وقفة مع آية ( 22 )
قال الله تعالى في قصة امرأة عمران - أم مريم ( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى ) كأنها تشوفت أن يكون ذكرا ليكون أقدر على الخدمة وأعظم موقعا، ففي كلامها عذر من ربها، فقال الله: ( وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ) أي: لا يحتاج إلى إعلامها، بل علمه متعلق بها قبل أن تعلم أمها ما هي ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ) وهذا هو الشاهد و فيه دلالة على تفضيل الذكر على الأنثى، وعلى التسمية وقت الولادة، وعلى أن للأم تسمية الولد إذا لم يكره الأب
( وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) دعت لها ولذريتها أن يعيذهم الله من الشيطان الرجيم.
واعلموا أن من حكمة الله تعالى في عباده, أن جعل اختلافاً بين الذكور والإناث،في الخلقة والطبيعة والأحكام.
ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف ذلك. فقد ذكر الله تعالى قول أم مريم: ( وَلَيْسَ الـذَّكَـرُ كَالأُنـثـَى ). وقال تعالى عن الإنسان: ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ).
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتشبه أحدهما بالآخر, بل شدَّد في الأمر فلعن من يفعل ذلك.
وما ذاك إلا للإختلاف الواضحبين الرجل والمرأة, مما يدركه كل أحد. فالمرأة أضعف من الرجل في خلقتها, وطبيعتها، وإدراكها, ومشاعرها. ولذلك جعل الله السلطة للرجل على المرأة في القوامة, والولاية قال الله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ), وقال الله تعالى في المطلقات: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تُزوج المرأة المرأة, ولا تزوج المرأة نفسها ) رواه ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وجعل الله الطلاق بيد الرجال فقال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )
وجعل أمر الرجعة بعد الطلاق إلى الرجال فقال: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ )
وجعل الله تعالى شهادة المرأتين عن شهادة رجل فقال: ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَم ْيَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ). وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لن يُفلح قوم ولو أمرهم امرأة ) رواه البخاري.
وبَيَّن اللهُ الحكيم العليم أن نصيب الرجل في الميراث مثل حظ الأنثيين, وفي العقيقة جعل عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة واحدة.
وغير ذلك من النصوص الكثيرة التي لا تُحصى إلا بكلفة فيما يتعلق بالفروقات بين الرجل والمرأة. ولا يعني ذلك هضم حق المرأة وإهانتها.
فإن تكريم المرأة في الإسلام وتعظيم شأنها معلوم لدى كل مسلم ومسلمة.
لقد كرمها الإسلام باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ،وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وجعل حقها أعظم من حق الأب ،
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي.
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات أجرًا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَاوَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم .
إن أعداء الإسلام يريدون من المرأة أن تتمرد على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وتنسلخ من تعاليم الإسلام باسم الحرية والدفاع عن حقوقها زعموا
وأعني بأعداء الإسلام:
مَنْ هم مِن بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويكتبون في صُحفنا, ويزعمون أنهم يغارون على نصف المجتمع. فيعترضون على نصوص الكتاب والسنة ويعطّـلون دلالاتها.
ويدعون إلى إخراج المرأة من بيتها, واختلاطها بالرجال في ميادين الحياة, وجعلها كالرجل من حيث: الاختلاط, والخلوة, والمحادثة, وكشف الوجه, والتعاون المباشر.
إن مَنْ يدعو إلى ذلك: أحد رجلين: إما شخص لم يسمع بالإسلام وتعاليمه ولم يقرأ القرآن والسنة. وإما أنه مُكذب لخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم, أو معترض على الله في أحكامه، منتقص لحكمته وشرعه.
والله أعلــــــــــــــــــــــــــم
الشيخ / وليد بن سالم الشعبان
( رئيس مركز هيئة قفار )
|