نصيحة للمعلمين بمناسبة بدء العام الدراسي
الحمد لله العليم الحليم, الغفار العزيز الجبار, يقلب النهار على الليل, ويقلب الليل على النهار, تذكرة لأولي العقول والأبصار, أحمده حمداً كثيراً, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه وبعد:
أيها المعلمون:
إنكم تستقبلون عاماً دراسياً جديداً, وقد تحملتم أمانة عظيمة, جُعِلَت في أعناقكم؛ ألا وهم أبناء المسلمين, وضعوهم أمانة تحت أيديكم, فقوموا بواجب النصح لأبنائهم, وذلك بتربيتهم التربية الإسلامية, على العقائد الصحيحة, والعبادات القويمة السالمة من البدع, والآداب الشرعية الحميدة, يحصل لكم الأجر العظيم في الدنيا والآخرة.
أيها المعلمون:
إنكم قبل قيامكم بأداء الأمانة التي وُضِعت تحت أيديكم, يجب عليكم أن تصلحوا أنفسكم, وتزكوها, وتطهروها؛ لأنه يلاحظ على البعض _هداهم الله_ عدم التمسك بالآداب الإسلامية, فمن المعلمين من يحلق لحيته, ومنهم من يسبل إزاره, ومنهم من يشرب الدخان, ومنهم, ومنهم, فكيف يتم الاقتداء بكم؛ وأنتم على مثل هذه الحال, إنه يخشى عليكم من الأوزار, والآثام, قال تعالى: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ {25}}النحل.
أيها المعلمون:
اقتدوا بمن أمركم الله بالاقتداء به, قال تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {21}} الأحزاب.
فإذا اقتديتم به, جاز لمن تربى على أيديكم أن يقتدي بكم.
أيها المعلمون:
إننا في زمن كثرة فيه التيارات الفكرية المنحرفة, التي تُبَثُّ عبر وسائل الإعلام المنحرفة, فإن لم تتصدوا لها بأقلامكم, وألسنتكم, من يتصدى لها؟ أتنتظرون أن يتصدى لها طلاب الدنيا, أم يتصدى لها العوام, والجهلة, إن هذا واجبكم فقوموا عليه خير قيام, تصدوا لهذه الأفكار الهدامة, التي تتخطف أبناءنا, وبينوا زيفها, ودافعوا عن الإسلام وأهله؛ يكن لكم نصيب من الجهاد, واعلموا أن الجهاد يكون بالسيف, ويكون بالمال, ويكون بالحجة والبيان, وأنتم جهادكم الحجة والبيان, خذوا عن حمى الشريعة, وقارعوا الخصوم وأعداءها؛ بكتاب ربكم, وسنة نبيكم, وما أوتيتم من العلم .
أيها المربون: أيها المعلمون:
إنكم إن استقمتم فقد سبقتم سبقاً كبيراً, وإن اعوججتم فالخيبة والله والخسارة والهلاك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {27}}الأنفال.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, إنه تعالى كريم ملك بر رؤوف رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه, والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
أيها المعلمون:
مثلٌ يقال: فاقد الشيء لا يعطيه،
ففاقد الإخلاص لا يتعلم منه طلابه الإخلاص, فأعمالهم بين الرياء والسمعة, والفخر والخيلاء.
{ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً }.النور الآية:39
وفاقد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لا يقتدى به, كيف يوصي بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أول المخالفين لسنته.
وفاقد العلم لا يعلم إلا الجهل والفشل, لأن بعض المعلمين_ هداهم الله_ بمجرد انتهائه من الدراسة والتخرج, يكتف بما كان, فيضمحل علمه حتى يكون في مصاف العوام في علومه, لأنه لا يستزيد, ولا يسأل الله الزيادة , والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً {114}} طه
أو يقصر علومه على الصحف والمجلات, وغالبها علوم لا تنفع.
أيها المعلمون:
فاقد الحياء والأخلاق والفضائل لا يعطيها, فكونوا قدوة حسنة في جميع أموركم لأنكم قمتم مقام الأنبياء.
{ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ {79}} آل عمران.
أيها المعلمون:
إن أبناء المسلمين أمانة بين أيديكم, وتأخذون على الأمانة أجراً, ومحاسبون فلا تكونوا ممن ضيع الأمانة , والحذر من الإهمال والغفلة, فكونوا يداً واحدةً في سبيل الإصلاح, فكم صلح بسببكم من مفسد, وكم اهتدى بسببكم من ضال , وكم أطاع من عاصي, فالله الله في فلذات الأكباد, واحتسبوا الأجر من الله زيادة على ما تأخذون من أجر ولا يضيع الله أجر المصلحين .
أيها المعلمون :
ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ". فاحفظوا رعيتكم بارك الله فيكم.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً{56}}الأحزاب
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على إبراهيم, وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, ودمر أعداءك أعداء الدين, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, والحمد لله على كل حال.
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
|