السلامة من الشرور والآفات من خلال المحافظة على أوراد الصباح والمساء
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾.﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
أمََّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الكلامِ كلامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدّثّةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
عباد الله: إن من علامات كمال التوحيد في قلب العبد أن يلجأ إلى الله تعالى في أحواله كلها, وأن لا يقتصر على ذلك في حال الشدة فقط. وملازمةُ المسلم للطاعة والذكر والدعاء, ومواظبتُه على ذلك في حال السراء, سبب لحفظه وحمايته وتوفيقه في الشدائد. قال عليه الصلاة والسلام: ( احفظ الله يحفظك )، والمراد بحفظ الله في الحديث: حِفظُ حدوده ولزوم طاعته وكثرة ذكره ودعائه.
ومما ورد في هذا الباب: المحافظة على الأوراد الصباحية والمسائية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم, فإن من حافظ عليها كانت سبباً لحفظه من الشرور والآفات بإذن الله. وهذا الحفظ شامل لدينه وعقله وبدنه وأهله وماله. فينبغي للمؤمن أن لا يحرم نفسه مما ورد فيها من الفضائل التي من حُرِمَها فهو محروم. وهذه الأوراد تُقَالُ بعد صلاة الفجر, وتقال أيضاً بعد غروب الشمس, إما قبل صلاة المغرب أو بعدها. أي: تقال: أول النهار لتحفظ صاحبها بإذن الله بقية يومه, وتقال: أول الليل لتحفظ صاحبها بإذن الله بقية ليلته. وهي متوفرة في المكتبات ومتيسرة, وسهلة الحفظ, وقد وضعت على هيئة مفكرة صغيرة توضع في الجيب حتى لا يجد المؤمن مشقة في المواظبة عليها. وتُباع بأبخس الأثمان ولكن قدرها وشأنها عظيم, وحاجة المؤمن إليها شديدة.
فمنها ما هو سبب لدخول الجنة: كسيد الاستغفار الذي من قاله حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة, ومن قاله حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة. وسيد الاستغفار هو أن تقول: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي, وأبوء لك بذنبي فاغفرلي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ).
ومنها ما هو سبب لحفظ دينك ومالك وأهلك, وحمايتك من الزلازل والخسف والصواعق وتسلط العدو: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ؛ اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ).
سئل أحد السلف عن المراد بقوله: ( أن أغتال من تحتي ) فقال: الخسف. أي أن الله تعالى يحمي قائلها من الخسف والزلزال وما شابه ذلك.
ومنها ما هو سبب لجلاء الحزن وذهاب الهم والغم وقضاء الدين: كما في قوله عليه الصلاة والسلام: ( قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ) رواه أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ومنها ما هو سبب لسلامتك من الأمراض والعين والحسد وذوات السموم: وإذا كنت خائفاً من الأمراض التي تحذر وسائل الإعلام من انتشارها فعليك بلزوم هذه الأوراد حين تصبح وحين تمسي, عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء ) رواه الترمذي، وفي المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة . قال عليه الصلاة والسلام: ( أما لو قلت، حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم تضرك ).
نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين بحفظه إنه على كل شيءٍ قدير.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً. أَمّا بَعدُ،
عباد الله: هذه الأحاديث التي سمعتموها إنما هي على سبيل المثال للحصر, وقبل ذلك كله قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين, لما رواه أبو داود عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أنه كان يمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل. فلم يقل شيئا ، ثم قال له : قل. فلم يقل شيئا ، ثم قال له : قل. فقال: يا رسول الله ما أقول ؟ قال: ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ).
وكذلك قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة: لما رواه البخاري ومسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه ).
ثم اعلموا يا عباد الله أنه لابد من الاعتماد على الله والتوكل عليه عند ذكر هذه الأوراد مع اليقين بفضلها ونفعها. فاحرصوا رحمكم الله على اقتنائها وحفظها وتعليمها من تعولون في بيوتكم فإن حاجة المؤمن إليها شديدة وفضلها عظيم.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها, أنت وليها ومولاها، اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لعدوهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين وأصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام ونجهم من الظلمات إلى النور وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، واجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين في كلِّ مكانٍ، اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في كل مكان يا قوي يا عزيز، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون عبادك المؤمنين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلهم وزلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم فرّق كلمتهم وشتت شملهم وسلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب، اللهم لا تجعل لهم منة على المؤمنين، واجعلهم غنيمة سائغة للمؤمنين يا قوي يا متين يا رب العالمين، اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم أصلح أهلها وحكامها يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ أحمد العتيق تجدها هنا :
http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=119
|