اَلْدَّهْمَاْءُ
وَتَغْيِيْرُ اَلْأَسْمَاْءِ
اَلْحَمْدُ
للهِ الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ ، رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ وَرَبِّ
الْعَرْشِ الْكَرِيمِ . أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ،
وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ، إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ { .
وَأَشْهَدُ
أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ
تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U،
وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَاْبِهِ: }
وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ
أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ
ـ جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
رَوَىْ اَلْبُخَاْرِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ، عَنِ اَلْزُّبَيْرِ بِنِ
عَدِيٍّ ، أَنَّهُ قَاْلَ : أَتَيْنَاْ أَنَسَ بِنَ مَاْلِكٍ ـ رَضِيَ اَللَّهُ
عَنْهُ ـ فَشَكَوْنَاْ إِلَيْهِ مَاْ نَلْقَىْ مِنَ اَلْحَجَّاْجِ ، فَقَاْلَ : (( اِصْبِرُوْا ، فَإِنَّهُ لَاْ يَأْتِيْ
زَمَاْنٌ ، إِلَّاْ وَاَلَّذِيْ بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ، حَتَّىْ تَلْقَوْا
رَبَّكَمْ )) ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلِيْهِ
وَسَلَّمَ ـ . وَاَلْشَّاْهِدُ مِنْ هَذَاْ اَلْحَدِيْثِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ
ـ قَوْلُ اَلْنَّبِيِّ e : (( لَاْ يَأْتِيْ زَمَاْنٌ ، إِلَّاْ وَاَلَّذِيْ بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ))
، قَاْلَ بَعْضُ شُرَّاْحِ اَلْحَدِيْثِ : هَذَاْ بِاَلْجُمْلَةِ وَاَلْأَغْلَبِ .
فَفِيْ اَلْجُمْلَةِ وَاَلْأَغْلَبِ ، كُلَّمَاْ أَبْعَدَ اَلْنَّاْسُ
عَنْ عَهْدِ اَلْنُّبُوْةِ ـ عَلَىْ صَاْحِبِهَاْ اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ ـ
، كُلَّمَاْ كَثُرَ اَلْشَّرُّ ـ وَاَلْعَيَاْذُ بِاَللهِ ـ وَبِاَلْمُنَاْسَبَةِ
، اِشْتَهَرَ عِنْدَ بَعْضِ اَلْنَّاْسِ ، قَوْلٌ يَنْسِبُهُ بَعْضُهُمْ
لِلْنَّبِيِّ e ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ : كُلُّ عَامٍ تَرْذُلُوْنَ ، فَلَاْ يَجُوْزُ
أَنْ يُنْسَبَ ذَلِكَ لِلْنَّبِيِّ e
، لِأَنَّهُ مِنْ كَلَاْمِ اَلْحَسَنِ اَلْبَصْرِيِّ ، وَنِسْبَتُهُ لِلْنَّبِيِّ e
مِنْ اَلْكَذِبِ ، اَلَّذِيْ يُخْشَىْ عَلَىْ صَاْحِبِهِ مِنْ اَلْنَّاْرِ ، كَمَاْ
قَاْلَ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : ((
مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدَاً ، فلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار ))
.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
فَلَاْ يَأْتِيْ زَمَاْنٌ بِجُمْلَتِهِ ، إِلَّاْ وَاَلَّذِيْ
بَعْدَهُ بِجُمْلَتِهِ شَرٌّ مِنْهُ ، كَمَاْ قَاْلَ أَحَدُهُمْ :
عَجَبًا لِلـزَّمَانِ فِي حَـالَتَيْهِ
وَلِأَمْرٍ دُفِعْتُ مِنْهُ إِلَـيْهِ
رُبَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ مِنْهُ فَلَـمَّا
صِرْتُ فِي غَيْرِهِ بَكَيْتُ عَلَيْهِ .
وَمِنْ اَلْشُّرُوْرِ اَلْخَطِيْرَةِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ اَلَّتِيْ أُصِيْبَتْ بِهَاْ أُمَّتُنَاْ فِيْ
هَذَاْ اَلْزَّمَاْنِ، تَغْيِيْرُ اَلْمُسَمَّيَاْتِ اَلْشَّرْعِيَّةِ، وَهَذَاْ
مَاْ أَخْبَرَ بِهِ اَلْنَّبِيُّ e، وَحَذَّرَ مِنْهُ وَمِمَّنْ يَقَعُ فِيْهِ،
فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ e:
(( لَيَشْرَبَنَّ أُنَاسٌ مِنْ
أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَتُضْرَبُ عَلَى
رُءُوسِهِمْ الْمَعَازِفُ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ
قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ ))، فَتَسْمِيَةُ اَلْأَشْيَاْءِ بِغَيْرِ
مُسَمَّيَاْتِهَاْ اَلْشَّرْعِيَّةِ ، مِنْ اَلْشَّرِّ اَلَّذِيْ بُلِيَتْ بِهِ
اَلْأُمَّةُ ، وَقَدْ أَنْتَجَ اَلْاِسْتِهَاْنَةَ بِمَاْ حَرَّمَ اَللهُ U
، وَجَعَلَ اَلْنُفُوْسَ اَلْمَرِيْضَةَ تَسْتَسِيْغُ مَاْ يُغْضِبُ اَللهَ
سُبْحَاْنَهُ ، وَتَأْلَفُ اَلْمُنْكَرَاْتِ، وَلَاْ تَشْمَئِزُّ مِمَّاْ
تَشْمَئِزُ مِنْهُ اَلْفِطَرُ اَلْسَّلِيْمَةُ ، فَاَلْمُؤْمِنُ لَمَّاْ يَسْمَعْ
قَوْلَ اَللهِ تَعَاْلَىْ : } يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ، فَاجْتَنِبُوهُ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {
، تَأَبَىْ نَفْسُهُ اَلْمُؤْمِنَةُ ، أَنْ تَقْبَلَ شَيْئَاً مِمَّاْ
ذُكِرَ فِيْ هَذِهِ اَلْآيَةِ، فَاَلْخَمْرُ وَاَلْمَيْسِرُ وَاَلْأَنْصَاْبُ وَاَلْأَزْلَاْمُ،
مُجَرَّدُ ذِكْرِهَاْ، يَجْعَلُ نَفْسَ اَلْمُؤْمِنِ تَكْرَهُهَاْ وَتَنْفِرُ مِنْهَاْ
، وَلَكِنْ لَمَّاْ يَسْمَعْ اَلْمُسْلِمُ اَلْجَاْهِلُ ، ضَعِيْفُ اَلْإِيْمَاْنِ
، قَلِيْلُ اَلْتَّقْوَىْ ، بِأَنَّ اَلْخَمْرَ
مَشْرُوْبَاْتٌ رُوْحِيَّةٌ، وَأَنَّ اَلْمَيْسِرَ يَنَاْصِيْبٌ ، وَاَلْأَنْصَاْبَ
مَزَاْرَاْتٌ ، وَاَلْأَزْلَاْمَ بُرُوْجٌ ، فَإِنَّهُ يَخُفُّ وَقْعُهَاْ عَلَىْ
نَفْسِهِ . وَمِثْلُهَاْ أَشْيَاْءٌ كَثِيْرَةٌ وَخَطِيْرَةٌ ، لَمَّاْ غُيِّرَتْ
مُسَمَّيَاْتُهَاْ ، تَوَرَّطَ بِهَاْ بَعْضُ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، فَمَثَلَاً اَلْرِّبَاْ
، اَلَّذِيْ قَاْلَ اَللهُ U عَنْهُ : } الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
الرِّبَا ، لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ {
، وَقَاْلَ عَنْهُ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: ((
لَعَنَ اللهُ الرِّبَا ، وَآكِلَهُ وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَهُ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ )) ، فَهَذَاْ اَلْرِّبَاْ اَلْمَطْرُوْدُ مِنْ رَحْمَةِ
اَللهِ مَنْ لَاْ يَتَوَرَّعُ مِنْ أَكْلِهِ ، صَاْرُوْا يُسَمُّوْنَهُ بِغَيْرِ
اِسْمِهِ ، يُسَمْوُنَهُ بِاَلْفَوَاْئِدِ اَلْمَصْرِفِيَّةِ، وَبِإِعَاْدَةِ اَلْتَّمْوُيْنِ
، وَبِاَلْقُرُوْضِ اَلْمُيَسَّرَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَلْأَسْمَاْءِ اَلَّتِيْ
لَاْ تُغِيِّرُ مِنْ اَلْحَقِيْقَةِ شَيْئَاً ، فَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ إِلَىْ
نَفْعٍ فَهُوَ رِبَاً .
وَمِثْلُ اَلْرِّبَاْ اَلْرِّشْوَةُ
، اَلَّتِيْ قَاْلَ عَنْهَاْ اَلْنَّبِيُّ e
، فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي )) ، صَاْرَتْ تُسَمَّىْ
بِاَلْهَدِيَّةِ، بَلْ بَعْضُهُمْ يَتَقَرَّبُ بِهَاْ إِلَىْ اَللهِ U،
وَيَعْتَبُرُهَاْ مِنْ بَاْبِ قَوْلِ اَلْنَّبِيِّ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( تَهَادُوا تَحَابُّوا )) ، فَيَجْعَلُوْنَ مَاْ
يَكُوْنُ سَبَبَاً لِلَعْنَةِ اَللهِ U
وَاَلْطَّرْدِ مِنْ رَحْمَتِهِ، يَجْعَلُوْنَهُ وَسِيْلَةً لِلْمَحَبَّةِ وَاَلْأُلْفَةِ
بَيْنَ اَلْنَّاْسِ ، وَهَذَاْ مِنْ بَاْبِ تَبْدِيْلِ بَعْضِ مُسمَّياتِ اَلْأَشْيَاْءِ
، وَصَرْفِهَاْ عَنْ حَقَاْئِقِهَاْ تَلْبِيْسًا وَتَضْلِيْلَاً ، وَمِنْ لَبْسِ
اَلْحَقِّ بِاَلْبَاْطِلِ ، اَلَّذِيْ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاْتِ اَلْيَهُوْدَ اَلَّتِيْ
نَهَىْ اَللهُ U عَنْهَاْ ، كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ : } وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {
.
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِنْ لَبْسِ اَلْحَقِّ بِاَلْبَاْطِلِ، وَتَغْيِيْرِ اَلْمُسَمَّيَاْتِ
اَلْشَّرْعِيَّةِ، تَسْمِيَةُ بَعْضِ اَلْجَمَعَاْتِ اَلْتَّكْفِيْرِيَّةِ وَاَلْشِّرْكِيَّةِ
، بِأَسْمَاْءَ إِسْلَاْمِيَّةٍ، كَاَلْإِخْوَاْنِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَجَمَاْعَةِ
اَلْتَّبْلِيْغِ وَاَلْدَّعْوَةِ، وَغَيْرِهِمَاْ مِنْ اَلْجَمَاْعَاْتِ اَلْمُنْحَرِفَةِ
بِمَنَاْهِجِهَاْ عَنْ اَلْصِّرَاْطِ اَلْمُسْتَقِيْمِ، فَجَمَاْعَةُ اَلْإِخْوَاْن،
تَقُوْمُ أُصُوْلُهَاْ عَلَىْ تَكْفِيْرِ مُجْتَمَعَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَلْخُرُوْجِ
عَلَىْ اَلْحُكَّاْمِ، وَتُجِيْزُ مَاْ لَمْ يَشْرَعْهُ اَللهُ U،
مِثْلَ اَلْمُظَاْهَرَاْتِ فِيْ اَلْشَّوَاْرِعِ، وَاَلْاِعْتِصَاْمَاْتِ فِيْ اَلْمَيَاْدِيْنِ،
وَاَلْاِحْتِجَاْجَاْتِ عَبْرَ اَلْبَيَاْنَاْتِ،
وَهَذَاْ مِنْ أَفْعَاْلِ اَلْخَوَاْرِجِ، فَلَوْ قِيْلَ جَمَاْعَةُ اَلْخَوَاْرِجِ
، لَنُفِرَ مِنْهَاْ ، وَمَقَتَهَاْ حَتَّىْ اَلْجَهَلَةُ، وَلَكِنْ سَمَّوْهَاْ تَضْلِيْلَاً
بِجَمَاْعَةِ اَلْإِخْوَاْنِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . وَمِثْلُهَاْ جَمَاْعَةُ اَلْدَّعْوَةِ
أَوْ اَلْتَّبْلِيْغِ ، اَلْصُّوْفِيَّةُ اَلْشِّرْكِيَّةُ ، تُعَطِّلُ اَلْجِهَاْد
، وَتُحَرِّمُ اَلْفِقْهَ وَتَسْتَهِيْنُ بِشَأْنِ فُقَهَاْءِ اَلْأُمَّةِ وَعُلَمَاْئِهَاْ،
وَتُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِ طَلَبَ اَلْعِلْمِ ، وَتَتْرُكُ اَلْأَمْرَ بِاَلْمَعْرُوْفِ
وَاَلْنَّهْيَ عَنْ اَلْمُنْكَرِ، وَلَاْ تَمْنَعُ مِنْ اَلْصَّلَاْةِ عِنْدَ اَلْقُبُوْرِ،
وَتَعْتَمِدُ اَلْقَصَصَ اَلْبَاْطِلَةَ، وَتُسَمِّيْ نَفْسَهَاْ بِجَمَاْعَةِ اَلْدَّعْوَةِ
وَاَلْتَّبْلِيْغِ ، وَاَلْحَقُّ أَنَّهَاْ جَمَاْعَةُ اَلْبِدَعِ وَاَلْتَّضْلِيْلِ
.
فَأَيُّ شَرٍ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَخْطَرُ وَأَضَرُّ مِنْ
تَرْوُيْجِ اَلْقَبِيْحِ بِأَسْمَاْءَ حَسَنَةٍ ، وَفِعْلِ مُثْلَ مَاْ يَفْعَلُهُ
اَلْرَّاْفِضِةُ ، عِنْدَمَاْ أَبَاْحُوْا اَلْزِّنَاْ بِاَسْمِ زَوَاْجِ اَلْمُتْعَةِ
، وَطَعَنُوْا فِيْ كِتَاْبِ اَللهِ ـ اَلْقُرَّآنَ ـ وَفِيْ أَفْضَلِ صَحَاْبَةِ
رَسُوْلِ اَللهِ e أَبِاْ بَكْرٍ وَعُمَرَ ـ رضي الله عنهما، وَفِيْ
أُمِّ اَلْمُؤْمِنِيْنَ عَاْئِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ وَسَمُّوْا ذَلِكَ: تَشَيُّعًا ، وَمَحَبَّةً لِأَهْلِ
بَيْتِ اَلْنَّبِيِّ e ، فَيَكْفِيْ مَقْتَاً لِقَضِيَّةِ تَغْيِيْرِ
اَلْأَسْمَاْءِ اَلْشَّرْعِيَّةِ ، أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ اَلْيَهُوْدِ وَاَلْرَّاْفِضَةِ،
وَمَنْ لَاْ خَلَاْقَ لَهُمْ مِنْ اَلْمَفْتُوْنِيْنَ بِاَلْشَّهَوَاْتِ
وَاَلْشُّبُهَاْتِ ، فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنُسَمِّيَ
اَلْأَشْيَاْءَ بِأَسْمَاْئِهَاْ اَلْشَّرْعِيَّةِ ، وَلْنَحْذَرَ مُؤَاْمَرَةَ شَيَاْطِيْنَ
اَلْجِنِّ وَاَلْإِنْسِ عَلَىْ دِيْنِنَاْ ، وَعَلَىْ كِتَاْبِ رَبِّنَاْ U
، وَسُنَّةِ نَبِيِّنَاْ e .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ
اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ،
وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ
إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ
رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
مِمَّاْ لَاْ شَكَّ فِيْهِ ، أَنَّ لِمَاْ يَسْمَعُهُ اَلْإِنْسَاْنُ
فِيْ أُذُنِيْهِ وَقْعَاً عَلَىْ نَفْسِهِ ، فَيُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيْهِ مَحَبَّةً
وَكُرْهَاً ، وَقَبُوْلَاً وَرَفْضَاً ، كَمَاْ قَاْلَ أَحَدُهُمْ :
تَقُوْلُ
هَذَاْ جَنَاْءُ اَلْنَّحْـلِ تَمْدَحُهُ
وَإِنْ تَشْأَ قُلْتَ ذَاْ قَيْئِ اَلْزَّنَاْبِيْرِ
مَدْحَاً
وَذَمَّاً وَمَاْ جَاْوَزْتَ وَصْفَهُمَاْ
وَاَلْحَـُّق قَدْ يَعْتَرِيْهِ سَوْءُ تَعْبِيْرِ
فَعَسَلُ
اَلْنَّحْلِ اَلْشَّهِيِّ اَلْطَّيِّبِ ، هُوَ فِيْ اَلْحَقِيْقَةِ طَيِّبٌ وَشِفَاْءٌ
لِلْنَّاْسِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُعَبِّرَ عَنْهُ بِقَوْلِكَ : جَنَاْ اَلْنَّحْلِ
، مِنْ بَاْبِ اَلْمَدْحِ لَهُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُعَبِّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ مُنَفِّرٍ
فَتَقُوْلُ : هَذَاْ قَيْءُ اَلْزَّنَاْبِيْرِ ، وَاَلْقَيْءُ هُوَ اَلَّذِيْ تُخْرِجُهُ
اَلْزَّنَاْبِيْرُ مِنْ بَطْنِهَاْ .
فَقَضِيَّةُ تَغْيِيْرِ اَلْمُسَمَّيَاْتِ اَلْشَّرْعِيَّةِ ، قَضِيَّةٌ
خَطِيْرَةٌ ، يَقُوْلُ اَلْشَّيْخُ بَكْرُ أَبُوْ زَيْدٍ رَحِمَهُ اَللهُ : وَمِنْ
أَخْطَرِ مَاْ تَعِيْشُهُ اَلْأُمَّةُ اَلْيَوْمَ : غِيَاْبُ طَاْئِفَةٍ كَبِيْرَةٍ
مِنْ لُغَةِ اَلْشَّرِيْعَةِ، تَحُلُّ مَحْلَهَاْ مُصْطَلَحَاْتٌ أَجْنَبِيَّةٌ ،
فِيْ دِيْنِهَاْ وَلُغَتِهَاْ ، فِيْ جَوَاْنَبِ اَلْحُكْمِ وَاَلْقَضَاْءِ وَاَلْتَّعْلِيْمِ
، وَلُغَةِ اَلْحَيَاْةِ اَلْعَاْمَّةِ وَاَلْسُّلُوْكِ ، وَبِذَلِكَ يَسْتَحْكُمُ
اَلْاِنْفَصَاْمُ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِ وَتُرُاْثِهِ ، وَيَكُوْنُ رَسْمَاً لَاْ مَعْنَىً
لَهُ ، وَصُوْرَةً لَاْ حَقِيْقَةَ لَهَاْ .
وَيَقُوْلُ اَبْنُ اَلْقَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اَللهُ ـ : وَرَأَيْتُ
مَنْ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اَللهِ مِنْ اَلْأَحْيَاْءِ وَاَلْأَمْوَاْتِ ، وَيُسَمِّىْ
ذَلِكَ وَضْعُ اَلْرَّأْسِ لِلْشَّيْخِ ، وَكَمَاْ يُسَمِّىْ اَلْدَّيُّوْثَ بِاَلْمُصْلِحِ
وَاَلْمُوَفَّقِ وَاَلْمُحْسِنِ، وَذَكَرَ تَسْمِيَاْتٍ كَثِيْرَةً كَتَسْمِيَةِ اَلْمُشْرِكِيْنَ
أَصْنَاْمَهُمْ آلِهَةً، وَتَسْمِيَّةِ اِتِّخَاْذِ اَلْطَّوَاْغِيْتِ تُعْبَدُ مِنْ
دُوْنِ اَللهِ ، يُسَمُّوْنَ ذَلِكَ تَعْظِيْمَاً وَاَحْتِرَاْمَاً، وَاَلْمُنَاْفِقُوْنَ
يُسَمُّوْنَ نِفَاْقَهُمْ عَقْلَاً مَعِيْشِيَّاً ،وَأَهْلُ اَلْبِدَعِ يُسَمُّوْنَ
شُبُهَاْتِهِمْ عَقْلِيَاْتٍ وَبَرَاْهِيْنَ . إِلَىْ أَنْ قَاْلَ : فَهَؤُلَاْءِ
كُلُّهُمْ حَقِيْقٌ أَنْ يُتْلَىْ عَلَيْهِمْ : } إِنْ هِيَ إِلَّا
أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ، مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا
مِنْ سُلْطَانٍ ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ، وَلَقَدْ
جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى {
.
اَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً
صَاْلِحَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ،
} إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ
مُجِيبٌ {
. أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ
اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ
جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا {
وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e
: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً
وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ
صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ
آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ
اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ
وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ
، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ
حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ
بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ . رَبَّنَا عَزَّ جَاهُكَ ، وَجَلَّ ثَنَاْؤُكَ ،
وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاْؤُكَ ، وَلَاْ إِلَهَ غَيْرُكَ ، لَاْ يُهْزَمُ جُنْدُكَ ،
وَلَاْ يُخْلَفُ وَعْدُكَ ، يَاْ مُجْرِيَ اَلْسَّحَاْبَ ، وَيَاْمُنْزِلَ
اَلْكِتَاْبَ ، وَيَاْسَرِيْعَ اَلْحِسَاْبِ ، وَيَاْهَاْزِمَ اَلْأَحْزَاْبِ ،
اَلْلَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاَلْرَّاْفِضَةِ اَلْحَاْقِدِيْنَ ، وَاَلْرُّوْسِ اَلْمُعْتَدِيْنَ ، وَمَنْ
كَاْنَ عَلَىْ شَاْكِلَتِهِمْ مِنْ اَلْمُنَاْفِقِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدَاْ ،
وَاَقْتُلْهُمْ بَدَدَا ، وَلَاْ تُغَاْدِرْ مِنْهُمْ أَحَدَا ، يَاْقَوُيَ يَاْ
عَزِيْزَ . اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ ، وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ،
وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ
ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ
إِنَّاْ نَسْأَلُكَ وَأَنْتَ فِيْ عَلْيَاْئِكَ ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ
إِلَيْكَ ، أَنْ تُغِيْثَ قُلُوْبَنَاْ بِاَلْإِيْمَاْنِ ، وَبِلَاْدَنَاْ بِاَلْأَمْطَاْرِ
، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ،
اَلْلَّهُمَّ أَسْقِنَاْ اَلْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ،
اَلْلَّهُمَّ اَسْقِنَاْ غَيْثَاً مُغِيْثَاً هَنِيْئَاً مَرِيْعَاً سَحَّاً غَدَقَاً
مُجَلِّلَاً نَاْفِعَاً غَيْرَ ضَاْرٍ ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ ، غَيْثَاً تُغِيْثُ
بِهِ اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِ بِلَاْدَكَ وَعِبَاْدَكَ
وَبَهَاْئِمَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . }
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ
العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|