| 		   
  
الخطر الداهم 
  
  
الحمد لله الرحيم الرحمن ، الذي خلق الإنسان ، وميزه بعقله عن الحيوان ، وعلمه البيان . 
أحمده حمدا يليق بكريم وجهه ، وبعظيم سلطانه ، حمدا يفوق العد والحد والحسبان . 
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لاشريك له ، الملك الديان ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان ، وسلم تسليما كثيرا . 
أما بعد عباد الله : 
اتقوا الله ـ عز وجل ـ : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ { ، } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ { فاتقوا الله ـ عباد الله : } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً  ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ { ، } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً { ، } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً { اسأل الله ـ عز وجل ـ أن يجعلني وإياكم من عباده المتقين . 
أيها الأخوة المؤمنون : 
رغب ولاة أمرنا ـ وفقهم الله ـ أن يكون الحديث في هذا اليوم المبارك ، عن المخدرات ، وعن أضرارها ، وذلك ـ أيها الأخوة ـ حرصا منهم ـ أعانهم الله ـ على سلامة هذه البلاد ونجاة أبنائها ، ولعلكم ـ أيها الأخوة ـ شاهدتم قبل أيام ، ما قام به رجال أمننا البواسل ، في مجال مكافحة المخدرات ، والتصدي لمروجيها . رأيتم ـ أيها الأخوة ـ تلك الكميات الكبيرة ، التي لو نفذت ، لدمرت أعدادا هائلة ، وأحدثت أضرارا كثيرة . 
أيها الأخوة : 
إننا في هذه البلاد ، مستهدفون من قبل أعدائنا ، ومن قبل ضعاف الإيمان والنفوس ، الذين لا هم لهم إلا جمع المال ، لذلك تأتي هذه المخدرات ، بأشكالها وأنواعها ، وبأخطارها وأضرارها ، لتفتك بشبابنا ، فتعطل عقولهم ، وتضعف طاقاتهم ، بل وتجعلهم مدمنين ، كالقنابل الموقوتة ، التي تهدد أمن المجتمع وسلامته . 
أيها الأخوة : 
إن الحديث عن المخدرات ، لا يأتي عن فراغ ، إنما هو عن واقع نعيشه ونشاهده ، حدثني أحد رجال مكافحة المخدرات ، يقول : قبل ثمان سنوات ، كان يأتي إلينا القليل ، ممن يبحثون عن علاج للإدمان ، فنحيل المريض بيومه ، فيدخل المستشفى ، أما الآن ، ولكثرتهم ، يتقدمون بالدور ، ولا يأتي أحدهم دوره إلا بعد شهرين تقريبا ، وهذه المعلومة مع التحية أهديها للصحة . 
أسر في مجتمعاتنا ـ أيها الأخوة ـ وقع بعض أفرادها في المخدرات ، فأصبحت لا تعرف إلا الفقر والخوف والرعب والألم والبكاء . 
ماذا فعلت بهم المخدرات ؟ 
والله ـ أيها الأخوة ـ إنهم يعيشون ولا أنكد من عيشهم ، فأسرهم متفككة ، أطفالهم مشردون ، يطردون من وظائفهم ، تكثر ديونهم ، يفشلون في دراستهم ، يسجنون ، يتركون وراءهم نساء وأطفالا لا عائل لهم ، ولا تسأل عن عواقب ذلك وما يترتب عليه . كم من عفيفة ضحت بعفتها ، وكم من كريمة باعت كرامتها ، من أجل توفير لقمة العيش ، لأطفال كالأيتام ! بل الأيتام أحسن حالا منهم ! 
تقول إحداهن : ماذا أفعل ؟ زوجي مدمن مخدرات ، يغاب عني الأيام الكثيرة ، لا يعرفنا إلا لشهوته ، وعندي أطفال ، ليس لي إلا أن أسأل أهل الخير لهم ! سألتها عن أهلها ، قالت موجودون ولكن لا أستطيع أن أخبرهم بوضع زوجي ! لا أريد أن يعرفون شيئا عنه ، وخاصة أنه مدمن مخدرات ! 
هذه ـ أيها الأخوة ـ نتيجة من نتائج المخدرات ، وما أكثر نتائجها المرة ! 
في إحدى دور الأيتام ، يقول أحدهم : رأيت من بين الأيتام طفلا صغيرا كئيبا كثير البكاء ، سألت عنه ، فوجدت أن والده كان يتعاطى المخدرات ، فوقع على ابنته ، ثم حملت وأنجبت هذا الطفل . 
لما ذكرت هذه القصة لرجل في مكافحة المخدرات ، قال : بل وجد منهم ، من وقع على أمه ! 
قاتل الله المخدرات ، ماذا فعلت ؟ 
لعلكم ـ أيها الأخوة ـ رأيتم صور بعض المدمنين ، وهم يموتون في دورات المياه ، وفي غرفهم ، شاب في الثلاثين من عمره ، زاد في جرعة المخدر ، فانفجر مخه ، فوجدوه بعد ثلاثة أيام ، متعفنا في غرفته ، وقد مات ساجدا على قطع من المخدرات ! 
لا إله إلا الله ـ أيها الأخوة ـ ما أعظم هذا الدين ، الذي يحفظ للإنسان عقله وماله وصحته وكرامته ، يقول ـ عز وجل ـ : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { وفي الحديث عن أنس ـ رضي الله عنه ـ يقول : (( لعن رسول الله r في الخمر عشرة )) يعني عشرة ملعونين ، أي مطرودين من رحمة الله ـ نسأل الله العافية ـ (( عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة أليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له )) . 
هذه الخمر ـ أيها الأخوة ـ والمخدرات أشد ضررا ، وأعظم خطرا بشهادة الأطباء والعقلاء . 
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ واحذروا وحذروا من هذه المخدرات اللعينة ، التي يعاقب مروجها بالقتل ، والمستعمل لها بالسجن ، وأعظم من ذلك عذاب الآخرة لمن مات دون توبة . 
اسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ، إنه سميع مجيب ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . 
   
   الخطبة الثانية 
  
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا . 
أيها المسلمون : 
إن لانتشار المخدرات ، أسباب من أهمها : رفقاء السوء ، وهاهم ـ أيها الأخوة ـ عشرات التائبين والنادمين ، يذكرون أن سبب وقوعهم في المخدرات هو رفقاء السوء ، فاحرصوا على أبنائكم ، وخاصة في هذه الأيام . 
ومن أسباب انتشار المخدرات : إهمال بعض الآباء وسوء التربية ، ومن أراد دليلا ، فلينظر إلى بعض الشباب وهم في الشوارع وعلى الأرصفة إلى ساعات متأخرة من الليل . 
ومن الأسباب ـ أيها الأخوة ـ : السفر إلى الخارج ، فأكثر المتورطين بالمخدرات ، تجد أن بدايتهم كانت في خارج هذه البلاد . 
ومن الأسباب أيضا ، بل من أهمها : ضعف الإيمان وانعدام الخوف من الله ـ عز وجل . 
أيها الأخوة المؤمنون : 
إن مسؤوليتنا لمسؤولية عظيمة ، فعلينا أن نعمل ونتعاون ونكافح هذا الوباء الخطير ، والشر المستطير ، كل على حسب استطاعته ، والبدار البدار لمعالجة من ابتلي بهذا الداء ، والدولة ـ وفقها الله ـ لم تألوا جهدا في مكافحة المخدرات وفي معالجة المدمنين عليها ، فلنتعاون مع تلك الأجهزة فقد قال تبارك وتعالى : } وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ { . 
ألا وصلوا على البشير النذير ، والسراج المنير ، فقد أمركم بذلك اللطيف الخبير ، فقال جل من قائل عليما : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً { وصح عنه r أنه قال : (( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا )) فاللهم صلي وسلم وزد وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين وارض اللهم عن التابعين ، وتابعي التابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وغفرانك ورحمتك يا أرحم الراحمين . 
اللهم إنا نسألك نصر الإسلام وعز المسلمين ، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ، اللهم احمي حوزة الدين ، اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا ، وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، واستعمل علينا خيارنا ، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين . 
اللهم وفق إمامنا ، وولي أمرنا ، خادم الحرمين الشريفين لهداك ، واجعل عمله برضاك ، وارزقه البطانة الصالحة ، التي تدله على الخير وتعينه عليه ، واصرف عنه بطانة السوء يارب العالمين . 
اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا بسوء ، أو بما لا يرضيك ، أو بما يخالف كتابك وسنة نبيك r ، اللهم اشغله بنفسه ، واجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره سببا لتدميره يارب العالمين . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { . 
عباد الله :   
} إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون . 
  
  
  
  
  
  
  
   |