اَلْعُزُوْبِيَّةُ خَطَرٌ وَبَلِيَّةُ
}الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ،
وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ {،
} يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، وَاللَّهُ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {
. وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ
، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ { . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ،
وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ، صَلَّىْ اَللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ
، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَاْدَ اَللهِ :
اَلْتَّقْوَىْ
وَصِيَّةُ اَللهِ U لِعِبَاْدِهِ، وَوَصِيَّةُ اَلْنَّبِيِّ e
لِأُمَّتِهِ وَأَصْحَاْبِهِ يَقُوْلُ U
فِيْ كِتَاْبِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ
{،
وَيَقُوْلُ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ اَلْصَّحِيْحِ:
(( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ))، فَاَتَّقُوْا اَللهَ عِبَاْدَ
اَللهِ، بِاَلْخَوْفِ مِنْ عِقَاْبِهِ، وَاَلْعَمَلِ بِكِتَاْبِهِ ، وَاَلْرِّضَىْ
بِعَطَاْئِهِ، وَاَلْاِسْتِعْدَاْدِ لِلِقَاْئِهِ ، جَعَلَنِيْ اَللهُ وَإِيَّاْكُمْ
مِنْ عِبَاْدِهِ اَلْمُتَّقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
اَلْإِمْاَمُ أَحْمَدُ بِنُ حَنْبَلَ ـ رَحِمَهُ
اَللهُ ـ إِمَاْمُ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ ، يَقُوْلُ عَنْهُ اَلْشَّاْفِعِيُّ : أَحْمَدُ
، إِمَاْمٌ فِيْ ثَمَاْنِ خِصَاْلٍ : إِمَاْمٌ فِيْ اَلْحَدِيْثِ ، إِمَاْمٌ فِيْ
اَلْفِقْهِ، إِمَاْمٌ فِيْ اَلْلُّغَةِ ، إِمَاْمٌ فِيْ اَلْقُرَّآنِ ، إِمَاْمٌ فِيْ
اَلْفَقْرِ ، إِمَاْمٌ فِيْ اَلْزُّهْدِ، إِمَاْمٌ فِيْ اَلْوَرَعِ، إِمَاْمٌ فِيْ
اَلْسُّنَّةِ . وَيَقُوْلُ حَرْمَلَةُ بِنُ يَحْيَىْ: سَمِعْتُ اَلْشَّاْفِعِيَّ يَقُوْلُ
: خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَاْدَ، وَمَاْ خَلَّفْتُ بِهَاْ أَحَدَاً أَتْقَىْ وَلَاْ أَرْوَعَ
وَلَاْ أَفْقَهَ وَلَاْ أَعْلَمَ مِنْ أَحْمَدَ بِنِ حَنْبَلَ . هَذَاْ اَلْإِمْاَمُ
ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ صَبَرَ عَلَىْ اَلْتَّعْذِيْبِ وَلَسْعِ اَلْسِّيَاْطِ
وَاَلْسَّجْنِ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّاْ مَاْتَتْ زَوْجَتُهُ أَمُّ عَبْدِاَللهِ ، تَزَوَّجَ
بَعْدَ وَفَاْتِهَاْ بَيْوْمٍ ، فَلَمَّاْ سَأَلُوْهُ قَاْلَ : أَكْرَهُ أَنْ أَبِيْتَ
عَزَبَاً .
إِمَاْمُ أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ،
اَلْعَاْلِمُ اَلْعَاْبِدُ اَلْزَّاْهِدُ، يَكْرَهُ أَنْ يَبِيْتَ عَزَبَاً، وَهَذَاْ
مِمَّاْ يَدُلُّ عَلَىْ أَهَمِّيَةِ اَلْزَّوَاْجِ، وَضَرَرِ وَخَطَرِ اَلْبَقَاْءِ
مِنْ دُوْنِهِ .
وَلَيْسَ فَقَطْ اَلْإِمَاْمُ
أَحْمَدَ ، اَلَّذِيْ يَكْرَهُ اَلْحَيَاْةَ يَوْمَاً دُوْنَ زَوَاْجٍ، اَلْعُقُلَاْءُ
غَيْرُهُ كَثِيْرٌ، بَلْ يُرْوَىْ أَنَّ شَدَّاْدَ بِنَ أَوْسٍ t،
ذَهَبَ بَصُرُهُ وَيَقُوْلُ: زَوِّجُوْنِيْ
، فَإِنَّ رَسُوْلَ اَللهِ e أَوْصَاْنِيْ أَلَّاْ أَلْقَىْ اَللهَ أَعْزَبَاً
.
اَلْزَّوَاْجُ ـ أَيُّهَاْ
اَلْإِخْوَةُ ـ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاْعِ طَاْعَةِ اَللهِ U
، جَعَلَهُ U آيَةً مِنْ آيَاْتِهِ، اَلَّتِيْ
تَدُّلُ عَلَىْ عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، كَمَاْ قَاْلَ
تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ: } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {، وَلِأَهْمِّيَتِهِ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ
وَشِدَّةِ حَاْجَةِ اَلْمَرْءِ لَهُ ، وَعَدَمِ اِسْتِغْنَاْئِهِ عَنْهُ ،
جَعَلَهُ اللهُ U سُنَّةً مِنْ سُنَنِ أَنْبِيَاْئِهِ
وَرُسُلِهِ، يَقُوْلُ U مُخَاْطِبَاً نَبِيَّهُ } : e وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ
وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {
وَفَيْ اَلْحَدِيْثِ اَلَّذِيْ رَوَاْهُ اَلإِمَاْمُ أَحْمَدُ وَاَلْتِّرْمِذِيُ ،
عَنْ أَبِيِ أَيُّوْبَ اَلأَنْصَاْرِيِّ t، يَقُوْلُ e: (( أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِيْنَ : التَّعَطُّرُ ، وَالْحَيَاْءُ ،
وَالْسِّوَاْكُ، وَالْنِّكَاْحُ )) اَلْنِّكَاْحُ يَعْنِيْ اَلْزَّوَاْج،
بَلْ تَبَرَأَ اَلْنَّبِيُ e، مِمَّنْ يَسْتَغْنِيْ عَنْهُ ، فِفِيْ
اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَاْلِكٍ t
قَاْلَ : جَاْءَ ثَلَاْثَةُ رَهْطٍ إِلَى نِسَاْءِ الْنَّبِيِّ e
يَسْأَلُوْنَ عَنْ عِبَاْدَةِ الْنَّبِيِّ e فَلَمَّاْ أُخْبِرُوْا كَأَنَّهُمْ
تَقَالُّوْهَا. فَقَالُوْا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ الْنَّبِيِّ e
قَدْ غُفِرَ لَهُ مَاْ تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَاْ تَأَخَّرَ؟ فَقَاْلَ
أَحَدُهُمْ: أَمَّاْ أَنَاْ فَإِنِّيْ أُصَلِّيْ الْلَّيْلَ أَبَدًا، وَقَاْلَ
آخَرُ: أَنَاْ أَصُوْمُ الْدَّهْرَ, وَلَاْ أُفْطِرُ, وَقَاْلَ آخَرُ: أَنَاْ
أَعْتَزِلُ الْنِّسَاْءَ , فَلَاْ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا , فَجَاْءَ رَسُوْلُ
اللَّهِ e
فَقَاْلَ: (( أَنْتُمُ الَّذِيْنَ
قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَاْ وَاللَّهِ إِنِّيْ لَأَخْشَاْكُمْ لِلَّهِ
وَأَتْقَاْكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُوْمُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّيْ وَأَرْقُدُ
وَأَتَزَوَّجُ الْنِّسَاْءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِيْ فَلَيْسَ مِنِّي ))،
أَيْ مَنْ تَرَكَ طَرِيْقَتِيْ وَأَخَذَ بِطَرِيْقَةِ غَيْرِيْ فَلَيْسَ مِنِّيْ ،
يَقُوْلُ شَاْرِحُ صَحِيْحِ اَلْبُخَاْرِيِ: وَطَرِيْقَةُ اَلْنَّبِيِ e
اَلْحَنِيْفِيَةُ اَلْسَّمْحَةُ، يُفْطِرُ لِيَتَقَوَّىْ عَلَىْ اَلْصُّوْمِ،
وَيَنَاْمُ لِيَتَقَوَّىْ عَلَىْ اَلْقِيَاْمِ ، وَيَتَزَوَّجُ لِكَسْرِ
اَلْشَّهْوَةِ، وَاِعْفَاْفِ اَلْنَّفْسِ، وَتَكْثِيْرِ اَلْنَّسْلِ .
فَشَأْنُ اَلْزَّوَاْجِ
ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ فِيْ اَلإِسْلَاْمِ شَأْنٌ عَظِيْمٌ ، وَلِفَوَاْئِدِهِ وَمَنَاْفِعِهِ وَحَاْجَةِ
الْمُسْلِمِ لَهُ، ذَكَرَ اَلْنَّبِيُ e
أَنَّهُ مِنْ مَحْبُوْبَاْتِهِ فِيْ هَذِهِ اَلْدُّنْيَا، فِفِيْ اَلْحَدِيْثِ
اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : ((حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاْكُمْ : اَلْطِّيْبُ ؛ وَاَلْنِّسَاْءُ ؛
وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِيْ فِيْ اَلْصَّلَاْةِ )) فَمَحَبَّةُ
اَلْنَّبِيِ e لَهُ فِيْ هَذَاْ اَلْحَدِيْثِ ، لَيْسَتْ
مِنْ بَاْبِ الْتَّرَفِ أَوْ اَلْنَّشْوَةِ وَاَلْفَرَاْغِ ، إِنَّمَاْ هِيَ
لِجَعْلِهِ فِيْ أَوْلَوُيَاْتِ اَلْمُسْلِمِ ، فَلَاْ يُقَدَّمَ عَلِيْهِ شَيْئٌ
مِنْ أُمُوْرِ هَذِهِ اَلْدُّنْيَاْ ، فَهُوَ أَهَّمُ مِنْ اَلْسَّيَّاْرَةِ
اَلْفَاْرِهَةِ، وَأَهَّمُ مِنْ اَلْشَّهَاْدَةِ اَلْعَاْلِيَةِ ، وَأَهَّمُ مِنْ
اَلْوَظِيْفَةِ الْمُنْتَظَرَةِ، وَاللهِ اَلَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ ، لَأِنْ
يَتَزَوْجَ اَلْمُسْلِمُ بِمُسْلِمَةٍ، فَيُعِفَّ نَفْسَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ رُكُوْبِ
سَيَّاْرَةٍ تَنْقُلُهُ، يَصِيْرُ بِسَبَبِهَاْ أَسِيَرَاً لِبَنْكٍ أَوْ شَرِكَةٍ
مِنْ شَرِكَاْتِ اَلْتَّقْسِيْطِ، وَخَيْرٌ لَهُ مِنْ شَهَاْدَةٍ يُبَاْهِيْ بِهَاْ
اَلْسُّفَهَاْءَ ،أَوْ يَتَطَاْوَلُ بِهَاْ عَلَىْ اَلْجُهَلَاْءِ ، وَلَوْ سَكَنَ
فِيْ خَيْمَةٍ مَعَ زَوْجَةٍ ، يَوُدُهَاْ وَتُوِدُّهُ، وَيَرْحَمُهَاْ
وَتَرْحَمُهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ عَلِيْهِ يَوْمٌ وَاْحِدٌ أَوْ
لَيْلَةٌ وَاْحِدَةٌ، عَاْزِبَاً يُصَاْرِعُ غَرِيْزَتَهُ، وَيُعَاْنِيْ مِنْ
فَرَاْغٍ يُمَثِّلُ نِصْفَ دِيْنِهِ، كَمَاْ قَاْلَ اَلْنَّبِيُ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ: ((
إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَدْ كَمُلَ نِصْفُ الدِّينِ ، فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي
النِّصْفِ الْبَاقِي )) يَقُوْلُ اَلْقُرْطُبِيُ: وَمَعْنَىْ ذَلِكَ أَنْ
اَلْنِّكَاْحَ يُعِفُّ عَنْ اَلْزِّنَيْ، وَاَلْعَفَاْفُ أَحَدِ اَلْخَصْلَتِيْنِ
اَلْلَّتِيْنِ ضَمِنَ رَسُوْلُ اللهُ e
عَلِيْهِمَاْ اَلْجَنَّةَ فَقَاْلَ e:
(( مَنْ وَقَاْهُ اللهُ شَرَّ
اَثْنَتِيْنِ وَلَجَ اَلْجَنَّةَ ، مَاْ بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَاْ بَيْنَ
رِجْلَيْهِ )) .اَلَّذِيْ بَيْنَ اَلْلَحْيَيْن : اَلْلِّسَاْنُ ،
وَاَلَّذِيْ بَيْنَ اَلْرِّجْلَيْن : اَلْفَرْجُ .
فَقَضِيَّةُ اَلْزَّوَاْجِ
يَنْبَغِيْ أَنْ تَكُوْنَ هِيَ اَلْقَضِيَّةُ اَلْأُوْلَىْ وَاَلْمُقَدَّمَةُ فِيْ
حَيَاْةِ اَلْمُسْلِمِ ، وَخَاْصَةً فِيْ هَذَاْ اَلْزَّمَنِ اَلَّذِيْ نَعُوْذُ بِاْللهِ مِنْ شَرِّهِ، لِاْمْتِلَاْئِهِ بِاَلْفِتَنِ وَاَلْمُغْرِيَاْتِ، وَمَاْ
يُثِيْرُ اَلْغَرَاْئِزَ وَاَلْشَّهَوَاْتِ ، وَاَلَّتِيْ ـ مَعَ اَلْأَسَفِ ـ
لَاْ يُدْرِكْ خَطَرَهَاْ ، وَلَاْ يَسْتَشْعِرْ عَظِيْمَ ضَرَرَهَاْ، إِلَّاْ
مَنْ عَاْنَىْ وَيْلَاْتِهَاْ، وَتَجَرَّعَ غُصَصَ تَبِعَاْتِهَاْ ، وَإِنْ
تَعْجَبْ أَخِيْ اَلْمُسْلِمِ، فَاعْجَبْ مِنْ رَجُلٍ يَأْوِيْ إِلَىْ زَوْجَتِهِ
فِيْ كُلِّ لَيْلَةٍ ، وَلَكِنَّهُ إِذَاْ جَاْءَ خَاْطِبٌ لِابْنَتِهِ أَوْ
أُخْتِهِ، أَخَذَ ـ اَلْظَّاْلِمُ ـ يَشْتَرِطُ وَيَضَعُ اَلْعَرَاْقِيْلَ، مِنْ
عُمُرٍ وَشَهَاْدَةٍ وَوَظِيْفَةٍ وَرَاْتِبٍ وَحَسَبٍ وَنَسَبٍ، وَاعْجَبْ مِنْ
إِمْرَأَةٍ تُعْلِنُ حَاْلَةَ اَلْطَّوَاْرِئِ فِيْ بَيْتِهَاْ، عَنْدَمَاْ
يَحِيْنُ مَوْعِدُ مَجِيْئِ زَوْجِهَاْ، إِسْتِعْدَاْدَاً لَهُ ، وَتُقِيْمُ
اَلْدُّنْيَاْ وَتُقْعِدُهَاْ، لَوْ أَرَاْدَ أَنْ يَحْضَىْ زَوْجُهَاْ
بِشَرِيْكَةٍ لَهَاْ ، تُشَاْرُكُهَاْ فِيْ غَرِيْزَتِهِ، وَلَكِنَّهَاْ ـ
اَلْظَّاْلِمَةُ ـ تَكُوْنُ سَبَبَاً رَئِيْسَاً، فِيْ تَعْقِيْدِ وَتَأْخِيْرِ
زَوَاْجِ اِبْنَتِهَاْ أَوْ اِبْنِهَاْ أَحْيَاْنَاً .
فَلْنَتَّقِ اَللهَ
أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ وَلْنُدْرِكْ أَهَمِّيَةَ اَلْزَّوَاْجِ، وَخَطَرَ تَأْخِيْرِهِ
، فَاَلْعُزُوْبِيَّةُ شَرٌّ وَخَطَرٌ وَبَلِيَّةٌ ، وَلَاْ يَرْضَىْ بِهَاْ ،
إِلَّاْ عَاْجِزٌ أَوْ فَاْجِرٌ ، كَمَاْ قَاْلَ عُمُرُ بِنُ اَلْخَطَّاْبِ t
.
أَقُوْلُ
قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ
هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ .
اَلْخُطْبَةُ اَلْثَّاْنِيَةُ
اَلْحَمْدُ
لِلهِ عَلَىْ إِحْسَاْنَهُ ، وَاَلْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ
وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللهُ وَحْدَهُ
لَاْشَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً
عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ اَلْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ ، صَلَّىْ اَللهُ
عَلَيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَمَّاْ بَعْدُ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِمَّاْ يَدُلُ
عَلَىْ أَهَمِيَّةِ اَلْزَّوَاْجِ، اِعْتِنَاْءُ اَلْدِّيْنِ فِيْهِ، وَأَمْرُهُ
بِهِ ، وَبَيَاْنُ آدَاْبِهِ وَأَحْكَاْمِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ ، قَوْلُ اللهِ تعالى } وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى
مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء
يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {، يَقُوْلُ أَبُوْ بَكْرٍ اَلْصِّدِيْق t:
أَطِيْعُوْا اللهَ فِيْمَاْ أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ اَلْنِّكَاْحِ ، يُنْجِزُ لَكُمْ
مَاْ وَعَدَكُمْ مِنْ اَلْغِنَىْ ، وَيَقُوْلُ اِبْنُ مَسْعُوْدٍ t:
إِلْتَمِسُوْا اَلْغِنَىْ فِيْ اَلْنِّكَاْحِ ، وَكَمَاْ جَاْءَ عَنْهُ e
فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ: ((
ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ U عَوْنُهُمُ: الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ
الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ
الْعَفَافَ ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ )) .
وَلِأَهَمِّيْةِ
اَلْزَّوَاْجِ ـ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ـ تَحْدِيْدُ شُرُوْطِ اَلْمُوَاْفَقَةِ
عَلِيْهِ، وَبَيَاْنُ اَلْمَفَاْسِدِ اَلْمُتَرَتِّبَةِ عَلَىْ عَرْقَلَتِهِ
وَتَعْقِيْدِهِ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْحَسَنِ يَقُوْلُ e:
(( إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ
خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي
الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )) .
فَلْنَتَقِ اللهَ ـ
أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ وَلْنُدْرِكْ أَهَمِّيَةَ اَلْزَّوَاْجِ وَنَتَعَاْوَن
عَلَىْ تَيْسِيْرِهِ، وَاَلْقَضَاْءِ عَلَىْ أَسْبَاْبِ تَعْقِيْدِهِ
وَتَأْخِيْرِهِ يَقُوْلُ تعالى: } وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا
عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ {
.
أَسْأَلُ اللهَ لِيْ
وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً لِوَجْهِهِ خَاْلِصَاً ، وَرِزْقَاً
وَاْسِعَاً، وَتَوْبَةً نَصُوْحَاً إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ . الْلّهُمَّ
تَوْلَّنَاْ أَجْمَعِيْنَ بِحِفْظِكَ، وَمُنَّ عَلَيْنَاْ بِعَفِّوْكَ
وَعَاْفِيَتِكِ ، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَاْدَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ خَيْرٍ ،
وَالمَوْتَ رَاْحَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ شَرٍ ، وَآتِ نُفُوْسَنَاْ تَقْوَاْهَاْ ،
وَزَكِّهَاْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاْهَاْ ، أَنْتَ وَلِيُّهَاْ وَمُوْلَاهَاْ ،
بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّاحِمِيْن
اَلْلَّهُمَّ إِنَّاْ
نَسْأَلُكَ عِزَّ اَلْإِسْلَاْمِ وَنَصْرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، اَلْلَّهُمَّ
أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَنْصُرَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَحْمِيْ حَوْزَةَ
اَلْدِّيْنَ ، وَاَجْعَلْ بَلَدَنَاْ آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ
اَلْمُسْلِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ لَنَاْ أَمْنَنَاْ ، وَوُلَاْةَ
أَمْرِنَاْ ، وَعُلَمَاْءَنَاْ وَدُعَاْتَنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ اِحْفَظْ عَوْرَاْتِنَاْ
، وَآمِنْ رَوْعَاْتِنَاْ ، اَلْلَّهُمَّ جَنِّبْنَاْ اَلْفِتَنَ ، مَاْ ظَهَرَ
مِنْهَاْ وَمَاْ بَطَنَ ، اَلْلَّهُمَّ اَحْفَظْ بِلَاْدَنَاْ بِحِفْظِكَ مِنْ
شَرِّ كُلِّ حَاْسِدٍ وَحَاْقِدٍ ، اَلْلَّهُمَّ مَنْ أَعَاْنَ عَدُوَاً
لِبِلَاْدِنَاْ ، أَوْ آوَىْ حَاْقِدَاً عَلَىْ وُلَاْةِ أَمْرِنَاْ
وَعُلَمَاْئِنَاْ وَدُعَاْتِنَاْ ،اَلْلَّهُمَّ أَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاَجْعَلْ
كَيْدَهُ فِيْ نَحْرِهِ ، وَاَجْعَلْ تَدْبِيْرَهُ سَبَبَاً لِتَدْمِيْرِهِ
يَاْقَوُيَّ يَاْ عَزِيْز . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِي
الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {
.
عِبَادَ
اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ ، وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ،
وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |