اَلْحَسَدُ خَلَلٌ وَأَلَمٌ وَغَمٌ وَنَكَدٌ
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
اتَّقُوا اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ فَقَالَ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّ مِنْ دَلَائِلِ كَمَالِ الإِيمَانِ ، وَبَرَاهِينِ الِامْتِثَالِ لِأَوَامِرِ الرَّحْمَنِ : أَنْ يُحِبَّ الْمُؤْمِنُ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ ، فَهُوَ أَخُوهُ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ ، إِخْوَةٌ يُحِبُّونَ لِبَعْضِهِمْ مَا يُحِبُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَيَكْرَهُونَ لِبَعْضِهِمْ مَا يَكْرَهُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ ، أُخُوَّتُهُمُ الإِيمَانِيَّةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ ، وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، فَعَلَيْهِ مُرَاجَعَةُ إِيمَانِهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » .
فَمَحَبَّتُكَ مَا تُحِبُّهُ لِنَفْسِكَ لِإِخْوَانِكَ ، مِنْ دَلَائِلِ إِيمَانِكَ ؛ وَمِنْ بَرَاهِينِ زَكَاةِ نَفْسِكَ وَسَلَامَةِ قَلْبِكَ ، أَخُوكَ تَجْعَلُهُ كَنَفْسِكَ تَمَامًا ، لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ نَفْسِكَ وَبَيْنَهُ ، تُحِبُّ لَهُ الاسْتِقَامَةَ عَلَى الدِّينِ كَمَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، تُحِبُّ لَهُ التَّحَلِّيَ بِالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ كَمَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، تُحِبُّ لَهُ الْغِنَى وَالصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ كَمَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، تُحِبُّ لَهُ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ وَالْمَعْرِفَةَ كَمَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، تُحِبُّ لَهُ السَّلَامَةَ مِنَ النَّكَبَاتِ وَالْآفَاتِ كَمَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، فَهُوَ أَخُوكَ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾، وَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُ لِنَفْسِكَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ ؛ فَاعْلَمْ أَنَّ فِي إِيمَانِكَ خَلَلًا وَنَقْصًا ، وَفِي امْتِثَالِكَ لِأَمْرِ رَبِّكَ وَعَمَلِكَ بِسُنَّةِ نَبِيِّكَ رَيْبًا وَشَكًّا ، وَأَنَّ قَلْبَكَ مُصَابٌ بِمَرَضٍ خَطِيرٍ ، وَنَفْسَكَ أَسِيرَةُ خُلُقٍ ذَمِيمٍ حَقِيرٍ ، هُوَ دَاءُ الْحَسَدِ ، الَّذِي جَعَلَكَ تَكْرَهُ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَتُحِبُّ لَهُ مَا تَكْرَهُهُ لِنَفْسِكَ ، الْحَسَدُ الَّذِي عَرَّفَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنِ الْغَيْرِ ، وَلِذَلِكَ تَكْرَهُ لِأَخِيكَ الصِّحَّةَ وَتُحِبُّ لَهُ الْمَرَضَ ، وَتُحِبُّ لِنَفْسِكَ الْغِنَى وَسَعَةَ الرِّزْقِ وَتُحِبُّ لَهُ الْفَقْرَ ، تُحِبُّ لِنَفْسِكَ السُّمْعَةَ الطَّيِّبَةَ وَتَكْرَهُ لِأَخِيكَ الذِّكْرَ الْحَسَنَ ، تَكْرَهُ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى أَخِيكَ مِنْ صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ وَمَلْبَسٍ وَمَرْكَبٍ وَجَمَالِ هَيْئَةٍ وَمَنْظَرٍ حَسَنٍ ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِكَ لَأَذْهَبْتَ عَنْهُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، فَأَنْتَ الْحَاسِدُ الَّذِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخَاكَ بِالاِسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ ، فَقَالَ : ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ .
وَمِمَّا لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ فِيهِ : أَنَّ الْحَسَدَ يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِهِ بِغَيْرِهِ ، يَضُرُّ بِهِ فِي دُنْيَاهُ وَفِي دِينِهِ ، فِي دُنْيَاهُ ؛ لأَنَّ نِعَمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تَنْقَطِعُ عَنْ عِبَادِهِ ، وَالْحَاسِدُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ يَعِيشُ فِي هَمٍّ وَغَمٍّ وَأَلَمٍ وَنَكَدٍ ، وَضَرَرُهُ فِي دِينِهِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ مَا يَفْعَلُهُ لِمَحْسُودِهِ ، مِنْ غِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَوِشَايَةٍ وَاحْتِقَارٍ وَوَقِيعَةٍ وَتَشْوِيهِ سُمْعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ : « إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ » .
فَأَيُّ ضَرَرٍ وَأَيُّ خَطَرٍ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - أَشَدُّ وَأَضَرُّ وَأَخْطَرُ مِنَ الْحَسَدِ عَلَى الْحَاسِدِ نَفْسِهِ ، فَالْحَسَدُ يَفْعَلُ فِي نَفْسِ صَاحِبِهِ وَفِي حَسَنَاتِهِ وَأَعْمَالِهِ ، مَا تَفْعَلُهُ النَّارُ فِي الْحَطَبِ ، الْحَاسِدُ يَغْلِي مِنْ دَاخِلِهِ كُلَّمَا رَأَى نِعَمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ ؛ لأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ ، وَيَتَمَنَّى زَوَالَهَا وَهِيَ مُسْتَقِرَّةٌ دَائِمَةٌ ، وَلِذَلِكَ يَتَأَلَّمُ وَيُصِيبُهُ الْهَمُّ وَالْحَزَنُ وَالْكَمَدُ ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - : مَا رَأَيْتُ ظَالِـمًا أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنْ حَاسِدٍ؛ نَفَسٌ دَائِمٌ، وَحَزَنٌ لَازِمٌ، وَغَمٌّ لَا يَنْفَدُ .
فَالْحَسَدُ يَبْدَأُ ضَرَرُهُ فِي صَاحِبِهِ ، وَلِذَلِكَ قَالُوا : يَصِلُ إِلَى الْحَاسِدِ خَمْسُ عُقُوبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَحْسُودِ شَيْءٌ :
أَوَّلُهَا : غَمٌّ لَا يَنْقَطِعُ.
وَثَانِيهَا: مُصِيبَةٌ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهَا.
وَثَالِثُهَا: مَذَمَّةٌ لَا يُحْمَدُ بِهَا.
وَرَابِعُهَا: سُخْطُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَضَبُهُ .
وَخَامِسُهَا: عَدَمُ التَّوْفِيقِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَفْضَلُ النَّاسِ كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ : التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ، وَ لَا بَغْيَ ، وَ لَا غِلَّ ، وَ لَا حَسَدَ » .
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ :
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ .
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
لَا شَكَّ أَنَّ الْحَسَدَ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ ، لَا تَتَخَلَّقُ بِهَا إِلَّا النُّفُوسُ الْمَرِيضَةُ ، وَهُوَ بَوَّابَةُ الآثَامِ وَبِضَاعَةُ اللِّئَامِ ، وَلَهُ أَسْبَابٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا وَالْبُعْدُ عَنْهَا وَمِنْهَا :
ضَعْفُ الْإِيمَانِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لَا سِيَّمَا بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ ، وَكَذَلِكَ قِلَّةُ التَّقْوَى ، وَخُبْثُ النَّفْسِ وَدَنَاءَتُهَا وَأَنَانِيَتُهَا ، وَالْحِقْدُ وَالْبُغْضُ وَالْكُرْهُ ، وَالْعُجْبُ وَالْكِبْرُ وَالْغُرُورُ ، وَحُبُّ التَّمَيُّزِ وَالرِّئَاسَةِ وَالْجَاهِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تُوجَدَ أَوْ تَصْدُرَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ ، وَيَكْفِي فِي الْحَسَدِ مَذَمَّةً ؛ أَنَّهُ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ بِهِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ ، وَأَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي الْأَرْضِ ؛ إِبْلِيسُ عَصَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسْجُدَ لِآدَمَ ، فَأُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ اللَّعْنَةُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَفِي الْأَرْضِ قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا؛ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ » .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاحْذَرُوا الْحَسَدَ ، وَاحْرِصُوا عَلَى عِلاَجِهِ ، تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ ، وَتَحَصَّنُوا بِهِ وَالْجَأُوا إِلَيْهِ ، وَاتَّقُوا اللهَ وَاحْفَظُوهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، « احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ » ، تَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ ، ارْضُوا بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ ، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَلَا وَصَلُّوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمًا ؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ » ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ صَحَابَتِهِ أَجْمَعِينَ ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ ، وَاجْعَلْ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ ، وَلَا تَجْعَلْنَا ضَالِّينَ مُضِلِّينَ ، وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى ، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ، وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْأَتْقِيَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ ، نَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبَنَا ، وَأَنْ تُنَفِّسَ كُرُوبَنَا ، وَتَسْتُرَ عُيُوبَنَا ، وَتَشْفِيَ مَرْضَانَا ، وَتَرْحَمَ مَوْتَانَا ، وَتُعَافِيَ مَنِ ابْتَلْيَتَهُ مِنَّا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا أَمْنَنَا ، وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَعُلَمَاءَنَا وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ .
عِبَادَ اللهِ :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .