَلَيْهَا قَوْلُ
الْقَائِلِ :
وَمَنْ
رَعَى غَنَمًا بِأَرْضِ مُسْبِعَةٍ
وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا
الْأَسَـــــــــــــــــــــــــــــــدُ
أَسْأَلُهُ
U
أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا
هُدَاةً مُهْتَدِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ
وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا: }إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا{ فَاللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ وَالْجَبِينِ
الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَتِهِ الدُّرَرِ، أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،
وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ
إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ
وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ
الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ
الْمُسْلِمِينَ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا
مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي
أَوْطَانِنَا، وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي
عَهْدِ مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَيِّدْ إِمَامَنَا، خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ
بِتَأْيِيدِكَ، اللَّهُمَّ انْصُرْ بِهِ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ
يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ لِهُدَاكَ وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي
رِضَاكَ ، وَأَمِدَّ بِعُمْرِهِ عَلَى طَاعَتِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
.
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا
اللهُ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|