لِلْمُسْلِمِيْنَ أَسْبَاْبُ اَلْفَشَلِ اَلْمُبِيْنِ
}الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا {، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ،} يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ، } رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا {، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
يَقُوْلُ U: } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ، وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {، يَقُوْلُ اِبْنُ كَثِيْرٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ: هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، أَصْلٌ كَبِيرٌ، فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ e، فِيْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ النَّاسُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ e يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فِي صَبْرِهِ وَمُصَابَرَتِهِ، وَمُرَابَطَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ ، وَانْتِظَارِهِ الْفَرَجَ مِنْ رَبِّهِ U، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .
وَفِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ اَلْبُخَاْرِيُّ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ t قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اَللهَ لَنَا ؟ فَقَالَ e: (( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ ، مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ )) .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
فَفِيْ هَذِهِ اَلْآيَةِ اَلْكَرِيْمَةِ ، وَهَذَاْ اَلْحَدِيْثِ اَلْعَظِيْمِ ، دَلِيْلٌ عَلَىْ وُجُوْبِ اَلْاِقْتِدَاْءِ بِاَلْنَّبِيِّ e، وَاَلْعَمَلِ بِسُنَّتِهِ، وَأَهَمِّيَةِ اَلْصَّبَرِ وَعَدَمِ اَلْاِسْتِعَجَاْلِ ، بِاَتِّخَاْذِ أَيِّ قَرَاْرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ، مَصِيْرُ أُمَّةِ اَلْإِسْلَاْمِ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَلْيَقِيْنِ اَلْجَاْزِمِ، بِأَنَّ اَلْعَاْقِبَةَ لِعِبَاْدِ اَللهِ اَلْمُؤْمِنِيْنَ ، وَهَذِهِ اَلْأُمُوْرُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ هِيَ مَاْ يَحْتَاْجُهُ اَلْمُسْلِمُوْنَ فِيْ هَذَاْ اَلْزَّمَاْنِ، لَاْ سِيَّمَاْ وَقَدْ ذَاْقَ اَلْوَيْلَاْتِ كَثِيْرٌ مِنْهُمْ ، مِنْ تَشْرِيْدٍ وَقَتْلٍ وَإِهَاْنَةٍ وَنِزَاْعٍ وَفَشَلٍ ، بِسَبَبِ اِنْحِلَاْلِ عَزَاْئِمِهِمْ ، وَتَفَرُّقِ قُوَّتِهِمْ ، وَرَفْعِ مَاْ وَعَدَهُمْ اَللهُ U بِهِ ، مِنْ اَلْنَّصْرِ وَاَلْتَّمْكِيْنِ كَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ: } وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ { ، فَعَدَمُ اَلْعَمَلِ بِكِتَاْبِ اَللهِ U ، وَمُخَاْلَفَةُ سُنَّةِ نَبِيِّهِ e، وَاَلْتَّنَاْزُعُ وَاَلْاِخْتِلَاْفُ وَفَسَاْدُ ذَاْتِ اَلْبَيْنِ، يَؤَدِّيْ إِلَىْ اَلْضَّعْفِ وَاَلْفَشَلِ وَاَلْوَهْنِ اَلَّذِيْ ذَكَرَ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ قَوْلِهِ : (( أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، تُنْزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ ، وَيُجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنُ )) ، قَالُوا : وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ e : (( حُبُّ الْحَيَاةِ ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ )) .
وَاَللهِ اَلَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَوْ تَمَسَّكَ اَلْمُسْلِمُوْنَ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ e ، وَعَمِلُوْا بِكَتَاْبِ رَبِهِمْ U ، لِمَاْ أَصَاْبَهُمْ مَاْ أَصَاْبَهُمْ ، يَقُوْلُ U : } وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا ، فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ {، وَيَقُوْلُ جل جلاله : } وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {، يَسْتَحِيْلُ أَنَّ يُغْلَبَ حِزْبَاً مَعَهُ اَللهُ U ، وَلَاْ يُمْكِنُ أَبَدَاً، أَنْ يُهْزَمَ جُنْدَاً نَاْصِرُهُمُ اَلْقَوُيُّ سُبْحَاْنَهُ ، } وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ { .
فِيْ غَزْوَةِ أُحُدٍ كَلَّفَ اَلْنَّبِيُّ e مَجْمَوْعَةً مِنْ أَصْحَاْبِهِ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ ـ بِحِمَاْيَةِ ظَهْرِ جَيْشِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِاَلْتَّمَرْكُزِ عَلَىْ جَبَلٍ ، عُرِفَ فِيْمَاْ بَعْدُ بِجَبَلِ اَلْرُّمَاْةِ ، وَقَاْلَ لَهُمْ e، كَمَاْ فِيْ صَحِيْحِ اَلْبُخَاْرِيِّ: (( إِنْ رَأَيْتُمُوْنَاْ تَخَطَّفُنَاْ اَلْطِّيْرُ، فَلَاْ تَبْرَحُوْا مَكَاْنَكُمْ هَذَاْ حَتَّىْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ، وَإِنْ رَأَيْتُمُوْنَاْ هَزَمْنَاْ اَلْقَوْمَ وَوَطَأْنَاْهُمْ ، فَلَاْ تَبْرَحُوْا حَتَّىْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ))، فَكَاْنَ اَلْنَّصْرُ فِيْ بِدَاْيَةِ اَلْمَعْرَكَةِ حَلِيْفَاً لِلْنَّبِيِّ e وَجَيْشِهِ، مِمَّاْ جَعَلَ اَلْمُشْرِكُيْنَ يَفُرُوْنَ مِنْ أَرْضِ اَلْمَعْرَكَةِ، فَلَمَّاْ رَأَىْ اَلْرُّمَاْةُ هَذَاْ اَلْنَّصْرَ، تَرَكُوْا اَلْجَبَلَ وَنَزَلُوْا لِأَخْذِ اَلْغَنَاْئِمِ اَلَّتِيْ تَرَكَهَاْ اَلْمُشْرِكُوْنَ بَيْنَ أَيْدِيْ جَيْشِ اَلْمُسْلِمِيْنَ، ظَنَّاً مِنْهُمْ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ ـ أَنَّ اَلْمَعْرَكَةَ قَدْ اِنْتَهَتْ ، فَاَنْقَضَّ اَلْمُشْرِكُوْنَ عَلَىْ اَلْمُسْلِمِيْنَ مِنْ خَلْفِهِمْ ، حَتَّىْ وَصَلُوْا إِلَىْ اَلْنَّبِيِّ e ، فَجَرَحُوْا وَجْهَهُ ، وَكَسَرُوْا رُبَاْعِيَتَهُ ـ وَهَشَمُوْا اَلْبَيْضَةَ عَلَىْ رَأْسِهِ e، وَقَتَلُوْا عَدَدَاً مِنْ أَصْحَاْبِهِ ـ رَضِيَ اَللهُ عَنْهُمْ ـ فَأَنْزَلَ اَللهُ U قَوْلَهُ : } أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا ، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { .
فَحَرِيُّ بِاَلْمُسْلِمِيْنَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنْ يُرَاْجِعُوْا أَنْفُسَهُمْ، وَيَتَدَاْرَكُوْا وَضْعَهُمْ، بِاَلْعَمَلِ بِمَاْ جَاْءَ فِيْ كِتَاْبِ رَبِّهِمْ ، وَاَلْتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ e، لِيَتَحَقَّقَ مَاْ وَعَدَهُمْ اَللهُ سُبْحَاْنَهُ، مِنْ عِزَّةٍ وَنَصْرٍ وَتَمْكِيْنٍ ، كَمَاْ جَاْءَ فِيْ قَوْلِهِ تَعَاْلَىْ: } وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ { ، وَقَوْلِهِ: } إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ { .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
يَقُوْلُ U: } وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير { ، فَمَاْ أَصَاْبَ بَعْضَ اَلْمُسْلِمِيْنَ اَلْيَوْمَ ، هُوَ وَاَللهِ مِمَّاْ كَسَبَتْ أَيْدِيْهُمْ ، وَفِيْ مُقَدِمَتِهِ وَأَضْرِهِ وَأَخْطَرِهِ، عَدَمُ اَلْاِقْتِدَاْءِ بِاَلْنَّبِيِّ e وَعَدَمُ طَاْعَتِهِ، وَعَلَىْ سَبِيْلِ اَلْمِثَاْلِ، مَاْ يُعَاْنِيْهِ كَثِيْرٌ مِنْهُمْ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ، نَتِيْجَةَ عَدَمِ طَاْعَةِ وُلَاْةِ اَلْأُمُوْرِ وَاَلْخُرُوْجِ عَلَىْ اَلْحُكَّاْمِ، وَاَلْعَمَلِ بِفَتَاْوَىْ أَصْحَاْبِ اَلْشُّبُهَاْتِ وَاَلْشَّهَوَاْتِ، وَاَللهُ U يَقُوْلُ: } يَاْأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ، إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا {، وَفِيْ حَدِيْثِ حُذَيْفَةَ اَلْصَّحِيْحِ لَمَّاْ سَأَلَ اَلْنَّبِيَّ e عَمَّاْ يَصْنَعُ ، عِنْدَ وُجُوْدِ دُعاْةِ جَهَنَّمَ، اَلَّذِيْنَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَاْ، وَيَتَكَلَّمُوْنَ بِأَلْسِنَتِنَاْ، قَاْلَ e: (( إِنْ كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ ، فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ، وَاسْمَعْ وَأَطِعْ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ، فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَاهْرُبْ حَتَّى تَمُوتَ, فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ )) .
فَاَلَّذِيْ نَزَلَ مِنْ اَلْجَبَلِ تَسَبَّبَ فِيْ هَزِيْمَةِ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَلْنَّيْلِ مِنْ رَسُوْلِ رَبِّ اَلْعَاْلَمِيْنَ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْتُلُ نَفْسَهُ، وَيَسْفِكُ دَمَاْ إِخْوَاْنِهِ، وَيُنَفِّذُ مُخَطَطَاْتِ أَعْدَاْئِهِ، وَيُوَاْلِيْ مَنْ حَاْدَّ اَللهَ وَرَسُوْلَهُ، كَيْفَ بِمَنْ يَصْدِقُ عَلَيْهِ قَوْلُ اَللهِ تَعَاْلَىْ: } يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ، فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ { .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، فَاَلْلَّهُمَّ صَلِيْ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ .
رَبَّنَا عَزَّ جَاهُكَ ، وَجَلَّ ثَنَاْؤُكَ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاْؤُكَ، وَلَاْ إِلَهَ غَيْرُكَ ، لَاْ يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلَاْ يُخْلَفُ وَعْدُكَ، يَاْ مُجْرِيَ اَلْسَّحَاْبَ، وَيَاْمُنْزِلَ اَلْكِتَاْبَ ، وَيَاْسَرِيْعَ اَلْحِسَاْبِ، وَيَاْهَاْزِمَ اَلْأَحْزَاْبِ، اَلْلَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاَلْرَّاْفِضَةِ اَلْحَاْقِدِيْنَ ، وَاَلْرُّوْسِ اَلْمُعْتَدِيْنَ ، وَمَنْ كَاْنَ عَلَىْ شَاْكِلَتِهِمْ مِنْ اَلْمُنَاْفِقِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدَاْ، وَاَقْتُلْهُمْ بَدَدَا ، وَلَاْ تُغَاْدِرْ مِنْهُمْ أَحَدَا ، يَاْقَوُيَ يَاْ عَزِيْزَ .
اَلْلَّهُمَّ اِشْفِ صُدُوْرَ اَلْمُؤْمِنِيْنَ ، بِهَزِيْمَةِ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ ، وَأَقِرَّ عُيُوْنَ أَتْبَاْعِ نَبِيِّكَ e ، بِنُصْرَةِ كِتَاْبِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ وَعِبَاْدِكَ اَلْمُوَحِّدِيْنَ .
اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ ، وَوُلَاْةَ أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ ظَهَرَ مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { .
فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|