الخزم لأعداء عاصفة الحزم
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ القائل: } أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا ، وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ، وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ، وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ { ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيْمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَاْنِهِ ، وَأَشْكُرُهُ عَلَىْ فَضْلِهِ وَاَمْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ ، } لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ ، وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ { ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ ، وَصَفِيُهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، } هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { صَلَىْ اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً } إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {.
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ : } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الْكِتَاْبَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوْا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ ـ جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
لَاْ يَخْفَىْ عَلَىْ عَاْقِلٍ ، مَاْ يَقُوْمُ بِهِ أَعْدَاْءُ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ ، مِنْ كَيْدٍ لِتَمْزِيْقِ وُحْدَتِهَاْ ، وَتَفْرِيْقٍ لِكَلِمَتِهَاْ ، وَتَشْكِيْكٍ فِيْ جُهُوْدِ قَاْدَتِهَاْ ، بَلْ وَإِثَاْرَةٍ لِلْفِتَنِ بَيْنَ شَعْبِهَاْ وَوُلَاْةِ أَمْرِهِمْ مِنْ اَلْعُلَمَاْءِ وَاَلْأُمَرَاْءِ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ مَاْ تَكْتُبُهُ أَنَاْمِلُهُمْ اَلْنَّجِسَةُ ، وَمَاْ تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ اَلْقَذِرَةُ ، يَجِدْ ذَلِكَ وَاْضِحَاً جَلِيْاً بَيِّنَاً ، وَكَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَىْ : } وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ { ، فَاَلْكَيْدُ لِهَذِهِ اَلْبِلَاْدِ مِنْ قِبَلِ أَعْدَاْئِهَاْ ، أَمْرٌ لَاْ يَشِكُّ فِيْهِ عَاْقِلٌ ، وَمَنْ كَاْنَ عِنْدَهُ شَكٌّ فِيْ ذَلِكَ ، فَعَلِيْهِ أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ ، مَاْذَاْ يَعْنِيْ ، إِطْلَاْقُ اَلْنَّاْرِ عَلَىْ رَجُلِيْنِ ، مِنْ رِجَاْلِ أَمْنِنَاْ ، وَقَتْلُهُمْ فِيْ سَاْعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنْ اَلْلَّيْلِ ، وَهُمْ يَقُوْمُوْنَ بِوَاْجِبِهِمْ ، لِحِفْظِ عُقُوْلِنَاْ وَأَمْوَاْلِنَاْ وَأَعْرَاْضِنَاْ . لَاْ شَكَّ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ أَنْ ذَلِكَ مِنْ بَاْبِ اَلْكَيْدِ لِهَذِهِ اَلْبِلَاْدِ ، وَمُحَاْوَلَةِ زَعْزَعَةِ أَمْنِهَاْ ، وَإِثَاْرَةِ اَلْفِتَنِ عَلَىْ أَرْضِهَاْ اَلْآمِنَةِ اَلْطَّاْهِرَةِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِنْ اَلْأُمُوْرِ وَاَلْأَحْدَاْثِ ، اَلَّتِيْ يَسْتَغِلُهَاْ اَلْأَعْدَاْءُ ، لِلْضَّحِكِ عَلَىْ عُقُوْلِ بَعْضِ اَلْجَهَلَةِ ، اَلَّذِيْنَ لَاْ تَخْلُوْا نُفُوْسُهُمْ مِنْ دَخَنِ اَلْحِقْدِ وَاَلْبُغْضِ وَاَلْحَسَدِ ، بَلْ وَاَلْجَهْلِ وَاَلْسَّفَهِ : قَضِيْةُ عَاْصِفَةِ اَلْحَزْمِ ، اَلَّتِيْ بَعْثَرَتْ أَوْرَاْقَهُمْ ، وَأَفْسَدَتْ كَثِيْرَاً مِنْ مَزَاْعِمِهِمْ ، فَلَمْ يَجِدُوْا حَلَّاً لِلْتَقْلِيْلِ مِنْ شَأَنِهَاْ ، وَلَاْ حِيْلَةً لِلْتَّهْوِيْنِ مِنْ أَمْرِهَاْ ، إِلَّاْ زَعْمَهُمْ بِأَنَّهَاْ لَيْسَتْ مِنْ بَاْبِ اَلْجِهَاْدِ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ لِتَخْذِيْلِ رِجَاْلِ قُوَّاْتِنَاْ ، وَلِلْقَضَاْءِ عَلَىْ مَاْ تُكِنُّهُ نُفُوْسُنَاْ لَهُمْ مِنْ إِجْلَاْلٍ وَتَقْدِيْرٍ وَاَحْتِرَاْمٍ . وَهَؤُلَاْءِ هُمْ إِخْوَاْنِ اَلْمُعَوِّقِيْنَ اَلَّذِيْنَ ذَكَرَ اَللهُ U فِيْ كِتَاْبِهِ فَقَاْلَ : } قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ، وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ، أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ، فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ، تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ، فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ، أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا { .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
وَمِمَّاْ يُؤْسَفُ لَهُ ، أَنَّ هَؤُلَاْء اَلْمُرْجِفِيْنَ اَلْمُشَكِّكِيْنَ ، يَعْتَبِرُوْنَ كَثِيْرَاً مِنْ أَفْعَاْلِهِمْ اَلْسَّيِّئَةِ ، جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، فَهُمْ يَنْزِعُوْنَ اَلْبَيْعَةَ، وَيَخْلَعُوْنَ يَدَ اَلْطَّاْعَةِ، وَيَقُوْلُوْنَ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ! يَكْذِبُوْنَ وَيَسْرِقُوْنَ أَمْوَاْلَ اَلْمُحْسِنِيْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ! يَقْتُلُوْنَ اَلْمُسْلِمِيْنَ وَيَقْطَعُوْنَ رُؤُسَهُمْ، وَيُفَجِّرُوْنَ مُمْتَلَكَاْتَهُمْ، وَيَقُوْلُوْنَ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ! بَلْ يَنْتَحِرُوْنَ وَيُزْهِقُوْنَ أَنْفِسَهُمْ ، وَيَقَوُلُوْنَ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ! أَمَّاْ اَلْدِّفَاْعُ عَنْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ وَمُقَدَّسَاْتِهَاْ، وَصِيَاْنَةُ أَمْنِهَاْ وَاَتْحِاْدِهَاْ وَوُحْدَتِهَاْ، وَاَلْمُحَاْفَظَةُ عَلَىْ عَقِيْدَةِ وَأَعْرَاْضِ أَهْلِهَاْ، فَيَعْتَبِرُوْنَهُ لَيْسَ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ تَعَاْلَىْ !
فَيَاْ سُبْحَاْنَ اَللهِ ، مَاْ أَعْظَمَ فَسَاْدِ عُقُوْلِهِمْ ، وَمَاْ أَخْبَثَ ضَلَاْلِ أَفْكَاْرِهِمْ ، وَمَاْ أَعْمَىْ قُلُوْبِهِمْ اَلَّتِيْ فِيْ صُدُوْرِهِمْ .
عَاْصِفَةُ اَلْحَزْمِ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ جِهَاْدٌ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، وَلَاْ يَقُوْلُ غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّاْ ضَاْلٌ فَاْسِدٌ مٌنْحَرِفٌ ، فَشُرُوْطُ اَلْجِهَاْدِ وَصِحَّتُهُ وَضَوَاْبِطُهُ ، مُتَوَفِّرَةً فِيْ عَاْصِفَةِ اَلْحَزْمِ ، لِأَنَّهَاْ دِفَاْعٌ عَنْ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنْ حُرُمَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَتَحْتَ رَأْيَةِ إِمَاْمٍ مُسْلِمٍ ، وَبِإِعْدَاْدٍ وَتَخْطِيْطٍ ، وَلِتَحْقِيْقِ كَثِيْرٍ مِنْ اَلْمَصَاْلِحِ ، وَمَنْعِ كَثِيْرٍ مِنْ اَلْمَفَاْسِدِ ، بِإِذْنِ اَللهِ تَعَاْلَىْ ، وَفِيْهَاْ اَلْقُدْرَةُ عَلَىْ مُقَاْتَلَةِ اَلْعَدُوِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ اَلْشُّرُوْطِ اَلَّتِيْ يَخْلُوْ مِنْهَاْ جِهَاْدُهُمْ اَلْمَزْعُوْم .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
إِنَّ هَؤُلَاْءِ اَلْسُّذْجِ اَلْسُّفَهَاْءِ ، اَلَّذِيْنَ لَعِبَتْ فِيْ عُقُوْلِهِمْ اَلْأَهْوَاْءُ ، وَأَعْمَتْ بَصَاْئِرَهُمْ اَلْشَّهَوَاْتُ وَاَلْشُّبُهَاْتُ ، نَسُوْا أَوْ تَنَاْسَوُا مَنْ أَدْخَلَ اَلْمُتَفَجِّرَاْتَ إِلَىْ اَلْدِّيَاْرِ اَلْمُقَدَّسَةِ لِلتَّندِيدِ بِأَمرِيكَا، فِيْ حَجِّ عَاْمِ أَلفٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَسِتَّةٍ لِلهِجرَةِ! وَمَنْ نَظَّمُوْا اَلْمُظَاْهَرَاْتِ بِالقُربِ مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ واستَخدَمُوا فِيهَا السَّكَاكِينَ وَالأَسلِحَةَ البَيضَاءَ، وَقَتَلُوا في حَرَمِ اللهِ الآمِنِ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الحُجَّاجِ وَالجُنُودِ، وَمَثَّلُوا بِالجُثَثِ وَعَلَّقُوهَا في أَعمِدَةِ الكهرباء ، وَمَنْ قَاْمُوْا بِاَلْتَّفْجِيْرِ قُرْبَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَاْمِ، فِيْ عَاْمِ تِسعَةٍ وَأَربَعِ مِئَةٍ وَأَلفٍ ، وَقَتَلُوا عَدَدًا مِنَ الحُجَّاجِ، وَمَنْ أَطْلَقُوْا غَاْزَ اَلْخَرْدَلِ اَلْسَّاْمِّ فِيْ نَفَقِ اَلمُعَيصِمِ ، وَقَتَلَ اَلْمِئَاْتِ، بَلْ اَلآلَاْفِ مِنْ حُجَاْجِ بَيْتِ اَللهِ اَلْحَرَاْمِ، وَمَنْ نَظَّمُوْا اَلْمَسِيرَاْتِ حَوْلَ مَسْجِدِ رَسُوْلِ اَللهِ، وَدَخَلُوا البَقِيعَ، وَنَبَشُوا القُبُورَ، وَحَاوَلُوا إِحيَاءَ مَعَالِمِ الشِّركِ وَالوَثَنِيَّةِ في مَدِينَةِ التَّوحِيدِ !
فَهَؤُلَاْءِ هُمْ سَاْدَةُ اَلْحُوْثِيِّيْنَ وَمَرَاْجُعُهُمْ، وَهُمْ اَلَّذِيْنَ جَعَلُوْا اَلْحُوْثِيِّيْنَ أَدَاْةً قَذِرَةً لَهُمْ ، بِاَلْيَمَنِ لِلْوُصُوْلِ إِلَىْ بِلَاْدِنَاْ ، فِإِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَاْلُ هَؤُلَاْءِ جِهَاْدَاً فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ ، فَمَتَىْ يَكُوْنُ اَلْجِهَاْد ؟ اَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يَجْعَلَ كَيْدَهُمْ فِيْ نُحُوْرِهِمْ ، وَأَنْ يَكْفِيْنَاْ شُرُوْرَهُمْ ، وَأَنْ يُوَفِّقَ رِجَاْلَ قُوَاْتِنَاْ اَلْمُسَلَّحَةِ لِمَاْ يُحِبُ وَيَرْضَىْ ، وَاَنْ يُسَدِّدَ رَمْيَهُمْ ، وَيَنْصُرَهُمْ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاً عَلَىْ أَعْدَاْئِهِ وَأَعْدَاْءِ دِيْنِهِ .
أَعُوْذُ بِاَللهِ مِنْ اَلْشِّيْطَاْنِ اَلْرَّجِيْمِ :
} فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ { بَاْرَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ بِاَلْقُرَّآنِ اَلْعَظِيْمِ ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ بِمَاْ فَيْهِ مِنَ اَلآيَاْتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
وَمِمَّاْ يُؤَكِّدُ شَرْعِيْةَ عَاْصِفَةِ اَلْحَزْمِ ، وَأَنَّهَاْ جِهَاْدٌ فِيْ سَبِيْلِ اَللهِ U ، فَتَاْوَىْ كَثِيْرٍ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْدِّيْنِ ، فِيْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ وَغَيْرِهَاْ مِنْ بُلْدَاْنِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَاَللهُ U يَقُوْلُ : } فَاَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ { ، فَهَيْئَةُ كِبَاْرِ اَلْعُلَمَاْءِ فِيْ هَذِهِ اَلْبِلَاْدِ ، أَعْلَنَتْ دَعْمَهَاْ لِعَاْصِفَةِ اَلْحَزْمِ ، مُؤَكِّدَةً أَنَّهَاْ جَاْءَتْ لِتَحْقِيْقِ اَلْمَصَاْلِحِ اَلْعُلْيَاْ لِلْأُمَّةِ اَلْإِسْلَاْمِيَةِ ، وَكَذَلِكَ اَلْاِتْحَاْدُ اَلْعَاْلَمِيُ لِعُلَمَاْءِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَرَاْبِطَةُ عُلَمَاْءِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَرَاْبِطَةُ عُلَمَاْءِ اَلْمَغْرِبِ ، وَاَلْكَثِيْرُ مِنْ أَهْلِ اَلْعِلْمِ بِهَذِهِ اَلْبِلَاْدِ وَغَيْرِهَاْ ، كُلُّهُمْ يُؤَيِّدُوْنَ عَاْصِفَةَ اَلْحَزْمِ ، لِإِدْرَاْكِهِمْ لِخَطَرِ اَلْصَّفَوُيِّيْنَ ، وَأَدَاْتِهِمْ اَلْقَذَرَةِ فِيْ اَلْيَمَنِ ، اَلْحُوْثِيِّيْنَ ، فَلْيَخْسَأَ اَلْمُرْجِفُوْنَ ، } وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ { .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَا : } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا { ، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ e : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحِ اَلْإِسْنَاْدِ ، يَقُوْلُ e : (( إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الجمُعَةِ ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فيه ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ )) . فاللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على عَبْدِك ورَسُوْلِك مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَأَذِلَّ اَلْشِّرْكَ وَاَلْمُشْرِكِيْنَ ، وَدَمِّرَ أَعْدَاْءَكَ أَعْدَاْءَ اَلْدِّيْنِ ، وَاَجْعَلْ هَذَاْ اَلْبَلَدَ آمِنَاً مُطْمَئِنًا وَسَاْئِرَ بِلَاْدَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ اَنْصُرْ مَنْ نَصَرَ اَلْدِّيْنَ ، وَاُخْذُلْ مَنْ خَذَلَ عِبَاْدَكَ اَلْمُؤْمِنِيْنَ . اَلْلَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ اَلْمَهْمُوْمِيْنَ مِنْ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَنَفِّسْ كُرَبَ اَلْمَكْرُوْبِيْنَ ، وَاَقْضِ اَلْدَّيْنَ عَنِ اِلْمَدِيْنِيْنَ ، وَاَشْفِ مَرْضَاْنَاْ وَمَرْضَىْ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن . اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ ، أَنْتَ الْغَنِيّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120 |