وقفة مع آية (19)
قال الله تعالى ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (البقرة:127)
لما ذكر الله سبحانه وتعالى أنه جعل هذا البيت مثابة للناس بيَّن الله تعالى كيف نشأ هذا البيت، فقال تعالى: { وإذ يرفع... }.
يعني: ذكِّرهم بهذه الحال التي كأنها الآن مشاهدة أمامهم.
قوله تعالى: { ربنا تقبل منا } دعَوَا الله سبحانه وتعالى باسم «الرب» ؛ لأن إجابة الدعاء من شأن الربوبية؛ لأنها خلق وإيجاد.
قوله تعالى: { إنك أنت السميع العليم }: هذه الجملة تعليل لطلب القبول؛ يعني: نسألك أن تقْبل لأنك أنت السميع العليم: تسمع أقوالنا، وتعلم أحوالنا
الفوائد:
1- من فوائد الآية: فضل عمارة الكعبة؛ لأن الله تعالى أمر نبيه أن يذكر هذه الحادثة؛ لقوله تعالى: { وإذ يرفع... } إلخ.
2 - ومنها: فضل إبراهيم، وإسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، حيث قاما برفع هذه القواعد.
3 - ومنها: جواز المعاونة في أفعال الخير.
4 - ومنها: أهمية القبول، وأن المدار في الحقيقة عليه؛ وليس على العمل؛ فكم من إنسان عمل أعمالاً كثيرة وليس له من عمله إلا التعب، فلم تنفعه؛ وكم من إنسان عمل أعمالاً قليلة قبلت فنفعه الله بها؛ ولهذا جاء في الحديث: «رب صائم حظه من صيامه الجوع، والظمأ؛ ورب قائم حظه من قيامه السهر»صححه الألباني
6 - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله؛ وهما { السميع }، و{ العليم }؛ وكل اسم من أسماء الله يدل على صفة من صفاته
7 - ومن فوائد الآية: إثبات السمع لله عزّ وجلّ.
8 - ومن فوائد الآية: إثبات العلم لله - تبارك وتعالى - جملةً، وتفصيلاً؛ موجوداً، أو معدوماً؛ ممكناً، أو واجباً، أو مستحيلاً؛ .
9 - ومن فوائد الآية: التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته المناسبة لما يدعو به؛ لقوله تعالى: { إنك أنت السميع العليم }.
10 - ومنها: أن الدعاء يكون باسم «الرب» ؛ لأن إجابة الدعاء من شأن الربوبية؛ لأنها خَلْق، وإيجاد.
عن وهيب بن الورد: أنه قرأ: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا } ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مُشْفق أن لا يتقبل منك
فكيف حالنا بعد فراق شهر رمضان المبارك فنحن بأمس الحاجة للقبول والعمل على أسباب ذلك مع الفرق الشاسع بيننا وبين أبينا ابراهيم عليه السلام ,فإن أحسن ما تختم به الأعمال هو لزوم الإستغفار من الخلل والنقص .
وتأمل أيها القاري الكريم هذه الآية جداٌ تجد سراً ومعنى يغيب عنا إلا من رحم الله وهو :
ضرورة إحسان العمل بإخلاص ومتابعة للرسول عليه السلام مع كثرة الدعاء .
والله أعلــــــــم .
.....................................................
الشيخ / وليد بن سالم الشعبان
( رئيس مركز هيئة قفار )
|