لِلْجُفَاةِ عِظَمُ شَأْنِ الصَّلَاةِ
الْحَمْدُ
للهِ، أَنْشَأَ الْكَوْنَ مِنْ عَدَمٍ وَعَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، أَرْسَلَ
الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ ؛ تِبْيَانًا لِطَرِيقِ النَّجَاةِ وَالْهُدَى،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يُرْتَجَى ،
وَلَا نِدَّ لَهُ يُبْتَغَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
الْحَبِيبُ الْمُصْطَفَى وَالنَّبِيُّ الْمُجْتَبَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى النَّهْجِ وَاقْتَفَى .
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
اتَّقُوا
اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَهِيَ أَمْرُ رَبِّكُمْ لَكُمْ : }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ،
وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَهَمُّ شَعَائِرِ الدِّينِ،
وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ فَإِذَا
صَلَحَتْ، صَلَحَ سَائِرُ عَمَلِهِ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ كُلُّ عَمَلِهِ،
فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ: صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ
وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ )) .
فَشَأْنُ
الصَّلَاةِ شَأْنٌ عَظِيمٌ ، وَلِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ عِنْدَ تَوْدِيعِهِ لِلدُّنْيَا ،
يُوصِي بِالصَّلَاةِ فَيَقُولُ ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ))،
أَيْ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَاةِ ، أُوصِيكُمْ بِالصَّلَاةِ ، أَقِيمُوا
الصَّلَاةَ، اهْتَمُّوا بِالصَّلَاةِ ،
إِيَّاكُمْ وَالتَّكَاسُلَ عَنِ الصَّلَاةِ ، ((
الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )) .
أَخِي الْمُسْلِمُ :
مَاذَا
عِنْدَكَ فِي هَذَا الزَّمَنِ؟ وَمَاذَا يُطْلَبُ مِنْكَ غَيْرُ هَذِهِ الصَّلَاةِ،
الَّتِي لَا تَسْتَغْرِقُ إِلَّا بِضْعَ دَقَائِقَ مِنْ وَقْتِكَ ؟! هَلْ طُلِبَ
مِنْكَ الذَّهَابُ إِلَى جَبَهَاتِ الْقِتَالِ فِي الثُّغُورِ ؟!
هَلْ
طُلِبَ مِنْكَ أَنْ تُسَافِرَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ ؟
هَلْ
طُلِبَ مِنْكَ أَنْ تُنْفِقَ ثُلُثَ مَالِكَ ، كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ - رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ - فِي سَبِيلِ اللهِ ؟
هَلْ
طُلِبَ مِنْكَ أَنْ تَقُومَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُلُثًا مِنَ اللَّيْلِ ؟
نَعَمْ
؛ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ عَظِيمٍ . وَلَكِنْ ذَلِكَ
بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ عَلَى نَفْسِكَ! إِذَا كَانَتْ نَفْسُكَ الْأَمَّارَةُ
بِالسُّوءِ جَعَلَتْكَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَوْ تَتَهَاوَنُ بِهَا ، فَكَيْفَ
بِأَمْرٍ أَشَقَّ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ ؟
فَهَلَّا
ضَغَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ وَحَافَظْتَ عَلَى صَلَاتِكَ ؟ هَلَّا جَعَلْتَ
لِلصَّلَاةِ نَصِيبًا مِنْ سَاعَاتِكَ الطِّوَالِ ، الَّتِي تَقْضِيهَا مِنْ
أَجْلِ شَهَوَاتِكَ وَرَغَبَاتِكَ وَمَلَذَّاتِكَ ؟
إِنَّنَا
نَجِدُكَ تَجْلِسُ فِي اسْتِرَاحَتِكَ السَّاعَاتِ الطِّوَالَ، لِمُتَابَعَةِ
مُبَارَاةٍ أَوْ مُشَاهَدَةِ فِلْمٍ أَوْ لَعِبِ وَرَقٍ، وَلَكِنَّكَ تَبْخَلُ
بِدَقَائِقَ مَعْدُودَةٍ لِتُمْضِيَهَا لِتَأْدِيَةِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتٍ مِنْ
بُيُوتِ اللهِ! تَعْجَزُ نَفْسُكَ لِتُصَلِّيَ خَمْسَ أَوْقَاتٍ بِالْيَوْمِ
وَاللَّيْلَةِ ، بِهَا تُمْسَحُ سَيِّئَاتُكَ وَتُقَالُ عَثَرَاتُكَ وَتُرْفَعُ
دَرَجَاتُكَ ، وَتُغْسَلُ أَدْرَانُكَ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( أَرَأَيْتُمْ لَوْ
أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ
، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ
شَيْءٌ ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ
الْخَطَايَا )) ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ
جَيِّدٍ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ : ((مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا ،
وَبُرْهَانًا ، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا
لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ ، وَلَا بُرْهَانٌ ، وَلَا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ ، وَفِرْعَوْنَ ، وَهَامَانَ ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ
)) نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
إِنَّ
الدِّينَ فِي حَيَاةِ أَيِّ إِنْسَانِ
يُمَثِّلُ جَوَانِبَ كَثِيرَةً، هَذِهِ الْجَوَانِبُ، كُلَّمَا ضَعُفَ الدِّينُ
عِنْدَ هَذَا الْإِنْسَانِ، فُقِدَتْ بَعْضُ تِلْكَ الْجَوَانِبِ ، وَلْيَكُنْ فِي
الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنَ الْوُضُوحِ، الدِّينُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - يَتَلَاشَى
مِنْ حَيَاةِ بَعْضِ النَّاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ وَاضِحٌ ؛ فَقَدْ تَجِدُ مُسْلِمًا
بِلَا أَمَانَةٍ، وَمُسْلِمًا بِلَا صِدْقٍ، وَآخَرَ بِلَا إِخْلَاصٍ، وَآخَرَ
بِلَا حَيَاءٍ، وَآخَرَ بِلَا وَفَاءٍ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ، وَلَكِنْ قَلَّ
دِينُهُمْ وَضَعُفَ فِي نُفُوسِهِمْ فَذَهَبَتْ مِنْ حَيَاتِهِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ
، فُقِدَتْ ، وَآخِرُ مَا يُفْقَدُ مِنَ الْإِنْسَانِ، هُوَ الصَّلَاةُ ، يَقُولُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ: (( أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةُ ،
وَآخِرُ مَا يَبْقَى مِنْ دِينِهِمُ الصَّلَاةُ ، وَرُبَّ مُصَلٍّ لَا خَلَاقَ
لَهُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى )) .
فَإِذَا
رَأَيْتَ أَخِي مُسْلِمًا ( أَسْتَغْفِرُ اللهَ ) إِذَا رَأَيْتَ إِنْسَانًا لَا
يُصَلِّي، إِذَا رَأَيْتَهُ مُضَيِّعًا لِلصَّلَاةِ، فَاعْلَمْ بِأَنَّهُ لِمَا
سِوَاهَا أَضْيَعُ. إِيَّايَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَأْمَنَهُ عَلَى عِرْضٍ أَوْ عَلَى
مَالٍ ! إِيَّايَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ بِهِ خَيْرًا أَبَدًا؛ أَيْنَ الْخَيْرُ
مِنْ تَارِكِ لِلصَّلَاةِ ؟ هَلْ يُرْتَجَى خَيْرٌ مِنْ كَافِرٍ؟ كَلَّا ! يَقُولُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( بَيْنَ
الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ : تَرْكُ الصَّلَاةِ )).
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ: الصَّلَاةُ؛ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ
كَفَرَ )) . فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَاةِ
فِي أَوْقَاتِهَا وَأَمَاكِنِهَا وَفُرُوضِهَا وَوَاجِبَاتِهَا.
أَسْأَلُ
اللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الْرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ
، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ
صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ :
وَلِكَيْ
نُدْرِكَ مَكَانَةَ الصَّلَاةِ، وَنَسْتَشْعِرَ أَهَمِّيَّتَهَا ، نَتَأَمَّلُ فِي
حَيَاةِ سَلَفِنَا الصَّالِحِ، كَيْفَ كَانُوا مَعَ هَذِهِ الصَّلَاةِ ، إِلَى
أَيِّ دَرَجَةٍ كَانُوا يَهْتَمُّونَ بِهَا، مَاذَا كَانَتْ تُمَثِّلُ فِي
حَيَاتِهِمْ ؟ هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي يُضَحِّي بِهَا بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَجْلِ
مُبَارَاةٍ أَوْ مُسَلْسَلٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ ضَيْفٍ ثَقِيلٍ لَيْسَ عِنْدَهُ
لِشَعَائِرِ الدِّينِ قِيمَةٌ ، كَيْفَ كَانَتْ فِي حَيَاةِ السَّابِقِينَ مِنْ
سَلَفِنَا الصَّالِحِ ؟
النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ يُوصِي
بِالصَّلَاةِ. عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَطْعُونٌ،
أَمْعَاؤُهُ فِي حِجْرِهِ، يَسْأَلُ: هَلْ صَلَّى الْمُسْلِمُونَ؟ الْمَرِيضُ مِنْهُمْ الَّذِي أَقْعَدَهُ
الْمَرَضُ، لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ عَلَى رِجْلَيْهِ ، يُؤْتَى بِهَا يُهَادَى
بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ، لِيُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ مَعَ
الْمُسْلِمِينَ .
سُئِلَ
أَحَدُهُمْ : هَلْ تُفَكِّرُ فِي صَلَاتِكَ ؟ يَعْنِي : هَلْ تَفْعَلُ كَمَا
يَفْعَلُ كَثِيرٌ مِنَّا فِي الصَّلَاةِ، حَيْثُ صَارَتِ الصَّلَاةُ مُتَنَزَّهًا
لِلْأَفْكَارِ ، حَتَّى يَخْرُجَ أَحَدُنَا مَا يَدْرِي مَاذَا قَالَ وَكَمْ
صَلَّى ! فَسَأَلُوهُ : هَلْ تُفَكِّرُ فِي صَلَاتِكَ ؟ قَالَ : وَهَلْ عِنْدِي
أَحَبُّ مِنَ الصَّلَاةِ لِأُفَكِّرَ فِيهِ!
اللهُ
أَكْبَرُ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَا أَعْظَمَ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي نُفُوسِ
الصَّالِحِينَ !
أَحَدُهُمْ
مَرَّ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ عَامًا، لَمْ تَفُتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ .
أَرْبَعُونَ سَنَةً وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ؛ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي
الظُّهْرِ وَمِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي الْعَصْرِ وَفِي الْمَغْرِبِ وَفِي
الْعِشَاءِ ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فِي الْفَجْرِ أَيْضًا.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
هِيَ
دَعْوَةٌ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ، الَّتِي أَسْأَلُ اللهَ أَنْ لَا تَمَسَّهَا
النَّارُ، لِنُحَافِظْ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَلْنَهْتَمَّ بِهَا،
وَلْنَحْذَرْ مِنْ إِضَاعَتِهَا، أَوِ التَّهَاوُنِ بِهَا؛ فَقَدْ قَالَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: } فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ
وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا { أَتَدْرُونَ مَا هُوَ غِيٌّ - أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ -؟! وَادٍ فِي جَهَنَّمَ ، يَقُولُ عَنْهُ عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ:
بَعِيدُ الْقَعْرِ خَبِيثُ الطَّعْمِ. وَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
مُتَوَعِّدًا الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا: } فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {
تَوَعَّدَهُمُ اللهُ بِوَيْلٍ ، وَاللهِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - لَوْ تَوَعَّدَ
أَحَدَهُمْ مَسْئُولٌ مِنْ ذَوِي السُّلْطَةِ بِالسِّجْنِ ، لَحَافَظَ عَلَى
الصَّلَاةِ ، وَلَمَا تَأَخَّرَ عَنْهَا ،
وَلَكِنَّ اللهَ يَتَوَعَّدُهُمْ بِوَيْلٍ، وَلَا يُحَرِّكُ فِيهِمْ
وَعِيدُ اللهِ سَاكِنًا ! وَوَيْلٌ لَيْسَ مَحْضَرًا يُكْتَبُ، أَوْ دَفْتَرًا
يُقْفَلُ، أَوْ رَاتِبًا يُخْصَمُ ! هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ ، لَوْ سُيِّرَتْ
فِيهِ جِبَالُ الدُّنْيَا، لَذَابَتْ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ. وَقِيلَ : هُوَ شِدَّةُ الْعَذَابِ . لِمَنْ ؟
لِمَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَمْدًا عَنْ وَقْتِهَا !
أَسْأَلُ
اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا ، وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ
خَالِصًا ، وَسَلَامَةً دَائِمَةً ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا
نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، اللَّهُمَّ أَجِرْنَا مِنَ
النَّارِ ، وَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْأَبْرَارِ ، بِرَحْمَتِكَ يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ،
وَفُجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ،اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ
الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَمِّ ، وَعذَابِ الْقَبْرِ
، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ
زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا . اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ
عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ،
وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا . بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ
.
} رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { .
فَاذْكُرُوا
اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ،
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |