4 -3 -1441هـ
فَائِدَةٌ مُخْتَارَةٌ مِنْ حَدِيثِ الزِّيَارَةِ
الْحَمْدُ
للهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ، وَأَتَمَّ نُورَهُ وَجَعَلَ كَيْدَ
الْكَافِرِينَ فِي تَبَابٍ. أَحْمَدُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى
الْمُسَبَّبَاتِ وَالْأَسْبَابِ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
الْمُسْتَغْفِرُ التَّوَّابُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
تَقْوَى
اللهِ U
وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ
فِي حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ ، يَقُولُ U
فِي كِتَابِهِ : }وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ{
، وَيَقُولُ أَيْضًا : }وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى{
، فَلْنَتَّقِ اللهَ -أَحِبَّتِي فِي اللهِ- جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ
عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ :
رَوَى
الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، عَنْ أَنَسٍ t
قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا- بَعْدَ
وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ e : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ
-رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا- نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ e
يَزُورُهَا ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا ، بَكَتْ ، فَقَالَا لَهَا : مَا
يُبْكِيكِ؟ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ e؟
فَقَالَتْ : مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ
تَعَالَى خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ e وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ
انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ ، فَجَعَلَا
يَبْكِيَانِ مَعَهَا .
أُمُّ
أَيْمَنَ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- امْرَأَةٌ أَصْلُهَا مِنَ الْحَبَشَةِ ،
أَثْيوبِيَا الْيَوْمَ، اسْمُهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- بَرَكَةٌ ، صَارَتْ إِلَى
النَّبِيِّ e بِالْإِرْثِ فَأَعْتَقَهَا صَلَوَاتُ رَبِّي
وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ e يُعَامِلُهَا كَمَا تُعَامَلُ الْأُمُّ ،
وَيَقُولُ: أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي . فَمِنْ
وَفَاءِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-وَمَحَبَّتِهِمَا
لِلنَّبِيِّ ، وَحِرْصِهِمَا عَلَى فِعْلِ مَا كَانَ يَفْعَلُ e
، قَامَا بِزِيَارَةِ أُمِّ أَيْمَنَ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا بَكَتْ ،
ظَنَّا أَنَّهَا تَبْكِي لِمَوْتِ النَّبِيِّ e
فَطَمَّنَاهَا أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ U
لِرَسُولِهِ e خَيْرٌ }وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى{
، وَقَالَتْ : لَا أَبْكِي أَسَفًا وَحُزْنًا عَلَى فِرَاقِهِ e
، فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَنَا إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ ، وَلَكِنْ
أَبْكِي انْقِطَاعَ الْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَكَانَ فِي
نُزُولِهِ الرَّحْمَةُ وَوَصَلَنَا بِالسَّمَاءِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
هَذِهِ
الْمَرْأَةُ الْحَبَشِيَّةُ الضَّعِيفَةُ الْمِسْكِينَةُ، الَّتِي كَانَتْ أَمَةً
ثُمَّ أُعْتِقَتْ، يَزُورُهَا أَعْظَمُ ثَلَاثَةٍ فِي الدَّوْلَةِ
الْإِسْلَامِيَّةِ: الرَّسُولُ e فِي عَهْدِهِ ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ
يَزُورُهَا خَلِيفَتُهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَخَلِيفَةُ خَلِيفَتِهِ؛ أَمِيرُ
الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَزُورُونَهَا
لَا لِشَهَادَاتِهَا وَلَا لِمَنَاصِبِهَا وَلَا لِأَرْصِدَتِهَا وَلَا
لِحَسَبِهَا وَنَسَبِهَا، إِنَّمَا لِدِينِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا ، وَصَلَاحِهَا
وَطَاعَتِهَا لِرَبِّهَا ، وَمَحَبَّتِهَا لِلْوَحْيِ ، كِتَابِ اللهِ U
وَسُنَّةِ رَسُولِهِ e الَّذِي تَبْكِي لِانْقِطَاعِهِ، تَبْكِي
-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- لِأَنَّ الْوَحْيَ فَقَطِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ،
تَدْرُونَ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- مَا هُوَ الْوَحْيُ الَّذِي تَبْكِي
لِانْقِطَاعِهِ وَعَدَمِ نُزُولِهِ؟ إِنَّهُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ U
، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ e ، هَذَا الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا،
وَنَقْتَبِسُ مِنْه فِي كُلِّ جُمْعَةٍ وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَفِي بَعْضِ الدُّرُوسِ
وَبَعْضِ الْمُحَاضَرَاتِ، وَهُوَ مَا تَحْمِلُهُ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ
الرَّبَّانِيِّينَ، السَّالِمِينَ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، النَّاجِينَ
مِنَ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ. الْوَحْيُ هُوَ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي
وَالتَّشْرِيعَاتُ وَالْأَخْلَاقُ وَالْعِبَادَاتُ وَالتَّوْجِيهَاتُ .
أَخِي
الْمُسْلِمُ : مَا مَوْقِفُكَ مِنْ هَذَا الْوَحْيِ الَّذِي تَبْكِي
لِانْقِطَاعِهِ أُمُّ أَيْمَنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تُرِيدُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ؟
تَأَمَّلْ حَدِيثَ النَّبِيِّ e الْمُتَّفَقِ عَلَى
صِحَّتِهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى t
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e
: (( إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ
الْهُدَى والْعِلْمِ ، كَمَثَلَ غَيْثٍ أَصَاب أَرْضًا فكَانَتْ طَائِفَةٌ
طَيِّبَةٌ ، قبِلَتِ الْمَاءَ فأَنْبَتتِ الْكَلَأَ والْعُشْبَ الْكَثِيرَ ،
وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ
فَشَربُوا مِنْهَا وسَقَوْا وَزَرَعُوا . وأَصَابَ طَائِفَةٌ مِنْهَا أُخْرَى ،
إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً ، فَذَلِكَ
مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينَ اللَّهِ ، وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ
، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ
يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ )) ،
فَالْوَحْيُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ e
-أَخِي الْمُسْلِمُ- كَالْغَيْثِ -أَيِ : الْمَطَرِ- وَقَلْبُكَ كَالْأَرْضِ
الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثٍ، تَمْسِكُ الْمَاءَ
وَتُنْبِتُ الْعُشْبَ، وَهَذَا مِثْلُ قَلْبِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ
الْفَضِيلَتَيْنِ؛ تَعَلُّمٌ وَفَهْمٌ وَعَمَلٌ ثُمَّ عِلْمٌ ، وَالثَّانِيَةُ:
أَمْسَكَتِ الْمَاَءَ وَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، وَهَذَا مِثْلُ قَلْبِ مَنْ
حَصَلَ عَلَى فَضِيلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْفَضِيلَتَيْنِ ، رَزَقَهُ اللهُ
تَعَالَى حَافِظَةً قَوِيَّةً، فَحَفِظَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ ، لَكِنْ لَمْ
يُؤْتَ فَهْمًا لِمَعَانِيهَا، وَلِاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا. فَهَذَانِ
الْقِسْمَانِ هُمُ السُّعَدَاءُ، وَهُمْ أَرْفَعُ دَرَجَةً وَأَعْلَى قَدْرًا.
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ ، فَهِيَ لَمْ تُمْسِكْ مَاءً وَلَمْ تُنْبِتْ شَيْئًا
يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَهَذَا مِثْلُ الْأَشْقِيَاءِ، أَهْلِ الْقُلُوبِ
الْمُعْرِضَةِ عَمَّا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ U
وَسُنَّةِ رَسُولِهِ e .
أَسْأَلُ
اللهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ ، أَهْلِ الْقُلُوبِ
الْمُعْرِضَةِ ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي وَإِيَّاكُمْ مَحَبَّتَهُ وَمَحَبَّةَ
وَحْيِهِ ، وَالْعَمَلَ بِكِتَابِهِ وَالتَّمَسُّكَ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ
e
.
أَقُولُ
قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ،
وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ :
إِنَّ
الِاهْتِمَامَ بِالْوَحْيِ، وَالْعَمَلَ بِمَا جَاءَ فِيهِ ، وَالتَّقَيُّدَ بِتَعْلِيمَاتِهِ
وَتَوْجِيهَاتِهِ، وَمَحَبَّتَهُ؛ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسِمَةٌ مِنْ أَبْرَزِ
سِمَاتِ الْمُخْلَصِينَ، وَعَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّقْوَى وَالْيَقِينِ، وَالْأَدِلَّةُ
عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: }وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ
مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ{
، وَيَقُولُ U مِنْ قَائِلٍ : }اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا
مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ
رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِل اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ
هَادٍ{
.
يَقُولُ
عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- : (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ
يُحِبَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَنْظُرْ : فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ
فَهُوَ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ )) .
فَاللَّـهَ
اللهَ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ- احْرِصُوا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ
مُحَمَّدٌ e مِنْ رَبِّكُمْ U
، احْرِصُوا عَلَيْهِ إِيمَانًا وَاعْتِقَادًا وَعَمَلًا وَمَحَبَّةً؛ فَفِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e
: (( مثَلِي ومثَلُكُمْ كَمَثَلِ رجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا
فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وهُوَ يذُبُّهُنَّ عَنْهَا
وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ منْ يَدِي )) .
أَسْأَلُ
اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلًا لِوَجْهِهِ خَالِصًا إِنَّهُ
سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ
عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوِ
اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ
الْكَرِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا ، وَنُورَ صُدُورِنَا ، وَجَلَاءَ أَحْزَانِنَا ،
وَذَهَابَ هُمُومِنَا ، اللَّهُمَّ أَلْبِسْنَا بِهِ الْحُلَلَ ، وَأَسْكِنّا بِهِ
الظُّلَلَ ، وَادْفَعْ عَنَّا بِهِ النِّقَمَ ، وَاجْعَلنا بِهِ عِنْدَ الْجَزاءِ
مِنَ الْفَائِزِينَ ، وَعِنْدَ النَّعْمَاءِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَعِنْدَ
الْبَلاَءِ مِنَ الصَّابِرِينَ ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَهْوَتْهُ
الشَّيَاطِينُ ، فَشَغَلَتْهُ بِالدُّنيَا عَنِ الدِّينِ ، فَأَصْبَحَ مِنَ
النّادِمِينَ ، وَفِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
اللَّهُمَّ
انْفَعْنَا وَارْفَعْنَا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ
يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَرْقَى ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
فَيَشْقَى . اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لِكِتَابِكَ مِنَ التّالِينَ ، وَلَكَ بِهِ
مِنَ العَامِلِينَ ، وَباِلأَعْمَالِ قَائِمِينَ ، وَبِالْقِسْطِ قَائِمِينَ ،
وَبِالأَعْمَالِ مُخلِصِينَ ، وَعَنِ النَّارِ مُزَحْزَحِينَ ، وَلِلصِّرَاطِ
عَابِرِينَ ، وَإِلَى حَوْضِ نَبِيِّكَ وَارِدِينَ ، وَفِي الْجِنَانِ
مُخَلَّدِينَ ، وَإِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ نَاظِرِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
}رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{
عِبَادَ اللهِ :
}إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ
وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{
فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا:
http://www.islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|