لِلْوَلْهَاْنِ عَلَىْ شَهْرِ رَمَضَاْنَ
اَلْحَمْدُ للهِ } عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ، وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ، وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ، وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {. أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ، لَهُ }اَلْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ { . وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ {. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَاْلَمِيْنَ، وَقُدْوَةً لِلْسَّاْلِكِيْنَ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لَكُمْ وَلِمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ ، يَقُوْلُ U مِنْ قَاْئِلٍ: }وَلَقَدْ وَصَّيْنَاْ اَلَّذِيْنَ أُوْتُوْا اَلْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاْكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اَللَّهَ{ ، فَاَعْمَلُوْا بِوَصِيَّةِ رَبِّكُمْ لَكُمْ؛ } اِتَّقُوْا اَللَّهَ حَقَّ تُقَاْتِهِ، وَلَاْ تَمُوْتُنَّ إِلَّاْ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُوْنَ {، جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْنَ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
تَعْلَمُوْنَ - رَحِمَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ - بِأَنَّنَاْ فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم ، نَنْتَظِرُ حُلُوْلَ شَهْرِ رَمَضَاْنَ اَلْمُبَاْرَكِ ، اَلْشَّهْرُ اَلَّذِيْ أُنْزِلَ فِيْهِ اَلْقُرَّآنُ ، وَفُرِضَ فِيْ أَيَّاْمِهِ اَلْصِّيَاْمُ ، وَشُرِعَ فِيْ لِيَاْلِيْهِ اَلْقِيَاْمُ ، يَقُوْلُ ـ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ ـ : } شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ، فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ r : (( مَنْ صَاْمَ رَمَضَاْنَ إِيْمَاْنًا وَاحْتِسَاْبًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، فَشَهْرُ رَمَضَاْنَ ، مَوْسِمٌ مِنْ مَوَاْسِمِ اَلْمُؤْمِنِيْنَ ، وَفُرْصَةٌ مِنْ فُرِصِ عِبَاْدِ اَللهِ اَلْصَّاْلِحِيْنَ ، وَوَسِيْلَةٌ لِتَحْقِيْقِ اَلْتَّقْوَىْ وَاَلْرِّفْعَةِ فِيْ اَلْدِّيْنِ: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ { .
فَلِلْصِّيَاْمِ وَاَلْقِيَاْمِ ، وَلِتَحْقِيْقِ اَلْتَّقْوَىْ، يَنْتَظِرُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ شَهْرَ رَمَضَاْنَ، وَيَتَطَلَّعُوْنَ إِلَىْ حُلُوْلِهِ بِفَاْرِغِ صَبْرِهِمْ ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِيْ لَكَ أَخِيْ اَلْمُسْلِم ، أَنْ تَكُوْنَ فِيْ رِكَاْبِ اَلْمُؤْمِنِيْنَ، تَنْتَظِرُ هَذَاْ اَلْشَّهْرِ اَلْعَظِيْمِ ، لِاِسْتِغْلَاْلِهِ بِمَاْ يُقَرِّبُكَ مِنَ اَللهِ U ، وَمَاْ يَكُوْنُ سَبَبَاً لِرَفْعِ مَنَاْزِلِكَ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ، وَإِنْ كَاْنَ عُشَّاْقُ اَلْدِّرْهَمِ وَاَلْدِّيْنَاْرِ، وَأَصْحَاْبُ اَلْشَّهَوَاْتِ وَاَلْمَلَذَّاْتِ ، أَعَدُّوْا اَلْعُدَّةَ لِرَمَضَاْنَ، مِنْ أَجْلِ حُطَاْمٍ فَاْنٍ زَاْئِلٍ، فَاَلْأَوْلَىْ أَنْ تَسْتَعِدَّ لِرَمَضَاْنَ ، وَتُسَاْرِعَ لِلْحُصُوْلِ عَلَىْ جَنَّةٍ عَرْضُهَاْ اَلْسَّمَوَاْتُ وَاَلْأَرْضُ ، كَمَاْ قَاْلَ U : } وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ { .
اَلْمُؤْمِنُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - اَلَّذِيْ يُرِيْدُ وَجْهَ اَللهِ وَاَلْدَّاْرَ اَلْآخِرَةِ ، يَسْتَعِدُّ لِهَذَاْ اَلْشَّهْرِ، وَيُعِدُّ لَهُ عُدَّتُهُ ، وَيَحْذَرُ كُلَّ اَلْحَذَرِ ، أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ بِنَظْرَةِ اَلْغَاْفِلِيْنَ، أَوْ يَنْتَظِرَهُ بِاِنْتِظَاْرِ اَلْفَسَقَةِ وَاَلْمُجْرِمِيْنَ ، يَقُوْلُ U: } وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {. يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ: } فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ { أَيْ: فَقَدْ حَصُلَ لَهُ أَجْرُ اَلْمُهَاْجِرِ، اَلَّذِيْ أَدْرَكَ مَقْصُوْدَهُ بِضَمَاْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوَىْ وَجَزَمَ، وَحَصُلَ مِنْهُ اِبْتِدَاْءٌ وَشُرُوْعٌ فِيْ اَلْعَمَلِ ، فَمِنْ رَحْمَةِ اَللهِ بِهِ وَبِأَمْثَاْلِهِ ، أَنْ أَعْطَاْهُمْ أَجْرَهُمْ كَاْمِلَاً ، وَلَوْ لَمْ يُكْمِلُوْا اَلْعَمَلَ ، وَغَفَرَ لَهُمْ مَاْ حَصُلَ مِنْهُمْ مِنْ اَلْتَّقْصِيْرِ فِيْ اَلْهِجْرَةِ وَغَيْرِهَاْ .
فَاَلْعَزْمُ عَلَىْ اَلْاِسْتِفَاْدَةِ مِنْ رَمَضَاْنَ ، وَاَلْجَزْمُ عَلَىْ اِسْتِغْلَاْلِهِ بِطَاْعَةِ اَللهِ، أَمْرٌ مَطْلُوْبٌ مِنْكَ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ، فِيْ هَذِهِ اَلْأَيَّاْمِ ، اَلَّتِيْ لَاْ تَدْرِيْ عَنْ حَيَاْتِكَ وَمَوْتِكَ فِيْهَاْ ، (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ )) ، كَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُ r، فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، وَيَبْلُغُ اَلْمَرْءُ بِنِيَّتِهِ ، مَاْ لَاْ يَبْلُغُهُ بِعَمَلِهِ، فَعَلَيْكَ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِم ـ مُرَاْجَعَةُ حِسَاْبَاْتِكَ صَاْدِقَاً مَعَ نَفْسِكَ. اسْأَلْهَاْ، وَأَنْتَ تَسْتَقْبِلُ هَذَاْ اَلْشَّهْرَ اَلْعَظِيْم مَاْذَاْ خَطَّطَتْ لَهُ ، وَمَاْ هُوَ هَدَفُهَاْ اَلْحَقِيْقِيُ، اَلَّذِيْ تَسْعَىْ إِلَيْهِ مِنْ خِلَاْلِ شَهْرِ رَمَضَاْنَ. أَهُوَ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ، أَوْ لَعَلَّكُمْ تَأْكُلُوْنَ وَتَشْرَبُوْنَ وَتَلْهُوْنَ وَتَلْعَبُوْنَ !
نَعَمْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ إِنَّنَاْ نَرَىْ مَنْ يَسْتَعِدُّ لِهَذَاْ اَلْشَّهْرِ ، بِأُمُوْرٍ لَاْ تَتَنَاْسَبُ أَبَدَاً ، وَلَاْ تَلِيْقُ بِشَهْرٍ كَرَمَضَاْنَ، إِنَّمَاْ مِنْ شَأْنِهَاْ: اَلْقَضَاْءُ عَلَىْ أَنْفَسِ أَوْقَاْتِهِ، وَأَثْمَنِ لِحَظَاْتِهِ ، وَإِشْغَاْلُ اَلْمُسْلِمِيْنَ بِمَاْ لَاْ فَاْئِدَةَ فِيْهِ، هَذَاْ إِنْ سَلِمُوْا مِنْ مَقْتِ اَللهِ وَغَضَبِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ جَعْلُ رَمَضَاْنَ، مَوْسِمَاً وَفُرْصَةً لِمَتَاْبَعَةِ اَلْمُسَلْسَلَاْتِ اَلْهَاْبِطَةِ، وَاَلْبَرَاْمِجِ اَلْسَّاْقِطَةِ، تَحْتَ شِعَاْرِ : رَمَضَاْنُ يَجْمَعُنَاْ. لَاْ بَاْرَكَ اَللهُ فِيْكُمْ ، وَلَاْ فِيْ اِجْتِمَاْعٍ عَلَىْ غَيْرِ مَاْ يُرْضِيْ اَللهُ U .
فَاَلْمُسْلِمُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَجِبُ أَنْ يَتَرَفَّعَ بِنَفْسِهِ، عَنْ سَفَاْسِفِ اَلْأُمُوْرِ، وَيُوَطِّنَ نَفْسَهُ لِمَعَاْلِيْ اَلْأَخْلَاْقِ، وَلَاْ يَكُوْنُ طُعْمَاً ، لِمَنْ لَاْ هَمَّ لَهُمْ إِلَّاْ تَحْقِيْقَ شَهَوَاْتِهِمْ ، وَلَاْ لُقْمَةً سَاْئِغَةً، لِمَنْ لَاْ دِيْنَ يَرْدَعُهُمْ ، وَلَاْ حَيَاْءَ يَمْنَعُهُمْ ، اَلَّذِيْنَ قَدْ يَقَعُ بِحَقِ بَعْضِهِمْ ؛ قَوْلُ اَللهِ تَعَاْلَىْ: } فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا ، حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ { .
فَرَمَضَاْنُ يَجْمَعُنَاْ لِسَمَاْعِ كَلَاْمِ رَبِّنَاْ ، وَقِيَاْمِ اَلْلَّيْلِ خَلْفَ أَئِمَتِنَاْ ، وَمُوَاْسَاْةِ فُقُرَاْئِنَاْ، وَمَاْ يَكُوْنُ سَبَبَاً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوْبِنَاْ، وَرِفْعَةِ دَرَجَاْتِنَاْ ، وَعُلُوِ مَنَاْزِلِنَاْ .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلْنَعْقِدَ اَلْنِّيَّةَ عَلَىْ اَلْاِسْتِفَاْدَةِ مِنْ رَمَضَاْنَ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ يَقُوْلُ r: (( مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ، بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ )) .
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً ، وَرِزْقَاً وَاْسِعَاً ، وَسَلَاْمَةً دَاْئِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ ، لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَأَنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
وَفِيْ مِثْلِ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم ، وَفِيْ شَهْرِ رَمَضَاْنَ أَيْضَاً، تَكُوْنُ بَعْضُ اَلْأُمُوْرِ، اَلَّتِيْ يَجِبُ عَلَىْ اَلْمُسْلِمِ أَنْ يَفْطَنَ لَهَاْ، وَلَاْ يَكُوْنُ مُعِيْنَاً عَلَيْهَاْ، وَاَلْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ ، مِنْهَاْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ تَنَاْقُلُ بَعْضِ اَلْرَّسَاْئِلِ، عَبْرَ اَلْجَوَّاْلَاْتِ ، وَخَاْصَّةً مَاْ يُنْسَبُ مِنْهَاْ لِلْدِّيْنِ، أَوْ لِلْرَّسُوْلِ r، فَقَدْ تَكُوْنُ سَبَبَاً بَاِنْتِشَاْرِ رِسَاْلَةٍ ، فِيْهَاْ كَذِبٌ عَلَىْ اَللهِ U، فَتُحِلُّ حَرَاْمَاً ، أَوْ تُحَرِّمُ حَلَاْلَاً ، أَوْ فِيْهَاْ كَذِبٌ عَلَىْ اَلْرَّسُوْلِ r ، فَتَجْعَلُ مِنَ اَلْبِدْعَةِ سُنَّةً ، فَتَقَعُ بِمَقْتِ اَللهِ U وَغَضَبِهِ ، يَقُوْلُ U : } وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ، هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ ، لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ صَحِيْحِ اَلْإِسْنَاْدِ ، يَقُوْلُ r : (( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )) فَاَحْذَرْ ـ أَخِيْ اَلْمُسْلِم ـ فَاَلْأَمْرُ خَطِيْرٌ جِدُّ خَطِيْرٍ .
وَمِنْ اَلْأُمُوْرِ، اَلَّتِيْ يَجِبُ أَنْ يَنْتَبَهَ لَهَاْ اَلْمُسْلِمُ، فِيْ مِثْلِ هَذِهِ اَلْأَيَّاْم وَفِيْ رَمَضَاْنَ، كَثْرَةَ اَلْمُتَسَوِّلِيْنَ فِيْ اَلْمَسَاْجِدِ، وَاَلْأَسْوَاْقِ، وَعَلَىْ أَبْوَاْبِ بَعْضِ اَلْبُيُوْتِ أَحْيَاْنَاً. يَسْتَعْطِفُوْنَ اَلْنَّاْسَ، لِلْوُصُوْلِ إِلَىْ مَاْفِيْ جُيُوْبِهِمْ ، وَبَعْضُهُمْ دَجَّاْلِونَ كَذَّاْبِونَ، وَبَعْضُهُمْ يَتْبَعُوْنَ لِجِهَاْتٍ مَشْبُوْهَةٍ ، وَيَجْمَعُوْنَ لِفِئَاْتٍ ضَاْلَةٍ، وَلِذَلِكَ حَذَّرَتْ وُزَاْرَةُ اَلْدَّاْخِلِيَّةِ ، مِنَ اَلْتَّعَاْطُفِ مَعَ أَمْثَاْلِ هَؤُلَاْءِ.
فَاَتَّقُوْا اَللهَ ـ عِبَاْدَ اَللهِ ـ وَاَسْتَعِدُّوْا لِشَهْرِكُمْ ، بِمَاْ يُرْضِيْ رَبَّكُمْ ، وَيَرْفَعْ مَنَاْزِلَكُمْ يَوْمَ اَلْقِيَاْمَةِ.
أَسْأَلُ اَللهَ U أَنْ يَهْدِيْ ضَاْلَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مَجِيْبٌ ، اَلْلَّهُمَّ بَلِّغْنَاْ رَمَضَاْنَ ، وَاَجْعَلْنَاْ فَيِهِ مِنْ اَلْفَاْئِزِيْنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ إِنَاْ نَسْأَلُكَ اَلْهُدَىْ وَاَلْتُّقَىْ وَاَلْعَفَاْفَ وَاَلْغِنَىْ ، اَلْلَّهُمَّ أَحْيِنَاْ سُعَدَاْءَ ، وَتَوَفَّنَاْ شُهَدَاْءَ وَاَحْشُرْنَاْ فِيْ زُمْرَةِ اَلْأَتْقِيَاْءِ ، يَاْ رَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ رِضَاْكَ وَاَلْجَنَّةَ ، وَنَعُوْذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَاَلْنَّاْرِ . اَلْلَّهُمَّ وَفِّقْنَاْ لِهُدَاْكَ ، وَاَجْعَلْ عَمَلَنَاْ فِيْ رَضَاْكَ ، وَاَمْنُنْ عَلِيْنَاْ بِفَضْلِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوْبَنَاْ ، وَحَصِّنْ فُرُوْجَنَاْ ، وَاَحْفَظْ أَعْرَاْضَنَاْ وَدِمَاْءَنَاْ وَأَمْوَاْلَنَاْ ، وَاَرْحَمْ اَلْلَّهُمَّ مَوْتَاْنَاْ ، وَاَشْفِ مَرْضَاْنَاْ ، وَاَسْتُرْنَاْ فَوْقَ اَلْأَرْضِ وَتَحْتَ اَلْأَرْضِ وَيَوْمَ اَلْعَرْضِ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن .
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ جُنْدَنَاْ اَلْمُجَاْهِدِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ ، وَاَحْفَظْ دِمَاْءَهُمْ ، وَاَرْبِطْ عَلَىْ قُلُوْبِهِمْ ، وَعَجِّلْ لَهُمْ بِاَلْنَّصْرِ وَاَلْتَّمْكِيْنِ ، يَاْرَبَّ اَلْعَاْلَمِيْنَ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |