النصح لكل مسلم
إِنَّ الْحَمْدَ للَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، } يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا { ، } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا { .
أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ ، كِتَابُ اللَّهِ ، وخَيْرُ الْهُدَى ، هُدَى مُحَمَّدٍ e ، وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٍ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَاْلَةٍ فِيْ اَلْنَّاْرِ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ :
رَوَىْ اَلْطَّبَرَاْنِيُ، عَنْ جَرِيْرِ بِنِ عَبْدِاللهِ t ، صَاْحِبِ رَسُوْلِ اَللهِ e، أَنَّهُ أَمَرَ مَوْلَاْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسَاً ، فَاَشْتَرَىْ لَهُ فَرَسًا بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَم ، وَجَاءَ بِهِ وَبِصَاحِبِهِ لِيَنْقُدَهُ جَرِيْرٌ الثَّمَنَ ، ثَمَنَ اَلْفَرَسِ ، اَلْثَّلَاْثُمِائَةَ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ جَرِير لِصَاحِبِ الْفَرَس: فَرَسُك خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثمِائَةِ دِرْهَم . أَتَبِيعُهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَم ؟ أَيْ زَاْدَ مِائَةً دَرْهَمٍ عَلَىْ اَلْقِيْمَةِ اَلَّتِيْ بَاْعَ بِهَاْ صَاْحِبُ اَلْفَرَسِ اَلْفَرَسَ! قَالَ صَاْحِبُ اَلْفَرَسِ: ذَلِكَ إِلَيْك يَاْ أَبَاْ عَبْدِ اَللَّهِ . فَقَاْلَ جَرِيْرٌ t: فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ . أَتَبِيعُهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَم ؟ أَيْ زَاْدَهُ مِاَئْةً أُخْرَىْ ، عَلَىْ اَلْقِيْمَةِ اَلْثَّاْنِيَةِ ، ثُمَّ لَمْ يَزُلْ يَزِيدُهُ مِائَةً ، فَمِاِئَةً ، وَصَاْحِبُهُ يَرْضَىْ ، وَجَرِيرٌ يَقُوْلُ : فَرَسَكَ خَيْرٌ ، أَيْ تَسْتَحِقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، إِلَىْ أَنْ بَلَغَ ثَمَانمِائَةِ دِرْهَم . فَاشْتَرَاهُ بِهَا . فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي بَاْيَعْتُ رَسُوْلَ اَللَّهِ e ، عَلَىْ اَلْنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ :
فَنُصْحُ اَلْمُسْلِمِ لِأَخِيْهِ اَلْمُسْلِمِ ، وَعَدَمُ غِشِّهِ وَاَسْتِغْلَاْلِ جَهْلِهِ ؛ أَدَبٌ إِسْلَاْمِيٌ رَفِيْعٌ ، وَخُلُقٌ إِيْمَاْنِيٌ نَبِيْلٌ ، إِذَاْ وُجِدَ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وُجِدَتْ مَعَهُ اَلْأُخُوَّةُ وَاَلْمَحَبَّةُ وَاَلْأُلْفَةُ ، وَإِذَاْ فُقِدَ ! فَبِفَقْدِهِ تُوْجَدُ اَلْضَّغِيْنَةُ ، وَيُوْجَدُ اَلْغِشُّ وَاَلْنَّصْبُ وَاَلْإِحْتِيَاْلُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ اَلْكَبَاْئِرِ اَلَّتِيْ قَدْ تَكُوْنُ سَبَبَاً فِيْ مَقْتِ اَللهِ U وَغَضَبِهِ ، وَلِذَلِكَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ لِأَهَمِّيَةِ نُصْحِ اَلْمُسْلِمِ لِأَخِيْهِ اَلْمُسْلِمِ ؛ كَاْنَ اَلْنَّبِيُ e ، يَأَخُذُ اَلْبَيْعَةَ عَلِيْهِ مَعَ اَلْشَّهَاْدَتِيْنِ ، وَاَلْسَّمْعِ وَاَلْطَّاْعَةِ ، وَاَلْصَّلَاْةِ وَاَلْزَّكَاْةِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، يَقُوْلُ جَرِيْرُ بِنُ عَبْدِاَللهِ t : بَاْيَعْتُ اَلْنَّبِيَّ e عَلَىْ شَهَاْدَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ .
فَجَرِيْرٌ t ، بَاْيَعَ ـ أَيْ عَاْهَدَ ـ اَلْنَّبِيَ e عَلَىْ اَلْإِسْلَاْمِ وَاَلْسَّمْعِ وَاَلْطَّاْعَةِ ، وَاَلْنُّصْحِ لِكُلِ مُسْلِمٍ ، سَوَاْءً كَاْنَ صَغِيْرَاً أَوْ كَبِيْرَاً ، سَوَاْءً كَاْنَ مِنْ مَعَاْرِفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلِذَلِكَ دَفَعَ t فِيْ اَلْفَرَسِ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ ثَمَنِهِ ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلْنَّبِيِ e بِذَلِكَ ، فَاَسْتَطَاْعَ t اَلْتَّغَلُبَ عَلَىْ نَفْسِهِ وَشَيْطَاْنِهِ ، فَهَاْنَتْ عِنْدَهُ دُنْيَاْهُ مُقَاْبِلَ دِيْنِهِ ، فَكَاْنَ أَخُوْهُ اَلْمُسْلِمُ أَحَبُّ إِلِيْهِ مِنْ دَنَاْنِيْرَ فَاْنِيَةٍ زَاْئِلَةٍ .
فَأَيْنَ هَذَاْ مِنْ حَاْلِنَاْ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ يَشْتَرِيْ اَلْوَاْحِدُ مِنَّاْ سِلْعَةً مِنْ اَلْسِّلَعِ ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ غَبَنَ بَاْئِعَهُ غَبْنَاً ظَاْهِرَاً بَيِّنَاً وَاْضِحَاً ، لَكِنَّهُ لَاْ يَكْتَرِثْ لِذَلِكَ ، بَلْ تَجِدَهُ أَحْيَاْنَاً يَفْتَخِرُ بِفِعْلَتِهِ اَلْمُنْكَرَةِ فِيْ مَجَاْلِسِهِ ، وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ . وَلَاْ شَكَّ أَنَّ فِيْ ذَلِكَ دَلِيْلٌ عَلَىْ ضَعْفِ إِيْمَاْنِهِ ، وَقِلَّةِ يَقِيْنِهِ ، وَتَرْكِهِ لِمَاْ يُرْضِيْ رَبَّهُ U .
فَاَلْمُؤْمِنُ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ اَلْمُسْتَقِيْمُ عَلَىْ أَمْرِ اَللهِ وَرَسُوْلِهِ ، اَلْمُلْتَزِمُ بِتَعَاْلِيْمِ دِيْنِهِ ، اَلَّذِيْ يُهِمُّهُ رِضَيْ خَاْلِقِهِ ، وَيَعْمَلُ لِلْسَّلَاْمَةِ مِنْ اَلْنَّاْرِ ، وَاَلْفَوْزِ بِاَلْجَنَّةِ ، يَسْتَحِيْلُ أَنْ يُخَاْلِفَ قَوْلَ نَبِيِّهِ e فِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ : (( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )) هَذِهِ هِيَ اَلْنَّصِيْحَةُ ، أَنْ تُحِبَ لِإِخْوَاْنِكَ مَاْ تُحِبُ لِنَفْسِكَ ، يَسُرُّكَ مَاْ يَسُرُّهُمْ ، وَيَسُوْءُكَ مَاْ يَسُوْؤُهُمْ ، تَتَعَاْمَلُ مَعَهُمْ بِمَاْ تُحِبُّ أَنْ يَتَعَاْمَلُوْا بِهِ مَعَكَ . فَاَلَّذِيْ يُحِبُّ لإِخْوَاْنِهِ مَاْلَاْ يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ، هَذَاْ نَاْقِصُ إِيْمَاْنٍ ، قَدْ يُوْقِعَهُ فِعْلُهُ هَذَاْ بِمَاْ لَاْ تُحْمَدُ عُقْبَاْهُ ، فَقَدْ يَكُوْنُ ـ وَاَلْعِيَاْذُ بِاَللهِ ـ مِنَ اَلْمُنَاْفِقِيْنَ ، وَلِذَلِكَ يَقُوْلُ عَلِيٌ t: اَلْمُؤْمِنُونَ نَصَحَةٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، يُوَادُّونَ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ دِيَارُهُمْ ، وَالْمُنَافِقُونَ غَشَشَةٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، وَإِنِ اجْتَمَعَتْ دِيَارُهُمْ .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
إِنَّ هَذَاْ اَلْخُلُقِ اِلْإِيْمَاْنِيْ اَلْعَظِيْمِ ، اَلْنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِيْنَ ، مِنَ اَلْأَخْلَاْقِ اَلَّتِيْ تَكَاْدُ أَنْ تُفْقَدَ فِيْ كَثِيْرٍ مِنْ مُجْتَمَعَاْتِ اَلْمُسْلِمِيْنَ ، وَلَاْ أَدَلّ عَلَىْ ذَلِكَ، مِمَّاْ يَحْدُثُ مِنْ غِشٍ فِيْ اَلْبَيْعِ وَاَلْشِّرَاْءِ، وَتَحَاْيُلٍ فِيْ اَلْمُعَاْمَلَاْتِ، وَفَسَاْدٍ وَتَعْطِيْلٍ لِمَصَاْلِحِ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَأَكْلٍ لِلْأَمْوَاْلِ بِاَلْبَاْطِلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اَلْأُمُوْرِ اَلَّتِيْ تَدُلُّ عَلَىْ عَدَمِ اَلْنُّصْحِ ، وَمَخَاْلَفَةِ مَاْ لَاْ يَرْضَاْهُ اَللهُ U ، وَلَاْ رَسُوْلُهُ e .
فَلَنَتَّقِ اَللهَ ـ أَحِبَتِيْ فِيْ اَللهِ ـ وَلَتَكُنْ اَلْنَّصِيْحَةُ بَيْنَنَاْ مَبْدَأً لَنَاْ فِيْ تَعَاْمُلِنَاْ مَعَ بَعْضِنَاْ ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دِيْنِنَاْ ، اَلَّذِيْ خَلَقَنَاْ اَللهُ مِنْ أَجْلِهِ ، وِأَوْجَدَنَاْ لِلْقِيَاْمِ بِهِ ، فَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ )) ، قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ : (( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِنَبِيِّهِ ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) .
أَسْأَلُ اَللهَ لِيْ وَلَكُمْ عِلْمَاً نَاْفِعَاً ، وَعَمَلَاً خَاْلِصَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَاْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرِ اَلْرَّحِيْمِ .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ اَلْمُؤمِنُوْنَ :
إِنَّ أَمْرَ اَلْنُّصْحِ لِلْمُسْلِمِيْنَ ، لَأَمْرٌ عَظِيْمٌ ، لِعَظَمَتِهِ قَاْمَتْ بِهِ اَلْعُظَمَاْءُ ، وَبَاْدَرَتْ بِإِعْلَاْنِهِ رُسُلُ رَبِّ اَلْسَّمَاْءِ ، فَنَبِيُ اَللهِ هُوْدٌ ـ عَلِيْهِ وَعَلَىْ نَبِيِّنَاْ اَلْصَّلَاْةُ وَاَلْسَّلَاْمُ ـ يَقُوْلُ لِقَوْمِهِ : } يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ { ، وَقَاْلَهَاْ نَبِيُ اَللهِ صَاْلِحٌ : } فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ {، وَكَذَلِكَ ـ أَيُّهَاْ اَلْإِخْوَةُ ـ نَبِيُ اَللهِ شُعِيْبٌ عَلِيْهِ اَلْسَّلَاْمُ } قَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ { .
فَإِرَاْدَةُ اَلْخَيْرِ لِلْغَيْرِ ، اَلَّذِيْ هُوَ اَلْنَّصِيْحَةُ، أَمْرٌ عَظِيْمٌ ، مِنَ اَلْأَهَمِّيَةِ بِمَكَاْنٍ مِنَ اَلْدِّيْنِ، بَلْ هُوَ اَلْدِّيْنُ ـ كَمَاْ قَاْلَ e ـ فَمَنْ رَضِيَ بِاَللهِ رَبَّاً ، وَبِاَلْإِسْلَاْمِ دِيْنَاً ، وَبِمُحَمَّدٍ e نَبِيَّاً ، لَاْ يَقِرُّ قَرَاْرُهُ أَنْ يَعْرِفَ صَوَاْبَاً إِلَّاْ أَرْشَدَ إِلِيْهِ، وَلَاْ يَعْرِفُ خَلَلَاً فِيْ أَمْرٍ مِنَ اَلْأُمُوْرِ إِلَّاْ حَذَّرَ مِنْهُ .
أَلَاْ وَصَلُّوْا عَلَىْ اَلْبَشِيْرِ اَلْنَّذِيْرِ، وَاَلْسِّرَاْجِ اَلْمُنِيْرِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اَلْلَّطِيْفُ اَلْخَبِيْرُ، فَقَاْلَ جَلَّ مِنْ قَاْئِلٍ عَلِيْمَا: } إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {، وَفِيْ اَلْحَدِيْثِ اَلْصَّحِيْحِ، يَقُوْلُ e: (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا )) ، وَفِيْ حَدِيْثٍ صَحِيْحِ اَلْإِسْنَاْدِ ، يَقُوْلُ e: (( إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الجمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فيه، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ )) . فاللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على عَبْدِك ورَسُوْلِك مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن ، وَاَرْضَ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَتَاْبِعِيْ اَلْتَّاْبِعِيْنَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ إِلَىْ يَوْمِ اَلْدِّيْنِ، وَعَنَّاْ مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ اَلْشِّرْكَ وَاَلْمُشْرِكِيْنَ، وَدَمِّرَ أَعْدَاْءَكَ أَعْدَاْءَ اَلْدِّيْنِ، وَاَجْعَلْ هَذَاْ اَلْبَلَدَ آمِنَاً مُطْمَئِنًا وَسَاْئِرَ بِلَاْدَ اَلْمُسْلِمِيْنَ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ اَنْصُرْ مَنْ نَصَرَ اَلْدِّيْنَ، وَاُخْذُلْ مَنْ خَذَلَ عِبَاْدَكَ اَلْمُؤْمِنِيْنَ. اَلْلَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ اَلْمَهْمُوْمِيْنَ مِنْ اَلْمُسْلِمِيْنَ، وَنَفِّسْ كُرَبَ اَلْمَكْرُوْبِيْنَ، وَاَقْضِ اَلْدَّيْنَ عَنِ اِلْمَدِيْنِيْنَ، وَاَشْفِ مَرْضَاْنَاْ وَمَرْضَىْ اَلْمُسْلِمِيْنَ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن. اللّهُمّ أَنْتَ اللّهُ لَا إلَهَ إلّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَاْ تَجْعَلْنَاْ مِنْ اَلْقَاْنِطِيْنَ، اللّهُمّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَك وَانْشُرْ رَحْمَتَك وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيّت اللّهُمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|