لِمِثْلِ هَذَاْ فَأَعِدُوْا
الْحَمْدُ للهِ ؛ } الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ } عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ { .
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ، } هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ { . وَأشّهَدُ أَنَّ مُحْمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، } لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ { ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَمَنْ سَاْرَ عَلَىْ نَهْجِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ الْبَعْثِ وَالْنُّشُوْرِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ؛ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
رَوَىْ الإِمَاْمُ أَحْمَدُ فِيْ مُسْنَدِهِ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ r ، إِذْ بَصُرَ بِجَمَاعَةٍ ، فَقَالَ : (( عَلاَمَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلاَءِ ؟ )) قِيلَ : عَلَى قَبْرٍ يَحْفِرُونَهُ . فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ r ، فَبَدَرَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مُسْرِعًا ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ ، فَجَثَا عَلَيْهِ . قَالَ الْبَرَاْءُ : فَاسْتَقْبَلْتُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، لأَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ ، فَبَكَى r حَتَّى بَلَّ الثَّرَى مِنْ دُمُوعِهِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، قَالَ : (( أَيْ إِخْوَانِي ، لِمِثْلِ الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا ؟ )) . وَفِيْ رِوَاْيَةٍ : فَبَكَى r حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ، ثُمَّ قَالَ : (( يَا إِخْوَانِي ، لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا )) .
فَاْلْقَبْرُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ - الَّذِيْ يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيْرٌ مِنَّاْ ، بِعَدَمِ الاِسْتِعْدَاْدِ لَهُ ، وَنِسْيَاْنِ ضَمَّتِهِ وَضَغْطَتِهِ وَظُلْمَتِهِ ، جَعَلَ الْنَّبِيَ r ، يَبْكِيْ بُكَاْءً شَدِيْدَاً ، إِلَىْ دَرَجَةِ أَنَّ دُمُوْعَهُ r ، اِبْتَلَّتْ مِنْ كَثْرَتِهَاْ وَغَزَاْرَتِهَاْ الأَرْضُ ، فَهَذَاْ الْقَبْرُ جَدِيْرٌ ، بِالْتَّأَهُبِ وَالاِسْتِعْدَاْدِ ، فَوَاللهِ الَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ ، مَاْ بَكَىْ r ، هَذَاْ الْبُكَاْء ، وَفَزِعَ هَذَاْ الْفَزَع ، إِلَّاْ لِعِلْمِهِ وَإِيْمَاْنِهِ وَيَقِيْنِهِ ، بِأَهَمِّيْةِ الْعَمَلِ الْصَّاْلِحِ ، وَحَاْجَةِ الْمُسْلِمِ لَهُ ، وَخُطُوْرَةِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ ، وَضَرَرِ الْتَّعَلُّقِ بِهَذِهِ الْدُّنْيَاْ ، وَنِسْيَاْنِ الآخِرَةِ .
فَالْقَبْرُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ - هُوَ بِدَاْيَةُ الْنِّهَاْيَةِ ، وَأَوَّلُ مَحَطَّةٍ فِيْ رِحْلَةٍ ، إِمَّاْ أَنْ تَكُوْنَ رِحْلَةُ سَعَاْدَةٍ وَهَنَاْءٍ ، أَوْ رِحْلَةُ شَقَاْءٍ وَتَعَاْسَةٍ وَعَنَاْءٍ ، وَلِذَلِكَ كَانَ عُثْمَانُ t ، إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ ، بَكَىْ حَتَّىْ يَبَلَّ لِحْيَتَهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلاَ تَبْكِى ، وَتَبْكِى مِنْ هَذَا ، فَيَقُوْلُ t: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ ، فَمَنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ ، وَمَنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ )) . ويقول عُثْمَانُ : مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ ، إِلاَّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ .
فَاْلقَبْرُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ - هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَاْزِلِ الآخِرَةِ ؛ وَهُوَ مُنْطَلَقُ الْرِّحْلَةِ مِنَ الْفَاْنِيَةِ الْزَّاْئِلَةِ ، إِلَىْ الْبَاْقِيَةِ الْدَّاْئِمَةِ ، يَقُوْلُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُ - رَحِمَهُ اللهُ - : يَوْمَاْنِ وَلَيْلَتَاْنِ ، لَمْ تَسْمَعْ الْخَلَاْئِقُ بِمِثْلِهِنَّ قَطُ ؛ لَيْلَةَ تَبِيْتَ مَعَ أَهْلِ الْقُبُوْرِ ، لَمْ تَبِتْ لَيْلَةً قَبْلَهَاْ ، وَلَيْلَةً صَبِيْحَتُهَاْ يَوْمَ الْقِيَاْمَةِ . وَأَمَّاْ الْيَوْمَاْنِ : فَيَوْمُ يَأْتِيْكَ الْبَشِيْرُ مِنَ اللهِ ، إِمَّاْ إِلَىْ الْجَنَّةِ وَإِمَّاْ إِلَىْ الْنَّاْرِ ، وَيَوْمُ تُعْطَىْ كِتَاْبَكَ إِمَّاْ بِيَمِيْنِكَ وَإِمَّاْ بِشِمَاْلِكَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
إِنَّ فَزَعَ الْنَّبِيِ r ، وَجُلُوْسَهُ عَلَىْ رُكْبَتِيْهِ ، وَشِدَّةَ بُكَاْئِهِ ، وَهُوَ الَّذِيْ غُفِرَ لَهُ مَاْ تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَاْ تَأَخَّرَ ، يَجْعَلُنَاْ نَتَذَكَّرُ دَاْئِمَاً ، ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَتِلْكَ الْلَّحَظَاْتِ ، الَّتِيْ تَنْتَهِىْ فِيْهَاْ آجَاْلُنَاْ ، وَتَنْقَطِعُ فِيْهَاْ أَعْمَاْلُنَاْ ، وَنُفَاْرِقُ فِيْهَاْ أَمْوَاْلَنَاْ وَأَهْلِيْنَاْ وَأَحْبَاْبَنَاْ ، بَلْ وَأَعْدَاْءَنَاْ ، وَنُوَاْجِهُ فِيْهَاْ بِدَاْيَةَ حِسَاْبِنَاْ وَجَزَاْئِنَاْ . فَاْلاِسْتِعْدَاْدُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَتِلْكَ الْلَّحَظَاْتِ ، لَاْ يُفَرِّطُ فِيْهِ عَاْقِلٌ ، وَلَاْ يَغْفُلُ عَنْهُ إِلَّاْ شَقِيٌ . يَكْفِيْ لِأَهَمِّيَتِهِ وَضَرُوْرَتِهِ ، قَوْلُ الْنَّبِيِ r : (( لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا )) بَلْ يَكْفِيْ - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - نَدَمُ وَحَسْرَةُ وَأَلَمُ وَمَصِيْرُ وَنِهَاْيَةُ ، مَنْ فَرَّطَ فِيْ الاِسْتِعْدَاْدِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ ، كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ { . فَاْلبِدَاْيَةُ عَدَمُ الاِسْتِعْدَاْدِ ، وَالْنِّهَاْيَةُ الْنَّاْرُ وَبِئْسَ الْقَرَاْر .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
إِنَّ الاسْتِعْدَاْدَ لِلْقَبْرِ ، يَأْتِيْ مِمَّاْ فِيْهِ مِنْ أَهْوَاْلٍ ، وَمَاْ يَحْدُثُ لِلْمُسْلِمِ بِهِ مِنْ أَحْوَاْلٍ ، فِفِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ الْنَّبِيِ r: (( إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً ، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا ، نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ )) أتَدْرُوْنَ مَنْ هُوَ سَعْدُ بِنُ مُعَاْذٍ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ ؟
سَعْدُ بِنُ مُعَاْذٍ ، صَحَاْبِيٌ مِنْ أَنْصَاْرِ الْنَّبِيِ r ، اِهْتَزَ عَرْشُ الْرَّحْمَنِ لِمَوْتِهِ ، وَشَهِدَ جَنَاْزَتَهُ سَبْعُوْنَ أَلْفَ مَلَكٍ ، وَفِيْ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ يَقُوْلُ الْبَرَاْءُ t : أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ r حُلَّةُ حَرِيرٍ ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلْمُسُونَهَا ، وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ r: (( أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ )) .
فَإِنْ كَاْنَ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ - هَذَاْ الْصَّحَاْبِيُ t ، لَمْ يَسْلَمْ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ ، كَيْفَ بِنَاْ يَاْ عِبَاْدَ اللهِ ؟
كَيْفَ بِمَنْ قَضَىْ عُمُرَهُ بِالْذِّنُوْبِ وَالآثَاْمِ ، وَأَفْنَىْ شَبَاْبَهُ بِالْمَعَاْصِيْ وَالإِجْرَاْمِ ، وَاسْتَبْدَلَ مَيَاْدِيْنَ الْحَسَنَاْتِ بِالسَّيِّئَاْتِ ؟ فَلْنَتَقِ اللهَ -أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - وَلْنُعِدَّ لِتِلْكَ الْحُفْرَةِ عُدَّتِهَاْ ، وَلْنَعْمَلَ الأَعْمَاْلَ الَّتِيْ تَجْعَلُهَاْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاْضِ الْجَنَّةِ ، وَلْنَحْذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ ، أَنْ تَكُوْنَ قُبُوْرُنَاْ ، حُفَرَاً مِنْ حُفَرِ الْنَّاْرِ ، بِأَيْدِيْنِاْ وَعَدَمِ تَصْدِيْقِنَاْ بِمَاْ أَخْبَرَ بِهِ نَبِيُّنَاْ r .
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الْشَّيْطَاْنِ الْرَّجِيْمِ :
} إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ { .
بَاْرَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِاْلقُرَآنِ الْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فِيْهِ مِنَ الآيَاْتِ وَالْذِّكْرِ الْحَكِيْمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
وَمِمَّاْ يَجْعَلُ المُسْلِمَ، يَعْمَلُ بِقَوْلِ نَبِيِّهِ r، وَيُعِدُّ الْعُدَّةَ لِقَبْرِهِ ، مَاْ رَوَاْهُ الْبُخَاْرِيُ فِيْ صَحِيْحِهِ عَنْ أَنَسٍ t ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ : (( الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ، وَتَوَلَّى وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ , أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٌ r ؟ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ : انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ )) . قَالَ النَّبِيُّ r : (( فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا . وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي , كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ : لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ , ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ )) .
هَذَاْ هُوَ الْقَبْرُ -أَيُّهَا الإِخْوَةُ - فَلْنُعِدّ لَهُ عُدَتَهُ ، وَلْنَحْرِصْ عَلَىْ الأَعْمَاْلِ الْصَّاْلِحَةِ الَّتِيْ مِنْ خِلَاْلِهَاْ ، نَسْلَمْ بِإِذْنِ اللهِ مِنْ عَذَاْبِهِ ، فِفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ يَقُوْلُ الْنَّبِيُ r : (( لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ )) .
فَلْنَتَقِ اللهَ - إِخْوَتِيْ فِيْ اللهِ - وَلْنُكْثِرِ الاِسْتِعَاْذَةَ بِاللهِ مِنْ عَذَاْبِ الْقَبْرِ ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ الْنَّبِيِ r ، قَوْلُهُ : (( قُولُوا : اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ )) .
فَاللَّهُمَّ إِنَاْ نَعُوْذُ بِكَ مِنْ عَذَاْبِ الْقَبْرِ ، اللَّهُمَّ أَعِذْنَاْ مِنْ عَذَاْبِ الْقَبْرِ ، وَوَالِدِيْنَاْ وَذُرِّيَاْتِنَاْ وَزَوْجَاْتَنَاْ ، وَأَقَاْرِبَنَاْ وَأَحْبَاْبَنَاْ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّحِمِيْنَ .
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا . اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا ، وَخَيْرَ أَعْمَارِنَا آخِرَهَا ، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ أَنْ نَلْقَاكَ ، وَاجْعَلْ آخِرَ كَلاَمِنَا مِنَ الدُّنْيَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِيِشَةً هَنِيَّةً ، وَحَيَاةً رَضِيَّةً ، وَمِيِتَةً سَوِيَّةً . اللَّهُمَّ ارْحَمْ فِي الدُّنْيَا غُرْبَتَنَا ، وَفِي القُبُورِ وَحْشَتَنَا ، وَيَوْمَ العَرْضِ عَلَيْكَ ذُلَّ وُقُوفِنَا بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّاْحِمِيْنَ. } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |