بَلَاْءُ فِتْنَةِ اَلْمَاْلِ وَاَلْأَوْلَاْدِ وَاَلْدُّنْيَاْ وَاَلْنِسَاْءِ إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : تَقْوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ ، يَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ : ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ- بِأَنَّ كَثْرَةَ الْفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ؛ مِمَّا حَذَّرَ مِنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « إِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ ؛ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ هَذِهِ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» . وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ آخَرَ: « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ » . فَظُهُورُ الْفِتَنِ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ؛ لِكَثْرَتِهَا وَسَعَةِ انْتِشَارِهَا وَنُدْرَةِ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهَا ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ » ، وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ : أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ـ وَالْأُطُمُ هُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ ـ ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى ؟ »قَالوُا: لَا، قَالَ: « فَإِنِّي لَأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ » ؛ أَيْ : كَالْمَطَرِ ؛ لِعُمُومِهَا وَكَثْرَتِهَا. وَالْفِتَنُ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ : هِيَ الِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ الَّذِي يَحُلُّ فِي أُمورِ الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا ، لِيَتَمَيَّزَ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ ، وَالْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ . وَالْفِتَنُ كَثِيرَةٌ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ـ وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : « كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ » ، وَتَرْجِعُ كُلُّهَا إِلَى فِتْنَةِ الشُّبُهَاتِ الْمُعَارِضَةِ لِلْعَقِيدَةِ، وَالشَّهَوَاتِ الْمُعَارِضَةِ لِلْإِرَادَةِ - كَمَا قَالَ ابْنُ سِعْدِيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ - . وَمِنْ اَلْفِتَنِ اَلْخَطِيْرَةِ ـ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ : فِتْنَةُ الْمَالِ وَالْأَبْنَاءِ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ يَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ : « إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي : الْمَالُ » . ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ؛ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَلَكِنَّهُمْ فِتْنَةٌ عِنْدَمَا تُقَدِّمُ مَحَبَّتَهُمْ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعِنْدَمَا تُقَدِّمُ طَاعَتَهُمْ عَلَى حِسَابِ مَعْصِيَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ . يَقُوْلُ اِبْنُ سِعْدِيٍ فِيْ تَفْسِيْرِهِ : ﴿فَتَرَبَّصُوا﴾أَيْ: اِنْتَظِرُوْا مَاْ يَحُلُّ بِكُمْ مِنْ اَلْعِقِاْبِ ، ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ اَلَّذِيْ لَاْ مَرَدَّ لَهُ. فَالْمَالُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ ؛ فِتْنَةٌ إِذَا لَمْ يُجْمَعْ وَيُنْفَقْ كَمَا يُرِيدُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَذَلِكَ الْأَبْنَاءُ ، عِنْدَمَا تُقَدِّمُ مَا يُرِيدُونَ مِنْ شُرُورٍ عَلَى مَا يُرِيدُ اللهُ مِنْ خَيْرٍ لَكَ ؛فَهُمْ فِتْنَةٌ ، بَلْ عَدُوٌّ مِنَ الْأَعْدَاءِ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ يُعْجِبُهَا سُوءُ فِعْلِهِمْ ، فَهِيَ فِي مُقَدِّمَتِهِمْ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا مِثْلَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ . وَكَذَلِكَ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مِنَ الْفِتَنِ ؛ الِافْتِتَانُ بِالدُّنْيَا وَحُطَامِهَا وَزَخَارِفِهَا ، وَإِيثَارُهَا عَلَى الْآخِرَةِ ، وَتَقْدِيمُ مَحَبَّتِهَا عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَأْثِيرُهَا فِي تَقَلُّبِ الْإِنْسَانِ ؛ إِمَّا لِشَهْوَةٍ أَوْ لِشُبْهَةٍ ، وَإِمَّا لِتَرَاكُمِ ذُنُوبٍ وَتَوَالِي مَعْصِيَةٍ ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا » ، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الصَّحِيحِ : « تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ » . فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاحْرِصُوا عَلَى أَمْرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَإِيَّاكُمْ وَارْتِكَابَ نَهْيِهِ ، فَلَا نَجَاةَ مِنَ الْفِتَنِ إِلَّا بِالْعَمَلِ بِكِتَابِهِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ . بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : وَهُنَاكَ فِتْنَةٌ خَطِيرَةٌ مِنْ أَخْطَرِ الْفِتَنِ ، أَلَا وَهِيَ فِتْنَةُ النِّسَاءِ ، خَافَ مِنْهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى أُمَّتِهِ ، يَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : « مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ » ، وَيَقُولُ أَيْضًا فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ آخَرَ : « إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ » ، فَفِتْنَةُ النِّسَاءِ فِتْنَةٌ خَطِيرَةٌ مُضِرَّةٌ ، وَالسَّعِيدُ مِنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، فَقَدْ كَانَتْ بِدَايَةُ ضَلَالٍ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفَسَادِ دِينِهِمْ فِتْنَةَ النِّسَاءِ ، نِسَاؤُهُمْ يَفْعَلْنَ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ النِّسَاءِ الْيَوْمَ ؛ يَخْرُجْنَ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَعَطِّرَاتٍ ، لِيَتَعَرَّضْنَ لِمَرْضَى الْقُلُوبِ فِي الْمَقَاهِي وَالْحَدَائِقِ وَالْأَسْوَاقِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، لِيَفْتَتِنَ بِهِنَّ ضِعَافُ الْعُقُولِ وَالدِّينِ وَالْإِيمَانِ ، وَهَذَا بَعْضُ مَا خَشِيَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدُّنْيَا فَقَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَاتَّقُوهَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ » ، ثُمَّ ذَكَرَ نِسْوَةً ثَلَاثًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: « امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ تُعْرَفَانِ، وَامْرَأَةً قَصِيرَةً لَا تُعْرَفُ، فَاتَّخَذَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَصَاغَتْ خَاتَمًا، فَحَشَتْهُ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ الْمِسْكِ، وَجَعَلَتْ لَهُ غُلْفًا، فَإِذَا مَرَّتِ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْمَلَإِ، قَالَتْ بِهِ: فَفَتَحَتْهُ، فَفَاحَ رِيحُهُ » ؛ أَيْ: تَتَحَايَلُ لِتَفْتِنَ الرِّجَالَ كَمَا يَفْعَلُ بَعْضُ نَاقِصَاتِ الْعَقْلِ وَالْعِفَّةِ وَالدِّينِ . أَسْأَلُ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُجَنِّبَنِي وَإِيَّاكُمُ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، إِنَّهُ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ ، اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رِقَابَنَا مِنَ النَّارِ ، وَرِقَابَ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا ،﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ ، ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ ، اللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا ، وَحَصِّنْ فُرُوجَنَا ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾. عِبَادَ اللهِ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ . |