الْحَذَرُ مِنْ مُخَالَفَةِ سَيِّدِ الْبَشَرِ صلى الله عليه وسلم
الْحَمْدُ للهِ
مُعِزِّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ ، وَمُذِلِّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَعَصَاهُ
، مُجِيبِ دَعْوَةِ الدَّاعِي إِذَا دَعَاهُ ، وَهَادِي مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَاسْتَهْدَاهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَمْلَأُ أَرْضَهُ وَسَمَاهُ ، وَأَشْكُرُهُ
عَلَى سَوَابِغِ نِعْمَاهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي اصْطَفَاهُ، وَأَسْرَى بِهِ إِلَى سَمَاهُ،
وَأَرَاهُ مِنْ عَظِيمِ الْمَلَكُوتِ مَا أَرَاهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ
عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ
نَصَرَهُ وَآوَاهُ ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ وَاتَّبَعَ هُدَاهُ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى
اللهِ U
وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ فِي
حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ ، يَقُولُ U فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {،
وَيَقُولُ U مِنْ قَائِلٍ: } وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ
خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ {،
فَاتَّقُوا اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ
عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
رَوَى
الْإِمَامُ مُسْلِمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي صَحِيحِهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو
بْنِ الْأَكْوَعt؛ أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ
e
بِشِمَالِهِ فَقَالَ: (( كُلْ
بِيَمِينِكَ )) قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ: (( لَا اسْتَطَعْتَ ))، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ.
قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ؛ أَيْ : شُلَّتْ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ-
يَدُهُ .
وَفِي
حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t
أَنَّ النَّبِيَّ e
قَالَ: (( إِذَا اسْتَيْقَظَ
أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى
يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ))،
يَقُولُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبُسْتَان: حُكِيَ
أَنَّ بَعْضَ الْمُبْتَدِعِينَ سَمِعَ قَوْلَ النَّبِيِّ e:
(( فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ
بَاتَتْ يَدُهُ ))، فَقَالَ الْمُبْتَدِعُ : أَنَا أَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ
يَدِي، بَاتَتْ فِي الْفِرَاشِ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي دُبُرِهِ
حَتَّى ذِرَاعِهِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
مِنْ
هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَتِلْكَ الْحَادِثَتَيْنِ يَتَبَيَّنُ لَنَا خَطَرُ
وَجَرِيمَةُ وَشَرُّ مُخَالَفَةِ أَمْرِ النَّبِيِّ e،
وَهُوَ أَمْرٌ حَذَّرَ اللهُ U مِنْهُ فِي كِتَابِهِ، يَقُولُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: } فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ {
يَقُولُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: الْفِتْنَةُ هَاهُنَا الْكُفْرُ.
وَقَوْلُهُ: } أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ {
يَقُولُ: أَوْ يُصِيبَهُمْ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا عَذَابٌ مِنَ اللهِ مُوْجِعٌ ،
عَلَى صَنِيعِهِمْ ذَلِكَ ، وَخِلَافِهِمْ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ e .
فَمُخَالَفَةُ
أَمْرِ الرَّسُولِ e؛ أَمْرٌ خَطِيرٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ فِي
شَيْءٍ يَسِيرٍ ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ مُخَالَفَةَ أَمْرِ الرَّسُولِ e
مُخَالَفَةٌ لِأَمْرِ اللهِ U ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ
طَاعَةٌ للهِ سُبْحَانَهُ، يَقُولُ U:
}مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ {،
وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ يَقُولُ e:
(( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ
اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ )) بَلْ يَكْفِي أَنَّ فِي
طَاعَةِ الرَّسُولِ؛ دَلِيلًا عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ U
؛ فَالَّذِي يُحِبُّ اللهَ، وَيَطْمَعُ أَنَّ اللهَ U
يُحِبُّهُ وَيَغْفِرُ ذُنُوبَهُ ؛ يُطِيعُ الرَّسُولَ e
، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: } قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ { .
فَمُخَالَفَةُ
أَمْرِ الرَّسُولِ e -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ-
أَمْرٌ خَطِيرٌ، يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ، وَعَدَمُ التَّهَاوُنِ بِه، وَالْبُعْدُ
عَنْهُ، فَقَدْ يَكُونُ سَبَبًا -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- مِنْ حِرْمَانِ دُخُولِ
الْجَنَّةِ وَدُخُولِ النَّارِ وَبِئْسَ الْقَرَارُ ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e:
(( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
إِلَّا مَنْ أَبَى )). أَيْ : مَنْ رَفَضَ وَامْتَنَعَ ، قِيلَ : وَمَنْ
يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : (( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى )).
فَطَاعَتُهُ e سَبَبٌ لِدُخُولِ
الْجَنَّةِ، وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ سَبَبٌ لِلْوُقُوعِ فِي الْفِتْنَةِ
وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَدُخُولِ النَّارِ ، وَمَعَ هَذَا -أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ- نَجِدُ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ - وَقَدْ يَكُونُ وَالْعِيَاذُ
بِاللهِ مِنْ بَيْنِنَا مِنْهُمْ - مَنْ يُخَالِفُ أَوَامِرَ الرَّسُولِ e
، وَمَنْ يَتْرُكُ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ ، وَيَرْتَكِبُ مَا
نَهَاهُ عَنْهُ، وَلَا يَجِدُ بَأْسًا فِي ذَلِكَ ، بَلْ لَا يَجِدُ حَتَّى مَنْ
يُنْكِرُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. سَأَلْتُ أَحَدَ
كِبَارِ السِّنِّ، عَنْ لَوِ اسْتَضَافَهُ أَحَدُهُمْ، وَصَبَّ لَهُ الْقَهْوَةَ
مُتَعَمِّدًا فِيمَا يُصَبُّ فِيهِ الشَّاي، مَاذَا سَيَفْعَلُ؟ قَالَ: وَاللهِ
لَأَضْرِبُ بِهَا وَجْهَهُ، سَأَلْتُهُ لِمَاذَا؟ قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ يُخَالِفُ
عَادَاتِنَا وَتَقَالِيدَنَا ، قُلْتُ لَهُ: وَلَكِنَّكَ تَسْتَضِيفُهُ
وَتُجَالِسُهُ وَتُمَازِحُهُ وَقَدْ تُثْنِي عَلَيْهِ وَتَمْتَدِحُهُ، وَعِنْدَهُ
مِنَ الْمُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، فَقَدْ يَكُونُ
مُسْبِلًا حَلِيقًا مُدَخِّنًا سَكَّارًا نَكَّارًا ظَالِمًا مُرَابِيًا فَاسِقًا
مُبْتَدِعًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تُحَرِّكُ سَاكِنًا ، وَالرَّسُولُ e
يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((
مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الْإِيمَانِ ))، فَهَلْ غَضِبْتَ للهِ U
كَغَضَبِكَ لِعَاْدَاْتِكَ وَتَقَاْلِيْدِكَ ؟ فَأَقَلُّ شَيْءٍ اِنْصَحْهُ
بَيَّنْ لَهُ خَطَأَهُ أَقِمِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ ، وَاسْلَمْ مِنْ سُؤَالِ اللهِ
لَكَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، } وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا . يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا . لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ
خَذُولًا {
.
فَاتَّقُوا
اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا مُخَالَفَةَ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ ،
وَاحْرِصُوا عَلَى مَا يُرْضِي اللهَ U
.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
}فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا. يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ
اللَّهَ حَدِيثًا {
.
بَارَكَ
اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا
فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا،
وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا
لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى
رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
يَتَسَاهَلُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَلَةِ
بِمُخَالَفَةِ أَمْرِ الرَّسُولِ e، وَيَتَهَاوَنُونَ بِهَا، وَيَحُطُّونَ مِنْ
شَأْنِهَا، فِي وَقْتٍ بِهِ يَهْتَمُّونَ وَيَتَبَاهَوْنَ بِهَدْيِ الْكُفَّارِ
وَأُمُورِ حَيَاتِهِمْ، يَتْرُكُونَ سُنَّةَ النَّبِيِّ e؛
الَّتِي أُمِرُوا بِأَنْ يَعَضُّوا عَلَيْهَا النَّوَاجِذَ ، وَيَتَمَسَّكُونَ
بِسُنَّةِ وَهَدْيِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ، يَتَشَبَّهُونَ بِهِمْ فِي
مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ، وَنِكَاحِهِمْ وَزِيِّهِمْ ، وَأُمُورِ حَيَاتِهِمْ؛
وَذَلِكَ لِأَنَّ هَدْيَ الْكُفَّارِ أَقْرَبُ إِلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ هَدْيِ
نَبِيِّهِمْ e. وَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ -أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ- ظَاهِرَةُ الْقَزَعِ الَّتِي بُلِيَ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،
وَصَارَتْ ظَاهِرَةً مَحْبُوبَةً مَأْلُوفَةً يُقْتَدَى بِمَنْ يَفْعَلُهَا،
لِأَنَّهُ يُشْتَرَى بِمَلَايِينِ الرِّيَالَاتِ وَيُعْرَضُ عَلَى وَسَائِلِ
اَلْإِعْلَاْمِ، وَقَدْ يَنَاْلُ إِعْجَاْبَ وَمَحَبَّةَ كَثِيْرٍ مِنَّاْ، وَهُوَ
لَوْ عُرِضَ عَلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ e
وَأَوَامِرِهِ لَاسْتَحَقَّ الْبَصْقَ فِي وَجْهِهِ، وَالْقَزَعُ ظَاهِرَةٌ
دَخِيلَةٌ فِيهَا مُخَالَفَةٌ وَاضِحَةٌ لِأَمْرِ النَّبِيِّ e،
بَلْ فِيهَا تَشَبُّهٌ بِالْكُفَّارِ وَالْمُلْحِدِينَ وَمَنْ لَا خَلَاقَ لَهُمْ
، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ e
.
وَالْقَزَعُ
-أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- الَّذِي صَارَ شِبْهَ مَأْلُوفٍ فِي الْمُجْتَمَعِ،
وَيَفْعَلُهُ أَشْبَاهُ الرِّجَالِ أَحْيَانًا، هُوَ مِمَّا حَذَّرَ مِنْهُ
النَّبِيُّ e، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( نَهَى عَنْ
الْقَزَعِ ))، قَالَ نَافِعٌ -أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ- فِي تَفْسِيرِ
الْقَزَعِ : يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ .
وَرَوَى
النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى
صَبِيًّا حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضًا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: (( احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ
كُلَّهُ )).
فَلْنَتَّقِ
اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ ، وَلْنَتَمَسَّكْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ e
، وَلْنَحْذَرِ التَّشَبُّهَ بِأَعْدَاءِ اللهِ، وَأَعْدَاءِ
دِينِهِ وَرَسُولِهِ، فَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ، كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ e .
أَسْأَلُ
اللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا جَمِيعًا هُدَاةً
مُهْتَدِينَ ، لَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى،
اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ، وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ، وَاحْشُرْنَا فِي
زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ
آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا
فِي عَهْدِ مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ
أَيِّدْ إِمَامَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ بِتَأْيِيدِكَ،
وَانْصُرْ بِهِ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ
الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ أَطِلْ عُمْرَهُ فِي طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي
رِضَاكَ، وَارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ، الَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى
الْخَيْرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ، وَاصْرِفْ عَنْهُ وَأَبْعِدْ مِنْهُ بِطَانَةَ
السُّوءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَهْدِيَ
قُلُوبَنَا، وَتُزَكِّيَ نُفُوسَنَا، وَتْحَفَظَ عُقُولَنَا، وَنَسْأَلُكَ أَنْ
تَرْحَمَ مَوْتَانَا، وَتَشْفِيَ مَرْضَانَا، وَتُعَافِيَ مُبْتَلَانَا،
وَتُسَدِّدَ دُيونَنَا، وَتُنَفِّسَ كَرْبَنَا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لَا
يَمْلِكُهُمَا إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ
وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، اللَّهُمَّ
اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ بِرَحْمَتِكَ
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
.
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا
اللهُ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |