اَلْسِّلَاْحُ اَلْسَّهْلُ اَلْمُتَاْحُ
اَلْحَمْدُ للهِ اَلْمَلِكِ اَلْأَعْلَىْ اَلْكَبِيْرِ، اَلْوَاْحِدِ اَلْأَحَدِ ، اَلْفَرْدِ اَلْصَّمَدِ ، اَلْسَّمِيْعِ اَلْبَصِيْرِ ، أَحْمَدُهُ سُبْحَاْنَهُ مِنْ إِلَهٍ؛ تَعَاْلَىْ عَنِ اَلْنَّضِيْرِ وَتَقَدَّسَ عَنِ اَلْوَزِيْرِ، يَعْلَمُ خَاْئِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَمَاْ يُخْفِيْ اَلْضَّمَيْرُ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ هُوَ ، اَلْمُعِزُّ اَلْمُذِلُّ اَلْقَدِيْرِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ، وَاَلْسِّرَاْجُ اَلْمُنِيْرُ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ اَلْتَّسْلِيْمُ اَلْكَثِيْرُ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
فِيْ اَلْمُعْجَمِ اَلْكَبِيْرِ لِلْطَّبَرَاْنِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ t، أَنَّ رَسُولَ اللهِ e اِفْتَقَدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ e أَتَى مُعَاذًا فَقَالَ لَهُ: (( يَا مُعَاذُ ، مَا لِي لَمْ أَرَكَ ؟ )) قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ! لِيَهُودِيٍّ عَلَيَّ أُوقِيَّةٌ مِنْ تِبْرٍ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْكَ فَحَبَسَنِي عَنْكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ e: (( يَا مُعَاذُ ، أَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ ؟ فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِنَ الدِّينِ مِثْلُ جَبَلِ صَبِرٍ أَدَّاهُ اللهُ عَنْكَ )) - وَصَبِرٌ جَبَلٌ بِالْيَمَنِ – (( فَادْعُ بِهِ يَا مُعَاذُ قُلِ : اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكِ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ، وتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُمَا، وتَمْنَعُ مَنْ تَشَاءُ ، ارْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِيني بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ )) .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوِنَ :
فَفِيْ هَذَهِ اَلْحَاْدِثَة ، اَلَّتِيْ بَيَّنَهَاْ هَذَاْ اَلْحَدِيْثِ ، يَتَبَيَّنُ لَنَاْ أَهَمِيَّةُ وَعِظَمُ شَأْنِ اَلْدُّعَاْءِ ، فَهُوَ اَلْسِّلَاْحُ اَلَّذِيْ لَاْ تَبْلَىْ تَقْنِيَتُهُ ، وَلَاْ تَنْتَهِيْ صَلَاْحِيَّتُهُ ، وَلَاْ تَتَعَطَّلُ فَاْعِلِيَتُهُ ، فَبِسَبِبِهِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ كَمْ مِنْ مَكْرُوْبٍ زَاْلَ كَرْبُهُ ، وَكَمْ مِنْ مَهْمُوْمٍ ذَهَبَ هَمُّهُ، وَكَمْ مِنْ مَغْمُوْمٍ كُشِفَ غَمُّهُ ، وَكَمْ مِنْ مَظْلُوْمٍ اِنْتَقَمَ اَللهِ U لَهُ مِنْ ظَاْلِمِهِ، وَكَمْ مِنْ دَوْلَةٍ سَقَطَتْ بِسَبَبِهِ، وَكَمْ مِنْ أُمَّةٍ أُهْلَكَتْ مِنْ أَجْلِهِ، اِسْتَعْمَلَهُ نُوْحٌ عَلَيْهِ وَعَلَىْ نَبِيِّنَاْ اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ، فَاَنْتَصَرَ عَلَىْ قَوْمِهِ، وَاَسْتَعْمَلَهُ مُوْسَىْ عَلَيْهِ وَعَلَىْ نَبِيِّنَاْ اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ، فَأُهْلِكَ عَدُّوَهْ، وَاَسْتَعْمَلَتْهُ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، فَبُنِيَ لَهْ قَصْرَاً فِيْ اَلْجَنَّةِ .
أَرْسَلَ اَلْنَّبِيُّ e رِسَاْلَةً إِلَىْ كِسْرَىْ عَظِيْمِ اَلْفُرْسِ ، يَدْعُوْهُ بِهَاْ لِلْإِسْلَاْمِ ، فَلَمَّاْ وَصَلَتْهُ اَلْرِسَاْلَةُ قَرَأَهَاْ وَمَزَّقَهَاْ ، فَلَمَّاْ جَاْءَ اَلْنَبِيَّ e اَلْخَبَرُ، دَعَاْ عَلَيْهِ فَقَاْلَ : اَلْلَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ . ثَلَاْثَ كَلِمَاْتٍ فَقَطْ ؛ اَلْلَّهُمَّ مَزِّقْ ؛ مُلْكَهُ ؛ فَيَقْتُلُهُ اِبْنُهُ وَيُمَزِّقُ اَللهُ U مُلْكَهُ وَتَنْتَهِيْ دَوْلَتُهُ .
فَشَأْنُ اَلْدُّعَاْءِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ شَأْنٌ عَظِيْمٌ ، يَقُوْلُ U : } قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ { أَيْ لَاْ يُبَاْلِيْ ، وَلَاْ يَكْتَرِثْ بِكُمْ ، } لَوْلا دُعَاؤُكُمْ {، أَيْ لَوْلَاْ عِبَاْدَتِكُمْ ، وَاَلْدُّعَاْءُ هُوَ اَلْعِبَاْدَةِ ، يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ )) ، وَاَلْمَعْنَىْ : أَنَّهُ اَلْرُّكْنُ اَلْأَعْظَمُ فِيْ اَلْعِبَاْدَةِ ، كَقَوْلِهِ e : (( اَلْحَجُّ عَرَفَةُ )) .
فَاَلْدُّعَاْءُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ مَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْصَّلَاْةِ وَاَلْزَّكَاْةِ وَاَلْصَّوْمِ وَاَلْحَجِّ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَاْلَىْ : } وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ { .
وَلِعِظَمِ شَأْنِ اَلْدُّعَاْءِ وَأَهَمِيَّتِهِ ، أَنَّ اَللهَ جل جلاله ، هُوَ اَلَّذِيْ يَعْتَنِيْ بِهِ وَيُجِيْبُ مَنْ اِتَّخَذَهُ سِلَاْحَاً لَهُ ، يَقُوْلُ U : } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ { . وَيَقُوْلُ e كَمَاْ فِيْ حَدِيْثِ أَبِيْ هُرَيْرَةِ اَلْصَّحِيْحِ: (( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ )) ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ حَسَّنَهُ اَلْأَلْبَاْنِيُّ، يَقُوْلُ e: (( لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ )) ، بَلْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ: (( مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اَللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ )) وَهَذَاْ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِيَّةِ اَلْدُّعَاْءِ وَعِظَمِ شَأْنِهِ ، وَوُجُوْبِ اَلْاِعْتِنَاْءِ بِهِ وَاَلْتَّقَرُّبِ إِلَىْ اَللهِ U مِنْ خِلَاْلِهِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
يُوْجَدُ مِنْ اَلْنَّاْسِ ـ مَعَ اَلْأَسَفِ ـ مَنْ يَجْهَلْ شَأْنَ اَلْدُّعَاْءِ ، وَمَنْ لَاْ يُدْرِكْ مَدَىْ تَأْثِيْرِهِ، فَتَجِدُهُ لَاْ يَعْرِفُ اَلْدُّعَاْءَ إِلَّاْ خَلْفَ اَلْإِمَاْمِ فِيْ صَلَاْةِ اَلْتَّرَاْوُيْحِ وَاَلْقِيَاْمِ فِيْ رَمَضَاْنَ، أَوْ عِنْدَمَاْ يُرِيْدُ اَلْاِنْتِقَاْمَ مِنْ أَحَدٍ مَاْ ، أَوْ عِنْدَمَاْ يَشْتَهِيْ أَمْرَاً مِنْ أُمُوْرِ اَلْدُّنْيَاْ، وَهَذَاْ لَاْ شَكَّ مِنْ اَلْجَهْلِ فِيْ اَلْدِّيْنِ ، وَضَعْفِ اَلْإِيْمَاْنِ وَاَلْيَقِيْنِ، فَاَلْدُّعَاْءُ عِبَاْدَةٌ، وَاَلْعَاْجِزُ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ ، يَقُوْلُ اَلْنَّبِيُّ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ: (( إِنَّ أَعْجَزَ اَلْنَّاْسِ مَنْ عَجِزَ عَنْ اَلْدُّعَاْءِ ، وَأَبْخَلَ اَلْنَّاْسِ مَنْ بَخِلَ بِاَلْسَّلَاْمِ )) .
فَاَجْتَهَدْ ـ يَاْ عَبْدَ اَللهِ فِيْ اَلْدُّعَاْءِ ، فَكُلُّ دَعْوَةٍ تَسْأَلُ اَللهَ بِهَاْ فَإِنَّكَ سَوْفَ تَجْنِيْ ثِمَاْرَهَاْ لَاْ مَحَاْلَة ، يَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ الحسن الصحيح : (( مَا عَلَى الأرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو الله تَعَالَى بِدَعْوَةٍ ، إِلاَّ آتَاهُ اللهُ إيَّاها ، أَوْ صَرفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ )) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ : إِذاً نُكْثِرُ . قَالَ e : (( اللهُ أكْثَرُ )) .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنُكْثِرْ مِنْ اَلْدُّعَاْءِ ، وَلَاْ نَكُنْ مِنْ اَلْعَاْجِزِيْنَ، اَلَّذِيْنَ لَاْ يَعْرِفُوْنَ اَللهَ U إِلَّاْ عِنْدَ اَلْحَاْجَاْتِ ، وَلَاْ يَلْجَؤُوْنَ إِلَيْهِ إِلَّاْ عِنْدَ اَلْشَّدَاْئِدِ وَاَلْأَزَمَاْتِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ صَحِيْحِ اَلْإِسْنَاْدِ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ t ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ عِنْدَ الْكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ ، فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ )) .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
اِعْلَمُوْا ـ رَحِمَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ ، بِأَنَّ لِلْدُّعَاْءِ مَوَاْنِع ، قَدْ لَاْ يَكُوْنُ لَهُ أَثَرَاً عِنْدَ وُجُوْدِهَاْ ، يَنْبَغِيْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْذَرَهَاْ ، وَهَذِهِ اَلْمَوَاْنِعُ ، قَدْ تَكُوْنُ فِيْ اَلْدُّعَاْءِ نَفْسِهِ، أَوْ فِيْ قَلْبِ صَاْحِبِهِ، أَوْ فِيْ سُلُوْكِهِ. أَمَّاْ فِيْ اَلْدُّعَاْءِ ؛ فَكَأَنْ يَكُوْنَ اَلْدُّعَاْءُ لَاْ يُحِبُّهُ اَللهُ U ، كَاَلْدُّعَاْءِ بِاَلْإِثْمِ أَوْ بِقَطِيْعَةِ اَلْرَّحِمْ أَوْ عَلَىْ بَرِئِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَّاْ فِيْ اَلْقَلْبِ ؛ فَكَأَنْ يَكُوْنَ اَلْدَّاْعِيْ ضَعِيْفُ اَلْإِيْمَاْنِ، ضَعِيْفُ اَلْثِّقَةِ بِاَللهِ ، مُنْصَرِفَاً عَنْ اَللهِ U إِلَىْ غَيْرِهِ . وَأَمَّاْ فِيْ اَلْسُّلُوْكِ ؛ كَكَثْرَةِ اَلْذُّنُوْبِ وَاَلْمَعَاْصِيْ ، وَأَكْلِ مَاْحَرَّمَ اَللهُ تَعَاْلَىْ ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ فِي الرَّجُلِ يُطِيلُ السَّفَرَ : (( أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له )) .
فَاَتَّقُوْا اَللهَ يَاْ عِبَاْدَ اَللهِ، وَاَجْتَهِدُوْا بِاَلْدُّعَاْءِ، وَعَلِيْكُمْ بِجَوَاْمِعِهِ وَإِيَّاْكُمْ وَاَلْاِعْتِدَاْءِ فِيْهِ، تَحَيَّنُوْا اَلْأَوْقَاْتِ اَلَّتِيْ لَاْ يُرَدُّ بِهَاْ، كَجَوْفِ اَلْلِيْلِ اَلْآخِرِ وَدُبُرِ اَلْصَّلَوَاْتِ اَلْمَكْتُوْبَاْتِ وَبَيْنَ اَلْأَذَاْنِ وَاَلْإِقَاْمَةِ ، وَفِيْ مِثْلِ هَذَاْ اَلْيَوْمِ اَلْعَظِيْمِ ـ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ ـ فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ e: ((خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي ، فَيَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ )).
وَكَذَلِكَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ مِنْ اَلْدَّعَوَاْتِ اَلْمُسْتَجَاْبَاْتِ : دَعْوَةُ اَلْوَاْلِدِ وَاَلْمُسَاْفِرِ وَاَلْصَّاْئِمِ وَاَلْمَظْلُوْمِ ، وَدَعْوَةُ اَلْأَخِ لِأَخِيْهِ فِيْ ظَهْرِ اَلْغَيْبِ .
وَاَحْذَرُوْا اَلْدُّعَاْءَ عَلَىْ أَنْفِسِكُمْ أَوْ عَلَىْ أَوْلَاْدِكُمْ أَوْ عَلَىْ أَمْوَاْلِكُمْ ، فَقَدْ يُوَاْفِقُ اَلْدُّعَاْءُ وَقْتَ إِجَاْبَةٍ فَيَسْتَجِيْبُ اَللهُ دُعَاْئَكُمْ فَتَنْدَمُوْا عَلَىْ ذَلِكَ .
أَسْأَلُ اَللهَ U أَنْ يَغْفِرَ لَنَاْ خَطَاْيَاْنَاْ وَجَهْلَنَاْ ، وَإِسْرَاْفَنَاْ فِيْ أَمْرِنَاْ ، وَمَاْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّاْ ، اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَاْ جَدَّنَاْ وَهَزْلَنَاْ ، وَخَطَئَنَاْ وَعَمْدَنَاْ ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لَنَاْ مَاْ قَدَّمْنَاْ وَمَاْ أَخَّرْنَاْ ، وَمَاْ أَسْرَرْنَاْ وَمَاْ أَعْلَنَّاْ وَمَاْ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّاْ ، أَنْتَ اَلْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ اَلْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٍ . اَلْلَّهُمَّ يَاْ مُقَلِّبَ اَلْقُلُوْبَ ثَبِّتْ قُلُوْبَنَاْ عَلَىْ دِيْنِكَ ، اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَعُوْذُ بِكَ مِنْ زَوَاْلِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَاْفِيَتِكَ ، وَفُجَاْءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيْعِ سَخَطِكَ .
اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَرَاْدَ بِلَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ ، اَلْلَّهُمَّ اَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَخْطِيْطَهُ وَتَدْبِيْرَهُ تَدْمِيْرَاً عَلَيْه . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنُوْدِنَاْ عَلَىْ حُدُوْدِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اُنْصُرْهُمْ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاْ . اَلْلَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ عُوْنَاً وَظَهِيْرَاً ، وَوَلِيَّاً وَنَصِيْرَاً . اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَقَوِّيْ عَزَاْئِمَهُمْ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ وَأَنْتَ فِيْ عَلْيَاْئِكَ ، وَأَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاْءُ إِلَيْكَ ، أَنْ تُغِيْثَ قُلُوْبَنَاْ بِاَلْإِيْمَاْنِ ، وَبِلَاْدَنَاْ بِاَلْأَمْطَاْرِ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَغِثْنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ أَسْقِنَاْ اَلْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِنَاْ غَيْثَاً مُغِيْثَاً هَنِيْئَاً مَرِيْعَاً سَحَّاً غَدَقَاً مُجَلِّلَاً نَاْفِعَاً غَيْرَ ضَاْرٍ ، عَاْجِلَاً غَيْرَ آجِلٍ ، غَيْثَاً تُغِيْثُ بِهِ اَلْبِلَاْدَ وَاَلْعِبَاْدَ ، اَلْلَّهُمَّ اَسْقِ بِلَاْدَكَ وَعِبَاْدَكَ وَبَهَاْئِمَكَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَاْدَ اَللهِ: } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|