لِتَسْلَمْ مِنْ دُعَاْةِ جَهَنَّم
اَلْحَمْدُ للهِ اَلْتَّوَّاْبِ اَلْرَحِيْمِ، } يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ، إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {. أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ، } هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {. وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلدين ، } يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ { .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
تَقْوَىْ اَللهِ U وَصِيَتُهُ لَكُمْ وَلِمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ، يَقُوْلُ U مِنْ قَاْئِلٍ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {. فَاَتَّقُوْا اَللهَ عِبَاْدَ اَللهِ، جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
مِنَ اَلْشُّرُوْرِ اَلْعَظِيْمَةِ، وَاَلْمَصَاْئِبِ اَلْخَطِيْرَةِ، اَلَّتِيْ تَحُلُّ فِيْ أُمَّتِنَاْ، حَسَبَ مَاْ أَخْبَرَ بِهِ اَلْنَّبِيُ e: وُجُوْدُ دُعَاْةٍ يَدْعُوْنَ إِلَىْ جَهَنَّمَ، مَنِ اِسْتَجَاْبَ لِدَعْوَتِهِمْ ، فَمَصِيْرُهُ إِلَىْ اَلْنَّاْرِ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - كَمَاْ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْصَّحِيْحِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اَلْيَمَاْنِ t، عِنْدَمَا سَأَلَ اَلْنَّبِيَّ e عَنْ اَلْشَّرِّ مَخَاْفَةَ أَنْ يُدْرِكَهُ قَاْلَ e: (( يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) ، قَالَ حُذَيْفَةُ: يَاْ رَسُولَ اَللَّهِ صِفْهُمْ لَنَاْ ، قَاْلَ e: (( هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا ، يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) أَيْ: مِنَّا وَفِينَا. مِنْ جِنْسِنِاْ, مِنْ قَبَاْئِلِنَاْ, مِنْ بُلْدَاْنِنَاْ, وَقَدْ يَكُوْنُوْنَ مِنْ أَقَاْرِبِنَاْ - كَمَاْ قَاْلَ سَمَاْحَةُ اَلْشَّيْخِ ؛ صَاْلِحِ اَلْفَوْزَاْنِ - حَفِظَهُ اَللهُ .
وَنَحْنُ أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ عِنْدَمَا نَتَأَمَّلُ فِي وَاقِعِنَا اَلْيَوْمَ، نَجِدُ مِنْ يَقَعُ بِحَقِّهِ قَوْلُ اَلنَّبِيِّ e. وَمَاْ أَكْثَرَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْأَعْمَالِ ، الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا فِي دُخُولِ جَهَنَّمَ.
تَأَمَّلُوْا قَوْلَ اَللَّهِ تَعَاْلَى: } أَلَمْ يَعْلَمُوا، أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا، ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ{، وَمَعْنَىْ يُحَادِدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ: أَيْ يَبْعُدُ عَنْ اَللَّهِ U ، وَعَنْ رَسُولِهِ e ، يُخَالِفُ أَوَامِرَ اللَّهِ، وَيَتَجَرَّأُ عَلَى مَاْ حَرَمَ سُبْحَانَهُ، أَيْ عَاْصٍ مِنْ اَلْعُصَاةِ اَلْمُسْتَحِقِّيْنَ لِلْعَذَاْبِ ، } وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا { .
مَا نِسْبَةُ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ أَوَامِرَ اللَّهِ U فِي الْمُجْتَمَعِ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ؟ وَالسَّبَبُ هُوَ وُجُودُ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الدُّعَاةِ، الَّذِينَ يُزِيِّنُونَ مَا حَرَمَ اللَّهُ، وَيُسَوِّقُونَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ .
إِلَيْكُمْ عَلَى سَبِيْلِ اَلْمِثَاْلِ: اَلْزِّنَا، اَلَّذِي يَقُولُ عَنْهُ U: } وَلَاْ تَقْرَبُوْا اَلْزِّنَاْ ، إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاْءَ سَبِيْلًا {، يَقُولُ ابْنُ سَعْدِي فِي تَفْسِيرِهِ: وَاَلْنَّهْيُ عَنْ قُرْبَانِهِ، أَبْلَغُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ مُجَرَّدِ فِعْلِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ اَلْنَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ مُقَدَّمَاتِهِ وَدَوَاعِيهِ، فَإِنَّ مِنْ حَامٍ حَوْلَ الْحُمَّى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، خُصُوصًا هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّفُوسِ أَقْوَى دَاعٍ إِلَيْهِ .
أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ! كَمِ الَّذِينَ يَدْعُونَ اَلْمُسْلِمِينَ لِمُقَدَّمَاْتِ اَلْزِّنَاْ وَدَوَاْعِيْه؟ لَاْ تُتْعِبْ نَفْسَكِ بِالْبَحْثِ عَنْهُمْ، أَجْلِسْ فِي بَيْتِكَ وَقَلِّبْ جِهَازَ التِّلْفَازِ، تَجِدُ مِئَاتِ الْقَنَوَاتِ، تَعَرِضُ مَا يُثِيرُ الْغَرَائِزَ، وَمَاْ يُؤَجِّجُ الشَّهَوَاتِ، حَتَّى نَشَرَاتِ الْأَخْبَارِ، وَأَسْوَاقِ الْأَسْهُمِ، لَمْ تُسَلِّمْ مِنْ اِسْتِعْرَاْضِ اَلْسَّاْفِرَاتِ اَلْمُتَبَرِّجَاتِ، وَظُهُوْرِ اَلْمَائِلَاتِ اَلْمُمِيلَاتِ، اَلْلَاْتِيْ يَتَسَبَّبْنَ فِي وُقُوْعٍ كَثِيْرٍ مِمَّنْ يُشَاهِدُهُنَّ بِالزِّنَا .
قَدْ تَسْتَغْرِبُ أَخِي ذَلِكَ، وَلَكَ أَنْ تَسْتَغْرِبَ ، فَقَدَ أَلِفَ بَعْضُ اَلْنَّاسِ دَوَاعِي وَمُقَدَّمَاتِ الزِّنَا، لَكِنِ اِسْمَعْ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ e ، عَنْ مَاْ يَسْتَهِينُ بِهِ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ. يَقُوْلُ e فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (( الْعَيْنُ تَزْنِي ، وَالْقَلْبُ يَزْنِي، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزْنَا الْقَلْبِ التَّمَنِّي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ مَا هُنَالِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ))، فَاَلْعَيْنُ تَزْنِيْ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ U بِغَضِ اَلْبَصَرِ فَقَاْلَ: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ { فَمُشَاهَدَةُ مَا يَتَفَنَّنُ دُعَاةُ جَهَنَّمَ بِعَرْضِهِ ، يُشَكِّلُ خَطَرًا ، وَيَتَسَبَّبُ بَشَرٍ لَا يُدْرِكُ مَدَاهُ إِلَّا الْعُقَلَاءُ مِنَ اَلْنَّاْسِ ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِل :
كُلُّ اَلْحَوَادِثِ مُبْدَاهَا مِنْ النَّظَرِ
وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
وَالْمَرْءُ مَا دَامَ ذَا طَرَفٍ يَقْلِبُهُ
فِي أَعْيُنِ اَلْغِيْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا
فَتْكُ السِّهَامِ بِلَا قَوْسٍ وَلَا وَتَرِ
وَيَا لَيْتَ الْأَمْرُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ؛ يَقِفُ بِدُعَاةِ جَهَنَّمَ، عَلَى مُجَرَّدِ زَنًّا النَّظَرَ، بَلْ يَعْمَلُونَ مَا بِوُسْعِهِمْ مِنْ أَجْلِ إِفْسَادِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَاخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ، وَمُشَارَكَتِهِمْ بِالْأَعْمَالِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ وَاَلْعَاْمَّةِ، أَمَّا قِيَادَةُ الْمَرْأَةِ، وَاسْتِقْلَالُهَا بِسَيَّارَةٍ خَاصَّةٍ لَهَا، فَجُهُودُ دُعَاةِ جَهَنَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا تَخْفَى عَلَى عَاقِلِ، غَيْرَ مُبَالِينَ بِمَا تُنْتِجُهُ دَعْوَتُهُمْ مِنْ مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ، وَمَا يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا مِنْ مَفَاسِدَ خُلُقِيَّةٍ ، غَاضِّينَ الطَّرَفَ عَنْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ U بِهِ عَلَى بِلَادِ الْعَقِيدَةِ وَالتَّوْحِيدِ، وَحَاضِنَةِ بَيْتِهِ U، وَمَسْجِدِ رَسُولِهِ e، يُرِيدُونَهَا بِدَعْوَتِهِمْ؛ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبُلْدَانِ، الَّتِي تُخَالِطُ بِهَا النِّسَاءُ الرِّجَالِ، وَتَقُودُ بِشَوَارِعِهَا السَّيَّارَاتِ، حَتَّى وَصَلَتْ نِسَبُ الدَّعَارَةِ وَالْفَسَادِ نِسَبًا مُخِيفَةً ، نَجَّى اللَّهُ بِلَادَنَا مِنْ أَرْقَامِهَا ، لِأَنَّ بِلَادَنَا هِيَ أَقَلُّ الْبِلَادِ خَنَاً وَزْنًا، بِسَبَبِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ U بِهِ عَلَى نِسَائِنَا، مِنْ حِجَابٍ وَعَدَمِ خَلْوَةٍ وَاخْتِلَاطٍ.
فلنتق اللَّهَ أَحِبَّتِي فِي اللَّهِ وَلِنُحَذِّرَ دُعَاةَ جَهَنَّمَ، وَمِمَّا يَزِيدُ فِيْ خَطَرِهِمْ، وَيُوجِبُ الْحَذَرَ مِنْهُمْ ، أَنَّهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا كَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُ e، بَلْ كَمَاْ قَالَ تَعَالَى: } وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ، وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ { .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَأَنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ.
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْضِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
وَمِنْ دُعَاةِ جَهَنَّمَ، الَّذِينَ بَلِيَتْ بِهِمْ أُمَّتُنَا، وَيُشَكِّلُونَ خَطَرًا وَضَرَرًا عَلَى مُجْتَمَعِنَا: كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ الْخَوَارِجُ، فَهْمْ مِنْ بُنَيِّ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، وَلَكِنَّهُمْ يَدْعُونَنَا لَنَمَوْت، مَيِّتَةً جَاهِلِيَّةً بِخَلْعِ بَيْعَتِنَا، وَلِنَتَعَرَّضْ لِلْفِتَنِ بِعَدَمِ سَمْعِنَا وَطَاعَتِنَا، وَهُمْ أَشَدُّ خَطَرًا مِنْ غَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ النَّبِيُّ e: تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ .
وَمِمَّا يَزِيدُ فِي خَطَرِهِمْ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- أَنَّهُمْ يُخْفُونَ مَا كَانُوا يُبْدُونَ مِنْ قِبَل، يَسُرُّونَ اَلْآنَ مَا كَانُوا يُعْلِنُونَ سَاْبِقَاً فِي دُرُوسِهِمْ وَمُحَاضَرَاتِهِمْ ، وَفِي خُطَبِهِمْ وَنَدَاْوَاْتِهِمْ هُمْ ـ وَاَللهِ ـ كَمَاْ وَصَفَ اَلْنَّبِيُ e: (( قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ ))، لَهُمْ خُطْوَاتٌ كَخُطْوَاتِهِ، انْتَهَتْ بِشَبَابِنَا إِلَى التَّكْفِيرِ وَالتَّفْجِيرِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَسَاجِدِهِمْ.
وَيَزِينُونَ الْقَبِيحِ كَتَزْيِينِهِ، وَيُقْبِّحُونَ الْحَسْنَ كَتَقْبِيحِهِ، جَعَلُوا الْخُرُوجَ عَلَى وَلِيِّ أَمْرِنَا ، جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَهْرًا لِلْحَوَرِ الْعَيْنَ، حَتَّى خَلْعِ أَتْبَاعُهُمْ بَيْعَاتِهِمْ، وَبَايَعُوا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ e فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ، يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ))، فَهُمْ يَزِينُونَ الْقَبِيحَ، وَكَذَلِكَ يُقَبَّحُونَ الْحَسَنَ، حَتَّى غَرَسُوا فِي عُقُولِ أَتْبَاعِهِمْ، أَنَّ مَنْ يُخَالِفُهُمْ، وَيُحَذِّرُ مِنْهُمْ، خَوْفًا مِنْ تَمْزِيقِ الْوَحْدَةِ وَضَيَاعِ الْأَمْنِ وَتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ، جَعَلُوهُ كَمَا يَقُولُونَ: جَاْمِيَّاً مُبَاْحِثَاً جَاسُوسًا ذَنْبًا مِنْ أَذْنَابِ السُّلْطَانِ.
يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهْمْ فِي جَثَامِينِ أَنَسِ، يَتَسَمَّرُ الْجُهَلَاءُ وَأَشْبَاهُهُمْ أَمَامَهُمْ فِي بَرَامِجِهِمْ وَمُحَاضَرَاتِهِمْ، وَيَتَتَبَّعُونَ كِتَابَاتِهِمْ وَمَقَالَاتِهِمْ، وَيَتَنَاقَلُونَ فَتَاوَاهُمْ وَتَوْجِيهَاتِهِمْ، شَيَاطِينٌ فِي جَثَامِينَ أَنَسِ .
فَلْنَتَّقِ اَللَّهَ - أَحِبَّتِي فِي اللَّهِ- وَلِنُحَذِّرْ دُعَاةَ جَهَنَّمَ ، بِالْعَمَلِ بِأَمْرِ نَبِيِّنَاْ e لِحُذَيْفَةَ ، لِمَا سَأَلَهُ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ e: (( إِنْ كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ ، فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، وَاسْمَعْ وَأَطِعْ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ، فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَاهْرُبْ حَتَّى تَمُوتَ, فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ )) .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَاً: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) فَاَلْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَاْرَكْ عَلَىْ نَبِيِّنَاْ مُحَمَّدٍ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ نَسْأَلُكَ نَصْرَ اَلْإِسْلَاْمِ وَعِزَّ اَلْمُسْلِمِيْنَ، اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ عَلِيْكَ بِمَنْ يَكِيْدُ لِبِلَاْدِنَاْ، وَيَعْمَلُ عَلَىْ تَفْرِيْقِ كَلِمَتِنَاْ، وَتَمْزِيْقِ وُحْدَتِنَاْ، اَلْلَّهُمَّ مِنْ أَرَاْدَنَاْ بِسُوْءٍ، فَاَلْلَّهُمَّ أَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاَجْعَلْ كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ، وَتَدْبِيْرَهُ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ يَاْقَوُيَ يَاْ عَزِيْزَ. } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَاْدَ اَللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |