بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي على نبينا محمد، أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: من هداه الله للإسلام؛ فقد أنعم عليه بأكمل النعم وأتمها؛ فلا نعمة أعظم من نعمة الإسلام، ولا منة من الله على عباده أعظم من منَّ عليه بالإسلام: ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ )، ودين الإسلام الهداية إليه أجلُ النعم: ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ)؛ فمن هداه الله للإسلام، وعرفه ربه، ودينه، ونبيه؛ فقد نال خيراً كثيراً، وخرج من ملل الكفر والضلال ودخل في شريعة الإسلام؛ فليحمد الله على هذه النعمة؛ فإنها أعظم النعم، وأجلُ النعم، وأكبر النعم: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )، ولا يسب الدين، لا يسب الإسلام، إلا من في قلبه مرض النفاق والشك، قال تعالى: ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ )؛ فالمنافقون لما رأوا أصحاب رسول الله، وجهادهم، وجلادهم، وإنفاقهم أموالهم في سبيل الله، والتضحية بالنفس والنفيس، في سبيل الله، رجاء مغفرته وخوفاً من عقابه، قالوا: ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ )؛ فهؤلاء المنافقون الذين زعموا أن الإسلام يغر ويخدع، وأنه ليس حقيقة، لكنه خداع وبهرزة كما يقولون، تعال الله عما يقولون علوا كبيرا، والمؤمن يُحب الإسلام، ويحمد الله أن هداه له، ويتمسك بهذه النعمة ظاهراً وباطناً، والذي يُسب الإسلام، يُسب هذا الدين دليل على مرض النفاق في قلبه، إن لم يداركه الله بتوبة نصوح، وإلا خشي عليه أن يلقى الله على غير هدى، قال تعالى: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ *وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ )، الآية.
أيها المسلم؛ فالسابون للإسلام، والسابون لتعاليمه، والسابون لأخلاقه وآدابه، والمنتقدون لأحكامه، والطاعنون في صلاحيته للمجتمعات، والقائلون بنقد تعاليمه، وقصورها عن معالجة المشاكل، ومقاومة النوازل، هؤلاء مُرضاء القلوب: ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )،
وقد قال علماء المسلمين: إن ساب الإسلام والرب والرسول لا تقبل توبته، بل هو زنديق يجب أن يقتل، وما بينه وبين الله، آلله أعلم به، إنما نص بعضهم، قالوا: ولا تقبل التوبة من سب الله ورسوله ودينه؛ فإن هذا لا يصدر من قلب فيه إيمان، إذا المؤمن معظم لله، معظم لأوامره، معظم لنواهيه، في الحديث القدسي يقول الله: " من عاد لي ولياً؛ فقد آذنته بالحرب"؛ فنسأل الله أن يهدينا وإياكم لطاعته، واحذروا إخواني من مزلات اللسان؛ ففي الحديث: " إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه"؛ فلحذر الحذر من مزلات اللسان! التي توقع العبد في المهالك، تجر عليه الويلات، عظموا ربكم، وعظموا دينكم، وعظموا نبيكم، واحذروا من الإصغاء إلى هؤلاء الضالين! بل قاطعوه في مجالسهم، ولا تجالسوهم خوفاً أن يصيبكم ما أصابهم: ( وَقَدْ نَـزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ).
المصدر :
موقع مؤسسة الدعوة الخيرية
|