الهمة يا أمل الأمة
الْحَمْدُ للهِ ، المُتَفَرِّدِ بِالْخَلْقِ وَالْتَّدْبِيْرِ ، وَالْمُتَصَرِّفِ بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ ، وَبَدِيْعِ الْتَّقْدِيْرِ ، } لَهُ مَاْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ { . أَحَمْدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيْمِ سُلْطَانِهِ ، } لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { .
وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْشَرِيْكَ لَهُ ، } لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ{. وَأشّهَدُ أَنَّ مُحْمَدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، الْبَشِيْرُ الْنَّذِيْرُ ، والْسِّرَاْجُ المُنِيْرُ ، صَلَى اللهُ عَلِيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً ، إِلَى يَوْمِ الْدِّيْنِ ، } يَوْمَ الْجَمْعِ ، لَا رَيْبَ فِيهِ ، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ { .
أَمَّاْ بَعْدُ ، فَيَاْ عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَىْ اللهِ U ، وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَاْدِهِ ، فَهُوَ الْقَائِلُ فِي كِتَابِهِ: } وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ؛ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ { ، فَلْنَتَقِ اللهَ - أَحِبَتِيْ فِيْ اللهِ - جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الْمُتَقِيْن .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
فِيْ هَذِهِ الأَيَّام ، يَسْتَعِدُّ الدَّارِسُونَ، مِنَ الأَبْنَاْءِ وَالْبَنَاْتِ، لِتَأْدِيَةِ الْاِخْتِبَاْرَاْتِ، وَحَصَادِ عَامٍ دِرَاْسِيٍّ كَامِلٍ ، وَفِيْ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ ، الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ لَاْ تَمْرَّ مُرُورُ الْكِرَامِ ، وَلَا بِدْ أَنْ يَكُوْنَ لِمِنْبَرِ الْجُمْعَةِ ، مُسَاهِمَةً وَمُشَارِكَةً فِيْهَاْ ، يَسْتَفِيْدُ مِنْ خِلَالِهَا ، فَلَذَّاْتُ أَكْبَاْدِنَاْ ، وَزِيْنَةُ حَيَاْتِنَاْ ، فـ } الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا { كَمَاْ قَاْلَ تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَى .
فَلَا شَكَّ - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - أَنْ الاِهْتِمَاْمَ بِالْشَّبَاْبِ ذُكُوْرَاً وَإِنَاْثَاً ، مِمَّاْ جَاْءَ بِهِ الْدِّيْنُ ، وَاْعْتَنَى بِهِ شَرْعُ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ ، وَلَاْ أَدَلُّ عَلَىْ ذَلِكَ ، مِنْ ثَنَاْءِ اللهِ U عَلَيهُمْ ، وَأَمْرِ الْنَّبِيِّ r بِتَرْبِيَتِهِمْ وَتَوْجِيْهِهِمْ، يَقُوْلُ U، مُمْتَدِحَاً لَمِنْ كَانَ صَالَحَا فِي سِنِّهِم: } إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ، وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {، وَيَقُوْلُ الْنَّبِيُ r ، فِيْ الْحَدِيْثِ الْحَسَنِ : (( مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ )) فَثَنَاْءُ اللهِ U، عَلَىْ الْشَّبَاْبِ الَّذِيْنَ اَهْتَدَوْا إِلِيْهِ، وَآمَنُوْا بِهِ، وَنَعْتَهُمْ بِالْفَتْيَةِ ، وَتَفْصِيْلُ النَّبِيِّ r ، لِبَعْضِ مَاْ يَكْفُلُ سَعَاْدَتِهِمْ فِيْ الْدُّنْيَاْ وَالآخِرَةِ، دَلِيْلٌ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْشَّبَاْبِ، وَوُجُوْبِ الْاِعْتِناءِ بِهِمْ، وَأَهَمِّيَّةِ تَوْجِيْهِهِمْ وَإِرْشَاْدِهِمْ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ :
إِنَّ هَؤُلَاءَ الْشَّبَاْبِ، ذُكُوْرَاً وَإِنَاْثَاً ، الَّذِيْنَ سَوْفَ يَحْصِدُوْنَ خِلَاْلَ الأَيَّاْمِ الْقَاْدِمَةِ، ثَمَرَةَ جُهُوْدِهِمِ الْدِّرَاْسِيَّةِ، هُمْ أَمَلُ الأُمَّةِ، وَرَصِيْدُ مُسْتَقْبَلِهَاْ، وَكَنْزُهَاْ الَّذِيْ لَاْ يَفْنَىْ وَلَاْ يَبْلَىْ، وَمَحَطُ أَنْظَاْرِهَاْ، وَثَرْوَتُهَاْ الْحَقِيْقِيْةُ، لِمُوَاْجَهَةِ مَسْؤُوْلِيَةِ مُسْتَقْبَلِهَاْ، وَخَيْرُ مَاْ يُوْصَوْنَ بِهِ ، بَعْدَ تَقْوَىْ اللهِ U، وَالْسَّمْعِ وَالْطَّاْعَةِ، وَالْتَّمَسُّكِ بِالْسُّنَّةِ: الْحِرْصُ عَلَىْ مَعَاْلِي الأُمُوْرِ، وَالْبُعْدُ عَنْ سَفَاْسِفِهَاْ، فَالْهِمَّةُ الْهِمَّةُ ، يَاْ أَمَلَ الأُمَّةِ ، يَقُوْلُ الْنَّبِيُ r ، فِيْ الْحَدِيْثِ الْصَّحِيْحِ : (( إِنَّ اللهَ تَعَالَى ، يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ ، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا )) .
فَيَاْ مَعْشَرَ الْشَّبَاْبِ، وَاللهِ الَّذِيْ لَاْ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَنْ تَعْلُوْ أَقْدَاْرُكُمْ، وَلَنْ تَرْتَفِعْ مَنَاْزِلُكُمْ، وَلَنْ يَكُنْ لَكُمْ قِيْمَةٌ وَلَاْ اِعْتِبَاْرٌ، إِلَّاْ حَسَبَ عُلُوِ هِمَمِكُمْ، وَشَرِيْفِ مَقَاْصِدِكُمْ، وَصِدْقِكُمْ مَعَ أَنْفِسِكُمْ، فَاْسْتَصْغِرُوْا مَاْ دُوْنَ الْنِّهَاْيَاْتِ، مِنْ مَعَاْلِي الأُمُوْرِ، فَلَاْ تَجْعَلُوْا هَذِهِ الاِخْتِبَاْرَاْتِ، نِهَاْيَاْتِ إِنْجَاْزِكُمْ، وَلَاْ فَتْرَةَ اِهْتِمَاْمٍ، وَجِدٍ وَاْجْتِهَاْدٍ، تَغْفُلُوْنَ وَتَتَكَاْسَلُوْنَ، فِي غَيْرِهَاْ مِنْ فَتْرَةِ حَيَاْتِكُمْ ، بَلْ كُوْنُوْا دَاْئِمَاً كَمَاْ يُحِبُ رَبُكُمْ ، فَعُلُوُ الْهِمَّةِ ، وَالْمُسَاْرَعَةُ إِلَى الْخَيْرَاْتِ ، وَالْتَّنَاْفُسُ فِي أَعْلَى الْدَّرَجَاْتِ ، مِمَّاْ يُحُبُّهُ اللهُ U ، يَقُوْلُ U : } وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ { ، وَيَقُوْلُ أَيْضَاً: } لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ {، وَيَقُوْلُ أَيْضَاً: } وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ { ، فِفِيْ هَذِهِ الأَيَاْتِ وَغَيْرِهَاْ ، يَحُثُّ - تَبَاْرَكَ وَتَعَاْلَى - عَبْدَهُ الْمُسْلِمِ ، عَلَىْ أَنْ يَكُوْنَ ذَاْ هِمَّةٍ عَاْلِيَةٍ ، لَاْ يَرْضَىْ بِاْلدِّوْنِ ، إِنَّمَاْ يَسْعَىْ لِمَعَاْلِيْ الأُمُوْرِ .
وَبِقَدْرِ الْكَدِّ تُكْتَسَبُ الْمَعَاْلِي
وَمَنْ طَلَبَ الْعُلَاْ سَهِرَ اللْيَاْلِي
وَمَنْ رَاْمَ الْعُلَاْ مِنْ غَيْرِ كَدٍّ
أَضَاْعَ الْعُمْرَ فِيْ طَلَبِ الْمُحَاْلِ
تَرُوْمُ الْعِزَّ ثُمَّ تَنَاْمُ لَيْلَاً
يَغُوْصُ الْبَحْرَ مَنْ طَلَبَ الْلآلِي
يُرْوَىْ أَنْ كَاْفُوْرَ الإِخْشِيْدِي ، كَاْنَ لَهُ صَاْحِبٌ ، فَجِيْئَ بِهِمَاْ إِلَى مِصْرَ ، لِيُبَاْعَاْ فِيْ سُوْقِ الْعَبِيْدِ ، فَجَلَسَ كَاْفُوْرُ لِصَاْحِبِهِ ، وَسَأْلَهُ عَنْ أُمْنِيَتِهِ ، فَقَاْلَ لَهُ صَاْحِبُهُ : أَتَمَنَّى أَنْ أُبَاْعَ لِطَبَّاْخٍ ، لِِآكُلَ مَاْ أَشَاْءَ ، وَأَشْبَعَ بَعْدَ هَذَاْ الْجُوْعِ ، فَقَاْلَ كَاْفُوْرُ ، أَمَّاْ أَنَاْ : فَأَتَمَنَّى ، أَنْ أَمْلُكَ مِصْرَ كُلَّهَاْ ، لِِأَمُرَ وَأَنْهَىْ ، وَأُعْطِيَ وَأَمْنَع ، وَبَعْدَ أَيَّاْمٍ ، بِيْعَ الْرُّجُل ، لِطَبَاْخٍ ، وَبِيْعَ كَاْفُوْر ، لِأَحَدِ قَاْدَةِ مِصْرَ، وَمَاْ هِيَ إِلَّاْ أَشْهُر، حَتَّى رَأَىْ الْقَاْئِدُ الْمَصْرِيُ مِنْ كَاْفُوْرَ كَفَاْءَةً وَقُوَّةً ، فَقَرَّبَهُ مِنْهُ، وَلَمَّاْ مَاْتَ مَوْلَىْ كَاْفُوْر، قَاْمَ هُوَ مَقَاْمَهُ، وَاشْتَهَرَ بِذَكَاْئِهِ وَكَمَاْلِ فِطْنَتِهِ ، حَتَّى صَاْرَ رَأْسَ الْقُوَّاْدِ ، وَمَاْ زَاْلَ يَجُدُّ وَيَجْتَهِدُ ، حَتَّى مَلَكَ مِصْرَ وَالْشَّاْمَ وَالْحَرَمَيْن .
بَعْدَهَاْ، مَرَّ كَاْفُوْرُ يَوْمَاً بِصَاْحِبِهِ، فَرَآهُ عَنْدَ الْطَّبْاْخِ ، يَعْمَلُ فِيْ جِدٍّ ، وَقَدْ بَدَا بِحَاْلَةٍ سَيِّئَةٍ، اِلْتَفَتَ كَاْفُوْرُ إِلَى أَتْبَاْعِهِ وَقَاْلَ: لَقَدْ قَعَدَتْ بِهَذَا هِمَّتُهُ، فَكَاْنَ مَاْ تَرَوْنَ، وَطَاْرَتْ بِيْ هِمَّتِيْ، فَصِرْتُ كَمَاْ تَرَوْنَ، وَلَوْ جَمَعَتْنِيْ وَإِيَّاْهُ هِمَّةٌ وَاْحِدَةٌ ، لَجَمَعَنَاْ مَصِيْرٌ وَاْحِدٌ .
إِذَاْ غَاْمَرْتَ فِيْ شَرَفٍ مَرُوْمٍ
فَلَاْ تَـقْـنَعْ بِمَاْ دُوْنَ الْنُّجُوْمِ
فَطَعْمُ الْمُوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيْرٍ
كَطَعْمِ الْمُوْتِ فِيْ أَمْرٍ عَظِيْمِ
يَرَىْ الْجُبَنَاْءُ أَنْ الْعَجْزَ أَمْنٌ
وَتِلْكَ خَـدِيْعَةُ الْطَّـبْعِ الْلَّئِيْمِ
فِيْ عُيُوْنِ الاَخْبَاْرِ لِاْبْنِ قُتَيْبَة ، يَقُوْلُ دُكَيْنُ الْرَّاْجِزُ ، وَهُوَ مِمَّنْ عَاْصَرَ الْخَلِيْفَةَ الْرَّاْشِدَ ، عُمَرَ بِنَ عَبْدِالْعَزِيْزِ ، يَقُوْلُ : أَتَيْتُ عُمَرَ اَسْتَنْجِزُ مِنْهُ وَعْدَاً كَاْنَ وَعَدَنِيْه ، وَهُوَ وَاْلِي الْمَدِيْنَةِ ، فَقَاْلَ لِي : يَاْ دُكَيْن ، إِنَّ لِي نَفْسَاً تَوَّاْقَةً - أَيْ تَشْتَاْقُ إِلَى الْشَّيءِ وَتَنْزِعُ إِلَيْهِ - إِنَّ لِي نَفْسَاً تَوَّاْقَةً ، لَمْ تَزَلْ تَتُوْقُ إِلَى الإِمَاْرَةِ ، فَلَمَّاْ نِلْتُهَاْ تَاْقَتْ إِلَى الْخِلَاْفَةِ ، فَلَمَّاْ نِلْتُهَاْ ، تَاْقَتْ إِلَى الْجَنَّةِ .
فَاللهَ .. اللهَ .. الْهِمَّةُ الْهِمَّةُ .. يَاْ أَمَلَ الأُمَّةِ ،
جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاْكُمْ مِنْ ذَوُيِ الْهِمِمِ الْعَاْلِيَةِ ، وَأَسْعَدَنِيْ وَإِيَّاْكُمْ فِي الْدُّنْيَاْ وَالآخِرَةِ ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ عَلى إحسَانِهِ ، والشُّكرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تعظِيماً لِشَأنِهِ ، وأشهدُ أنَّ مُحمَداً عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعِي إلى رضوانِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وأصحابِهِ وسلّمَ تَسليماً كثيرا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون :
إِنَّ أَصْحَابَ الْهِمَمِ ، هُمْ الَّذِيْنَ يَصِلُوْنَ إِلَى الْقِمَمِ ، وَبِالْصَّبِرِ وَالْيَقِيْنِ ، تُنَالُ الإِمَاْمَةُ فِي الدِّيْنِ ، وَصَدَقَ اللهُ: } وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ { ، يَقُوْلُ شَقِيْقُ بِنُ عَبْدِ اللهِ : مَرِضَ عَبْدُ اللهِ بِنِ مَسْعُوْد ، فَعُدْنَاْهُ ، فَجَعَلَ يَبْكِى ، فَعُوْتِبَ ، فَقَاْلَ : إِنِّى لَاْ أَبْكِى لِأَجْلِ الْمَرَضِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ الْنَّبِيَ r يَقُوْلُ : (( الْمَرَضُ كَفَّاْرَةٌ )) وَإِنَّمَاْ أَبْكِي لِأَنَّهُ أَصَاْبَنِي عَلَى حَاْلِ فَتْرَةٍ ، وَلَمْ يُصِبْنِي فِيْ حَاْلِ اِجْتِهَاْدٍ ، فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لِلْعَبْدِ مِنْ الأَجْرِ إِذَاْ مَرِضَ ، مَاْ كَاْنَ يُكْتَبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُمْرَضَ ، فَمَنَعَهُ مِنْهُ الْمَرَضُ . وَالإِمَاْمُ الْطَّبَرِيُ جَلَسَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةٍ ، وَهُوَ يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعِيْنَ وَرَقَةٍ فِيْ الْتَّأْلِيْفِ . وَابْنُ الأَثِيْرِ أَلَفَ الْعَدِيْدَ مِنْ الْكُتُبِ ، بِسَبَبِ أَنَّهُ مُقْعَد . وَابْنُ الْقَيِّمِ كَتَبَ زَاْدَ الْمَعَاْد ، وَهُوَ مُسَاْفِر ، وَالْقُرُطُبُّي شَرَحَ صَحِيْحَ مُسْلِمٍ ، وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ سَفِيْنَةٍ .
إِنَّ الْمَكَاْرِمَ لَاْ تَحْصُلُ بِاْلْمُنَى
لَكِنَّ لَهَاْ بِالْتَّضْحِيَاْتِ سَبِيْلَا
فَلَكَمْ سَمَاْ لِلْمَجْدِ مِنْ أَجْدَاْدِنَاْ
بَطَلٌ أَقَاْمَ عَلَى الْسُّمُوِ دَلِيْلَا
فَسَلِ الْمَعَاْلِيَ عَنْ شَجَاْعَةِ خَاْلِدٍ
وَسَلِ الْمَعَاْرِكَ هَلْ رَأَتْهُ ذَلِيْلَا
وَسَلِ الْحَضَاْرَةَ إِنْ رَأَيْتَ بَهَاْءَهَاْ
عَمَّنْ أَنَاْرَ لِهَدْيِهَاْ الْقِنْدِيْلَا
وَسَلِ الْمَكَاْرِمَ وَالْمَعَاْلِيَ هَلْ رَأَتْ
مِنْ بَعْدِهِمْ فِيْ ذَاْ الْزَّمَاْنِ مَثِيْلَا
هَذِىْ الْمَكَاْرِمُ عِنْدَهُمْ كَبِدَاْيَةٍ
لِسُلُوْكِ دَرْبٍ مَاْ يَزَاْلُ طَوُيْلَا
فِيْ الأَرْضِ مَجْدُهُمُ وَلَكِنَّ قَلْبُهُمْ
لِجَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ رَاْمَ رَحِيْلَا
وَخُذِ الْمَكَاْرِمَ لَاْ تَخَفْ أَعْبَاْءَهَاْ
عِبءُ الْمَكَاْرِمِ لَاْ يَكُوْنُ ثَقِيْلَا
فَاْلهِمَّةُ يَاْ أَمَلَ الأُمَّةِ ، وَخَاْصَةً فِيْ هَذِهِ الأَيَّاْمِ ، الَّتِي تِجْنُوْنَ مِنْ خِلَاْلِهَاْ ، حَصَاْدَ جُهْدِكُمْ ، وَثَمَرَةَ سَعْيِّكُمْ .
أَسْأَلُ اللهَ U ، أَنْ يَجْعَلَ سَعْيَكُمْ مَشْكُوْرَاً ، وَعَمَلَكُمْ مَقْبُوْلَاً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ .
الْلّهُمَّ تَوْلَّنَاْ أَجْمَعِيْنَ بِحِفْظِكَ، وَمُنَّ عَلَيْنَاْ بِعَفِّوْكَ وَعَاْفِيَتِكِ، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَاْدَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ خَيْرٍ، وَالمَوْتَ رَاْحَةً لَنَاْ مِنْ كُلِ شَرٍ، وَآتِ نُفُوْسَنَاْ تَقْوَاْهَاْ، وَزَكِّهَاْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاْهَاْ، أَنْتَ وَلِيُّهَاْ وَمُوْلَاهَاْ، بِرَحْمَتِكَ يَاْ أَرْحَمَ الْرَّاحِمِيْن . } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|