الوفاء بالوعد
الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيْزِ الْغَفُوْرِ، الَّذِيْ بِيَدِهِ مَقَاْلِيْدُ الأُمُوْرِ، وَبِقُدْرَتِهِ مَفَاْتِيْحُ الْخَيْرَاْتِ وَالْشُّرُوْرِ }يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ{. أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ { ، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُ الأُمُوْرَ .
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ ، } وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ{ . وَأشّهَدُ أَنَّ مُحْمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، الْدَّاْعِيْ إِلَىْ دَاْرِ الْسُّرُوْرِ . صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، الَّذِيْنَ لَمْ تَغُرُّهُم الْحَيَاْةُ الْدُّنْيَاْ ، وَلَمْ يَغُرُّهُمْ بِاللهِ الْغَرُوْرُ. وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً، إِلَىْ يَوْمِ أَنْ يُبْعَثَ مَنْ فِيْ الْقُبُوْرِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ؛ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
الْوَفَاْءُ بِالْوَعْدِ ، وَالأِلْتِزَاْمُ بِهِ ، خُلُقٌ إِسْلَاْمِيٌ نَبِيْلٌ ، وَمِنْ الْصِّفَاْتِ الِإيْمَاْنِيَّةِ الْمَحْمُوْدَةِ ، الَّتِيْ يَحُثُّ عَلَيْهَاْ الْدِّيْنُ ، وَيَأْمُرُ بِهَاْ رَبُّ الْعَاْلَمِيْنَ ، يَقُوْلُ U ، مُمْتَدِحَاً لَنَبِيٍ مِنْ أَنْبِيَاْئِهِ ، لِاْتِّصَاْفِهِ بِهَذِهِ الْصِّفَةِ ، } وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ، إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ، وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا { ، كَاْنَ صَاْدِقَ الْوَعْدِ ـ عَلَيْهِ الْسَّلَاْمُ ـ يَقُوْلُ مُجَاْهِدٌ : لَمْ يَعُدْ شَيْئَاً إِلَّاْ وَفَىْ بِهِ . وَيَقُوْلُ مُقَاْتِلٌ : وَعَدَ رَجُلَاً ، أَنْ يُقِيْمَ مَكَاْنَهُ ، حَتَىْ يَرْجِعَ إِلِيْهِ الْرَّجُلُ ، فَأَقَاْمَ إِسْمَاْعِيْلُ مَكَاْنَهُ ثَلَاْثَةَ أَيَّاْمٍ لِلْمِيْعَاْدِ ، حَتَّى رَجَعَ إِلِيْهِ الْرُّجُلُ . بَلْ ، مِنْ وَفَاْئِهِ ـ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَاْ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ ـ أَنَّهُ وَعَدَ أَبَاْهُ بِأَنْ يَصْبِرَ لِيَذْبَحَهُ ، كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ، قَالَ يَا بُنَيَّ ، إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ، فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ، قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ { وَعَدَ أَبَاْهُ ، بِأَنْ يَمْتَثِلَ لِأَمْرِهِ ، حَتَىْ وَلُوْ كَاْنَ الْثَّمَنُ ، نِهَاْيَةَ حَيَاْتِهِ . وَفِعْلَاً ـ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ـ وَفَىْ بِوَعْدِهِ ، وَصَبَرَ عَلَىْ ذَبْحِهِ ، } فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ،وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ { .
فَهَلْ رَأَيْتُمْ ـ أيها الإخوة ـ وَفَاْءً بِالْوَعْدِ كَوَفَاْءِ هَذَاْ الْنَّبِيِ ؟ لِذَلِكَ يَسْتَحِقُ ثَنَاْءَ اللهِ U وَمَدْحَهُ : } إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا { .
فَالْوَفَاْءُ بِالْوَعْدِ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ مِنْ الأَخْلَاْقِ الإِسْلَاْمِيْةِ الْرَّفِيْعَةِ ، الَّتِيْ يَجِبُ أَنْ يَتَحَلَّىْ بِهَاْ ، مُرِيْدُ وَجْهِ اللهِ وَالْدَّاْرِ الآخِرَةِ ، لِيَسْلَمْ وَيَنْجُوْ مِنَ الآثَاْمِ وَالْذُّنُوْبِ المُتَرَتِّبَةِ عَلَى عَدَمِ وَفَاْئِهِ بِوَعْدِهِ ، فَاْلَّذِيْ لَاْ يَفِي بِوُعُوْدِهِ الْجَاْئِزَةِ وَالْمُبَاْحَةِ ، وَالَّتِيْ لَيْسَ فِيْهَاْ مُخَاْلَفَةٌ شَرْعِيَةٌ ، لَنْ يَنْجُوْ مِنْ عَذَاْبِ اللهِ U يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ ، لِأَنَّ تَبِعَاْتِ إِخْلَاْفِ الْوَعْدِ : ذُنُوْبٌ كَبِيْرَةٌ ، وَآثَاْمٌ خَطِيْرَةٌ ، مِنْ أَخْطَرِهَاْ : الْنِّفَاْقُ وَالْكَذِبُ ، فِفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا ، وَرَسُولُ اللَّهِ r قَاعِدًا فِي بَيْتِنَا ، فَقَالَتْ : هَا أُعْطِيكَ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r: (( وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ ؟ )) ، قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r: (( أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا ، كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةً )) . فَإِذَاْ كَاْنَ الَّذِيْ لَاْ يَفِيْ بِوَعْدِهِ فِيْ تَمْرٍ ، يُكْتَبُ عَلِيْهِ كِذْبَةٌ ، فَكَيْفَ بِمَاْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، كَيْفَ ـ أيها الإخوة ـ بِمَنْ يَعِدُ وُعُوْدَاً ، يُعَلِّقُ عَلَيْهَاْ أَخُوْهُ المُسْلِمُ آمَاْلَهُ ، وَلَكِنَّهُ لَاْ يَفِيَ بِهَاْ ، وَلَاْ يُبَاْلِيَ فِيْ إِنْجَاْزِهَاْ وَتَحْقِيْقِهَاْ .
فَلْيَحْذَرْ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ المُتَهَاْوِنُوْنَ فِيْ هَذَاْ الْخُلُقُ الإِيْمَاْنِيُ ، الَّذِيْنَ لَاْ يُبَاْلُوْنَ فِيْ وُعُوْدِهِمْ ، يَعِدُكَ أَحَدُهُمْ يَوْمَاً مَاْ ، وَلَاْ يَأْتِيْكَ إِلَّاْ بَعْدَهُ بِعِدَّةِ أَيَّاْمٍ ، وَقَدْ يَأْتِيْ أَحَدُهُمْ لِتُقْرِضَهُ قَرْضَاً حَسَنَاً ، يَقْطَعُ الْعُهُوْدَ عَلَىْ نَفْسِهِ لِيَفِيَ لَكَ بِوَعْدِهِ ، وَلَكِنَّهُ لَاْ يُوْفِيْكَ دَيْنُكَ ، إِلَّاْ بَعْدَ جَلَسَاْتٍ وَجَلَسَاْتٍ ، بَيْنَ أَيْدِيْ قَاْضٍ مِنَ الْقُضَاْةِ ، قَدْ يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ لِخِطْبَةِ اِبْنَتِكَ ، فَيَضَعُ الْشَّمْسَ فِيْ يَمِيْنِكَ ، وَالْقَمَرَ فِيْ شِمَاْلِكَ ، مِنْ خِلَاْلِ وُعُوْدٍ كَاْذِبَةٍ ، فَإِذَاْ انْتَثَرَ بَطْنُهَاْ ، وَجَفَّ صَدْرُهَاْ ، بَاْنَ عَلَىْ حَقِيْقَتِهِ ، وَعَاْدَ إِلَىْ سَيْئِ مَعْدَنِهِ ، فَلَاْ تَسْتَطِيْعَ أَنْ تُخَلِّصُهَاْ مِنْهُ ، إِلَّاْ بِأَمْوَاْلٍ طَاْئِلَةٍ ، وَشَكَاْوُيْ مُتَتَاْلِيَةٍ . وَقَدْ لَاْ تَسْلَمْ مِنِ اِتِّهَاْمِكَ ، بِأَنَّكَ عَدِيْمُ الْتَّرْبِيَةِ ، وَالْنَّسِيْبُ المُجْرِمُ . قَدْ يَعِدُكَ أَحَدُهُمْ وَعْدَاً ، تُرَتِّبُ عَلِيْهِ أُمُوْرَكَ ، مِنْ وَظِيْفَةٍ أَوْ تَعْيِيْنٍ أَوْ سَدَاْدِ دَيْنٍ ، أَوْ تَفْرِيْجِ كُرْبَةٍ ، أَوْ مَنْفَعَةٍ مَاْ ، وَلَكِنَّ عَهْدَهُ بِكَ ، وَبِوَعْدِهِ لَكَ ، لَحْظَةَ كَاْنَ مَعَكَ . وَهَذَاْ كُلُّهُ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ مِنْ بَاْبِ عَدَمِ الْوَفَاْءِ بِالْوَعْدِ ، الَّذِيْ لَاْ يَجُوْزُ شَرْعَاً ، وَلَاْ يُسْتَسَاْغُ طَبْعَاً ، وَيُعْتَبَرُ صَاْحِبَهُ ، مُرْتَكِبَاً لِكَبِيْرَةٍ مِنْ كَبَاْئِرِ الْذُّنُوْبِ ، هِيَ الْكَذِبُ ، الَّذِيْ قَاْلَ عَنْهُ الْنَّبِيُ r ، فِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ : (( إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا )) ، بَلْ عَدَمِ الْوَفَاْءِ وَالْصِّدْقِ بِالْوَعْدِ ، عَلَاْمَةٌ تَدُلُّ عَلَىْ الْنِّفَاْقِ ، فَالمُنَاْفِقُ ، يَعِدُ وَلَكِنَّهُ لَاْ يَفِيْ بِوَعْدِهِ ، يَقُوْلُ الْنَّبِيُ r فِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ : (( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )) . وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ أَيْضَاً ، يَقُوْلُ r : (( أَرْبَعُ خِلاَلٍ ، مَنْ كُنَّ فِيهِ ، كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا : مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا )) .
فَالْكَذِبُ وَالْنِّفَاْقُ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ مَآلُ مَنْ يُخْلِفْ الْوُعُوْدَ ، وَمَعْدِنُ مَنْ يَنْقِضْ المَوَاْثِيْقَ ، وَلَاْ يَصْدِقُ فِيْ الْعُهُوْدِ ، وَسَوْفَ يُسْأَلْ أَمَاْمَ اللهِ U يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا { ، يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ : أَيْ : مَسْئُوْلِيْنَ عَنِ الْوَفَاْءِ بِهِ وَعَدَمِهِ ، فَإِنْ وَفَيْتُمْ فَلَكُمُ الْثَّوَاْبُ الْجَزِيْلُ ، وَإِنْ لَمْ تَفُوْا فَعَلَيْكُمْ الِإثْمُ الْعَظِيْم .
فَلْنَتِقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ وَلْنَجْعَلِ الْوَفَاْءَ بِالْوَعْدِ ، مَبْدَأً مِنْ مَبَاْدِئِنَاْ ، وَخُلُقَاً مِنْ أَبْرَزِ أَخْلَاْقِنَاْ.
أسْأَلُ اللهَ U أَنْ يَهْدِيْ ضَاْلَ المُسْلِمِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
إِنَنَاْ فِيْ هَذِهِ الأَيَّاْم، وَقَدْ حَلَّ عَلَيْنَاْ شَهْرُ شَعْبَاْنَ، وَالَّذِيْ سَوْفَ نَسْتَقْبِلُ بَعْدَهُ ـ بِإِذْنِ اللهِ تَعَاْلَى ـ شَهْرَ رَمَضَاْنَ المُبَاْرَكِ ، وَفِيْ هَذِهِ المُنَاْسَبَةِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنِ الْوَفَاْءِ بِالْوَعْدِ ، نُذَكِّرُ مَنْ يَعِدُوْنَ أَنْفَسَهُمْ ، فِيْ كُلِ عَاْمٍ ، بِالْتَّوْبَةِ وَالْرُّجُوْعِ إِلَىْ اللهِ U ، وَالاِسْتِقَاْمَةِ عَلَىْ دِيْنِهِ، وَالأَلْتِزَاْمِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ r ، وَالْتَّخَلُصِ مِنْ الْعَاْدَاْتِ الْسَّيِّئَةِ ، وَالأَخْلَاْقِ الْرَّذِيْلَةِ ، فَقَدْ آنَ لَهُمْ أَنْ يَفُوا بِوُعُوْدِهِمْ ، وَأَنْ يَصْدِقُوْا مَعَ خَاْلِقِهِمْ .
فَرَمَضَاْنُ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ فُرْصَةٌ سَاْنِحَةٌ ، لِيُحَاْسِبَ المُسْلِمُ نَفْسَهُ ، وَيَرْجِعَ إِلَىْ رَبِّهِ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
وَمَنْ الأَشْيَاْءِ الَّتِيْ يَجِبُ أَنْ يُسْتَغَلَ رَمَضَاْنَ بِالْتَّخَلِصِ مِنْهَاْ ، وَالْبُعْدِ عَنْهَاْ ، آفَةُ الْتَّدْخِيْنِ ، الَّتِيْ فَتَكَتْ فِيْ بَعْضِ المُسْلِمِيْن ، وَتَوَرَّطَ بِهَاْ ، ضِعَاْفُ الإِيْمَاْنِ وَالْيَقِيْنِ ، وَالَّتِيْ فِيْهَاْ إِضْرَاْرٌ بِالْنَّفْسِ وَالمَاْلِ وَالْدِّيْنِ ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ : } وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا { .
فَاللهَ .. اللهَ ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ ، الْصِّدْقُ مَعَ اللهِ ، وَالْصِّدْقُ مَعَ الْنَّفْسِ ، وَالْصِّدْقُ مَعَ الْغَيْرِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ، فِفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ سَلْمَاْنُ الْفَاْرِسِيُ t : (( إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، وَلأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ )) فَقَاْلَ الْنَّبِيُ r : (( صَدَقَ سَلْمَانُ )) .
أَسْأَلُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً صَاْلِحَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
الْلّهُمَّ تَوْلَّنَاْ أَجْمَعِيْنَ بِحِفْظِكَ ، وَمُنَّ عَلَيْنَاْ بِعَفِّوْكَ وَعَاْفِيَتِكِ ، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَاْدَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ خَيْرٍ ، وَالمَوْتَ رَاْحَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ شَرٍ ، وَآتِ نُفُوْسَنَاْ تَقْوَاْهَاْ ، وَزَكِّهَاْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاْهَاْ ، أَنْتَ وَلِيُّهَاْ وَمُوْلَاهَاْ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّاحِمِيْن .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |