اَلْلَّهُمَّ لَاْ تَجْعَلِ اَلْدُّنْيَاْ أَكْبَرَ هَمِّنَاْ
اَلْحَمْدُ للهِ } الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، } يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ ، وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ { ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، اَلْبَشِيْرُ اَلْنَّذِيْرُ ، وَاَلْسِّرَاْجُ اَلْمُنِيْرُ ، صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْبَعْثِ وَاَلْنُّشُوْرِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ ، أَنَّ اَلْنَّبِيَ e سَأَلَ يَوْمَاً أَصْحَاْبَهُ فَقَاْلَ: (( مَنْ أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنْكُمْ صَائِمًا ؟ )) قَالَ أَبُو بَكْرٍ t : أَنَا ، قَالَ e : (( مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ؟ )) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا ، قَالَ e : (( مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ؟ )) قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ e : (( مَنْ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ؟ )) قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا . قَالَ e : (( مَا اجْتَمَعَ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي رَجُلٍ فِي يَوْمٍ ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) .
وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ آخَرَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t ، عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ: (( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )) أَيْ : شَيْئَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا مَرْفُوعًا: بَعِيرَيْنِ شَاتَيْنِ حِمَارَيْنِ دِرْهَمَيْنِ ، قال e : (( نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ )) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَلْ عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ e : (( نَعَمْ ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ )) .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
أَتَمَنَّىْ أَنْ يَسْأَلَ كُلُّ وَاْحِدٍ مِنَّاْ نَفْسَهُ، مَاْ هُوَ اَلْهَمُّ اَلَّذِيْ يَحْمِلُهُ هَذَاْ اَلْرَّجُل ، أَبُوْ بَكْرٍ اَلْصِّدِيْق t، أَهُوَ هَمُّ اَلْدُّنْيَاْ أَمْ هَمُّ اَلْآخِرَة ، تَأَمَّلْ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ ، يُنْفِقُ مِنْ مَاْلِهُ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، يَصُوْمُ اُلْنَّوَاْفِلَ ، يَعُوْدُ اَلْمَرْضَىْ ، يَتْبَعُ اَلْجَنَاْئِز ، يَقُوْمُ اَلْلِّيْلَ ، وَقْتُهُ كُلُّهُ عِبَاْدَةً لِلهِ U، بِرْنَاْمَجُهُ اَلْيَوْمِيْ لِلَآخِرَةِ ، لَاْ مَجَاْلَ فَيْهِ لِمَجَاْلِسِ اَلْقِيْلِ وِاَلْقَاْلِ، أَوْ لِمَتَاْبَعَةِ مُسَلْسَلٍ أَوْ مُبَاْرَياْتٍ، أَوْ لِدُنْيَاً تُشْغِلُهُ عَنْ طَاْعَةِ اَللهِ U ، فَمَاْ هُوَ اَلْهَمُّ اَلَّذِيْ يَحْمِلُهُ t ؟ لَاْ شَكَّ أَنَّهُ هَمُّ اَلْآخِرَةِ ، اَلْدُّنْيَاْ وَهَمُّهَاْ لَاْ يُوْجَدُ لَهُ مَكَاْنٌ فِيْ نَفْسِهِ ، لِأَنَّ اَلْاِهْتِمَاْمَ لِلْدُّنْيَاْ وَنِسْيَاْنَ اَلْآخِرَةِ أَمْرٌ خَطِيْرٌ ، وَلِذَلِكَ كَاْنَ اَلْنَّبِيُ e يَسْأَلُ اَللهَ كَثِيْرَاً ، أَنْ يُجَنِّبَهُ ذَلِكَ ، فَقَدْ ثَبَتَ فِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ ، أَنَّ اَلْنَّبِيَ e ، قَلَّمَاْ كَاْنَ يَقُوْمُ مِنْ مَجْلِسٍ ، حَتَّىْ يَدْعُوَ بِدَعَوَاْتٍ لِأَصْحَاْبِهِ ، مِنْهَاْ قَوْلُهُ e : (( وَلَاْ تَجْعَلِ اَلْدُّنْيَاْ أَكْبَرَ هَمِّنَاْ )) ، فَهَمُّ اَلْدُّنْيَاْ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - أَمْرٌ خَاْفَ مِنْهُ اَلْنَّبِيُ e ، وَيَسْأَلُ اَللهَ U أَنْ لَاْ يَجْعَلُهُ أَكْبَرَ هَمِّهِ ، لِأَنَّ هُنَاْكَ هَمٌّ آخَرُ ، يَنْبَغِيْ - بَلْ يَجِبُ - أَنْ يَكُوْنَ هُوَ اَلْهَمُّ اَلْأَكْبَرُ ، إِنَّهُ هَمُّ اَلْآخِرَةُ ، وَكَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ : } إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ، أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ { .
فَاَلْنَّاْسُ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - وَنَحْنُ مِنْ هَؤُلَاْءِ اَلْنَّاْسِ ، يَنْقَسِمُوْنَ إِلَىْ قِسْمَيْنِ فِيْ هُمُوْمِهِمْ ، مِنْهُمْ مَنْ هَمُّهُ اَلْدُّنْيَاْ ، وَمَاْ فِيْهَاْ مِنْ مُتَعٍ وَشَهَوَاْتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَمُّهُ اَلْآخِرَة، وَمَاْ فِيْهَاْ مِنْ نَعِيْمٍ وَمَلَذَّاْتٍ، وَلِذَلِكَ قَاْلَ U : } مَنْ كَاْنَ يُرِيْدُ حَرْثَ اَلْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ { يَقُوْلُ اِبْنُ كَثِيْرٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ : } مَنْ كَاْنَ يُرِيْدُ حَرْثَ اَلْآخِرَةِ { أَيْ عَمَلَ اَلْآخِرَةِ } نَزِدْ لَهُ فِيْ حَرْثِهِ { أَيْ نُقَوِّيهِ وَنُعِيْنُهُ عَلَىْ مَاْ هُوَ بِصَدَدِهِ، وَنَجْزِيهِ بِاَلْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى مَا يَشَاءُ اللَّهُ، } وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ { أَيْ وَمَنْ كَاْنَ سَعْيُهُ لِيَحْصُلَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ إِلَىْ اَلْآخِرَةِ هَمٌّ بَاَلْكُلِّيَةِ ، حَرَمَهُ اَللهُ اَلْآخِرَةَ وَفَاْزَ بِاَلْصَّفْقَةِ اَلْخَاْسِرَةِ فِيْ اَلْدُّنْيَاْ وَاَلْآخِرَةِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
وَفِيْ بَاْبِ هَمِّ اَلْدُّنْيَاْ وَهَمِّ اَلْآخِرَةِ ، يَقُوْلُ e : (( مِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَالدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ ، شَتَّتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرَهُ ، وَنَزَعَ الْغِنَى مِنْ قَلْبِهِ ، وَجَعَلَ الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَمَنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَالآخِرَةُ نِيَّتُهُ وَأَكْبَرُ هَمِّهِ ، جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهُ ، وَنَزَعَ الْفَقْرَ مِنْ قَلْبِهِ ، وَجَعَلَ الْغِنَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ )) يَقُوْلُ اِبْنُ اَلْقَيِّمِ: إِذَاْ أَصْبَحَ اَلْعَبْدُ وَأَمْسَىْ وَلَيْسَ هَمُّهُ إِلَّاْ اَلله وَحْدَهُ ، تَحَمَّلَ اَللهُ سُبْحَانَهُ حَوَاْئِجَهُ كُلَّهَاْ ، وَحَمَلَ عَنْهُ كُلَّ مَاْ أَهَمَّهُ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِمَحَبَّتِه ، وَلِسَاْنَهُ لِذِكْرِهِ، وَجَوَاْرِحَهُ لِطَاْعَتِه، وَإِنْ أَصْبَحَ وَأَمْسَىْ وَاَلْدُّنْيَاْ هَمُّهُ، حَمَّلَهُ اَللهُ هُمُوْمَهَاْ وَغُمُوْمَهَاْ وَأَنْكَاْدَهَاْ، وَوَكَلَهُ إِلَىْ نَفْسِهِ، فَشَغَلَ قَلْبَهُ عَنْ مَحَبَّتِهِ بِمَحَبَّةِ اَلْخَلْقِ، وَلِسَاْنَهُ عَنْ ذِكْرِهِ بِذِكْرِهِمْ ، وَجَوَاْرِحَهُ عَنْ طَاْعَتِهِ بِخِدْمَتِهِمْ وَأَشْغَاْلِهِمْ ، فَهُوَ يَكْدَحُ كَدْحَ اَلْوَحْشِ فِيْ خِدْمَةِ غَيْرِهِ ، كَاَلْكَيْرِ يَنْفُخُ بَطْنَهُ ، وَيَعْصِرُ أَضْلَاْعَهُ فِيْ نَفْعِ غَيْرِهِ .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ - وَلْيَكُنْ هَمُّنَاْ هَمَّ اَلْآخِرَةِ، وَلْنَحْذَرِ اَلْدُّنْيَاْ وَحُطَاْمَهَاْ وَزَخَاْرِفَهَاْ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اِبْنُ مَاْجَةَ فِيْ سُنَنِهِ ، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ t قَاْلَ : سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ e يَقُولُ: (( مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا ، هَمَّ الْمَعَادِ ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ . وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ ، فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا ، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ )) .
فَاَلْلَّهُمَّ لَاْ تَجْعَلِ اَلْدُّنْيَاْ أَكْبَرَ هَمِّنَاْ ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشِّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {.
بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
سَمِعْتُمْ حَفِظَكُمَ اَللهُ، مَاْ حَدَثَ قَبْلَ أَيَّاْمٍ ، عَلَىْ حُدُوْدِ بِلَاْدِنَاْ ، مِنْ مُحَاْوَلَةِ تَسَلُّلِ بَعْضِ مَنْ فَسَدَتْ عُقُوْلُهُمْ، وَاَنْحَرَفَتْ أَفْكَاْرُهُمْ ، اَلَّذِيْنَ يَسْتَحِلُّوْنَ دِمَاْءَ اَلْمُسْلِمِيْنَ وَأَمْوَاْلَهُمْ وَأَعْرَاْضَهُمْ، وَيُكَفِّرُوْنَهُمْ وَلَاْ يُبَاْلُوْنَ فِيْ قَتْلِهِمْ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ ، مِنْ مَاْ قَاْمُوْا بِهِ ، مِنْ قَتْلِ عَدَدٍ مِنْ رِجَاْلِ أَمْنِنَاْ ، اَلَّذِيْنَ يَعْمَلُوْنَ عَلَىْ حِرَاْسَةِ بِلَاْدِنَاْ ، وَسَلَاْمَةِ أَفْكَاْرِنَاْ وَعُقُوْلِنَاْ ، وَدِمَاْئِنَاْ وَأَمْوَاْلِنَاْ وَأَعْرَاْضِنَاْ .
وَلَاْ شَكَّ - أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ - أَنَّ مَاْ قَاْمُوْا بِهِ ، جَرِيْمَةٌ نَكْرَاٌ ، وَاِعْتِدَاْءٌ آثِمٌ ، عَلَىْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ ، اَلَّتِيْ وَصَفَهَاْ أَحَدُ اَلْعُقَلَاْءِ ، بِأَنَّهَاْ حَدِيْقَةٌ فِيْ وَسْطِ حَرِيْقَةٍ، فَمَاْهُمْ إِلَّاْ أَسْلِحَةٌ بِأَيْدِيْ حَاْسِدِيْنَ حَاْقِدِيْنَ ، وَخُبَثَاْءَ نَاْقِمِيْنَ ، وَأَدَوَاْتٌ لِجَمَاْعَاْتٍ وَأَحْزَاْبٍ وَمُنَظَّمَاْتٍ ، فَشَلَتْ أَنْ يَكُوْنَ لَهَاْ وُجُوْدٌ بَيْنَنَاْ ، وَعَجَزَتْ أَنْ يَكُوْنَ لَهَاْ اِسْتِقْرَاْرٌ فِيْ مُجْتَمَعِنَاْ ، فَلَيْسَ بِوُسْعِهَاْ وَلَاْ اِسْتِطَاْعَتِهَاْ ، إِلَّاْ فِعْلُ مَاْ تَقُوْمُ بِهِ ، لِذَاْ يَجِبُ أَنْ نَكُوْنَ حُمَاْةً لِعَقِيْدَتِنَاْ ، حُرَّاْسَاً لِدِيْنِنَاْ وَبِلَاْدِنَاْ وَأَبْنَاْئِنَاْ ، بَلْ وَأَنْفُسِنَاْ وَدِمَاْئِنَاْ وَأَعْرَاْضِنَاْ ، بِاِلإِلْتِفَاْفِ حَوْلَ وُلِاْةِ أَمْرِنَاْ مِنْ عُلَمَاْئِنَاْ وَأُمَرَاْئِنَاْ ، وَلْنَكُنْ مَعَهُمْ صَفَّاً وَاْحِدَاً ، أَمَاْمَ مَنْ أَرَاْدَ تَمْزِيْقَ وُحْدَتِنَاْ ، أَوْ اَلْعَبَثَ فِيْ أَمْنِنَاْ .
أَسْأَلُ اَللهَ U أَنْ لَاْ يُحَقِّقَ لَهُمْ غَاْيَةً ، وَأَنْ يَجْعَلَ كَيْدَهُمْ فِيْ نُحُوْرِهِمْ ، وَتَدْبِيْرَهُمْ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِمْ وَاَلْقَضَاْءِ عَلِيْهِمْ إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
اَلْلَّهُمَّ عَلِّمْنَاْ مَاْ يَنْفَعُنَاْ وَاَنْفَعْنَاْ بِمَاْ عَلَّمْتَنَاْ يَاْ ذَاْ اَلْجَلَاْلِ وَاَلْإِكْرَاْمِ ؛ اَلْلَّهُمَّ طَهِرْ قُلُوْبَنَاْ مِنْ اَلْنِّفَاْقِ وَأَعْمَاْلَنَاْ مِنْ اَلْرِّيَاْءِ وَأَلْسِنَتَنَاْ مِنْ اَلْكَذِبِ وَأَعْيُنَنَاْ مِنْ اَلْخِيَاْنَةِ إِنَّكَ تَعْلَمُ خَاْئِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَمَاْ تُخْفِيْ اَلْصُّدُوْرُ. اَلْلَّهُمَّ أَحْفَظْنَاْ بِاَلْإِسْلَاْمِ وَأَدِمْ عَلَيْنَاْ نِعْمَةَ اَلْإِيْمَاْنِ وِاِلْأَمَاْنِ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ، وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا ، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا ، وَأَكْرِمْنَا وَلاَتُهِنَّا ، وَزِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا ، وَآثِرْنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا . اللَّهُمَّ رَبَّنَا حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْـهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِليْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُـوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ . بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ .
اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ ، تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ ، اللّهُمّ لَا إلّا إلَه إلّا أَنْتَ ، أَنْتَ الْغَنِيّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ .
} رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |