الْهَائِلُ بِزِيَارَةِ الْمَلِكِ لِحَائِلِ
الْحَمْدُ
للهِ الرَّؤُوفِ الْعَظِيمِ الْمَنَّانِ ، الْغَنِيِّ الْقَوِيِّ السُّلْطَانِ ،
الْحَلِيمِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ . أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ
وَجْهِهِ ، وَبِعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
إِلَى الْإِنْسِ وَالْجَانِّ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
اتَّقُوا اللهَ U
، فَتَقْوَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَصِيَّتُهُ لِلْأَوَّلِينَ
وَالْآخِرِينَ ، فَهُوَ الْقَائِلُ U
مِنْ قَائِلٍ : }وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ {
، أَسْأَلُهُ U
أَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ:
رَوَى الْإِمَامُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ : (( خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ
تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ
عَلَيْكُمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ
وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ )) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ
عِنْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : (( لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ ، لَا
، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ ، أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ ، فَرَآهُ
يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ
اللهِ ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ )) .
حَدِيثٌ عَظِيمٌ -
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - يُبَيِّنُ أَنَّ مَحَبَّةَ وَلِيِّ الْأَمْرِ لِشَعْبِهِ ،
وَمَحَبَّتُهُمْ لَهُ ، وَدُعَاؤُهُ لَهُمْ، وَدُعَاؤُهُمْ لَهُ ، دَلِيلٌ عَلَى
وُجُودِ الْخَيْرِ فِي الْمُجْتَمَعِ ، وَأَنَّ الْمُجْتَمَعَ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ
تَعَالَى، وَعَكْسُهُ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - إِذَا كَانَ النَّاسُ فِي
الْمُجْتَمَعِ ، يُبْغِضُونَ وَيَلْعَنُونَ وُلَاةَ أَمْرِهِمْ ، وَوُلَاةُ
أَمْرِهِمْ يُبْغِضُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَهُمْ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْمُجْتَمَعَ مُجْتَمَعُ شَرٍّ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ؛ فَفِي
الْخَيْرِ : الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ وَامْتِثَالُ أَمْرِ اللهِ U
، ثُمَّ الْفَوْزُ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَفِي الشَّرِّ
- وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - الظُّلْمُ وَالْفَوَاحِشُ وَالْمُنْكَرَاتُ وَالْآثَامُ
وَالْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتُ ، وَارْتِكَابُ مَا نَهَى اللهُ U
عَنْهُ ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : } إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { ، يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ t
: هَذِهِ الْآيَةُ ؛ أَجْمَعُ آيَةٍ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
وَفِي هَذِهِ
الْأَيَّامِ خَاصَّةً ، وَمُنَاسَبَةِ زِيَارَةِ وَلِيِّ أَمْرِنَا لَنَا ،
أَثْبَتَتْ لَنَا الْمُنَاسَبَةُ ، أَنَّ مُجْتَمَعَنَا مُجْتَمَعُ خَيْرٍ
بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى ، فَالْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ وَلِيَّ أَمْرِهِمْ ،
وَهُوَ يُحِبُّهُمْ ، وَكَذَلِكَ يَدْعُونَ لَهُ وَيَدْعُو لَهُمْ ، وَتِلْكَ مِنْ
نِعَمِ اللهِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُنْعِمُ بِهَا U
عَلَى عِبَادِهِ ، وَالْهَائِلُ فِي زِيَارَةِ الْمَلِكِ لِحَائِلٍ تَجَلِّي
الْبَيْعَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَهِيَ أَيْضًا تَرْجَمَةٌ لِلسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ
عَلَى أَرْضِ الْوَاقِعِ ، وَتَعْبِيرُ لِسَانِ الْحَالِ وَالْمَقَالِ
لِلْمَحَبَّةِ وَالدُّعَاءِ ، يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللهُ-:
يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ وِلَايَةَ أُمُورِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ
الدِّينِ ، بَلْ لَا قِيَامَ لِلدِّينِ وَلَا لِلدُّنْيَا إِلَّا بِهَا ،
وَلِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا بِقُوَّةٍ وَإِمَارَةٍ ، وَكَذَلِكَ
سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنَ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ
وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ، وَكَذَلِكُ إِقَامَةُ
الْحُدُودِ ، لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ ، وَلِهَذَا رُوِيَ
أَنَّ السُّلْطَانَ ظِلُّ اللهِ فِي الْأَرْضِ ، وَيُقَالُ: سِتُّونَ سَنَةً مِنْ
إِمَامٍ جَائِرٍ أَصْلَحُ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا سُلْطَانٍ ،
وَالتَّجْرِبَةُ تُبَيِّنُ ذَلِكَ ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللهُ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
إِنَّ مَحَبَّةَ
وَلِيِّ أَمْرِنَا لَنَا وَمَحَبَّتَنَا لَهُ ، لَمْ تَأْتِ مِنْ فَرَاغٍ ، فَهُوَ
- حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ - يُحِبُّنَا لِأَنَّنَا نُطِيعُ اللهَ U
فِيهِ ، وَنَحْنُ نُحِبُّهُ لِأَنَّهُ يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ U
فِينَا ، وَلِكَيْ نُدْرِكَ ذَلِكَ وَاقِعًا نَتَأَمَّلُ مَنْ حُرِمَ مِنْ هَذِهِ
النَّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَالْمِنْحَةِ الرَّبَّانِيَّةِ الْكَرِيمَةِ ، فَفِي
مُجْتَمَعِنَا - وَهَذَا مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي ذَكَرَ النَّبِيُّ e
فِي الْحَدِيثِ - لَا مُظَاهَرَاتٍ وَلَا اعْتِصَامَاتٍ وَلَا احْتِجَاجَاتٍ ؛
لِمُخَالَفَتِهَا لِلدِّينِ وَلِعَدَمِ وُجُودِ أَسْبَابٍ لَهَا ، وَوَلِيُّ
أَمْرِنَا لَيْسَ فَقَطْ يُقِيمُ فِينَا الصَّلَاةَ ، إِنَّمَا يَعْمَلُ مَا
بِوُسْعِهِ لِلْحِفَاظِ عَلَى عَقِيدَتِنَا وَمَنْهَجِ مَنْ صَلَحَ مِنْ
أَسْلَافِنَا ، يَحْكُمُونَنَا بِكِتَابِ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا ،
يَعْمَلُ جَاهِدًا لِحِفْظِ عُقُولِنَا وَدِمَائِنَا وَأَعْرَاضِنَا ، يَقُولُ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، ثُالِثُ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ - يَقُولُ t : إِنَّ اللهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا
لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ . يَمْنَعُ بِالسُّلْطَانِ مِنِ اقْتِرَافِ
الْمَحَارِمِ أَكْثَرَ مِمَّا يَمْنَعُ بِالْقُرْآنِ ؛ فَبِفَضْلٍ مِنَ اللهِ U
ثُمَّ بِفَضْلِ وَلِيِّ أَمْرِنَا ؛ لَا تُبَاعُ الْخُمُورُ فِي أَسْوَاقِنَا ، وَلَا يُرَخَّصُ لِلْمَلَاهِي اللَّيْلِيَّةِ
وَالْمَرَاقِصِ فِي بِلَادِنَا ، نُشَجِّعُ عَلَى مُمَارَسَةِ شَعَائِرِ دِينِنَا
، يُؤَذَّنُ لِلصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِنَا ، وَيُحَفَّظُ فِيهَا كِتَابُ رَبِّنَا
، تَتَحَجَّبُ فِي مُجْتَمَعِنَا نِسَاؤُنَا ، وَاللهِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ -
زُرْنَا بَعْضَ الْبُلْدَانِ أَكْثَرُ سُكَّانِهَا مُسْلِمُونَ ، وَلَكِنْ لَا
تَسْمَعُ فِيهَا الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ ، بَلْ لَا تَجِدُ مَسْجِدًا لِتُصَلِّيَ
فِيهِ ، وَإِنْ وَجَدْتَ الْمَسْجِدَ وَجَدْتَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْبِدَعَ ، بَلْ
أَحْيَانًا الشِّرْكَ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ U
. فَهَنِيئًا لَنَا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - فِي وَلِيِّ أَمْرِنَا ، وَهَنِيئًا
لِوَلِيِّ أَمْرِنَا بِنَا .
أَسْأَلُ
اللهَ أَنْ يَحْفَظَ لَنَا أَمْنَنَا، وَيُوَفِّقَ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَأَنْ
يُجَنِّبَنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ
مُجِيبٌ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ
ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا
لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى
رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ
تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ:
وَمِنَ الْهَائِلِ فِي
زِيَارَةِ الْمَلِكِ لِحَائِلٍ ، تَجَلِّي اللُّحْمَةِ الْوَطَنِيَّةِ ،
وَاللُّحْمَةُ الْوَطَنِيَّةُ وَاجِبٌ دِينِيٌّ وَمَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ - أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ - يَقُولُ U
: } وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ { ، سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ صَالِحِ
الْفَوْزَانِ - حَفِظَهُ اللهُ - عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: } وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا { فَقَالَ : هَذَا جُزْءٌ مِنَ الْآيَةِ
الَّتِي أَمَرَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى
كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، هِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ
الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَبِذَلِكَ يَتِمُّ لَهُمْ أَمْرُهُمْ
، وَتَتَّحِدُ كَلِمَتُهُمْ ، وَيُحَقِّقُ اللهُ لَهُمُ الْأَمْنَ
وَالِاسْتِقْرَارَ كَمَا حَصَلَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، لَمَّا
تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا ؛ حَيْثُ سَادُوا الْعَالَمَ
بِأَسْرِهِ ، وَانْتَشَرَتْ رُقْعَةُ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْمُورَةِ ،
كَمَا وَعَدَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِقَوْلِهِ : } هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ { ، قَدْ ظَهَرَ دِينُ اللهِ
فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ؛ وَذَلِكَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ أَوَّلًا،
ثُمَّ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ ثَانِيًا، فَعَمَّتْ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ،
وَقَامَتْ حُجَّةُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَبِهَذَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ
الْعِزُّ وَالتَّمْكِينُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَيَحْصُلُ لَهُمُ الْعِزُّ
وَالتَّمْكِينُ فِي الْجَنَّةِ وَفِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَهَذَا هُوَ عِزُّ
الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِدِينِهِمْ
وَأَنْ يُحَكِّمُوا كِتَابَ رَبِّهِمْ، وَأَنْ يُطِيعُوا وَلِيَّ أَمْرِهِمْ
بِالْمَعْرُوفِ، وَيَلْزَمُوا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتَهُمْ
وَإِمَامَهُمْ، وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْعِزُّ لَهُمْ عَاجِلًا وَآجِلًا . إِلَى
آخِرِ كَلَامِهِ حَفِظَهُ اللهُ . فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَحِبَّتِي فِي اللهِ -
وَلْنَحْفَظْ نِعَمَ اللهِ U عَلَيْنَا بِشُكْرِهَا ، وَبِالتَّحَدُّثِ
عَنْهَا ، يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : } وَإِذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي
لَشَدِيدٌ {
، وَيَقُولُ U مِنْ قَائِلٍ : } وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ {
.
أَسْأَلُ
اللهَ لِي وَلَكُمُ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللُّهُمَّ
أَحْيِنَا سُعَدَاءَ ، وَتَوَفَّنَا شُهَدَاءَ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ
الْأَتْقِيَاءِ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ إِنَّا
نَسْأَلُكَ حِفْظَ أَمْنِنَا ، وَوُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَعُلَمَاءَنَا ،
وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمَا
إِلَّا أَنْتَ ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ،
وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ
أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا
دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي
فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ،
وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ
الرَّحِمِينَ.
} رَبَّنَا
آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ { .
عِبَادَ
اللهِ:
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ فَاذْكُرُوا
اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ،
وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا :
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|