لِلْصَّابِرِينَ وَقْتَ الْفِتَنِ
عَلَى الدِّينِ
الْحَمْدُ للهِ ، بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ الْفَرَجِ،
شَرَعَ الشَّرَائِعَ وَأَحْكَمَ الْأَحْكَامَ ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،
قَامَتْ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ الْبَرَاهِينُ وَالْحُجَجُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هُوَ الْمُفَدَّى بِالْقُلُوبِ وَالْمُهَجِ، صَلَّى
اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ سَارُوا عَلَى
أَقْوَمِ طَرِيقٍ وَأَعْدَلِ مَنْهَجٍ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ
إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ
: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا
رَحِمَكُمُ اللهُ بِأَنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ قِيَامُ السَّاعَةِ ، وَدَنَتْ نِهَايَةُ
الدُّنْيَا ، كُلَّمَا قَلَّ الْخَيْرُ وَكَثُرَ الشَّرُّ ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ
رَحِمَهُ اللهُ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ،
فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ : "اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ
زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ"، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
يَقُولُ
ابْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ - : وَفِي لَفْظٍ
آخَرَ قَالَ: لَا يَكُونُ عَامٌ خَيْرٌ مِنْ عَامٍ، وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ،
وَلَكِنْ ذَهَابُ عُلَمَائِكُمْ وَخِيَارِكُمْ، ثُمَّ يَحْدُثُ أَقْوَامٌ يَقِيسُونَ
الْأُمُورَ بِآرَائِهِمْ؛ فَيُهْدَمُ الْإِسْلَامُ وَيُثْلَمُ . وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ،
فَكُلَّمَا تَقَدَّمَ الزَّمَانُ، وَتَأَخَّرَ عَهْدُ النُّبُوَّةِ؛ قَلَّ الْعِلْمُ،
وَكَثُرَ الْجَهْلُ . إِلَى أَنْ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ : وَلَكِنْ لَيْسَ مَعْنَاهُ
أَنَّ الزَّمَانَ دَائِمًا يَكُونُ شَرًّا مِمَّا قَبْلَهُ . لَا، هَذَا وَصْفٌ أَغْلَبِيٌّ،
وَقَدْ يَقَعُ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فِي جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ
مَا يَكُونُ حَالُ أَهْلِهَا أَحْسَنَ مِنْ حَالِهِمُ الْأُولَى فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ.
انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ .
وَمِمَّا
يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ ، وَقِلَّةِ الْخَيْرِ وَالرَّشَادِ
آخِرَ الزَّمَانِ ؛ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
مَاجَهْ وَابْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ ، قَوْلُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، لِلْمُتَمَسِّكِ
فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ" . قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ أَوْ مِنْهُمْ ؟ قَالَ
: "بَلْ مِنْكُمْ".
فَكُلَّمَا
بَعُدَ عَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كُلَّمَا كَثُرَ الضَّلَالُ
وَالاِنْحِرَافُ وَالْفَسَادُ ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
فِي صَحِيحِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"،
- قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي: ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ-
"ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ، يَنْذِرُونَ ولا
يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، ويَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ،
ويَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
بَعْضُ
النَّاسِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لَا يَمْنَعُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ إِلَّا وُجُودُهُ
، فَإِذَا وُجِدَ الْمُنْكَرُ نَسِيَ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - دِينَهُ وَنَفْسَهُ
، بَلْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ وُجُودَ الْمُنْكَرَاتِ ذَرِيعَةً لِلْوُصُولِ
لِمَآرِبِهِ ، وَلِحَاجَةٍ فِي نَفْسِهِ ، وَالدَّاءُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ
: أَنْ تَجِدَ مَنِ انْغَمَسَ فِي أَنْوَاعٍ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَيَنُوحُ كَالثَّكْلَى
اَلْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ وُجُودِ مَا يَقَعُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ ، وَلِذَلِكَ رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ
الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ : كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ : أَيَّةُ
آيَةٍ؟ قُلْتُ : قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
﴾ فَقَالَ : أَمَا وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا
خَبِيرًا ، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ
: " بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنَاهَوْا
عَنِ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وَهَوًى مُتَّبَعًا ،
وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ
نَفْسِكَ ، وَدَعِ الْعَوَامَ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ
مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ
رَجُلًا يَعْمَلُونَ كَعَمَلِكُمْ ".
مِنْ وَرَائِكُمْ
أَيَّامُ الصَّبْرِ ؛ تَوْجِيهٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأُمَّتِهِ ، فِي زَمَانِ غَلَبَةِ الْفِتَنِ ، وَكَثْرَةِ الْفَسَادِ ، وَانْتِشَارِ
الْمُنْكَرَاتِ ، إِلَى الصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا
، وَالصَّبْرِ عَمَّا يُغْضِبُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالتَّمَسُّكِ بِالدِّينِ وَعَدَمِ
الِانْجِرَافِ مَعَ مَنْ يَنْجَرِفُ فِي مَزَالِقِ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ وَالْمُخَالَفَاتِ
، فَمَنْ وُفِّقَ إِلَى ذَلِكَ ، فَأَجْرُهُ يُضَاعَفُ إِلَى أَجْرِ خَمْسِينَ مِنْ
صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا مِنْ عِظَمِ بَلَاءِ
هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي يَجِدُ المُسْلِمُ المُسْتَمْسِكُ بِدِينِهِ كْالْقَابِضِ
عَلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ.
زَمَانٌ
خَطِيرٌ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ-، وَمَا كَثْرَةُ ذُنُوبِهِ وَمَعَاصِيهِ وَمُخَالَفَاتِهِ
إِلَّا بِسَبَبِ ضَعْفِ الْإِيمَانِ ، وَقِلَّةِ التَّقْوَى ، وَاتِّبَاعِ خُطُوَاتِ
شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، وَتَزْيِينِ الْبَاطِلِ وَزَخْرَفَتِهِ ، وَانْتِشَارِ
الْمُنْكَرَاتِ ، وَتَمَكُّنِ الْفَاسِدِينَ وَالْمُنْحَرِفِينَ وَالْفَاسِقِينَ فِي
مُجْتَمَعَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: "يَأْتِي زَمَانٌ يَذُوبُ فِيهِ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ كَمَا
يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، قِيلَ: مِمَّ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
مِمَّا يَرَى مِنَ الْمُنْكَرِ لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهُ".
أَعُوذُ
بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُتَّقُونَ ﴾ .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ
الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ
الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ
ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
اَلخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى
إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
مِمَّا لَا
شَكَّ فِيهِ ، أَنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا دَارُ ابْتِلَاءٍ وَامْتِحَانٍ وَاخْتِبَارٍ
، وَكَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ ، وَوُجُودُ الْفِتَنِ وَالْمُنْكَرَاتِ ابْتِلَاءٌ
مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ
مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ ، فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَبْتَلِي عَبْدَهُ ، لِإِقَامَةِ
الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَلِيَتَبَيَّنَ لِلْعَبْدِ نَفْسِهِ قُوَّةُ إِيمَانِهِ مِنْ
ضَعْفِهِ .
فَإِذَا
حَصَلَ لَكَ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ لَا تَسْتَحِقُّهُ ، فَهَذَا ابْتِلَاءٌ مِنَ
اللهِ لَكَ أَخِي الْمُسْلِمُ . إِذَا بُلِيتَ بِصَاحِبٍ سَيِّئٍ ، تُحِبُّهُ وَيُحِبُّكَ
فِي غَيْرِ ذَاتِ اللهِ ، يُزَيِّنُ لَكَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَيُعِينُكَ عَلَى الْمُخَالَفَاتِ
، وَقَدْ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ أَقَارِبِكَ ، فَهُوَ ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ لَكَ
وَلَهُ مِنَ اللهِ .
إِذَا رَأَيْتَ
كَاسِيَةً عَارِيَةً ، مَائِلَةً مُمِيلَةً ، مُتَزَيِّنَةً مُتَعَطِّرَةً ، لَا تُبَالِي
فِي مُزَاحَمَةِ الرِّجَالِ ، وَلَا تَتَوَرَّعُ عَنِ الْقِيلِ وَالْقَالِ ، فَهُوَ
ابْتِلَاءٌ مِنَ اللهِ ، وَذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَاْ وَحَذَّرَ
مِنْهَاْ اَلْنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْ أَخْطَرِهَا صُعُوبَةً
التَّمَسُّكُ بِالدِّينِ ، وَعَدَمُ الْعَمَلِ بِشَرِيعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ،
عِنْدَهَا أَخِي الْمُسْلِمُ عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ ، الصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ
، الصَّبْرِ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ، الصَّبْرِ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ ، وَأَبْشِرْ
بِأَجْرٍ كَأَجْرِ خَمْسِينَ صَحَابِيًّا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَسْأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا،
وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ خَالِصًا، وَسَلَامَةً دَائِمَةً، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى
وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ، وَأَمِتْنَا شُهَدَاءَ،
وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ . اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ،
بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا ،
وَاسْتَعْمِلْ عَلَيْنَا خِيَارَنَا ، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ وِلَايَتَنَا فِي عَهْدِ
مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .اللَّهُمَّ
احْفَظْ لَنَا عَقِيدَتَنَا وَوَحْدَتَنَا ، وَأَمْنَنَا وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ،
اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
﴿رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ﴾ .
عِبَادَ اللهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ
، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ،
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من
الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |