أبرز ملامح يوم عاشوراء - الصراع بين الحق والباطل-
07 -01 -1441هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل
فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) .(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة أما بعد.
فيا أيها الاخوة المسلمون:
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، فيه مناسبتان: مناسبة حق وهي لأهل الحق، ومناسبة باطل وهي لأهل
الباطل. أما الحق الذي في يوم عاشوراء فهو واضح
وبيّن جاءت به السنة المطهرة وهو: صيام يوم عاشوراء على وجه الاستحباب ليس فيه اكثر
من ذلك، والفضل الذي فيه بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "احتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله". ومناسبة صيامه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم
المدينة، وقبل فرض شهر رمضان، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسالهم عن ذلك، فقالوا:
هذا يوم صالح نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه فصامه موسى شكرا لله ونحن
نصومه شكرا لله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه، وقال: لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع ، مخالفة لليهود".
وأما مناسبة الباطل التي حدثت في يوم عاشوراء هي ما كانت من قبل فرقة هالكة
تنتمي للإسلام والاسلام منها براء وهي فرقة الرافضة، وقد لا يخفى على الكثير من الناس
وخصوصا المتابعين منهم ما يحدث منهم في ليلة يوم عاشوراء ويوم عاشوراء وهو إقامتهم
المآتم والعزاء بكل ما يحدث فيه من لطم وصياح ونياح وبدع وخرافات وخزعبلات، ويزعمون أن ذلك كله من أجل مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه، ويبرز عن هؤلاء من قبل أقوالهم
وأفعالهم وبين بني جلدتهم أمر ينادون به منذ مئات السنين إلى يومنا هذا وهو الأخذ بثارات
أهل البيت ومنهم الحسين، هكذا زعموا، وممن يريدون ذلك؟ من أهل السنة والجماعة على وجه
التحديد، ولذلك فإن أعداء الشيعة في كل زمان ومكان وفي كل عصر ومصر ليسوا هم اليهود
والنصارى ولا المشركين وعباد الاوثان والاصنام ولكنهم أهل السنة والجماعة, وعلى وجه التحديد هم صحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ورضي عنهم وكل من سار على نهجهم.
وهذا وفي هذه المناسبة – أيها الاخوة – وفي الوقت
الذي انتشر فيه هذا المذهب في بلاد الاسلام والمسلمين انتشار النار في الهشيم في بلاد
الشام والعراق واليمن وفي افريقيا وغيرها كثير وكثير، وفي الوقت أيضا الذي يُنادي فيه
بعض بني جلدتنا ممن لا غيرة لديه على العقيدة ولا يهمه سوى كثرة الاتباع والحشود والبحث
عن الشهرة والسمعة، وتتبع الغرائب من الاقوال ينادون بالتقارب بين أهل السنة والجماعة
وهذه الفرقة الهالكة، والأعجب من ذلك أن بعض من ينسب لأهل السنة والدعوة أنه ساوى بين
أهل السنة والجماعة وبين أهل البدع من الشيعة وغيرهم بحجةِ أنهم يؤمنون بالله ربا وبمحمد
صلى الله عليه وسلم نبيا وبالإسلام دينا، وإذا صلوا صلوا الى الكعبة, وبالقرآن كتابا
...... إلى آخر مزاعمهم.
وهل المنافقين الا كذلك
في الظاهر، وهم في الدرك الاسفل من النار، وهذا الذي يتصدر شاشات التلفزة وامام العامة
والجماهير يريد أن يكسر الفوارق بيننا وبين أهل البدع حتى نهون من شان البدع وشان أهلها، وتالله وبالله إن الحق والباطل ضدان لا يجتمعان أبدا فقد قال سبحانه: (وَقُلْ جَاءَ
الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) وانه والله ليس احد
مستفيد من مثل هذا الكلام الا القائل نفسه لتحقيق اهداف دنيوية مقيتة وأهل البدع أنفسهم
فقد وجدوا من يؤيدهم على الاستمرار على بدعهم وشركياتهم وكفرياتهم ويُصحّح مذهبهم.
وهذا مثال –أيها الاخوة– من أمثلة أناس محسوبين على أهل السنة ممن يؤيدون البدع ويؤيدون أهلها ويحاولون تصحيح
مسارهم، وإلا فإن الرد على هذا الكلام السيء وباختصار يمكن أن يقال: كل انسان على
وجه الارض ينتسب للإسلام يريد أن يتعبد لله بأي عبادة، فإن الميزان في ذلك هو قوله
تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا) – هذا
هو المتابعة للدليل الشرعي – (وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) – هذا هو
اخلاص النية لله تعالى-، فهب أن أهل البدع من الرافضة وغيرهم ممن أحسنوا النية، فهل
كانت عباداتهم تلك وعلى راسها العقائد، هل كانت وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟
كلا والله فما بينها
وبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم الا كما بين السماء والارض وقد قال صلى الله عليه
وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" .
فسبحان الله ما هذه الجرأة على دين الله ليأت
هذا ومَنْ كان على شاكلته فيساووا بين أهل السنة وأهل البدع (سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ
عَظِيمٌ) (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)
وهل أهل السنة والجماعة تنقصهم الحروب التي تُشن
عليهم من الخارج حتى يأت هذا وأمثاله ليفتح جبهة عليهم من الداخل فيشغلهم ببعضهم عن
التصدي للأعداء الحقيقيين.
لا اله إلا الله!! ما
أحوجنا الى فهم مقاصد الشريعة حتى نحصل ولو على الاقل على الحد الادنى من السلامة,
وصدق الله إذ يقول وقوله الحق: ( وَلَوْ شَاءَ
رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا
مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) .
بارك الله لي ولكم بالوحيين ، ورزقنا اتباع
هدي سيد الثقلين، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان الا
على الظالمين، والعاقبة للمتقين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أنّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الاخوة المسلمون:
هذه المناسبة مناسبة يوم عاشوراء تحدونا الى أن نقف عندها طويلا وطويلا لننظر في الوقائع
ونستخلص النتائج، ونستفيد منها ما يحقق لنا كل خير ويبعدنا عن كل شر، فإن أعظم ما يُؤخذ
من تلك الوقائع أن يعلم المسلم أن الصراع بين الحق والباطل سنة من سنن الله ماضية لا
تتبدل ولا تتحول، ليُحقّ الله الحق ويُبطل الباطل، وأن الغلبة لأهل الحق وإن أصابهم
ما أصابهم في فترة من الزمن أو بقعة من الأرض فالله يأبى ولكنه يبتلي، ووعد سبحانه
وهو لا يخلف الميعاد فقال جلّ في علاه: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) وقال: (وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ
لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)
ومما يؤخذ من هذه المناسبة: أن يعلم المسلم
أن السائرين على الحق أنهم قليل وأن للزومهم للحق ثمن باهض من الإهانة والتشريد والطرد
والتعذيب وحتى القتل كما حصل لموسى وقومه من فرعون وملائه فمن ثبت وتحمل (فالعاقبة
للمتقين) ومن تنحى وتنصل ( فإن الله غني عن العالمين )
ومما يؤخذ أيضا: أن نعلم – أيها الاخوة
– أن أعدائنا من الداخل أعني داخل الامة الاسلامية
هم الأكثر وهم الأخطر، فيُوجب علينا ذلك أن لا ننخدع بكل من يدندن حول الاصلاح وهو
من الفاسدين المفسدين, ومن يدّعي الخير وهو من أهل الشر، والحذر مما حذر منه النبي
صلى الله عليه وسلم بقولها: "أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المُضلين".
ومما يؤخذ أيضا: أنه تتطلب منا بعض المناسبات
وبإلحاحٍ الوقوف على أحداث التاريخ لكي تتجلى
لنا الأمور بوضوح حتى إذا تكلمنا تكلمنا بعلم وإذا سكتنا سكتنا بعلم , فمن كان هذا
شانه فلا خوف عليهم ومنهم, ولا حزن لهم ولا يندمون (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا
الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا ، اللهم أصلح
شباب المسلمين اللهم اهد شباب المسلمين، اللهم أقرّ أعيننا بصلاح المجتمع صغاراً
وكباراً ذكوراً وإناثاً يا سميع الدعاء، اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام،
إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن
له كفواً أحد : أن تحفظ بلادنا من كل شر ومكروه، اللهم احفظ بلادنا من كيد الفجار وشر
الأشرار ، اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وجماعتنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا
يا أرحم الراحمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوهاب ، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء
منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات.
عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه
على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
وللمزيد من الخطب السابقة عن يوم عاشوراء تجدها
هنا:
|